إضاءات- لقاء صحارى التشاوري


منذر خدام
الحوار المتمدن - العدد: 5881 - 2018 / 5 / 23 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بقرار من الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية تمت الدعوة إلى لقاء تشاوري في الفترة ما بين أيام ١٠ و١١ و١٢ تموز لعام 2011، لمجموعة من رجال السياسة، والفكر، والمجتمع والناشطين الشباب، من مختلف الأطياف الشعبية، والتوجهات السياسية في الوطن، بحسب ما جاء في نص الدعوة، لتدارس وتشخيص أسباب تفجر الأزمة في سورية، ومن ثم تحديد المخارج المحتملة منها.
لقد ناقش اللقاء التشاوري طبيعة المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، والمعالجات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية المطلوبة مع استشراف الآفاق المستقبلية، والاهتمام بالقضايا المعيشية للمواطنين.
وكان مخططا ان يمهد اللقاء التشاوري إلى انعقاد مؤتمر وطني شامل للحوار، ولذلك عمل منظموه على إبقاء الاتصالات مع الأطراف والشخصيات الاجتماعية، والقوى السياسية السورية في داخل الوطن وخارجه كافة، للتحضير المشترك له، على ان يعقد فور إكمال هذه الاتصالات. لكن الاتصالات لم تستكمل والمؤتمر لم ينعقد، وبقي اللقاء التشاوري في صحارى وحيدا، رغم ذلك فقد صدرت عنه توصيات في غاية الأهمية، هي في حقيقتها تشخيص لأسباب الأزمة في سورية، واعتراف بها.
استمع المشاركون في اللقاء إلى وجهات النظر " المختلفة والمتنوعة والثرية" التي ركزت على أهمية إرساء التعددية الفكرية والسياسية، باعتبار ذلك مناخاً صحياً ومحفزاً للعمل والعطاء. وفي ختام المؤتمر أكد المجتمعون على القواسم المشتركة الآتية:
1: إن الحوار هو الطريق الوحيد الذي يوصل البلاد إلى إنهاء الأزمة.
2 : إن الاستقرار في البلاد ضرورة وطنية عليا، وضمانة لتعميق الإصلاحات.
3 : إن التسامح قيمة مثلى للخروج من الوضع الدقيق السائد.
4 : رفض الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، ومن أي جهة تبادر إليه.
5 : ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي الذين لم تشملهم مراسيم العفو السابقة، والذين لم يرتكبوا جرائم يعاقب عليها القانون، والتأكيد على أن حق إبداء الرأي غير قابل للانتهاك، ومصون تحت سقف الوطن والدستور، وأن الحريات العامة حق لكل المواطنين.
6 : التوصية بإطلاق سراح جميع الموقوفين خلال الأحداث الأخيرة ممن لم تثبت إدانتهم أمام السلطات القضائية.
7 : ضرورة إعلاء قيمة حقوق الإنسان وصونها وفق أرقى المعايير الدستورية والإنسانية والعصرية والتوصية بإنشاء مجلس أعلى لحقوق الإنسان في سورية.
8 : إن المعارضة الوطنية جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري.
9 : إن هيبة الدولة جزء من التفويض الوطني، وهي تهدف إلى الحفاظ على كرامة وأمن الوطن والمواطن.
10 : إن توجه اللقاء هو من أجل إقامة دولة الحقن والقانون، والعدالة، والمواطنة، والتعددية، والديمقراطية، التي تعتمد صناديق الاقتراع أساسا للتفويض السياسي.
١١ : إن سورية وطن للجميع وهي بلد التعددية بأنموذجها الأمثل.
١٢ : رفض أي تدخل خارجي بشؤون سورية الداخلية وعلى رأسه ما يدعى بمبدأ التدخل الإنساني المستخدم كذريعة للنيل من مبدأ السيادة، وهو المبدأ المقدس غير المسموح بالمس به إطلاقاً.
١٣ : تطبيق مبدأ سيادة القانون، وإنفاذه بحق كل من ارتكب جرما يعاقب عليه القانون، ومحاسبة الجميع دون استثناء.
١٤ : تسريع آلية مكافحة الفساد.
١٥ : التأكيد والبناء على ما تم إنجازه بمسؤولية تاريخية.
١٦ : إيلاء الاهتمام بجيل الشباب السوري والاستماع إلى صوته وإلى متطلباته.
١٧ : إن تحرير الجولان يعتبر من القضايا الأساسية ومن الأهداف الوطنية التي تمثل إجماعاً وطنياً.
١٨ : التأكيد على الثوابت الوطنية والقومية المتصلة بالصراع العربي الصهيوني وتحرير الأراضي العربية المحتلة وضمان الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.
وقد ناقش اللقاء التشاوري مشاريع القوانين المطروحة على جدول الأعمال، وهي قانون الأحزاب وقانون الانتخابات، وقانون الإعلام، وأخذ بعين الاعتبار المداخلات والملاحظات المتصلة بهذه القوانين للتوصل إلى توافق وطني بشأنها، وبنتيجة هذه المناقشات تم الاتفاق على أن تطلب هيئة الحوار من اللجان المكلفة إعداد مشاريع هذه القوانين الثلاثة وتقديم الصياغة الأخيرة لها تمهيدا لإصدارها في ضوء ما ورد سابقا وبأقرب وقت ممكن.
وتدارس اللقاء التشاوري مواد الدستور، وعكس النقاش وجهات نظر مختلفة صحية ووطنية بما في ذلك مسألة المادة الثامنة من الدستور، ووجد أن تعديلها يستدعي حتماً تعديل العديد من مواد الدستور فضلاً عن مقدمته، ولذا أوصى بإنشاء لجنة قانونية سياسية لمراجعة الدستور بمواده كافة، وتقديم المقترحات الكفيلة بصياغة دستور عصري وجديد للجمهورية العربية السورية يضمن التعددية السياسية، والعدالة الاجتماعية، وسيادة القانون، والحقوق الأساسية للإنسان، ويمكن المرأة، ويرعى دورها، ويصون حقوق الطفل ويحدد حقوق وواجبات المواطنين على قدم المساواة بين الجميع.
بعد ان انهى لقاء صحارى التشاوري أشغاله، وصدر بيانه الختامي، التقيت صدفة بأحد الأعضاء البارزين في لجنة الحوار التي شكلها النظام، وشغل نائب رئيسها ، وبادرته بالقول إذا بدأ النظام بتنفيذ ما ورد في البيان الختامي للقائكم التشاوري من توصيات بالجدية الكافية، اعتقد ان الحراك الشعبي سوف يتوقف، قياسا إلى ما كان يطرحه من مطالب. أجابني وهل تعتقد ان النظام جاد بالحوار فعلا، إنه يحاول كسب الوقت لا أكثر. لم يفاجئني جوابه نظرا لمعرفتي بطبيعة النظام، و لخبرتي الطويلة به. ومن المعلوم أن فاروق الشرع قد أكد ذلك في مقابلة مطولة مع جريدة الأخبار اللبنانية، بعد أن تم عزله من منصبه. وكما يقول مقربون منه، من بين أسباب عزله مطالبته بتنفيذ توصيات لقاء صحارى التشاوري.