اليسار والقوى العلمانية والديمقراطية


جريس الهامس
2004 / 9 / 15 - 10:47     

- القسم الأول
يشمل هذا العنوان الشامل في رأيي مواضيع متعددة ومتشعبة لايمكن الإلمام بها من الجذور في هذه العجالة .
وفي سبيل سبر عمق الواقع العربي والوقائع التي يضمها هذا البحث الهام أمام المجتمع العربي المنكوب بحكامه والمعارضات المريضة
الإصلاحية والمشخصنة – مع استثناءات صغيرة هنا وهناك - التي تحمل مع الأسف الكثير من سمات الأنظمة التي تعارضها .....
(( المغلوبون المستعبدون يحملون سمات الغالب المستعبد – ابن خلدون )) ,
وكما قال ماركس : ليس المهم معرفة الواقع ووصفه بل الأهم معرفة واستنباط الحلول لتبديل هذا الواقع ومعرفة القوىالموْ هلة لقيادة
هذا التبديل ..
لهذ سأقسم هذا البحث الى ثلاثة أقسام :
1 – تسمية اليسار تاريخيا ومضمونا وهل الأنظمة العسكرية العربية والأحزاب والايديولوجيا التابعة لها من اليسار ...؟؟؟؟
2 - رأي الماركسية اللينينية – الإشتركية العلمية في معظم مفاصل البحث .
3 - الأحزاب العربية الإشتركية والشيوعية
4 - وبينها العلمانية والديمقراطية وحقوق الإنسان كحجر المحك لدىالصائغ الحاذق للتمييز بين معادن الجميع . بين الحقيقة والسراب
الخادع .. بين حاكمية الإنسان والعقل لتقرير مصيره وتقدمه ...أو حاكمية الأسطورة والخرافة المتوارثة والاستبداد المرتبط غالبا بالخارج
الذي يريد إبقائنا في كهوف الرق والعبودية إلى الأبد .....
القسم االأول : اليسار تاريخيا – موقع التسمية – الأنظمة العسكرية وأحزابها ....الخ
إنني أرفض هذه التسمية في عصرنا التي فرضها إعلام الأنظمة والمثقفون ( الثقاة ) الموالون والمعارضون منذ عقود علينا لتشمل
كما كبيرا من القوى المتناقضةكالعناصر الكيماوية المتنابذة , من الأنظمة العسكرية البوليسية الى الحركات والأحزاب الإصلاحية
التابعة لها وصولا الى الأحزاب الاشتراكية والشيوعية والعمّا لية . ووضعها كلها في بوتقة واحدة كتب عليها ( اليسار العربي )
...أطلق اسم اليسار لأول مرة في التاريخ إبّان الثورة الفرنسية عام 1782 حيث كان النواب الجمهوريون المعارضون يجلسون
في الجهة اليسرى من البرلمان بقيادة ميرابو ومارا وروبسبيير وغيرهم . والنواب الموالون للملكية والكنيسة والإقطاع في الجهة اليمنى
. ونسي الفرنسيون هذه التسمية بعد انتصار ثورتهم .....
وإذا كان هذا اليسار يعني معارضة الحكم المطلق والإقطاع والإستبداد وسلطة الدين والدفاع عن الجمهورية وحكم الشعب عبر صناديق
الإقتراع وتوطيد مبدأ فصل السلطات وفصل الدين عن الدولة واحترام الرأي الاّخر في صلب العقد الإجتماعي الذي تبنى عليه الدولة .
البورجوازية البرلمانية التي صعدت للسلطة بعد الثورة الصناعية وتطور وسائل الإنتاج والنضال الطويل المرير لبناء علاقات انتاج
أكثر عدالة وتقدما عبر نضال طبقي طويل وعبر جبال من الاّلام والدماء والدموع بقيادة الطبقة العاملة والفلاحين الفقرا ء منذ الثورة
الصناعية حتى اليوم .
إذا كانت هذه مضامين اليسار الأول في التاريخ . فهل يحق لنا وضع الأنظمة العسكرية والأحزاب الشوفينية التي فرّختها والفكر القومي
الشوفيني المرشد لها تحت راية اليسار العربي ...
