رسالة نقابية لقيادات العمل النقابي العمالي


سلامه ابو زعيتر
2014 / 2 / 3 - 21:26     

إلى قيادة العمل النقابي، يا من تمثلون العمال بكل الميادين والمواقع والمستويات في عصر التجديد والثورات، وما يسمى بالربيع العربية؛ ومحاولات التغيير ورفض كل أشكال الظلم والاستغلال، والمتاجرة بحقوق الشعوب.
إن حالة النقابية العمالية لا تصر عدو أو صديق، فحالة التشرذم، والخلافات الداخلية، وصراع المصالح، والانقسامات ساهم في الابتعاد عن العمل النقابي الحقيقي، وأثر سلبياً على العمال وواقعهم؛ لذا أود بهذه الرسالة أن أضعكم أمام مسئولياتكم ؛ في ظل تعاظم هموم وقضايا العمال، وارتفاع نسبة البطالة، والفقر، والغلاء الفاحش للأسعار، وتأكل القيمة الشرائية للرواتب التي بالأساس كانت لا تفي بتوفير الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة؛ بالإضافة لاستغلال المشغلين للظروف وإهدار الحقوق العمالية؛ فمن ينظر لحال العمال وواقعهم بحرص وتمعن تدمع عيناه، ويرتعش قلبه حزناً وألماً لما وصلت إليه أوضاعهم، خاصة هذه الأيام، والقيادات النقابية مشغولة في السفر والعلاقات عامة، والتناحر على المواقع القيادية؛ وإن تحركوا نقابياً، تأتي هذه التحركات كردة فعل، ومحاولة لسرقة أضواء أي تحرك عمالي من القواعد، وكأن العمل النقابي هدفه وضع القيادات النقابية تحت الأضواء وأمام وسائل الإعلام، ونشر صورهم على صفحات الفيس بوك بدون أي نجاز.
فبرغم كل المشاكل التي يعيشها العمال ويعانون فيها صعوبة الحال تغيب المبادرات النقابية والخطط عن ميادين العمل، وكأن ما يحدث، برنامج مٌعد من قبل النظم الرأسمالية المستغلة لإهدار حقوق العمال والتجنب عن أثارتها، وخلق الأزمات والعثرات لها، لقتل أي محاولة ثورية في مهدها، وقبل تشكيل أي قوة تأثير وضاغط لتحسين أوضع العمال.
أيها المناضلون :
إن العمل النقابي مبادأة ومساهمة إيجابية لصالح الأعضاء، وهدف وجودها الأساسي حماية مصالح العمال والنهوض بواقعهم وتنميته ، ويأتي ذلك وفق فلسفة علمية ثورية ممنهجة، وبمشاركة عمالية، وتلمس لأهم قضاياهم، وتحديد الأولويات للتدخل؛ فأعمى من يعتقد أن العمال في حالة مستقرة، وسيطول صمتهم، فهناك الكثير من قضاياهم ومشاكلهم التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي في المجتمع ، فحجم معاناتهم خلق لهم الأزمات النفسية والاجتماعية والأمراض، وانعكس على حياتهم، وعلاقاتهم الأسرية، وقدراتهم الإنتاجية، ونظراتهم للآخرين؛ وبخاصة ما يتعلق بالعمل النقابي، وهذا الصبر لن يطول، فالعمال أمسوا كالبالون ممتلئ بالهموم، يكاد ينفجر من كثر الضغط، في وجه قياداتهم النقابية في البداية ، وهذا ما يؤكده الوضع القائم والمعلومات المتوفرة من العمال أنفسهم .
إن العمل النقابي تضحية وانتماء ونضال من أجل قضية عادلة تؤمنون بها لصالح العمال، ولقد مر زمن طويل، ولم نسمع عن انتصارات عمالية حقيقية، وانجازات نقابية مهمة وذات ثقل عمالي، وتضامن حقيقي وحدوي بين العمال كما كان الوضع في الماضي.
هذه الرسالة للتذكير ولإعادة النظر والتفكير بإهتمام أكبر بالعمال، فلن يستطيع القيادي الذي يعيش في قصر عاجي أن يلتمس معاناة من يعيش بين الآلات وزيوتها ورائحة العرق الزكية ، فلن يشعر بهم من ينام على ريش النعام، إلا إذا احتك بشكل حقيقي بواقعهم، واستمع لهم وجسد كل طاقاته، وإمكانياته لصالح قضاياهم وهمومهم، وكيف يمكن علاجها؟ وتحقيق انجازات ملموسة لصالحهم من خلال تخطيط علمي، وتنفيذ بمهارات عالية، وتقييم للعمل، وإعادة النظر في البرامج المقدمة فعلى سبيل المثال: لا يجوز أن ينحصر العمل النقابي في أنشطة تدريبية غير هادفة على حسب رؤية التمويل، وتكون بعيدة عن الواقع والتخطيط والحاجة العمالية، فالنتيجة ستكون سلبية حتماً على العمل النقابي والعمال، كما يجب أن نقيم بنية العمل النقابي، وأنشطته، ووظائفه التقليدية؛ بهدف التجديد والتحديث في العمل، وأعادت النظر بأشكال الاتصال والتواصل، والأدوات التنفيذية للبرامج النقابية، والتثقيفية والترويحية والاجتماعية والرياضية والصحية ....الخ من مهام تقوم بها النقابات العمالية لخدمة أعضائها، ومهم التفكير جيداً بالحفاظ على البعد الثوري للعمل النقابي، فالنقابات العمالية نضالية مطلبية ثوريه بخدماتها وتحتاج للتضامن، ولإستراتيجية ورؤية لتطوير عملها وجمع العمال تحت رايتها والحفاظ على علاقاتها وخاصة بالتضامن العربي والدولي ...
لا أريد أن أطيل فأنتم كادر مميز لديه معرفة جيدة بالعمل النقابي، وهذه رسالتنا للتذكير؛ ومحاولة لإعادة العمل لطبيعته، فلا يجوز لورثة العمل النقابي أن يحيدوا عن تاريخ مؤسسيه، والمناضلين الأوائل الذين قدموا التضحيات لإنشاء حركة نقابية قوية تستطيع أن تعبر عن هموم وقضايا العمال .
نصيحتي لكم انطلقوا واخرجوا من عنق الزجاجة، وفكروا بطرق للنضال النقابي تتناسب وحجم مشاكل العمال، وتنسجم مع البيئة الاجتماعية والمتغيرات السياسية والاقتصادية؛ التي تحدث حتى لا يدفع العمال ثمن تناحر ومصالح أفراد في العمل النقابي، أخيراً أمل أن توحد جهودكم النقابية وتجمعكم قضايا العمال وتصطفوا بقوة رجل وصوت واحد في مواجهة برامج الاستغلال والاستعباد الجديدة فالبشر ولدوا أحرار.
دمتم... وعاشت نضالات العمال
• بقلم النقابي / د. سلامه ابو زعيتر
عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين