هوامش على دفتر الأزمة


إلهامي الميرغني
2004 / 9 / 15 - 10:43     

يابلاد رمتنا للآسي والموات
ما عدش حتى للسكوت طعمه
لأننا بنموت في نفس اللحظة مية مرة
أمتي الرجال الناشفة تنفض خوفها
وتقف تكتل صفوفها
كفي أضمه لكفوفها
نهد ونقيم من جديد
بلاد بلا سجن وبلا جلاد
بلاد بلا سادة وعبيد
محمد سيف

منذ نشأت الحركة الشيوعية المصرية الثالثة في منتصف السبعينات وحتى الآن كتبت عشرات الدراسات ومئات المقالات حول أزمة اليسار بدأت مع انتفاضة يناير 1977 وزيارة السادات للقدس ، ثم امتدت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وحتى الآن. ورغم أنني كنت أفاخر بالوثيقة التي كتبها شيوعي مصري ( ضد التحريفية السوفيتية وضد الجمود العقائدي الصيني ) إلا أن تداعيات انهيار التجارب الاشتراكية وطبيعة التغيرات في الصين علي كافة المنظمات الشيوعية في مصر لا تزال مستمرة رغم بعض الإرهاصات التي تحدث هنا وهناك وكأن ما حدث جاء مفاجأة لم نكن نتوقعها على عكس مجمل توجهات المنظمات الراديكالية وموقفها من الاتحاد السوفيتي منذ البداية.
إننا نتحدث كثيرا عن الأزمة والعزلة وضرورة الارتباط بالطبقة العاملة والطبقات الكادحة ولا نفعل شيئاً أكثر من ذلك وتتزايد عزلتنا ونهلل للعفوية ونفرح بالمظاهرات العشرية ( التي لا تتجاوز بضع عشرات ) ونفقد صوابنا إذا رأينا الآلاف كما حدث في عشرين مارس ومن قبل ذلك في 18 و19 يناير ويدعي البعض أن ذلك بتأثير وجودنا وان الجماهير تنتظر خلف الشبابيك والأبواب في انتظار اليسار وما أن يخرج منادي اليسار ليهتف " عايزين حكومة حرة العيشة بقت مرة " حتى تتدفق الجماهير بالملايين خلف قيادتنا الرشيدة !!! ألا يعد ذلك نوع من المرض النفسي اليساري الذي يحتاج إلى علاج جذري.

لقد كنت مهموماً منذ نعومة أظفاري الثورية بقضية نفوذ اليسار ودوره في الشارع السياسي في مصر وكنت أتعجب كيف استطاعت صحافة اليسار في الأربعينات مثل الجماهير والضمير أن توزع عشرات الآلاف من النسخ في وقت لم يتعدى سكان مصر عشرين مليون وكان هناك استعمار وملك فاسد ، بينما لم تتجاوز توزيعات صحف اليسار في السبعينات بضع مئات في أوج ازدهار اليسار بمختلف فصائله وفى الوقت الذي تضاعف فيه عدد سكان مصر ، وكنت أفكر ما هو سبب العزلة :التكوين الذاتي لليسار ، أم الظروف الموضوعية المحلية والإقليمية والدولية ، أم الأثنين معاً.
وكنت أتعجب كيف استطاعت الحركة العمالية في الثلاثينات والأربعينات وفي ظل سيطرة رأس المال الأجنبي أن تخلق قادة عماليين انضموا لصفوف الحركة الشيوعية ولا زالوا مستمرين بالعطاء في طليعة النضال العمالي والثوري حتى عام 2004 رغم تجاوز بعضهم ـ متعهم الله بالصحة ـ لسن الثمانين ، كيف أن عطية الصيرفي و طه سعد عثمان وفتح الله محروس وسيد ندا لازالوا ممسكين برؤوسهم رغم تقدم العمر وانهيار الاتحاد السوفيتي وغياب القطاع العام ولا يزالون أكثر راديكالية من الكثير من جيل الشباب ، ولولا ظهور جيل ثاني من " شباب العمال " مثل الزملاء صابر بركات وحمدي حسين ومحمد عبد السلام البربري واحمد الصياد الذين اكتسبوا الوعي الطبقي في ظل القطاع العام واختاروا الطريق الصعب فكانوا وبحق خير خلف لخير سلف لكنا أمام انقطاع تام للقيادات العمالية بين الأجيال المتعاقبة وبعد ذلك لا نجد قيادات عمالية شابة تنضم لصفوف اليسار وبما يعمق الأزمة.
كيف يمتلك اليسار المصري ذخيرة كبيرة من المفكرين والمنظرين وليست له مجلة واحدة تعكس ذلك الوجود ، كيف ضاعت جهود هؤلاء المفكرين أمام المزايدات القومية والإسلامية ، وكيف نخرج من الأزمة ، وهل لازالت هناك فرصة أمام جيلنا ليفعل شئ قبل أن يوارى الثري . ووجدت أن أزمة اليسار وعزلته موضوع يحتاج إلى عدة ندوات والى تضافر كافة جهود اليسار من أجل تجاوز الأزمة والتحول إلى الفعل والفعالية السياسية التي تتناسب وقدراتنا الحقيقية المعطلة.ونظرا لضخامة المشكلة فقد رأيت أن اكتفي ببضع هوامش على دفتر الأزمة لعلها تفيد في تحفيز الزملاء على الاشتباك مع هذه القضية كل من واقع خبرته ووجهة نظره. ووجدت ثلاث محاور للمناقشة هي:
 مشاكل فكرية وسياسية.
 مشاكل وسائل الاتصال والتواصل.
 مشاكل الرموز اليسارية.
وسأعرض باختصار لأهم النقاط المطروحة تحت كل عنوان :



