تناقض الوثائق لما يسمى(وصيه) لينين 3


عبد المطلب العلمي
2014 / 12 / 10 - 11:32     

مشاكل إصلاح جهاز الدولة

في املاء 26 ديسمبر عام 1922، أعطى لينين تقييما نقديا بشكل حاد لجهاز الدولة : "جهازنا (....) في جوهره، موروث من النظام القديم ، و تغييره في مثل هذا الوقت القصير، وخاصة في وقت الحروب والمجاعات وما شابه ذلك، كان من المستحيل تماما. لذلك، اؤلئك "النقاد" الذين مع ضحكة مكتومة أو بخبث، تعرض لنا عيوب الجهاز، يمكن الإجابة بسهوله ، أن هؤلاء الناس لا يفهمون ظروف الثورة المعاصره(......) يكفي أننا في خمس سنوات انشأنا دوله من نوع جديد... ولكن معرفة هذا لا يعني بأي حال من الأحوال حجب حقيقة أن جهازنا، في جوهره، قديم مأخوذ من القيصر والبرجوازية ". لا يقتصر لينين على هذا الاعتراف بل يطرح المشكلة : "الآن مع حلول السلام و تأمين المتطلبات الدنيا ضد المجاعة، ينبغي توجيه جميع الجهود لتحسين الجهاز الإداري." نود أن نلفت الانتباه إلى حقيقة أن لينين، منتقدا الجهاز يميز نفسه عن غيره من المنتقدين له ، الوارد ذكرهم في سياق مشابهة مستخدما مصطلح "القضاه" في رسالة إلى ستالين " الى المؤتمر"23 ديسمبر.
بما ان تروتسكي، الذي حاول أن يكون المقاتل الرئيسي ضد البيروقراطية، كان من قياديي الحزب و كان واحدا من النقاد الرئيسيين للحزب وجهاز الدولة، لهذا من المشروع السؤال : ما إذا كان هذا الهجوم موجها الى تروتسكي ؟ نفس النهج لمشكلة جهاز الدولة،اظهره لينين في وقت لاحق، في املاء 29 ديسمبر"القسم المتعلق بزيادة عدد أعضاء اللجنة المركزية" في النسخة الأوليه من المقال حول لجنه الرقابه العماليه الفلاحيه، و في صيغته النهائية –" كيف ينبغي لنا إعادة تنظيم هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه " .ألاطروحة حول الذين لا يفهمون ظروف الثورة المعاصره، يردد اللوم الوارد في مقال "حول ثورتنا"، والذي كان موجها لمعارضي لينين ، الذي كان تروتسكي الاول و الأساسي من بينهم.
مؤلف "حول مسألة القوميات أو "حول الحكم الذاتي " . يبدأ بنقد جهاز الدولة بشكل يتوافق مع نقد لينين، والإشارة المرافقة لها تجعل القراء ينظر إليها على أنها دليل مباشر على تأليف لينين لهذه المادة :" إن جهاز الدولة لدينا و كما اشرت في أحد الأقسام السابقة من مذكراتي ،استعرناه من السلطة القيصرية ،طلي بعض الشئ بطلاء سوفياتي "[في الاصل تم مسحه بالزيت المقدس السوفياتي]. ومع ذلك، هنا تنتهي التشابهات والصله المحدوده بين موقف لينين وموقف مؤلف الملاحظات. يضع لينين مهمة إعادة تنظيم جهاز الدوله، من أجل الحفاظ على المكتسبات و يوفر الضمان لبناء الاشتراكية، بما في ذلك عملية توحيد الجمهوريات. مؤلف الرسائل، على العكس من ذلك، يستخدم أطروحة عدم صلاحيه الجهاز كحجة ضد تاسيس الاتحاد السوفييتي، والحاجة إلى تأجيل إنشائه. ويقترح "الانتظار"و تأجيل مشروع الاتحاد السوفياتي: لننتظر الى ذلك الوقت ،عندما يمكننا