قول في التعددية النقابية في تونس


محمد المناعي
2019 / 3 / 16 - 15:57     

تنص المواثيق و الاتفاقات الدولية و تسمح القوانين الوطنية بالتعددية النقابية ، و الذين ينتقدون تعامل الاتحاد العام التونسي للشغل مع موضوع التعددية يرتكزون على نقطتين :
- الأولى : هو أن الديمقراطية أتت بتعددية سياسية فمن الطبيعي أن تواكبها تعددية نقابية .
- الثانية : أن الاتحاد يدعم التعددية النقابية في عدة دول و منها دول عربية و يستنكرها في تونس .
والقول في هاتين النقطتين ما يلي :
أما بخصوص التعددية السياسية و النقابية فهي عملية دس للسم في الدسم ، لطالما بني العمل السياسي الديمقراطي على التعدد الضامن لاختلاف البرامج و التصورات و المشاريع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و بالتالي كلما كان التعدد يؤكد و يكرس التمايز و التنافس كلما ضمن الشعب تمثيلية أوسع في المجالس النيابية و تداول أكثر على السلطة يحول دون الاستبداد .
أما العمل النقابي العمالي فقد بني على العكس من ذلك ، بني على الوحدة أو الاتحاد ، باعتبار أن ما يعانيه العمال في شتى أصقاع العالم هو نفسه من إستغلال و انتهاك للحقوق و كذلك ذاخل البلد الواحد و ألية تحرك العمال هي أليات سلمية تقوم على الضغط و الاحتجاج و الاضراب و التأثير على المشغل للاستجابة لجزء من المطالب و بالتالي كلما كانت وحدة العمال و الأجراء عموما صلبة كلما كان تأثيرهم و ضغطهم أكبر و امكانية تحقيق مطالبهم أكبر لذلك تسعى السلطات في الأنظمة الاستبدادية أو المعادية لحقوق العمال إلى تشجيع التعددية المفتعلة للنقابات لا لضمان حرية ما للعمال بل لتشتيت قوتهم و شرعنة ممارسات الأعراف عبر تعاملهم مع النقابات الصفراء و المروضة و القابلة لامتيازات دون تمثيلية حقيقة للعمال . فيتشتت شمل الأجراء و تضيع حقوقهم تحت عنوان براق إسمه التعددية النقابية ، هذه الممارسات تتم عادة في حال وجود تنظيم نقابي قوي يمكن أن يمثل مصدر إزعاج لأرباب العمل و السلطة فتنشأ حوله تنظيمات طفيلية تسعى لتشتيت وحدة العمال تحت مسوّغ الحق في حرية التنظم و التعددية .
المسألة الثانية في علاقة بتشجيع التعددية و المواثيق الدولية :
تقع المنظمات العمالية في بعض الدول خاصة منها التي تخضع لحكم عسكري أو تسلطي تحت ضغط و هيمنة السلطة عبر التدخل في قيادتها و لوائحها و مقرراتها و سياساتها فتفقد المميزات الأساسية للمنظمة النقابية الجامعة و المؤطرة للعمال و خاصة ميزة استقلالية القرار ، فتتحول الى عبء على الطبقة العاملة و تكبل النضال العمالي من أجل الدفاع عن الحقوق المادية و المعنوية للأجراء ، ومن هنا كانت المنظمات العمالية الدولية على غرار الاتحاد الدولي للنقابات ومنظمة العمل الدولية و الاقليمية على غرار الاتحاد العربي للنقابات و المنظمات النقابية القطرية المناضلة على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل في صدراة المدافعين عن التعددية النقابية و نشأة النقابات المستقلة الموازية للاتحادات النقابية التي فقدت كل استقلالية قرار ، فالتعددية في هذه الحالة تتحول الى انتشال للعمل النقابي من الهيمنة و الوصاية لخدمة العمال و الأجراء لا لمجرد التعددية .
في تونس التعددية النقابية قامت على بعث منظمات طفيلية بعد أن فشلت السلطة في ترويض المنظمة التاريخية الاتحاد العام التونسي للشغل و فشلت في تحقيق أهدافها و يعاد النفخ في صورة هذه التنظيمات الصغيرة دوريا لحسابات سياسوية لا علاقة لها بمشاغل العمال و الأجراء .
الحركات النقابية تبنى على توحيد نضالات العمال لا على تشتيت جهدهم ونضالاتهم