حلف المقاومة في مجابهة -اسرائيل-


أحمد فاخر
الحوار المتمدن - العدد: 4703 - 2015 / 1 / 28 - 17:44
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني     

غير القصف "الإسرائيلي" الأخير على سورية ،والذي نتج عنه استشهاد 6 مقاومين من حزب الله وضابط إيراني كبير، من طبيعة الصراع في المنطقة وغير حلف المقاومة من استراتيجيته بأن أعلن عن شخصيات الشهداء بعكس ما اعتمدت عليه "اسرائيل" من أن تتكم الجهة المقابلة على هوية الشهداء الذي سقطوا وتنتظر البيان الذي يتحدث عن حق الرد واختيار الزمان والمكان فهمت "اسرائيل" من طبيعة الإعلان أن ظروف الصراع وآلياته بدأت تأخذ منحى آخر أول ما أحبط فيها قدرة "اسرائيل" على استثمار الحدث بحقها في ضرب "المخربين" أينما كانوا وبأي وسيلة ترتأيها.

من الواضح بداية أن "اسرائيل" قامت بهذه العملية بدون إبلاغ الشريك الأمريكي ساعية إلى استغلال وجود الضابط الإيراني بين الشهداء للتأثير على الولايات المتحدة في مسعاها لحل الخلاف النووي مع إيران وإظهار إيران كنصير للـ"إرهاب" تستوجب الملاحقة والعقوبات كما توجه إنذاراً إلى حزب الله بأنها ستعمل على ضربهم في سورية رغم التهدئة على الحدود اللبنانية وتوجيه رسالة إلى سورية بأن "اسرائيل" نصيرة لمليشيات جبهة النصرة الإرهابية وللعناصر الإجرامية المتواجدة على الحدود السورية الجنوبية وتوفر لهم المساعدة والإسناد وتسعى لإقامة منطقة عازلة تذكرنا بالمنطقة العازلة في جنوب لبنان قبل تحريره؛ ومن الواضح كذلك استغلالها في معركة نتنياهو الداخلية والتي يقبل فيها على انتخابات برلمانية يعزز من خلالها الظهور بالمظهر الحازم في الدفاع عن أمن الكيان الصهيوني.

لكن ما جرى عكس ذلك تماماً، فقدت "اسرائيل" سيطرتها على مجرى الأحداث وأخذت تبحث عن سبل تدارك الخطأ التكتيكي الكبير الذي وقعت به من خلال هذه العملية الحمقاء وارتد عليها غرور القوة ، وأصاب سكان المستعمرات الصهيونية في الشمال بالرعب ولم تستطع كل اجراءات حكومة الكيان الصهيوني وجيشها إعادة الطمأنينة لهم ولم تسعفهم التهديدات الرعناء التي أطلقتها بقدرتها على الرد الساحق والقدرة التدميرية الهائلة التي تمتلكها وتنتظر أي فعل من حزب الله، وفي نفس الوقت بدأت تطلق سلسلة من الاعتذارات المتتالية تارة لحزب الله وتارة لإيران وتارة لسورية وتؤكد عدم معرفتها بهوية الشهداء، وتتحدث الأنباء عن توسط لدى روسيا بالتأثير على سورية وإيران وحزب الله في الحد من الرد بالحدود المقبولة لـ "إسرائيل" والابتعاد عن الأهداف المدنية وحصرها في الأهداف العسكرية كما ترسل وزيرة خارجيتها خلال اليومين القادمين للبحث في التهدئة والضغط على أعضاء حلف المقاومة بالحل "الإسرائيلي" لتخفيف حدة التوتر، وقدمت تنازلاً آخر بتصريح رئيس هيئة الأركان عن رفض الجماعات الإرهابية على الحدود المشتركة مما يعني استعدادها لتقديم تنازلات بطرد المجموعات المسلحة من المنطقة الفاصلة بين الحدود أو ترك المجال للجيش العربي السوري بإبادة تلك المجموعات مما يعني استعدادها للتنازل عن فكرة المنطقة العازلة .

أما الولايات المتحدة التزمت الصمت تجاه الغارة الصهيونية وسارعت بالرد على "اسرائيل" عبر الرسائل التي وجهتها مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي أمام الكونجرس وخطاب أوباما الأخير بتحديد الموقف الأمريكي بأنه لن يتم فرض عقوبات جديدة على إيران بل يجري السعي لحل المسألة النووية الإيرانية والتزم الرئيس علناً بأخذ الفيتو ضد قرار فرض عقوبات على إيران والتي ينوي الكونغرس الأمريكي اتخاذه، كما استعان الرئيس أوباما بحليفه البريطاني كاميرون في التأكيدعلى البحث عن حل سلمي للمسألة النووية الإيرانية وعدم التصعيد مع إيران بفرض عقوبات جديدة.

إن التداعيات العميقة لهذا العدوان والإعلان المثير عن هوية الشهداء يعني في المقابل أن حلف المقاومة اتخذ موقفاً واضحاً وصارماً من وحدة المعركة لهذا الحلف ضد "اسرائيل"، وأن الرد سيكون بإسم حلف المقاومة بغض النظر عن من ينفذه ويضع حقائق جديدة حتى على طبيعة الصراع في المنطقة بأن حلف المقاومة يعتبر معركته واحدة ضد القوى التكفيرية والتدخلات الأجنبية والدول المشتركة في التأمر على هذا الحلف وضد "اسرائيل" أساساً وأن جبهة حلف المقاومة تمتد من إيران والعراق وسورية ولبنان وفلسطين واليمن بمساندة روسيا والصين في جبهة متحدة ضد عدو واحد مشترك ومن حق هذا الحلف أن يشترك في أي مكان وزمان ضد هذه القوى المعادية على امتداد جبهات الصراع ولن يكون هناك تستر في معلومات الدعم العسكري والتواجد المسلح لأي من قوى الحلف حيث يقتضي الصراع وأن المعركة مع العدو المشترك ليست فقط على المستوى العسكري بل أنها ستتجاوزها بعد انتهاء المعارك إلى إنشاء تحالفات من أجل إنشاء اقتصاد قادر على حل مشاكل هذه المجتمعات وشعوبها وأن خيارها المقاوم سينعكس على كل مجالات الصراع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية المبنية على وحدة الاهداف المشتركة وحق السيادة الوطنية وتقرير مصير هذه الشعوب وخياراتها واستعداد الحلف المقاوم لحماية هذه الخيارات بكل الوسائل الممكنة .



إن هذا الصراع هو صراع المستقبل ويجري تشويهه بالحديث عن انقسام شيعي سني وأطماع إيران "الشيعية" وهذا تشويه إجرامي لهذا الصراع الوطني والتحرري والذي تشترك فيه شعوب وقوميات وديانات مختلفة هدفها تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وبناء المجتمع الحديث بعيداً عن الهيمنة الإمبريالية والصهيونية ودسائس الرجعية العربية وعلى القوى الوطنية أن ترى في الصراع جوهره الرئيسي وهو النضال ضد الإمبريالية والرجعية وأن هذا النضال تشترك فيه رؤى سياسية مختلفة لكنها مجمعة على هدف واحد هو هدف التحرر وبناء الأوطان كما تختار الشعوب بنفسها دون تدخلات خارجية أو ضغوط سياسية ذات طبيعة اجرامية تريد أن تبقي منطقتنا نهباً للإمبريالية ومرتعاً للرجعية العربية واستمرار تبعيتها الاقتصادية والسياسية .