لا يمكن لشعب السودان وقواه السياسية الوطنية حقا التشاور فى إيجاد حل للخروج من هذا النفق والمحافظة على ما تبقى من السودان إلا بزوال هذا النظام


علي الكنين
الحوار المتمدن - العدد: 3761 - 2012 / 6 / 17 - 19:57
المحور: مقابلات و حوارات     

الميدان تحاور السكرتير التنظيمي للحزب الشيوعي حول تعقيدات قضايا الساعة


** لا يمكن لشعب السودان وقواه السياسية الوطنية حقا التشاور فى إيجاد حل للخروج من هذا النفق والمحافظة على ما تبقى من السودان إلا بزوال هذا النظام



الأزمة السياسية والاقتصادية المستفحلة في بلادنا كانت محور الحديث مع السكرتير التنظيمي للحزب الشيوعي الزميل علي الكنين ، كما شمل الحوار قضايا الوضع الراهن .



لماذا اخترت “حتى زوال النظام” عنوانا لمقالاتك فى الميدان؟

= اخترت “حتى زوال النظام” عنوانا لمقالاتى فى الميدان لقناعتى التامة بأن دوام الحال من المحال . وثانيا، تجربة ما يقارب من ربع قرن من الزمان تحت سلطان واحد وحزب شمولى واحد جرب شعب السودان كل صنوف البطش والتعذيب والحرمان وحمل السلاح فى وجهه تارة والمفاوضات والحوار والاتفاقات المنقوضة تارة اخرى، ولم يجد كل ذلك معه بديلا، بتغيير جلده حسب ما يقتضيه الحال.

قسم هذا النظام البلد الذى لم تستطع الدكتاتوريات العسكرية من قبله تقسيمه: قبليا وعرقيا ودينيا وشتته شيعا واحزابا وحركات تحمل السلاح لاخذ حقها المستلب بنفس طريقة استلابه ويقوده لانفراط عقده الذى ربما قاده لحرب اهلية. وفى نهاية المطاف قسم السودان ارض المليون ميل مربع لاجزاء، طالما حلمت بها الامبريالية العالمية، منذ محاولتها التغلغل الناعم فيه عن طريق المعونة الامريكية، ليسهل عليها امتصاص خيراته دون مقاومة جربتها طيلة عقود الاحكام الدكتاتورية فوقف شعب السودان صخرة منيعة فى طريقها . وعليه، فان هذا النظام اصبح العقبة الكؤود فى طريق حلول المشاكل التى خلقها واضحى شعب السودان تحت قيادة ثعلب متمسك بكرسى السلطة معتبرا أن له القدرة لتحقيق امنيته بالفوز بمثلث حمدى وليذهب الباقى لمن يرفعون له العصا تارة والجزرة تارة اخرى الذين اتفقوا معه فى ابعاد القوه السياسية السودانية عن المشاركة فى اتفاقية السلام الشامل، معتبرا السودان ضيعتة، برهن الواقع المعاش اليوم انها صفقة لانفصال الجنوب الذى يتحمل المؤتر الوطنى خزيه وعاره، فلا يمكن لشعب السودان وقواه السياسية الوطنية حقا التشاور فى ايجاد حل للخروج من هذا النفق والمحافظة على ما تبقى من السودان الا “بزوال هذا النظام” الذى فى سبيل الكرسى لايبالى بما يحصل للسودان ولا شعب السودان!



كيف ترى الخروج من هذا المأزق ؟

= بدءا، أن قناعة الكثيرين ومن ضمنهم جزء لا يستهان به من ذوى الجذور المنتمية للحركة الاسلامية وكذلك من المنتمين للسلطة يؤمنون بان السودان على حافة الهاوية ولكن الحقيقة الماثلة أمامنا بأنه أصبح فى قاع الهاوية التى يظن ويخاف الكثيرون من أن يقع فيها. ولكى يتضافر الوطنيون الذين مازال فى قلوبهم ايمان بهذا الوطن وأنه فوق اهوائهم ومصالحهم الذاتية والحزبية، أن يعوا حقيقة الكارثة واسبابها التى تضع الاولويات العاجلة، لكى لا يغوص شعبنا فى قاع الهاوية، أن يجمع هذا الشعب العظيم وينهض، طارحا اولا:

أن شعبنا العظيم وبكل قطاعاته وقواه السياسية أدان الاعتداء السافر على هجليج البقعة المنتمية للسودان (حتى ولو حاولت الحركة المطالبة بها) لانها تقع شمال خط يناير 1956 حسب اتفاقية وقعها الطرفان، وقد ادانها الحزب الشيوعى ليس مسايرة للمزاج العام وليس تأييدا للمؤتمر الوطنى ولكن هذا مبدأ اساسي من مبادئ الحزب لم يتحفظ عليه حتى عند غزو الاتحاد السوفيتى لارض تشيكوسلوفاكيا فى الستينات. مبدأ عدم الاعتداء على أرض الغير. ولكن وقد تحررت هجليج او انسحبت منها قوات الحركة الشعبية او دحرت ودمرت هذه القوات المعتدية بالمجاهدين او قوات الدفاع الشعبى او القوات الامنية او جيشنا الباسل او.. او… . لقد انتهت قضية حرب هجليج، وبنهايتها انتهت الحرب، وبقيت المطالبة القانونية فى المحاكم الدولية بحق أى من الدولتين بمحاسبة الاخرى ومطالبتها بالتعويض التى تحكمه لها السلطات التحكيمية حسب الاتفاق.