1 ـ المشاكل الفكرية والسياسية
يوجد الكثير من القضايا والمشاكل الفكرية والسياسية التي تعمق من عزلة اليسار ومنها:
1 ـ قضية الهوية الفكرية وهل هويتنا اشتراكية أم لدينا طرح آخر ، وما هي مرجعيتنا الفكرية ؟ وما هي الجوانب التي نتمسك بها من الماركسية وما هي الجوانب التي نعيد تقيمها؟إن تحديد وجهتنا الرئيسية ومنهجيتنا الفكرية ستعيد لنا الهوية وتوضح التخوم التي تفصل بيننا وبين الفصائل الفكرية الأخرى.
2 ـ عدم تحديد التخوم الواضحة بين الخطاب السياسي لليسار وبين الخطاب السياسي للقوى القومية والإسلامية والموقف من التنسيق مع هذه القوي مع الحفاظ على التمايز اليساري.
3ـ تأثير الصراع العربي الإسرائيلي على العمل السياسي لليسار واستغراق اليسار في القضية الوطنية على حساب باقي القضايا الأخرى ، ثم جاء احتلال العراق ليعمق المشكلة الوطنية ويجعل العديد من فصائل اليسار يضعها على جدول اولوياته بينما يتراجع الاهتمام بالقضايا الاجتماعية.
4 ـ مرور أكثر من خمسين سنة طوارئ وانعكاس ذلك على الشارع السياسي فيما يسمي العزوف عن المشاركة السياسية والتي تزايدت مع ازدياد البطش والاضطهاد البوليسي من ناحية وارتفاع القيم الفردية والأنانية من ناحية أخري واحتدام الصراع من اجل توفير ضرورات الحياة من ناحية ثالثة. ولعل المتابع لأعداد المصوتين في الانتخابات العامة يدرك المأساة التي نعيشها ، ونفس الوضع ينطبق على انتخابات النقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية.وهو ما يحتاج إلى جهود مضنية لاستعادة الروح والثقة من خلال أعمال بسيطة وصغيرة يراها البعض إصلاحية !!قبل طرح القضايا الكبرى. كما أن ارتفاع القيم الفردية وحمي الاستهلاك الترفي وتراجع الفعل الجماعي والعمل الجماعي حتى في ادني صوره مثل الأعمال الخدمية والبيئية والبعد عن المشاركة في أدنى أشكال الحركة مثل مجالس الأباء واتحادات الملاك والجمعيات الخيرية التي يديرها مجلس الإدارة فقط وباقي الأعضاء مغيبين ، وربما يختزل المجلس في شخص الرئيس مبعدا الجموع عن المشاركة الفاعلة. ولن نتكلم عن الأحزاب السياسية كشكل أرقى للتنظيم والعمل.
5 ـ مشكلة العولمة ووضع الرأسمالية المتوحشة وسيطرتها على العالم وصعود الليبرالية الجديدة التي أعادت العالم لعصر الغزو العسكري ، علينا أن نحدد كيف يمكن بناء نظام مستقل اقتصادياً وسياسياً في ظل التبعية واحتكار المعرفة وسيطرة الشركات الدولية والتحكم في السوق العالمي ، وما هي دوائر التحالفات القريبة التي ينبغي لنا أن نركز عليها.
6 ـ رغم أن اليسار كان على طول التاريخ صاحب الرؤية الشاملة والبديل المتكامل إلا إننا وخلال السنوات الأخيرة نعاني من غياب الرؤية الشاملة وما هو شكل المجتمع البديل الذي نريده ؟!!! فقد يراه البعض رأسمالي معدل أو مطور أو محسن بينما يراه الآخرين اشتراكي من نوع جديد . والمشكلة أن اليسار على اختلاف تلاوينه لا يملك بديل متكامل يطرحه كبديل لما هو قائم.وبينما يتحدث جميع اليساريين عن التغيير الشامل ، لا يطرح أي منهم شكل هذا التغيير ومحتواه الطبقي.
7 ـ استطاعت الرأسمالية التابعة على مدى العقود الثلاثة الماضية أن تدمر هيكل الإنتاج المصري لتفسح المجال لمزيد من التبعية للشركات الدولية النشاط التي تدير الاقتصاد العالمي وبحيث لم تعد لدينا زراعة أو صناعة بالمعنى المتعارف عليه وبحيث يمكن تنميتها وتطويرها ، بل أصبح لدينا كيان اقتصادي مشوه يحتاج إلى طرح رؤية واضحة لعلاجه وتجاوزه ، وطرح رؤية واضحة للتنمية المستقبلية في مصر معتمدة على تنمية القطاعات الإنتاجية وعلاج الخلل الهيكلي بها.على اليسار أن يحدد موقف واضح من الرأسمالية المصرية وهل سيكون لها دور في عملية التنمية المستقبلية أم لا؟!فالبعض يسعى للتحالف مع الليبرالية المصرية والبعض يتحدث عن دور للرأسمالية المصرية وأنها تعاني في ظل التبعية وهي صاحبة مصلحة في تطوير الهيكل الإنتاجي والبعض يرى التنمية على أنقاض الرأسمالية بكافة فصائلها وأجنحتها. إننا بحاجة لوضع تصور لكيفية تطوير قطاعي الصناعة والزراعة في ظل المتغيرات العالمية وضغوط منظمة التجارة والشركات الدولية وبدون ذلك سنظل أسري الأزمة والعزلة .
8 ـ لقد تغير دور الطبقة العاملة في ظل العولمة وفى ظل دخول عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ورغم ذلك لا يزال اليسار المصري متمسك بنفس الأطروحات القديمة عن الطبقة العاملة ودورها الريادي ، بينما الواقع تغير كثيرا وأصبح في حاجة إلى إعادة دراسة لتحديد من هي الطبقة أو الطبقات صاحبة المصلحة في التغيير الراديكالي وكيف يمكن بناء حلف طبقي من أجل التغيير له رؤية واضحة تجاه المستقبل.وكيف نربط بين تطوير التقنية وتخفيض البطالة ، وكيف نحتاج إلى تطوير كيفي في العمالة الموجودة حتى لا تفقد وظائفها بفعل التطورات التقنية ودخول الحاسبات الآلية والأجهزة الاليكترونية.
9 ـ كثر الحديث عن الإصلاح السياسي وطرحت عدة مبادرات للإصلاح ولكن لا يزال اليسار خارج الاشتباك مع هذه المبادرات ، ويعتبر البعض أنه غير معني بها ، بينما يسعى البعض لطرح قضايا جزئية من أجل حفز وتجميع الجهود مثل التركيز على قضايا مثل تغيير الدستور أو عدم توريث الحكم أوعدم التجديد لمبارك وكلها قضايا هامة ولكنها تركز على جانب واحد فقط تراه الجانب الرئيسي وهى قضية تحتاج لنقاش واتفاق وتوضيح. لقد بذلت بعض قوي اليسار جهود رائعة في قضايا التعذيب ومصادرة الحريات العامة . ولكن لازالت معظم قوي اليسار عازفة عن المشاركة بانتظار شعار اكبر . ولازالت قضايا الجمعية التأسيسية والجمهورية البرلمانية والجمهورية الديمقراطية والمجالس العمالية هي نفس البدائل المطروحة على اليسار منذ منتصف السبعينات وحتى الآن.
10 ـ على مدى تاريخ اليسار كانت هناك فصائل وأجنحة تطلع للحكم وتهتم بالتغيرات في قمة السلطة وتبحث لها عن مكان تشارك فيه بالسلطة ، ولقد أتضح ذلك خلال دعوة الحزب الوطني للحوار مع بعض قوي المعارضة ، ثم على دور السيد جمال مبارك ولجنة السياسات ونوعية التغيير الذي يقوده وموقفنا منه . فكيف تكون فاعلية اليسار وقياداته مفككة ليس لها موقف موحد تجاه هذه القضية .
11 ـ شكل قيام منظمات المجتمع المدني خطوة هامة على طريق التطور منذ التسعينات وحتى الآن ، ونظرا لكون العديد من هذه المنظمات تأسست من عناصر شيوعية سابقة ، ورغم الدور الهام والايجابي الذي لعبته بعض هذه المنظمات ، واستيعابها لجزء من طاقات اليسار المصري ، إلا أنها ليست بديل عن الحزب ولا يجب أن نتعامل معها كأحزاب فنحملها أكثر من طاقاتها.ولا يجب أن نتجاهل وجودها بدعوى ( أبعد عن الدعم وغنيله ) أو ( الباب اللي يجيلك منه التمويل ... سده يا زميل ) بل يجب أن نتعامل بموضوعية مع هذه المنظمات بعيداً عن ادعاءات الطهارة وقذف الآخرين بالعمالة . اليسار هو صاحب التقييم الموضوعي وليس صاحب التشهير والتشنجات.فكيف تكون لنا رؤية محددة للتعامل مع هذه المنظمات ودعمها والاستفادة من وجودها.
12 ـ تشكل قضية وحدة اليسار بكافة فصائله أحد مظاهر العزلة وتعميق الأزمة ، ولعل المحاولات التي شهدتها الساحة خلال السنوات الأخيرة مؤشر ايجابي ، خاصة ملتقي اليسار وحركة 20 مارس كمبادرات راديكالية وإن كان التوسيع فيها يقلل من فعاليتها ومدي تقدمها في بلورة آليات مناسبة لتجاوز الأزمة من خلال توسيع مفهوم اليسار.
هذه نماذج لبعض القضايا الفكرية والسياسية التي تشغل اليسار وتؤدي إلى تجذير العزلة وانحسار النفوذ اليساري.

