غسان حرب الرجل المعلم والقائد المثالي


محمود الشيخ
2019 / 7 / 10 - 14:04     


زاد احتكاكي بالرفيق غسان حرب إبان تعثر زواجي من زوجتي بسبب عدم وجود اخوتها جميعا في البلاد فقسم منهم طردته اسرائيل وقسم اخر لا يتمكن دخول أالأردن وهي وحيده مع شقيقتها الأكبر منها سنا في البلاد،وبحكم علاقتنا القويه وعلاقة اخوتها بالرفيق غسان وبجكم ان معظمهم رفاق تولى الرفيق غسان مسؤولية اخوتها،بعد ان رحب بالفكره ليتبناها كبنت له في عرسنا،فكان هو اهلها وسندها،وعندما حان وقت "طلوع العروس" احاطته النساء من كل جانب وهن يرددن الغناء عنه دون ان تعرف اي واحدة منهن من انه صديق ورفيق العائله،بل هو الأخ والسند فسار مع الجاهه وطابور سيارات العرس الى بلدة المزرعة الشرقية حتى بيت العريس وهنا قام بتسليم العروس للعريس "الرفيقة للرفيق" شكرته على موقفه النبيل الذى غطى به غياب دور اخوتها القاطنين في بيروت،هذه كانت اول تجربة ومعرفة لي بالرفيق غسان حرب رحمه الله.
واما التجربة الثانيه كانت عندما اشتد صراع القوى السياسيه على نقابات العمال وعلى رأسها نقابة عمال البناء والمؤسسات العامة في رام الله،بدفع من بعض الدول العربيه،كانت تلك الفتره عصيبة على مختلف القوى السياسيه في البلاد نتيجة للتباري والتنافس غير المبرر للقوى السياسيه التى كان ايمانها بالعمل السري وليس العلني والجماهيري او المؤسساتي،فإتجه نشاط تلك القوى البعض منهم يريد هيأتها الإداريه بلا تعب بدعوى التمثيل النسبي واي تمثيل نسبي هذا وكيف هنا يختلف مفهومهم عن مفهومنا في مٍسألة التمثيل النسبي نحن نفهمه بقياس حجمك في الهيئة العامة للنقابه وهم يفهمونها بحجمهم في الشارع وهنا ما دخل الشارع في النقابات وما دخل اتساع حجم تنظيمك في التمثيل النسبي لإدارة النقابات،وفريق اخر يريد الدخول الى الهيئات الإداريه من الشباك وليس من الباب واعتبروا في تلك الفتره انهم تخطوا المرحلة الجنينيه التى كانوا يعيشونها،وفي نفس الوقت نواجه ليس فقط صراع الأخوه من الفصائل بل ايضا الإحتلال الإسرائيلي وكذلك الأردن اذ كانت ساحة الداخل مفتوحه للصراع على الجماهير بين اطراف ثلاثه " الإحتلال من جهه،والأردن من جهة ثانيه،و(م،ت.ف ) من جهة ثالثه رغم ان اطراف (م.ت.ف) غير موحده ومتصارعه على المؤسسات فقط التى يقودها الشيوعيين لأسباب عدة يقع على رأسها انه الأسلوب الأريح لهم كون هذه المؤسسات ليست صفراء ونظيفه ولسهولة الصراع مع الشيوعين اذ ان البعض رغم ادعائه بالماركسيه اخذ يحرض على الشيوعيين بطرقه الخاصه التى يدعي فيها ايمانه بالدين وعدم ايمان الشيوعيين به.
وهنا لا اريد فتح ملف انتها وذهب مع الريح منذ ما يقرب الأربعبين عاما الا ما قصدته هو سرد بعض الوقائع التى دعتنا في لجنة الطوارىء الحزبيه التى كانت مهمتها التصدي لمحاولات السيطرة على النقابات وبالذات نقابة رام الله التى كانت مشعلا وقبلة يؤمها العمال وشكلت في مواقفها رافدا من روافد الحركة الوطنيه بغض الظر من هي من خلال نشاطاتها وفعالياتها ومواقفها السياسيه التى كانت تجاهر به وتدعو الجماهير للتمسك بها.
