حول قرار البرلمان لمعالجة تهمة تزوير الانتخابات


عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن - العدد: 5887 - 2018 / 5 / 29 - 15:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في العراق كل شيء صعب، وبالأخص العملية الديمقراطية، وشرطها الأساس الانتخابات. فالمرشح العراقي الخاسر لم يتعود بعد ليواجه خسارته بروح رياضية ويقدم التهنئة لمنافسه الفائز، بل مازال ينظر إلى الخسارة كإهانة لشخصه ومكانته، لذلك يريد تبرير خسارته بتوجيه تهمة التزوير إلى المسؤولين عن سير الانتخابات. ولكن من الجانب الآخر، وفي الظروف العراقية الملتبسة ، من حق الخاسر أن يوجه مثل هذه التهمة، خاصة و أن العراق غارق بالفساد من القمة إلى القاعدة، وأن الإنسان ضعيف أمام الاغراءات المالية.

و ما جعل الناس يشكّون في النتائج هو البون الشاسع بين نتائج الانتخابات المعلنة من قبل المفوضية، ونتائج عمليات استطلاع الرأي التي سبقتها، والتي معظمها أكدت على أن قائمة النصر بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي، ستحقق نصراً ساحقاً، وذلك لما حققه رئيس الوزراء من إنجازات كبيرة وعلى رأسها تحرير المناطق الشمالية الغربية من الاحتلال الداعشي، وكذلك إعادة المناطق المتنازع عليها إلى سيطرة الحكومة المركزية الاتحادية وبدون سفك دماء، وغيرها من الانجازات في صالح العراق.

لذلك كثرت الشكاوى والاتهامات والشكوك ضد مفوضية الانتخابات المستقلة، خاصة وإنها لأول مرة تستخدم فرز التصويت إلكترونياً، وهي الطريقة التي يمكن تغيير النتائج بالتلاعب بالبرمجة وبسهولة. لذلك تصاعدت الأصوات ضد النتائج، وبالطبع من قبل الخاسرين، فمنهم من طالب بإلغاء النتائج كلياً، وإعادة الانتخابات، ومنهم من طالب بإجراء الفرز اليدوي ومقارنتها بنتائج الفرز الإلكتروني... وإذا كان الفارق كبيراً عندئذ يجب محاسبة المسؤولين عن التزوير.

وأمام هذه الاتهامات، استجاب البرلمان العراقي بعقد جلسة استثنائية يوم الاثنين 28/5/2018، برئاسة رئيسه سليم الجبوري، وحضور 165 نائبا، للنظر في هذه الاتهامات، وصوت على عدة قرارات منها: إلغاء الانتخابات البرلمانية في الخارج، والتصويت المشروط في مخيمات النازحين في الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى لما توفرت عليه الأدلة من تزوير إرادة الناخبين باستثناء اصوات الاقليات المشمولة بالكوتا. كما وأكد بيان البرلمان أن "القرار اشتمل على إعادة عملية العد والفرز اليدوي بما يقل عن 10 في المائة‎ من صناديق الاقتراع في المراكز الانتخابية، وفي حال ثبوت تباين بنسبه 25 في المائة مما تم فرزه، وعده يدوياً يتم اعادة العد والفرز يدوياً لجميع المحافظات وتزويد الكيانات السياسية فوراً بنسخة الكترونية وصور ضوئية لأوراق الاقتراع ونتائج الانتخابات".(*)

أعتقد هذا أفضل قرار اتخذه البرلمان العراقي في تاريخه، ويجب الترحيب به ودعمه، والأخذ به وتطبيقه كلياً من أجل إنقاذ العملية الديمقراطية من أولئك المتربصين لوأدها. وإذا تأكد التزوير، يجب محاسبة المسؤولين عنه بأشد العقوبات القانونية.

اقتراحات
وبهذه المناسبة، ومن أجل أعادة ثقة الناخب بنتائج الانتخابات، والعملية الديمقراطية، أقترح ما يلي:
أولاً، اختيار اعضاء مفوضية الانتخابات المستقلة من شخصيات مستقلة فعلاً، وبدون ترشيحها أو تزكيتها من قبل الكيانات السياسية، و يجب على المرشحين للمفوضية تقديم أدلة ثبوتية تؤكد استقلاليتهم، ونزاهتهم، وكفاءتهم و وطنيتهم، ونظافة تاريخهم، وإيمانهم العميق بالنظام الديمقراطي، وتقديم شهادات تزكية لهم من قبل شخصيات يوثق بها، وإدخالهم دورات تثقيفية لتعميق شعورهم بالمسؤولية، والأخلاقية، وحرصهم على المصلحة الوطنية. وفي حالة اخلال أي عضو بواجباته ونزاهته فيما بعد، يجب فضحه ومعاقبته، واعتبار جريمته مخلة بالشرف.

ثانياً، عدم إلغاء الفرز الأكتروني، ففي عصر التقنية الإلكترونية لا يمكن الاستغناء عن هذا الإنجاز العلمي الرائع، فالخطأ ليس بالتقنية بل بإساءة الاستخدام (Abuse). والحل لمنع إساءة الاستخدام هو بعد كل انتخاب، يجب فرز الأصوات وعدها إلكترونياً ويدوياً، وبذلك يمكن معرفة سلامة الفرز الإلكتروني والتأكد من صحته بمقارنته مع الفرز اليديوي. ويجب الاستمرار على الفرز الثنائي (اليدوي والإلكتروني) لعدة دورات انتخابية إلى أن تعاد الثقة بالعد الإلكتروني، وكذلك تترسخ ثقافة الديمقراطية في المجتمع العراقي.
ثالثاً، وكما اقترحنا قبل أعوام، إلغاء الانتخابات في الخارج كلياً، إذ لا فائدة ترجى منها، إضافة إلى التكاليف المالية الباهظة على ميزانية الشعب. وها هو البرلمان ألغى نتائج انتخابات الخارج لهذا العام، وأعتقد أنه إجراء صحيح كبقية الأجراءات الأخرى اتي أشرنا إليها في أعلاه.

[email protected]
الموقع الشخصي للكاتب على الحوار المتمدن:
http://www.ahewar.org/m.asp?i=26
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* البرلمان العراقي يعقد جلسة استثنائية ويصوت على قرارات بشأن الانتخابات
https://arabic.cnn.com/middle-east/2018/05/28/iraqi-parliament-votes-decisions-elections