وقبل كل هذا بقيت بقايا قضايا اتفاقية السلام الشامل الواجبة الحل بالحوار وعلى رأسها قضية الحدود الوهمية والتى بها مجموعات سكانية متشابكة وماشية ومواشى وثروة حيوانية من اكبر اقتصاديات البلد تتحرك شمالا وجنوبا وقضية اشقاء قسمتهم اطماع الطبقات الحاكمة بالاتفاق مع الامبريالية العالمية الطامعة فى موطئ قدم فى ارض الثروات البكر، حل هذه القضايا المتبقية هى صمام الامان لعدم اعتداء اى من الطرفين على الآخر. اما السؤال المطروح لمدمنى الحروب وتجارها: لماذا التجييش والتعبئة وتحرير الاشبار الوهمية التى لايعلم عنها الشعب ولا تود السلطات الافصاح عنها؟ أى اشبار من أرض السودان محتلة ونريد تحريرها ونستمر فى التعبئة والاستنفار لها؟ الا اذا كانت حروب مع الحركات المسلحة الداخلية التى سيؤدى مثل هذه التعبئة تعبئة حزب شمولى لمليشيات تقودنا لحروب داخلية اهلية، شعب السودان كفيل بحلها بالحوار، وعمر الحروب لم تحل قضايانا وآخر كل حرب اتفاق فلنقفل الطريق أمام تجار الحروب والنطرق باب التفاوض مع هذه الحركات، فهى لاتطالب الا بالتنمية المتوازنة ونصيب اهلها فى السلطة والثروة وبحقهم فى الحياة الكريمة،… نحن شعب السودان الذى اكتوى بهذه الحروب ولم يذق للسلام والحرية والديمقراطية طعما… نطمع فى ان نضع لها نهاية.

سؤال آخر ومهم: اين كان جيشنا الباسل وحراس حدودنا عندما احتلت قوات دولة، لم تكتمل التكوين، اكثر من سبعين كيلومترا من ارض السودان ولمدة عشرة ايام حتى تدخلت الامم المتحدة وامينها العام، واعلنت التعبئة العامة وكأن الامر كان محتاجا لاكثر من بواسلنا الذين لهم تاريخ قتالى وتدريب وبسالة منذ الحرب العالمية الثانية ومن المسئول من ذلك؟ ولماذا لاتكشف مثل هذه الحقائق لشعبنا العظيم الذى لايبخل لا بالمال ولا الروح فى حماية ارضه ودعم قواته المسلحة؟

إن الاستمرار فى جعل شعب السودان يعيش فى حالة حرب وهمية هو محاولة هروب الحكومة من مواجهة مسئوليتها تجاه قضايا الشعب، المنهك، المعيشية والحياتية المختلفة… الاقتصاد المنهار ، الجنيه المتدنى ، الغلاء الفاحش المتصاعد، الصحة المتدهورة، التعليم ومتطلباته والمدارس على الابواب………..الخ

ليكن شعار شعبنا وقواه السياسية:

لا للحرب ولتجارها

لا لحكومة الحرب ومدمنى الحروب الذين يُجيشون الشعب السودانى مستغلين عواطفه وايمانه وحساسيته الدينية ويوهمونه بأن هذه حربا جهادية دينية تستهدف الاسلام والمسلمون والوطن!

لا للمؤتمر الوطنى الذى فشل فى حكم البلاد حكما شموليا آحاديا سطا فيه على ثرواتها، ومازال يتشبث بالسلطة ويرفض مشاركة الآخرين فى الخروج من المأزق إلا تحت إبطه، وهو يلفظ انفاسه الاخيرة.

وثانيا، أن نثبت ونعرى هذا النظام للشعب السودانى فى قضايا يريد النظام التعمية حولها بما يوجه جميع اعلامه عليها، وهى حقائق اثبتتها التجارب التى مر عليها شعبنا العظيم وغيب من حقه الذى سلب منه وصار وكيله المزيف، المؤتمر الوطنى: حقائق مهمة لاتغيب على أحد وعلينا ان نربطها ببعضها ونسجلها للتاريخ وليوم الحساب:

من المعروف أن أفريقيا منذ تكون الرأسمالية العالمية وتحاربت الدول حولها فى حربين عالميتين بقصد اقتسام ثرواتها الكامنة فى داخل ارضها وعلى سطحها…. لا اود ان اخوض كثيرا فالغرض هو الوصول الى أن السودان اصبح الكنز الاحتياطى المتصارع عليه.



وماذا عن الدور الخارجي في الشأن السوداني ؟

= لشعب السودان وقواه السياسية الوطنية عداء تاريخى ضد امريكا- وقوة يمينية اسلامية دربتها امريكا فى معاهدها واستعدتها واستغلتها ضد المد الشيوعى وحركات التحرر الوطنى فصار دحر الشيوعية هدف استراتيجى مشترك.



تطور الحرب فى جنوب البلاد افرز قيادات بالرغم من بداياتها الوطنية ومطالبها العادلة الا أن فخا قد نصب لها واعد لها بنصيب وتحقيق ماهو اكبر بكثير مما يطالبون به.



أمريكا لها مصالح حيوية واستراتيجية وفى خطتها منذ بوادر استقلال السودان وزاد جنونها بها فى ظل حكم الدكتاتور السفاح نميرى واكتملت ضالتها بتحالف ثلاثى كل له هدف لا يختلف كثيرا عن الآخر . هنا جاءت اهمية تغييب الكابوس الذى يدافع عن حقوق شعبه – التجمع الوطنى الديمقراطى وميثاقه - الذى أخاف الكثيرين فى الداخل والخارج!



مصالح أمريكا فى السودان وموطئ القدم الذى تحقق لها لن تتنازل عنه والحركة الشعبية التى دان لها حكم الجنوب باكمله لن يتنازل عنه ، الخلافات بينهم ثانوية ومفتعلة طالما لم تطال رؤوسهم فلهم الدنيا وللذين يدافعون عنهم للبقاء كتبوا لهم صكوكا للجنة.