2 ـ مشاكل وسائل الاتصال والتواصل
يفترض أن اليساري هو التقدمي وهو الذي يسعى للتواصل بأحدث الوسائل والأساليب الحديثة مع بعضه البعض ومع جماهيره. والمشكلة التي تسبب وتؤبد عزلة اليسار تعود إلى عنصرين هما:
مضمون الخطاب اليساري
حيث لا يزال اليسار يعتمد خطاب موجه للنخب السياسية والثقافية وبعيد عن رجل الشارع .ولا تزال القضية الوطنية والقضايا الكبرى هي الشغل الشاغل لنا بينما القضايا الحياتية أو ما يعرف بهموم رجل الشارع بعيدة تماماً عن الخطاب اليساري الذي يتحدث دائماً عن القضايا الكبرى ، حتى قضية الديمقراطية نهتم بقضية التوريث وتغيير الدستور والنظام الرئاسي وهي جميعا قضايا هامة ورئيسية ولكنها نتيجة الاستبداد السياسي ومرور نصف قرن من الطوارئ أصبحت تخرج عن اهتمامات رجل الشارع العادي الذي يخشى الخوض فيها بمنطق ( خلينا نأكل عيش ) ، وواجب اليسار هو الربط بين قضايا التبعية والديمقراطية والواقع الاقتصادي من خلال قضايا صغيرة يمكن بها تدرج الوعي وتنميته وتطويره ، بدلاً من الشعارات الكبرى التي تجعل الخطاب اليساري أشبه بالنكتة التي أطلقها الممثل الكوميدي يونس شلبي في مسرحية مدرسة المشاغبين ( إنجليزي ده يا مرسي ) !!!
كيف نستطيع تطوير الوعي السياسي للجموع العريضة ؟! كيف نستطيع محو الأمية السياسية حتى بين خريجي الجامعات ؟! كيف نبسط أساليب حوارنا حتى تصل للجموع وتتفاعل معها ؟! كيف يدرك رجل الشارع إننا نتبنى قضاياه وإننا نتحدث لغته ولا نتعالى عليه ؟! كيف يعرف رجل الشارع أنه لن يجد العيش الحاف ليأكله بسبب هذه الرأسمالية التابعة هذه هي المعضلة !!!ألا يجب أن تراعي الرسالة اليسارية طبيعة المتلقي وخلفيته الطبقية بحيث تتنوع باختلاف المتلقي ؟! هل يصح أن يضع عامل في برنامجه الانتخابي مناصرة ثوار ظفار أو يضع طالب ضمن برنامجه الانتخابي رفض خطة فك الارتباط الثاني أو إسقاط حكم السادات كما كان يحدث في السبعينات.ألا يجب أن يتنوع الخطاب اليساري بتغير الشرائح والفئات التي نتحرك بينها؟!!هل يجب أن نطرح كامل البرنامج الوطني الديمقراطي في كل مناسبة ؟! أليس لكل مقام مقال دون أن نتراجع أو نخفى كامل توجهاتنا ودون أن نتنازل عن معتقداتنا وقناعتنا؟!