القول أننا يمكن أن نثق بالجهاز كجهاز لنا حقا "، ويتوقع من "الجهاز الحالي" "كميه كبيره من التجاوزات ذات الطابع الروسي القح ". بالنسبة له، "الجهاز السئ" مجرد حجة جيدة ضد تاسيس الاتحاد السوفييتي،بينما لينين -يراها مشكلة و يصب اهتمامه لحلها . وهكذا لينين لا يضع إنشاء الاتحاد السوفيتي في صله مباشره مع نوعيه جهاز الدولة. بل انه يحدد فقط مهمة تطويره في اطار الاتحاد الجديد.
يلوم المؤلف ستالين بأن فكرة الحكم الذاتي تتشابه مع مطالب وحده الجهاز و تمليه مصلحه الجهاز وتحسين كفاءته، التي يعتبرها حجة تافهة، و تعكس مظهر من مظاهر المصالح السياسية للبيروقراطية، الذين يستحقون القمع وليس الدعم. ولكن لينين في جداله مع ستالين، حاجج ضد خطة الحكم الذاتي (رسالته المؤرخة 26 سبتمبر الى كامينيف) ،و لم يشكك في الرغبة في ضمان سهولة التشغيل ومقترحاته أوضحت رؤيته لحل هذه المشكله. وعلاوة على ذلك، دعا لينين الى إنشاء الاتحاد الفيديرالي السوفياتي لما وراء القفقاز ، احد اهداف هذه الفيديراليه كانت تحسين إدارة الاقتصاد في المنطقة. في آخر وثيقه له حول توحيد الجمهوريات السوفياتية – في كلمته الترحيبيه الموجهه الى مؤتمر سوفييتات اوكرايينا كتب لينين أن "القرار الصحيح"حول "مسألة توحيد الجمهوريات "، مرتبط مع "مواصله تنظيم أجهزة اداره الدولة لدينا" .وأخيرا، في الأعمال الأخيرة للينين (حول هيئة التخطيط ، حول لجنه التفتيش العماليه الفلاحيه) موجهة بالظبط لتحسين جهاز الدولة والأجهزة الاقتصادية.
مؤلف الملاحظات، مع علمه بموقف لينين (بالتأكيد اطلع على تحية لينين الى مؤتمر سوفييتات اوكرانيا)، يقترح وضع عملية اتحاد الجمهوريات السوفياتية بصله صارمه مع توافر جهاز دولة فعال ، ويصر على أن إنشاء جهاز الدولة الجيد هو شرط أساسي لتحويل الكونفدرالية الى فيديراليه. نعم انه يعارض علنا لينين!!حسب لينين، توحيد الجمهوريات - وسيلة لتحسين أداء جهاز الدولة، والمؤلف يتذرع بحالة جهاز الدولة لتأجيل توحيد الجمهوريات إلى أجل مستقبلي غير مسمى. حتى انه و لا حتى بشكل عام ، لا يحاول طرح مهمه إعادة تنظيم جهاز الدولة لضمان الاتحاد المستقبلي للجمهوريات. لأنه لا مصلحة له بذلك. و حسب منطقه بالاضافه لمسأله جهاز الدوله ، وهي ليست المشكله الوحيده، و يضيف على وجه الخصوص- طبيعة وثقافة الروس "الشعب الروسي الحقيقي" هو "الشوفيني الروسي العظيم"، "في جوهره" "وغد ومغتصب". هذا هو " البيروقراطي الروسي النموذجي." و بما انه لأجراء تغييرات جديه في هذا المجال يتطلب أجيال عديدة، ويترتب على هذا تأخيرتوحيد الجمهوريات ليس سنوات، ولكن عقود. هذا يعني أنه، في أحسن الأحوال، سوف يأتي بناء الدوله بعد نجاح التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وليس بناء الدوله هو من سيخلق أفضل الظروف لهذه التحولات. ولذلك، فإنه يقترح تفكيك [للدقه الكلمه الاصليه لا مرادف عربي لها و تعني فتح القاصه و توزيع محتوياتها ] اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية خلال سنه، والعودة الى مستوى العلاقات التي كانت سائده زمن الحرب الأهلية. هذا الموقف يتباين مع موقف لينين.
