قطر والسعودية: غراب يگلة لغراب وجهك أبگع!


كاظم حبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5545 - 2017 / 6 / 8 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

منذ سنوات وحديثنا لا ينفك عن تشخيص وقائع حقيقة تحصل على أرض الواقع العربي، ولكن العالم الغربي المسحور بالنفط والغاز العربيين والرغبة في الهيمنة على هذه الثروة المنهوبة من حكام المنطقة، كان وما يزال يمنعهم عن التصريح بما جرى ويجري في هذا العالم الذي يسمى عربي، رغم ادعاء حكام الغرب الكاذب، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، بدفاعهم عن حقوق الإنسان والديمقراطية. ولم ننقطع يوماً عن التذكير بأن الإرهاب السائد بالدول العربية هو منتوج نظري وعملي سعودي – قطري بامتياز، إنهم شيوخ الدين وفتاواهم ومدارسهم وأكاديمياتهم في الداخل والخارج وأموال النفط السعودية، إنهم جماعة الإخوان المسلمين والشيخ القرضاوي وأموال النفط والغاز القطرية، التي كانت تدفع وتغذي عصابات الإرهاب الإسلامي السياسي في المنطقة وعلى الصعيد العالمي، إنهم الإرهابيون الذين تخرجوا من تلك المدارس والأكاديميات ومن مدارس الإخوان المسلمين في السعودية وقطر وبعض دول الخليج الأخرى وفي أفغانستان وباكستان ومصر والسودان وغيرها، إنهم قوى القاعدة وتنظيماتها الفرعية في المنطقة العربية وحيثما وجد مسلمون في العالم، إنهم داعش وعصاباتها المجرمة المنتشرة في أنحاء العالم والتي اجتاحت واحتلت أراض عربية بسوريا والعراق برجال وأموال وسلاح من هاتين الدولتين.
واليوم ولأسباب عديدة، بما في ذلك الصراع بين الحكام الشيعة والسنة، بين السعودية وإيران، ومن معهما من دول المنطقة وقواها وأحزابها السياسية الإسلامية الشيعية والسنية الطائفية، بدأت السعودية، وقد شكلت محوراً مناهضاً لقطر، يتكون من خمس دول هي السعودية والإمارات والبحرين واليمن ومصر، المتضررة جداً من نشاط جماعة الإخوان المسلمين، ولاسيما أقباط مصر، المدعومة بقوة من قطر، بنشر الفضائح القطرية الملطخة بدماء الناس الأبرياء الذين قتلوا بأموال وسلاح وفكر الإخوان المسلمين ودولة قطر. وتشير السعودية إلى أن قطر قد صرفت مبلغاً قدره 64,2 مليار دولار أمريكي خلال الفترة الواقعة بين 2010 – 2015، إضافة إلى ما صرف خلال العامين اللاحقين 2016 و2017. كما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بنشر أرقام مبالغ كبيرة ترسل من أشخاص قطريين على قوى الإرهاب الإسلامي منها مثلاً:
"تتهم وزارة الخزانة الأميركية، القطري سليم حسن خليفة راشد الكواري (37 عاما)، بتحويل مئات الآلاف من الدولارات إلى تنظيم القاعدة عبر شبكة تمويل إرهابية. وتشير وثائق أميركية إلى أن الكواري عمل مع قطري آخر هو عبد الله غانم الخوار (33 عاما) على إدارة شبكة تمويل تدعم جماعات إرهابية، وتؤكد مساهمة الخوار بالإفراج عن أفراد من القاعدة في إيران. ومن الأسماء المسجلة على اللائحة السوداء بالولايات المتحدة والأمم المتحدة، عبد الرحمن بن عمير النعيمي، المتهم بتحويل 1.5 مليون دولار شهريا للقاعدة بالعراق، و375 آلاف جنيه للقاعدة في سوري".( المصدر: شفق نيوز/ كشفت صحيفة "الشرق" السعودية).
والسؤال ما هي الأموال التي صرفتها المملكة العربية السعودية على قوى الإرهاب الإسلامي السياسي منذ العقد التاسع من القرن العشرين حتى الوقت الحاضر، وما هو عدد خريجي مدارسها وأكاديمياتها في الداخل والخارج الذين شاركوا في العمليات الانتحارية والتفجيرات المختلفة بالعراق وسوريا وسائر بقاع العالم، وما هي الفتاوى التي تدرس في تلك المدارس وتعلم التلاميذ والطلبة معاداة أتباع الديانات الأخرى وأتباع المذاهب الإسلامية الأخرى والسير على النهج الوهابي المتطرف وشيوخه الحاليين الأكثر تطرفاً وعدوانية إزاء الآخر.
أليس من حقنا أن نقول بأن الغربان ذاتها هي التي يتهم بعضها البعض الآخر بذات الأفعال الدنيئة والمجرمة التي نفذت وما تزال تنفذ بالعالم، وكأني بالإنسان العراقي يقول "غراب يگلة لغراب وجهك أبگع! أي وجهيكما ملطخان بالعار والشنار، وجميل أن يفضح بعضكما الآخر، ومتى ستفضحون تركيا أيضاً بدورها ودعمها لقوى الإرهاب الداعشي بسوريا والعراق وعلى امتداد السنوات الأخيرة.
ليس جديداً ما ينشر اليوم، فالشعب العراقي والكثير من شعوب المنطقة يعرفون ذلك، ولكن جيد أن تسمعه شعوب أوروبا والولايات المتحدة وبقية شعوب الدول الغربية.
إن العراق وسوريا واليمن، والحبل على الجرار، ساحات للصراع الإيراني – السعودي والتركي، باسم المذهبين الشيعي-السني، إلا إن المؤمنين بهذين المذهبين هم براء من صراعاتكم الجهنمية التي تسعى للهيمنة على شعوب هذه الدول وعلى ثرواتها وأموالها وإفقار هذه الشعوب.
تباً لكم يا صعاليك العرب والمنطقة، تباً لكم يا من تضحون بشعوبكم في سبيل البقاء في السلطة والمال والجاه العار. تباً لكم لأنكم لا تعرفون الذمة ولا الضمير ولا تعرفون غير إملاء جيوبكم بأموال الشعب، بالسحت الحرام.
الإدارة الأمريكية، بسادن البت الأبيض الجديد، سوف لن تكتب عن السعودية ودورها المخزي في كل ما جرى ويجري في المنطقة، بعد أن عقدت صفقات تزيد عن 400 مليار دولار أمريكي لشراء الأسلحة خلال الأعوام العشر القادمة والتبرع بعشرين مليون دولار لمنظمة نسوية تقودها إيفانكا! ولكن هذا الموقف المخزي لن يمر على الشعوب العربية، فهي مدركة إلى حدود ما تزال غير كافية، لما يجري في هذه الدول وضدها مباشرة. ولكن لن يطول هذا الأمر أيضاً، وانفجارات جديدة سوف لن تكون بعيدة عن الواقع، وإن ما حصل في الربيع العربي ما يزال يغلي تدريجاً لينفجر من جديد، بقوة أكبر وتنظيم أفضل، بوجه كل صعاليك الدول العربية ودول المنطقة الذين لا يحترمون شعوبهم وإرادتها ومصالحها.