وسائل الاتصال
يصر اليسار حتى الآن على استخدام نفس الآليات والأساليب التي كانت تستخدم أيام الثورة البلشفية !!( السُنة اليساريين ) . أليس بالغريب أن يطرح البعض من مراكز اليسار المستقل في عام 2004 أنه توجد ضرورة لوجود مجلة نظرية ومجلة جماهيرية بنفس مفاهيم الأحزاب السرية وهل هذه أفضل وسيلة للتواصل مع جماهيرنا.
الأ يجدر بنا بعد كل هذا التاريخ أن نفكر بإصدار صحف جماهيرية علنية أسبوعية أو يومية بل أن نفكر في عمل قناة تليفزيونية فضائية ، هل نحن تقدميون أم سلفيون يساريون !!! هل يعقل أن تكون صحف حزب التجمع هي المعبر العلني الوحيد عن مختلف شرائح اليسار وهى المحدودة التوزيع والتي تعزف حتى جماهير اليسار عن متابعتها لأسباب متفاوتة.
ألا يجدر بنا زيادة الاهتمام بالانترنت كوسيلة ضمن وسائل دعايتنا وتحريضنا أم إننا نعتبرها صناعة إمبريالية لا يجب استخدامها وتدخل ضمن المقاطعة !!!
إن علينا مواكبة ثورة الاتصالات وتكنولوجية المعلومات بتطوير وسائل الاتصال الجماهيري إلى الصحف والمجلات العلنية واسعة الانتشار ومواقع الإنترنت المتنوعة بل والقنوات التليفزيونية الفضائية وبدون ذلك سنصبح مثل مخلفات العصور السحيقة ويضعون صورنا في المتاحف لكي تشاهد الأجيال الشابة صورة لزعيم يساري منقرض عاش في مصر المحروسة في مطلع القرن العشرين وكان أليف يحب الناس ويدافع عن مصالحهم ومات معزولا ومقهوراً !!!

