كلمة حول نداء منتسبي شركة مصافي الجنوب للحصول على مطالبهم..


نادية محمود
2010 / 2 / 8 - 19:17     

وصلت الينا نسخة من نداء استغاثة كادر ومتسبي شركة مصافي الجنوب في الـ 27من شهر كانون الثاني الجاري تحمل اعتراضاتها ورفضها لقرارات الادارة التي يصفها النداء بانها "ادارة بعثية" بقيامها بالتنزيلات الوظيفية للمنتسبين، وعدم منحهم مستحقات الساعات الاضافية، والسعي لمنع الحصة التموينية عنهم، ومن ثم نداءهم لالغاء التمييز في التعيينات على اساس الوساطات والعلاقات العائلية والعشائرية. ويتوجه النداء الى محافظ البصرة ونائبيه ومجلس المحافظة، هيئة النزاهة وهيئة المسائلة والعدالة بالسعي لتحصيل حقوقهم لهم. وبخلافه فانهم سيقومون بالاضرابات والاعتصامات. والهدف في نهاية النداء هو: ارجاع العملية الانتاجية الى مسارها الصحيح. ثانيا ان لا يكونوا لقمة سائغة للبعثيين والانتهازيين.

ان اعتراضات العمال في شركة مصافي الجنوب لهي مطاليب حقة ومشروعة. ويتقاسم العمال في العديد من الشركات في عموم العراق هذه المطالب بدرجة تزيد او تقل وعلى اختلاف الأدارات المتواجدة في الشركات والمصانع وعلى اختلاف الاحزاب التي تقف خلف تلك الادارات.

ان البعثيين لم يغادروا الساحة قط بعد سقوط حزبهم. بل مضوا وبسرعة الى تكييف وأقلمة انفسهم مع المتغيرات الجديدة. خلعوا زيهم العسكري البعثي وارتدوا حلة الاسلام السياسي الشيعي في الجنوب، ووضعوا المحابس الاسلامية في اصابعهم، وهم يديمون نفس السياسة السابقة المناهضة للعمال والموظفين، وسجل اعمالهم في اضطهاد العمال وفي التعيين على اساس الوساطات والهجمة على حقوق العمال سجل اسود. وحكومة المالكي تكافئهم على ذلك بالحفاظ على قوانينهم وخاصة المتعلقة بحقوق العمال، فهي وان تدعي انها تسعى الى اجتثات البعث الا انها حريصة كل الحرص على تطبيق قوانينه.

ان ما يلفت الانتباه - مع اخذ الاعتبار باهمية وحقانية المطاليب التي يرفعها منتسبو مصافي الجنوب في ندائهم-، هو الموقع الذي ينطلق منه النداء باستغاثته بالمحافظ ونائبيه وهيئات النزاهة والمسائلة والعدالة. ان هذه الاستغاثة تظهر حقيقيتين:

الاولى هي ان مصافي الجنوب تعلق امالا على احزاب الاسلام السياسي، التي يمثلها محافظ البصرة ومعاونيه للاتيان لهم بحقوقهم، وكأن المذكورين هم في جبهة واحدة مع العمال وحقوق العمال. والحال، ان احزاب الاسلام السياسي حالها حال البعث في اضطهاد العمال وفي الوقوف ضد مصالحهم. الى اية جهة ينتمي حسين الشهرستاني الذي اصدر اوامره بطرد العمال ونقل العمال المعترضين على قانون النفط والغاز من مدنهم الى مدن اخرى، الا ينتمي الى احزاب الاسلام السياسي؟

ان مطلب منتسبي المصافي يجب ان يذهب الى ابعد من الاكتفاء بطرد الادارة البعثية بل والمطالبة بان يكون للعمال كلمة وصوتا مسموعا وحرا وبعيدا عن كل تهديدات وبشكل مستقل في اختيار الادارات. ان يمضي النداء الى تثبيت مطاليبهم الاربعة في عدم وقف الحصة التموينية، وعدم اجراء التنزيلات الوظيفية، ودفع اجور ساعات العمل الاضافية، وفرص التعيين متساوية للجميع بغض النظر عن اية انتماءات حزبية، كائنا ماكانت الادارة، وكائنا ما كان الحزب السياسي الذي يقف خلفها.