لست هنا بصدد التأريخ للديكتاتوريات العسكرية التي حملت شعار القومية العربية واليسار وحتى الإشتراكية بقيادة لصوص المليارات
المنهوبة من دم الشعب البائس ودعم الدولتين الكبيرتين قبل سقوط التحريفية السوفياتية ودعم أمريكا وأوربا حتى 11 أيلول ..
المحرفون السوفييت أطلقو على هذه الانظمة ألقاب ( التقدمية – الوطنية – اللارأسمالية – تسير نحو الإشتراكية ؟؟؟كذا ...)
لذلك سأمر سريعا على أبرز هذه الأنظمة التي كانت العامل الرئيس لهزائمنا وكوارثناالعسكرية والإقتصادية والتنموية والمجتمعية والثقافية
بدءا بالنظام الناصري ..
!ّ – النظام الناصري : لم تأت ثورة 23 تموز 1952 نتيجة عمل تاّمري قامت بها مجموعة من الضباط المعزولين عن الشعب بقيادة
عبد الناصر .كما روّج إعلام الديكتاتورية بعد اغتصابها لثورة تموز التي بدأت من الشارع الوطني المصري ضد القصر والإنكليز
خلال أعوام 50 – 51 – 52 بقيادة الجبهة الديمقراطية للتحرر الوطني التي شكّلها الشيوعيون المصريون مع منظمة ( العمال والطلاب )
مع الوفد اليساري على الصعيد المدني ومنظمة ( الايسكرا ) الشيوعية بين ضباط الجيش الذين قاموا بتدريب الشعب والفدائيين الذين شنّوا
الهجمات الناجحة على معسكرات الإنكليز .. وكان أول من أطلق رصاصة الثورة الأولىالعقيد الشيوعي يوسف صدّيق الذي احتل وزارة
الدفاع والقصر والإذاعة مع رفيقيه المقدم أجمد شوقي والمقدم خالد محيي الدين وكلهم من سلاح الفرسان ( الدبابات ) لينضم اليهم اللواء
محمد نجيب بقوات المشاة ولم يشترك عبد الناصر وشلّته بالانقلاب . وجاءت ثورة تموز تتويجا لنضال الشعب المصري وتضحياته
وبعد تعيين عبد الناصر وزيرا للداخلية أول ما فعله إعدام العمال النقابيين ( احمد البقري ورفاقه ) على أبواب معاملهم في كفر الدوارلمجرد
مطالبتهم بحقوقهم المشروعة . وبعد اعلان محمد نجيب والشيوعيين انهم مع إقامة نظام جمهوري برلماني عبر الانتخابات
بدأ عبد الناصر بتصفية الذين صنعوا الثورة بدءا بيوسف صدّيق ورفاقه وصولا الى محمد نجيب وحل جميع الأحزاب والنقابات وصادر
الصحافة الحرة مستعينا بالإخوان المسلمين لضرب الشيوعيين أولا ثم قام بتصفية الجميع . وهذا مافعلة في سورية أثناء الوحدة مستبدلا
الأحزاب بتشكيلة من المرتزقة والإنتهازيين أطلق عليها ( الاتحاد القومي ) ثم (الاشتراكي ) جامعا الفكر الشوفيني الأعمى مع العصبية
الدينية مع الخرافة وتحضير الأرواح .....والنتائج معروفة على أشلاء اّلاف الضحايا
ب - النظام الأسدي : جاء نسخة أسوأ من سابقتها غدر برفاق الأمس هو المسوْول الأول عن تسليم الجولان للعدو الصهيوني دون قتال 1967
لايقل إجراما عن جرائم توأمه في العراق الى جانب الجذور الباطنية التي ربطته مع نظام الملالي في طهران من جهة ومع الحزب القومي
السوري المرتبط بالغرب الاستعماري تاريخيا من جهة اخرى بالاضافة الى الفكر الشوفيني القومي الذي زرعة عفلق المعادي لابسط
حقوق الإنسان والديمقراطية
ج - النظام الصدّامي النسخة العفلقية الأكثر غباء وسادية ألم يقل عفلق ( صدام هدية البعث للعراق وهدية العراق للأمة العربية )
ولو عدنا غلى موْ لفات عفلق كلها لانجد فيها كلمة ديمقراطية واحدة . لذلك كان يبارك نظام القمع واللصوصية ويبرر جرائمه وحروبه
وماّسيه التي ذهب ضحيتها ملايين الإبرياء .