هنا بعد ان استبعدت فكرة سيطرة الذين دفع بهم العقيد القذافي بملايين الدولارات مقابل الإستيلاء على نقابة رام الله،مع استبعاد فكرة التبرع بهيئات النقابات كما كان يفكر بعض مفتشي العمل المدفوعين من الأردن لإبعاد الشيوعيين عن النقابات،خاصه بعد ان اتخذ اتحاد عام نقابات العمال قرار يقضي بإعتبار (م.ت.ف) ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني،اذ جرت محاولات ثني الإتحاد عن القرار مقابل المال الوفير لكن من يقود الإتحاد هم الشيوعين اصحاب العقيدة والمواقف الصلبه،لذا فشلت كل المحاولات ومنذ ذلك التاريخ من اوائل سنة 1974 والمحاولات جاريه للإستيلاء على هيئات النقابات واتحادهم.
فجائت صراعات 1980 مع الفصائل مكمله للصراع مع الإحتلال وحتى فتح الإحتلال يومها الملفات ووقف ينظر الى الصراع من بعيد يراقب ليتعرف من خلال ذلك على النشطاء وطبيعة دورهم وما يحصل الى ان انتهت المعركه وبدأ بحملة اعتقالات.
ولجنة الطوارىء الحزبيه ادركت ان قيادة الهيئات الإداريه يلزمها قاده واعون نقابيا وسياسيا،يتمتعون بصلابه فكريه وسياسيه،
لهذا وقع الإختيار على الرفيق غسان حرب لتنظيم دورة كادر نقابي في صيف عام 1980 وفي مقر نقابة عمال البناء والمؤسسات العامه في رام الله والبيره،ثم بدأت الدوره ومعلوم ان الرفيق غسان حرب محاضر في جامعة بيرزيت لمادة الإقتصاد درس الإقتضادين الرأسمالي والإشتراكي،فبدأ في تعريف ما هي النقابات العماليه ولماذا تأسست وما هي مكانتها في المجتمع هذه المحاضره شدت انتباه المشاركين في الدوره التى كانت تشمل عمال من مدن رام الله وبيت لحم والقدس،اذ ادرك هؤلاء انهم ان نجحوا في قيادة حركة عماليه تعد بالألاف سيكون لهم ولنقاباتهم شأن عظيم،ثم محاضرة اخرى كانت حول فائض القيمه اين من اي تأتي ارباح اصحاب العمل،ثم عن الأساليب المعتمده من قبل ارباب العمل لخدعة العمال وتمزيق صفوفهم وابعادهم عن حركتهم العماليه،ثم عن دور النقابات والحركة العماليه الوطني وكيف تصل الى مكانها في قيادة العمل الوطني،ثم كيف يتمكن النقابيون من التوفيق بين النضال المطلبي للعمال والنضال الوطني،هنا كانت اذان المشاركين في الدورة مرهفة للسمع لمحاضر يتقن استعمال الكلمه في وقتها وموضعها،معتمدا اسلوبا سهلا جدا بمستوى المشاركين الذين بعد كل محاضره كانوا يشاركوا في نقاش الماده التى طرحها الرفيق غسان حرب،طبعا كانت محاضراته يستعمل فيها امثلة حيه حتى يتمكن من الإجابة على كل سؤال ومن اجل تبسيطها ودخولها سريعا الى العقول في مثال حي من الواقع،وفي نهاية الدوره وزعت شهادات اولا مشاركه في الدوره ثم تقدير لفعاليه المشارك في النقاش الذى كان نشيطا في الدوره واثناء المحاضره.
كان لنصائحه التى يسديها للمشاركين في الدوره وهم بطبيعة الحال اما اعضاء هيئات اداريه او مرشحين ان يكونوا اعضاء في انتخابات قادمه او لقيادة لجان عماليه في مواقعهم التى يعملون فيها،فالنصائح كان لها اثر ايجابي على شخصياتهم ووعيهم وزادت معرفتهم في كيفية ادارة النضال العمالي دون الوصول الى اصطدام مع تحقيق الطلب،هذه النصائح التى نمت عن وعي وتجربه عميقه وادراك لطبيعة الصراع ادت الى نقلها للمشاركين في الدوره حتى يتسنى لهم قيادة العمل النقابي بوعي ومفهوم وقيادة ناجحه.
هنا يتضح لنا ان الرفيق غسان لم يقتصر دوره على القيادة السياسيه بل اجتماعيا يشارك في تحمل مسؤوليات ويغطي دور رفاق منعوا من ان يكونوا الى جانب بناتهم فكان الرفيق غسان خير سند لهؤلاء ثم يشارك في انتاج قاده نقابيين اخذ بعضهم دورا قياديا في الحركة النقابيه،بتواضعه ووعيه وادراكه للمهمة التى اختير لها كان يتميز بدفىء علاقته بالرفاق والناس،ولذلك كان قريبا جدا من الكل بغض النظر كان رفيقا او صديقا او عاديا،