منذ متى كان العمال يحصلون على حقوقهم بالاستناد الى احزاب السلطة الراسمالية الحاكمة؟ الاحزاب التي لها يد و ضليعه كل الضلوع بكل ما يجري للعمال والمجتمع؟ من سيكلف نفسه عناء النضال نيابة عن ألعمال ليعطيهم حقوقهم "كاملة مكملة". ان هذا لم يحدث في تاريخ البشرية. وكل من يعتقد ان هنالك من يقوم بالنضال بالنيابة عن الطبقة العاملة غير العمال انفسهم وبايديهم لهو في توهم كبير.

الحقيقة الثانية: هي ان تاريخ الحركة العمالية في العراق اجاب على هذا الامر بتجربة العمال الحية والمخضبة بالدماء. ان اضرابات عمال النفط في كاورباغي في كركوك عام 1946 لم تكن لمطاليب اقل من التي يرفعها عمال المصافي اليوم (زيادة ألاجور، تهيئة دور السكن، وتوفير وسائط لنقل العمال من المدينة الى الشركة وبالعكس، الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي ضد المرض والعجز واصابات العمل، إيقاف الطرد الكيفي، حق التنظيم النقابي وتحسين ظروف العمل) ومع هذا نالوا حقوقهم بعد ان تضرج نضالهم بالدماء.

لقد سيطر عمال النفط على مفاتيح ضخ النفط ومحطات توزيع البانزين مما اضطر المسؤولون البريطانيون الى طلب حتى وقود سياراتهم من لجنة الاضراب وبموافقات مكتوبة والتي اطلقوا عليها- حكومة شنور عودة قائد لجنة الاضراب- وحشد العمال دعم أهالي المدن والقرى المحيطة معهم، وعلى اختلاف قومياتهم واديانهم. وقالوا: النفط تحت اشراف لجنة الاضراب، الى ان انتزعوا مطاليبهم.

اما النقطة الاخيرة التي ينتهي اليه النداء هو ان الهدف ارجاع العملية الانتاجية الى مسارها الصحيح، وان لا يكونوا لقمة سائغة للبعثيين والانتهازيين. لم يتوقف العراق قط عن ضخ النفط الى الخارج، ولم تتوقف العملية الانتاجية، ولطالما قيل على لسان قادة اتحادات النفط ان العملية الانتاجية سائرة على قدم وساق وان انتاج النفط لم يتأثر. السؤال هو ما المقصود بالمسار الصحيح في المقام الاول؟ هل المقصود الانتاج؟ ام المقصود التوزيع؟ ولمن ستذهب فوائد العملية الانتاجية التي يراد ارجاعها الى مسارها الصحيح؟

لا يمكن ان يكون ذلك باللجوء الى من هم في السلطة، لانهم هم من يسرقون ثرواتنا ويكدسونها في حساباتهم الشخصية، وعلى اختلاف انتماءاتهم الحزبية. ان ما نريده ليس اعادة الانتاج الى مساره الصحيح بل توزيع الانتاج بشكل صحيح وبشكل عادل. وان نضع اجوبتنا على الاسئلة التالية: لمصلحة من ننتج؟ ولمصلحة من نصدر؟ ومن ياخذ اموال النفط الذي نضخ؟ واين تذهب المليارات؟ وكيف يمكن لنا ان نعيد الية التوزيع بشكل عادل؟ باية وسائل؟ وما العمل لتحقيق ذلك؟ هذه هي الاسئلة التي على عمال النفط ان ينظروا فيها وان يكون لهم فيها قولا وفعلا من اجل ان تاخذ الامور مجرى صحيح.