لقد دمر النظامان الفاشيان المجتمع المدني ومعالم الحضارة والتقدم وابسطحقوق الإنسان والرأي الاّخر.
د - لم تكن الانظمة الفاشية في ليبيا والسودان وموريتانياأفضل حالا في معاداة الفكر العلمي والديمقراطية وأبسط حقوق الانسان
ه - القاسم المشترك لهذه االأنظمة:والأحزاب الخارجة من مدجنتها العسكرية المخابراتية أو التابعةلها :
1 - العداء حتى الموت للإشتراكية العلميةمع سرقة شعاراتها وتمريغها في الوحل وتشويهها .- حمل أول بيان أصدره البعث في 7 نيسان
1947 شعار محاربة الشيوعية ..
2 - العداء حتى الموت للديمقراطية البرلمانية ودولة القانون والرأي الاّخر وأبسط حقوق الإنسان .
3 – العداء حتىالموت للفكر العلمي وتطوره المستمر لتحرير الإنسان والأوطان واجتثاث أية بادرة فردية أو جماعيةللنهوض العلمي
والتقدم بشكل سافر أو مستتر بشعارات – قومجية وتقدمية كاذبة –
4 - هذه الأنظمةوأحزابها وتوابعها من الأسباب الرئيسية لتمزق وهزال القوى الوطنية الديمقراطيةالعربية عموما ولقوى ما يسمى يسار
عربي خصوصا وابتعادنا عن العلمانية والديمقراطية وحقوق الانسان كل شروق شمس مادامت هذه الأنظمة متربعة على رقاب الناس
بالسوط والمدفع ..
و _ ولم يكن القوميون العرب الذين نشأوا في الجامعة الأمريكية في بيروت والأحزاب والمنظمات المشتقة هذا التيار أحسن حا لا .
لأأ نهم ارتموا في أحضان ديكتاتورية عبد الناصر ثم ديكتاتوريتي البعث في دمشق وبغداد ثم رفعوا راية الماركسية اللينينية التي هبطت
عليهم من السماء مع مساعدات موسكو السخية خصوصا بعد أن ألبسوا القومية جلبابا أحمرا في النظام القبلي في اليمن الجنوبي
ما لبث أن تمزق قبليا والنتيجة معروفة مع النظام الديكتاتوري العسكري والقبلي في صنعاء على أشلاء اّ لاف الضحايا من خيرة شباب اليمن
....سنرى في القسم الثاني رأي الإشتراكية العلمية في الانظمةالعسكرية ومحاولات ترقيع واصلاح أنظمة الاستبداد والظلم.....


القسم الثاني --
رأي روّاد الاشتراكية العلمية بالأنظمة العسكرية التي تدّعي اليسار :

بعد سقوطالكثير من الأحزاب التحريفية والإشتراكية الديمقراطية بالرصاص المغلف بالسكّر الذي أطلقته الديكتاتوريات العسكرية
باسم القومية العربية والوحدة والحرية والإشتراكية أيضا . لابدّ من العودة الى منابع الفكر الإشتراكي العلمي لنرى رأيه في هذة الأنظمة
التي دمّرت المجتمع العربي وحطمت عجلة تطوره وتقدمه ونموّه . ورسخت أقدام الغزو الأمريكي الصهيوني والتبعية والذل والهزائم
من المحيط إلى الخليج ..ليرى الذين صدّقوا بغباء مقولة :الرأسمالية نهاية العالم وقدره المحتوم وأن الماركسية اللينينية شاخت وانتهت
فراحوا يبدّلون وجوههم وأسماءهم وجلودهم بعد سقوط سيدتهم التحريفية السوفياتية ....أقدم رأي الماركسية اللينينية في هذه الأنظمة
وإصلاحها المزعوم ...