منتقدا الجهاز ومشيرا إلى أن إنشاء جهاز دوله جيد سوف يستغرق سنوات عديدة، لم يسبق للينين ان طالب بان تتوقف في ذلك الوقت خطط البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. لكن تنفيذ تلك الخطط يصطدم دائما بعيوب جهاز الدوله ويعانون منه. لم يقترح لينين الانتظار . بل دافع عن نهج معاكس تماما، اي بالعمل الحيوي. في مقال "حول ثورتنا"، يشير إلى أن الثورة الاشتراكية تخلق الشروط والظروف لتسريع عملية رفع المستوى الثقافي للجماهير الكادحه، وفي مقاله " كيف ينبغي لنا إعادة تنظيم هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه "و " الافضل اقل،نعم افضل " تركز على عملية الدراسة خلال العمل. ونفس الشيء يمكن أن يقال بخصوص قضايا بناء الدوله.
لينين، خلال بحثه في مسألة التعاون، يشير إلى الصعوبات الهائلة المرتبطة بتنميه الحركه التعاونيه، ولكنه لا يقترح تاجيل المسأله بسبب سوء جهاز الاداره أو المستوى الثقافي المنخفض للسكان. فهو يوجه الحزب للقيام "بثورة ثقافية متكامله" . لا يستسلم امام حقيقه سوء حال جهاز اداره الدوله ،بل يضع مهمة إعادة تنظيمه في مركز آخر مقالاته. ويتكرر الأمر نفسه عندما تطرق لينين لقضايا تعزيز التحالف بين الطبقة العاملة والفلاحين، فضلا عن تركيزه على اهميه تراكم الأموال لتنفيذ مهام تصنيع في البلاد. وفي جميع هذه الحالات يظهر موقف لينين المبدئي . منجزا في مقاله الأخير تحليل هذه القضايا، وجد أنه من الضروري أن يذكر تحديدا أن الصله بين هذه القضايا ليست من قبيل الصدفة: "بهذه الطريقة ، اربط في افكاري الخطة العامة لعملنا ولسياساتنا، لتكتيكاتنا ،و استراتيجيتنا مع أهداف إعادة تنظيم هيئه التفتيش العماليه الفلاحيه " بهدف تحسين وخفض تكلفة جهاز الدولة، ما من شأنه أن يسمح لنا "على الاغلب الصمود."
ومن الواضح أنه لدى لينين و مؤلف الملاحظات، في هذه المسألة وجهات نظر وتقييمات مختلفة. وإذا افترضنا أن هذه الملاحظات حول المسألة القوميه تخص لينين، فإنه يجب الاعترف بأنه دخل في تناقض مع نفسه. يجب علي أن اشرح الاخفاق الفكري للينين، المرتبط مع هذه الملاحظات: يقترح لينين حل المشكلة، على الرغم من الصعوبات (الاملائات 23-29ديسمبر 1922)،ثم يقترح التراجع امام الصعوبات (30-31ديسمبر 1922)، و مرة أخرى يقترح التغلب على الصعوبات و عدم الاستسلام امامها(املائات2يناير-3مارس1923) .هنا نحصل على صوره ، مشابهه لما حدث مع رسالة إلى المؤتمر" الملاحظات، حول مسأله القوميات أو حول "الحكم الذاتي "زمنيا تشرخ كالاسفين كتلة ألاعمال اللينينيه، الى جزئين، و بينهم اسفين غريب الهيئة. تفسير مقنع، لا أعتقد ذلك.

يتبع

مترجم عن دراسه للدكتور ف .ا .ساخروف تحت اشراف البرفيسور ف.ي. تروبين