3 ـ مشاكل الرموز اليسارية
لدينا مشكلة تعمق العزلة وهي أن غالبية كوادر الحركة الثالثة جاءت من صفوف الحركة الطلابية وكانوا قادة طلابيين .ولكن بعد تخرجهم من الجامعة لم يصبحوا زعماء في مواقع عملهم أو سكنهم أو في نقاباتهم المهنية . وهى مشكلة تزيد العزلة وتعمقها.وينبغي علينا البحث عن حلول لمواجهتها.
ولكن لدينا عدد لا بأس به من القادة الميدانيين الذين ينبغي علينا الاهتمام بهم وتطويرهم ، وإبرازهم في مختلف وسائل إعلامنا بدلاً من التركيز على حفنة من القادة السياسيين فقط .
إننا نعيش عصر صناعة الرأي العام وصياغته ولذلك علينا انتقاء أفضل عناصرنا وتأهيلهم وإعدادهم وتلميعهم كقادة قادرين على التعبير عن رؤية اليسار وتقديم نماذج وقدوة تلتف من حولهم الجموع . هؤلاء القادة لابد أن يكون لديهم حد ادني من مقومات الزعامة قبل أن نطرحهم كممثلين لنا.يجب أن نبتعد عن الرموز التي أكلت على كل الموائد والرموز الفاسدة ، يجب أن نطرح قادة قادرين أن يكونوا بلورات ثورية كل في موقعه.وفى كل نشاط يكون لدينا عدة صفوف من القادة القادرين على تولى القيادة بحيث لا نقع في مأزق حين نسعى لطرح قوائم انتخابية يسارية نضطر لإستكما لها بعناصر سيئة أو غير موثوق بها.

إن عزلة اليسار وأزمته قضية ذات شجون وعلينا أن نتكاتف جميعاً لمواجهتها وتجاوزها بمنطق (كلنا أيد واحدة يا بهجت ) وليس من خلال تصدي كل فرقة وكل مجموعة بمفردها لتجاوز العزلة . إن اليسار يملك طاقات وإمكانيات كبيرة وخلاقة وقادرة على التغيير وقيادة الوطن نحو مستقبل أفضل تكون فيه مصر مستقلة ذات اقتصاد قوى ونظام ديمقراطي يحقق العدالة التي ننشدها جميعاً.فمن هنا نبدأ .