قال المعلم لينين : ( إن الجيش الدائم والبيروقراطية طفيليان على جسد المجتمع البورجوازي . طفيليّان ولّد تهما التناقضات الباطنية
التي تمزّق هذا المجتمع . لكنهما طفيليان يسدّ ان كل مساماته الحيوية للتقد م . - الدولة والثورة ص 68 .. )
وسبق لماركس شرح مضمون الإنقلابات العسكرية وأهدافها في تقوية وتوطيد جهاز الدولة البورجوازي القمعي ورأسمالية الد ولة
هذا في أوربا – أما في الوطن العربي والعالم الثالث عموما كان العامل الخارجي مرتبطا عضويا مع العامل الداخلي في معظم الانقلابات
العسكرية بشكل أكثر مأساوية ,, قال ماركس : ( ان جميع الإنقلابات أكملت اّلة الدولة البورجوازية بدلا من تبديلها. وكانت الأحزاب
التي تنازعت السيطرة بالتناوب تعتبر حيازة صرح الدولة الضخم غنيمة باردة للمنتصر .......
في أثناء كل عاصفة برلمانية كانت الصحف البونابرتية تهددد بالإنقلاب وترتفع نبرتها كلما احتدم الصراع على السلطة .....
وفي مجالس السكر والقصف التي كان بونابرت يعقدها ليليا مع رجال ونساء من حثالة الناس وعندما كان ينتصف الليل وجرعات
الخمر تطلق الألسنة وتلهب الخيال .. كان الصباح التالي يحدد موعدا للإنقلاب العسكري .. كانت تسل السيوف وتقرع الكوْوس
ويلقى بنواب البرلمان من النافذة . لتسقط العباءة الإمبراطورية على كتفي بونابرت .. إلى أن تتلاشى الأشباح أمام صباح اّ خر
مرة أخرى – انقلاب اّخر – كارل ماركس – 18 برومير انقلاب لويس نابليون ص 127 ).
ثم لاتلبث تفاحة الشقاق أن تسقط وسط العسكروجهاز الدولة لتضع بذور انقلاب جديد يرث الأجهزة ذاتها ويسخرها نحو المزيد
من النهب والقمع .....
( أقام النظام البورجوازي الدولة في بداية القرن ( الثامن عشر ) حارسا على الملكية العقارية الصغيرة الناشئة توا . وسمّدها بالغار
..ثم ما لبث هذا الحارس أن تحوّل إلى عفريت يمتص دماءها ونخاعها ويلقي بها في القدر الكيماوي لرأس المال .- ص148 )
( وأخيرا إن ذروة الأفكار البونابرتية هيغلبة أهمية الجيش الذي كان قمة السعادة والإعتزاز للفلاحين الصغار يجعل منهم أبطالا
يدافعون عن ممتلكاتهم الجديدة ويمجدون الوحدة القومية التي هبطت عليهم موْخرا . ينهبون الأرض وينفخون فيها غطرسة وتيها
..كانت البزّات العسكرية المزركشة لباسهم وقصيدهم وملكية الأرض التي يضمّخها الخيال كانت وطنهم . ..
بعد ذلك أصبحت قطعة الأرض الصغيرة في سجل الرهون ولم تعد في الوطن . والجيش لم يعد زهرة شباب الفلاّحين
بل زهرةمستنقع حثالة الفلآحين وأصبح يتألف من المجندين البدلاء تماما كما أن بونابرت الثاني ليس سوى بديلا عن نابليون الأول
..وتتجلّى مّا ثره وبطولاته في مطاردة واضطهاد الفلاحين الفقراء والقيام بدور الدركي ..المصدر السابق ص 151 )
أما الرئيس ماو تسي تونغ . وضع القواعد الأساسية لبناء الجيش الشعبي وفق المبدأ التالي :
( إن مبدأناهو أن تقود الدولة والحزب البنادق ولن نسمح أبدا للبنادق أنتوجه الحزب والدولة – قضايا الحرب والستراتيجية )
وأثناء الثورة الثقافية ألغيت الفوارق الطبقية بين الضباط والجنود لدرجة إلغاء حمل الرتب وجميع المظاهرالتي تولد غرورا
وهذا ماطّق في جيش التحرير الفييتنامي إبان الثورة مع مساهمة الجيش في شتّى ميادين الإنتاج .....
وإذا أخذنا فارق الزمان والمكان بين عصر نابليون وعصرنا ولنعد الى الغزو الاستعماري الفرنسي لمصر عام 1802
بقيادة نابليون الأول الذي حمل معه المطبعة والعلماء وفي مقدمتهم شامبليون مكتشف اللغة الهيروغليفية وغير ذلك من الفتح العلمي .
بينما نرى استعمار العسكر الداخلي تحت شعار القومية وضع الثقافة والفكر والطباعة والنشر كلها رهن رقابة البسطار العسكري
والحقد الشوفيني والديني الظلامي الأ كثر وحشية ..
فأي يسار وأية علمية وأية اشتراكية تمثلها هذة الأنظمة ؟؟؟ ومن الطبيعي انهيار هذه الأنظمة البوليسية المعزولة عن الشعب
أمام أية عاصفة خارجية بسرعة انهيار عملاق من طين يقف على رجل واحدة ومثال مصير نظام صدّام ماثل أمامنا .
وهنا يحق لنا استعادة ملاحظة ماركس الشهيرة : ( إن حوادث وشخصيات العالم التاريخية تتكرر مرتين :
الأولى بشكل مأساة والثانية بشكل ملهاة ..)
أما مزاعم هذه الأنظمة وطواقم الأحزاب وسائر المرتزقة والأبواق حولها بأنها اشتراكية وعلمانية حققت الإصلاح الزراعي
وتأميم الصناعة الوطنية بقيادة الدولةالعسكرية ورأسمالية الدولة التي صادرت أبسط الحريات العامة والنقابية وحولت الطبقة العاملة
والفلاحين الفقراء الىاسرى نقابات وروابط مزيفة صنعتها أجهزة المخابرات والقمع أترك تشريحها لرواد الإشتراكية العلمية فيما يلي :
( إن تبديل النظام الرأسمالي باسم الإصلاح القومي وتأميم الصناعة الغرض منه إزالة أورام النظام الرأسمالي العبودي لاأزالته وإقامة
نظام اشتراكي مكانه ...إن فكرة برنشتاين حول اصلاح الملكية الرأسماليةوتحويل الرأسمالي الى مديروالإشتراكية التدريجية وتكييف
الرأسماليىة كما زعم الإصلاحيان برنشتاين وكونراد شميت في المانيا تشبه من يريد تحويل بحرالرأسمالية المر الى بحر اشتراكي
عذب بصب زجاجة من الليموناضة فيه بين حين واّخر – المناضلة الألمانية روزا لوكسمبورغ – إصلاح اجتماعي أم ثورة ص77 )
وسبق لقيصر روسيا أن أصدر قانون اصلاح زراعي مزيف بعد ثورة 1905 وكذلك فعل شاه إيران وديكتاتور اندونيسيا سوهارتو
بعد ذبحه لمليون شيوعي .. وفي عام 1950 صرح شيخ الأمبريالية الأمريكية دالس : إن قانون اصلاح زراعي واحد أفضل لنا
من كل أجهزة المخابرات قي محاربة الشيوعية –
وهذا ما قاله انكلز في كتابه أنتي دوهرنغ ص 235 ( نشأ منذعني بسمارك بملكية الدولة للموْسسات الصناعية نوع من الإشتراكية
المزيفة التي تتفسخ هنا وهناك ...إذاكان استملاك صناعة التبغ من قبل دولة بسمارك هو تدبير اشتراكي فإنه يجب أن نعتبر نابليون
ومترنيخ من موْسسي الإشتراكيةوغذا ما قامت الدول البلجيكية لأسباب سياسية ومالية عادية تماما بتمديدالخطوط الرئيسية للسكك الحديدية
وإذا استولى بسمارك على الخطوط البروسيةالرئيسية في مصلحة الدولة لمجرد تحقيق المزيد من التصرف بها في حالة الحرب
وتحويل مستخدمي السكك الحديديةالى قطيع يقترع الى جانب الحكومةكل هذا لايعتبر تدبيرا اشتراكيابصورة مباشرة أو غير مباشرة
واعية أو غير واعية وإلافإن الشركة البحرية الملكية وصناعة البورسلين الملكية وحتى الخياط العسكري لكل فرقة هي كلها موْسسات
اشتراكية أييضا- وحتىاستلام المواخير من قبل الدولةكما اقترحذلك أحد الكلاب الداهية في عهد فريدريك غليوم الثالث ...)
بعد كل هذا نستطيع القول ان الأنظمة العسكرية العربية لاتمت لليسار الديمقراطي والعلمانية والعلم بصلة بل هي من اسباب ضرب
اليسار الإشتراكي والديمقراطية وانتهاك أبسط حقوق الإنسان العربي ....
والى القسم الثالث من هذه الدراسة لدراسة وضع الأحزاب والتنظيمات العربية مالها وماعليها وإلى أين ...؟؟ - يتبع


القسم الثالث والاْخير

الأحزاب اليسارية العربية :

بعد استبعاد الأنظمة العسكرية والأحزاب التابعة لها وبينها أحزاب تحمل راية الأشتراكية والماركسية من اليسار العربي واعتبارها
من عوامل سحق تيار اليسار العربي الديمقراطي والعلماني لابد من توضيح مسألة في غاية الأهمية هي مسألة النضال القومي الديمقراطي
العربي والكردي ..أن النضال القومي بشكل عام هو مسألة صراع طبقي بين الشعوب المضطهدة والحكومات المضطهدة شريطة
تحرر هذا النضال من العنصرية والشوفينية ...
أعود لموضوعنا الأساسي : لانستطيع وضع اليسار العربي كله في سلّة واحدة بل نستطيع وضع الخطو ط العامة لأحزاب هذا اليسار
وهنا أشبه معظم الدكاكين الحزبية اليسارية بسيارة هرمة تسير كالسلحفاة في شوارع العواصم العربية اعتاد سائقها الضحك على الجماهير
وخداعها بإعطاء اشارة ضوئية على الجهة اليسرى والإنعطاف إلى الجهة اليمنى ظانا نفسه أنه من الشطّار مادام يضع ربطة عنق
حمراء اللون .
1 – الطبيعة الطبقية والإجتماعية لهذة الأحزاب : معظم هذة الأحزاب – مع استثناءات صغيرة – بما فيها الأحزاب الشيوعية
لاتمثل الأكثرية المسحوقة من الشعب صاحبة المصاحة الرئيسية في التحرير من الإستعمار الداخلي والخارجي فالطبقة العاملة
والفلاحين الفقراء لايمثلهم هذا اليسار الإصلاحي المساوم للآنظمة بقيادات من المثقفين البورجوازيين المعزولين عن الشعب
وبأستثناء حزب العمال الشيوعي في تونس والجزائر ومنظمة – إلى الأمام – في المغرب وبعض المنظمات الناشئة في العراق
الجديد . لآيوجد عامل أو فلاح فقير واحد أومثقف ثوري ملتزم بالخطالثوري في قيادات أحزاب اليسار .
2- الديمقراطية البورجوازية البرلمانية : تفتقر معظم أحزاب اليسار لهذة الديمقراطية في بنائها الداخلي ويتمحور كل حزب أو مجموعة
حول شخص أومجموعة صغيرة ( نخبة ) أي شخصنة هذه الأحزاب .رغم أن هذه الديمقراطية أضحت استراتيجية الأحزاب الشيوعية
قبل غيرها أي أصبح النظام البرلماني الرأسمالي مطلبا رئيسيا لليسار كله بعد تنازل الأحزاب الشيوعية العربية عن مبرر وجودها
لبناء الإشتراكية الحقيقية والديمقراطية الإشتراكية التي طمست تماما كأ ن الإشتراكية العلمية معادية للديمقراطية قياسا على التجربة
الستالينية فقط ... رغم أن النظام الجمهوري البرلماني الديمقراطي بقيادة البورجوازية الوطنية يعتبر متقدما مئة عام على الأقل عن
الأنظمة العسكرية الفاشيةوفي طليعتها اليوم أنظمة مبارك والأسد والقذّافي وغيرهم . يبقى النظام الديمقراطي البورجوازي
مرحلة انتقالية نحو الإشتراكية حتمية .....
3 – فقدان الديمقراطي واحترام الرأي الأ خر وعبادة الفرد داخل هذه الأحزاب جعل برامجها مهما كانت متقدمة حبرا على ورق
وحطم أية مبادرة فردية أوجماعية لتصحيح الأخطاء والإنحرافات وبالتالي سيطر القمع الفكري والتنظيمي عليها .
وبإجماع المناضلين الصادقين من أ حزاب اليسار الذين التقيت بهم ووجهت لهم السوْ ال التالي : ماذا لو استلم حزبكم السلطة
الجواب سنفعل ما فعلته الديكتاتوريات العسكرية وأكثر خصوصا أحزاب أيتام المحرفين السوفييت في هذه الاْ يام ......
4 - لم تحقق هذه الآْ حزاب أية حقوق أساسية للمرأة رغم شعارات المساواة والعدالة وباستثناء احزاب المغرب العربي الشيوعية
فالمرأة غير ممثلة في هذه الأحزاب ولايزال بعض القادة المحسوبين على هذا اليسار يضطهدون نساءهم ويمنعوهن من أي نشاط
سياسي أو اجتماعي .حرصا على التراث الديني العبودي .
5 أحزاب اليسار العربي عموما أحزاب إصلاحية غير ثورية مع استثناءات صغيرة برزت في السبعينات في العراق وفلسطين
وسورية وظفار والمغرب تاّمر الجميع مع الأنظمة لإجهاض هذه البواكير الثورية .....
ومادامت هذه الأحزاب إصلاحية لاتطمح للاستيلاء على السلطة بإرادة الجماهير إذا اقتنعت ببرامجها وممارستها فهي في المفهوم
العلمي تساوى صفرا . . قد تكون موْهلة لنضال برلماني بورجوازي لاغير وهذا مفقود في الوطن العربي الاّن ....
6 - التبعية للخارج أو لأنظمة القمع العربية : لذلك فقدت الأحزاب التابعةوالممولة من موسكو أو صدّام أو القذافي ..الخ
مصداقيتها وارتباطها بأرضها وشعبها .. ومما يثير الحزن والألم روْ ية عدد من الشيوعيين السوريين والاْردنيين واللبنانيين
وغيرهم يتباكوا على كوبونات صدام مع أتباعه في بيروت بإسم ( نصرة الشعب العراقي )
7 - بعد تدمير الصراع الطبقي وإغتيال موْسساته وقياداته في النقابات والأحزاب وتدمير الطبقة الوسطى في معظم الاْقطار العربية

تحول انشطار المجتمعات أومعظمها من انشطار أفقي طبقي صراعي إلى انشطار شاقولي طائفي ديني أو عشائري أو إثني
ولم تسلم الأحزاب العربية من هذا الإنشطار القمعي ليزيد من شرذمتها وتمزقها ..
8 - لم تتحرر هذه الاْ حزاب من الفكر الطائفي الديني ومن التراث الظلامي للمقدس الديني الأسطوري ينعكس ذلك في الممارسة
والاْخلاق الإجتماعية الفردية والجماعية ... ومن الموْسف أن هذه الاْحزاب التي تدعي اليسار سواء كانت في السلطة أو المعارضة
لم تجروْ على طرح : فصل الدين عن الدولة قبل كل شيْ - إلغاء قانون الأحوال الشخصية المستند على التمييز العنصري الديني
ضد المرأة في الميراث والزواج والطلاق ...الخ وإلغاء قوانين الطوائف الخاصة ( الصادرة عن المفوض السامي الفرنسي في
سورية ولبنان . كمثال فقط ) وإصدار قانون زواج مدني وأحوال شخصية موحد يحترم حق المواطنة للجميع ويوحد الأمة .
هذا غيض من فيض من أسباب هزال اليسار العربي وتشتته حتى أضحى استمراره في المعارضات الهزيلة يشكل صمام أمان
لاْ نظمة القمع والعمالة التي تنفذ املاءات أمريكا وإسرائيل بامتياز.....
وفي النهاية لابد من نهوض جماهيري وطنى وديمقراطي وعلمانى متحرر من عقد الماضي الظلامي يفرز أحزابا جديدة من صفوفه
يمدها الشعب بنسغ الحياة نحو التحرر والإنعتاق ......مع الإحترام والتقديرلكل من ساهم في هذا الملف

المحامي : جريس الهامس
ْ