مرة اخرى- حول المؤتمر العمالي و رد الرفيق فلاح علوان - الحلقة الثانية


نادية محمود
2009 / 1 / 9 - 09:50     

استكمالا للحلقة الاولى من ردي على رد الرفيق فلاح علوان حول المؤتمر العمالي المزمع عقده في اربيل من قبل عدد من الاتحادات العمالية العراقية و بمساندة عدد من الاتحادات العمالية العالمية، وموقف الرفيق فلاح علوان من هذا المؤتمر. اديم في هذه الحلقة بعض من الملاحظات التي تتوجب الاشارة اليها.

بعد ان خلصنا في الحلقة الاولى الى مؤتمر حرية العراق، باعتباره منظمة جماهيرية، تسعى لان تكون حاضنة لكل الحركات الاجتماعية، العمالية و غير العمالية، و انها بهذا المعنى لا تشكل خطرا على الحركة العمالية باعتبارها " شعبوية" كما يصفها الرفيق فلاح، الذي كان يدافع مع عدد اخر من الرفاق على ضرورة ان يحتل القادة العماليين و الجماهيريين مكانا اكبر في مؤتمر حرية العراق في احاديث ترددت كثيرا في عام 2006، بل بالعكس انها تقوم بعمل من صلب اعمالها.

فان الاقرار الثاني من الرفيق فلاح بان مؤتمر حرية العراق "يسد الطريق على الحزب السياسي للطبقة العاملة للعب دوره في قيادة العمال باتجاه الأهداف العليا لهم كطبقة"، يستوجب التمعن فيه.

1-هل يسد مؤتمر حرية العراق الطريق على حزب سياسي؟

من كبل اذرع "الحزب السياسي للطبقة" بالاغلال ليمنعه المؤتمر من "لعب دوره في قيادة العمال باتجاه الأهداف العليا لهم كطبقة"؟ من كبل ايديك ايها الرفيق فلاح و انت كنت عضوا قياديا في الحزب، في مكتبه السياسي و في لجنته المركزية في وقتها من قيادة العمال باتجاه الاهداف العليا للطبقة. من كبل اياديك و انت كادرا في صفوف الحزب الان من القيام بهذا العمل؟" يا لبؤس هذا الحزب السياسي للطبقة، الذي يتمكن مؤتمر حرية العراق، كمنظمة جماهيرية، و ليس- سلطة سياسية- لا تملك لا معتقلات، و لا قوات مسلحة، و لا حكومة، و لا اعضاء بمئات الالاف من ان تسد الطريق على الحزب في قيادة الطبقة العاملة؟

ان الميدان مفتوح على مصراعية امام الحزب السياسي للطبقة العاملة للعب دوره السياسي. و هل هذا الحزب السياسي للطبقة على هذه الدرجة من الضعف، يكفي لمنظمة، كانت مشروعا من مشاريعه- ان تسد الطريق عليه للعب دوره في قيادة العمال؟ ان هذا التصوير لايتضمن اخلاص للحزب، بل على العكس تقليل من شان الحزب. ان الحزب الشيوعي العمالي هو اكبر من هذا بكثير، اكثر سياسية واجتماعية وقدرة من هذا.

ان سياسة الحزب الرسمية التي اعلنها الحزب الشيوعي العمالي العراقي في مؤتمره الرابع و في جلسة اجتماع اللجنة المركزية الموسع المنعقدة بعد ذلك هي ((يساند الحزب الشيوعي العمالي العراقي ويساعد بالشكل المناسب في كل مساعي قادة وناشطي الحركات الجماهيرية لتشكيل هذا النوع من المنظمات التي تتطابق وتنسجم مع أحد ميادين نشاط وبرنامج وسياسة الحزب. هذه المساندة والمساعدة تكون قائمة مادامت الممارسة السياسية والتنظيمية للمنظمة لا تقع في تناقض جوهري مع أصول الحزب)).
http://www.wpiraq.net/arabic/tekst/hzb/010708.htm

فاذا كان هذا موقف الحزب الرسمي، و انتم كادرا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، لماذا تعتبر هذا المؤتمر العمالي الذي ينظمه و ينسق له رئيس مؤتمر حرية العراق هو عائق ويسد الطريق على الحزب ليقوم بمهامه؟ في الحقيقة دعم المؤتمر العمالي، و دعم المنظمين له، هو من واجب الحزب حيث الحزب يقول بدعم الحركة العمالية، وهو عمل ينسجم مع طروحات الحزب ومواقفه من الحركة العمالية و ليس العكس، الوقوف ضده وعدم دعمه هو موقفا مناهضا لسياسة الحزب فيما يخص العمل مع المنظمات الجماهيرية. الوقوف ضده هو عرقلة لعمل الحزب في توحيد الحركة العمالية، اليس هدف الحزب هو وحدة الطبقة العاملة و ايصالها الى اهدافها؟ان تسويد الصفحات و اشغال الاذهان بهذه التصورات هي التي تستهلك وقت الحزب عن التركيز على الاعمال التي تؤدي للوصول الى اهدافه. اي ان ما تحذر منه قد وقعت فيه و بدوي هائل.

الحزب اكبر وانضج واوضح من هذا بكثير. ليس هذا وحسب ان مؤتمر حرية العراق احد المنظمات السياسية التي تحظي بدعم الحزب. ان العزف على وتري "مؤتمر حرية العراق" من جهة و "الحزب" من جهة ثانية، وكأن احدهما يقف ضد الاخر، و بحالة من التقابل والمجابهة بين الحزب والمؤتمر، لهو وصف عار من الصحة تماما ويدلل على فهم خاطيء كبير لسياسات الحزب وممارسته السياسية. الحزب كما يدعم يدعم الحركة العمالية، يدعم مؤتمر حرية العراق، و لا يشكل اي خطرا على الحزب، بل على العكس من هذا نقطة قوة للحزب والشيوعية وليسار المجتمع.

ان كل قرارات مؤتمرات الحزب، الاجتماعات الموسعة للجنة المركزية، جلسات واجتماعات المكتب السياسي تسير بهذا الاتجاه، و المتوقع من الرفيق فلاح علوان السير مع هذا الخط، اي الدفاع عن نفس الحركات التي يدافع الحزب عنها، لا ان يقف ضدها، و يغلف ذلك باسم الدفاع عن الحزب.

لقد عبرت عن موقف الحزب الداعم للاتحادات العمالية في المقابلة الصحافية التي اورد الرفيق فلاح مقاطعا منها مشكورا، حيث قلت، اذا كان المؤتمر العمالي قد نظم من قبل فلاح علوان سندعمه، و اذا كان قد نظم من قبل حسن جمعة سندعمه، اي كان الاتحاد العمالي الذي نظمه، حيث انه لا يقع في تناقض مع اصول الحزب، سنسانده. ان هذا ليس "طيبة نية" منا، ان هذا تعامل ماركس ومنصور حكمت وتعامل الحزب الشيوعي العمالي وخطه السياسي وقرار مؤتمره الرابع بهذا الخصوص.

لقد انشق رفاق عن الحزب الشيوعي العمالي العراقي و اسسوا حزب اخر قبل عدة اعوام. لقد نثروا ما نثروا ولازالوا، لم نسمع كلمة من الرفيق فلاح علوان حول هذا الموضوع؟! لم نقرأ المقالات تلو المقالات و الرسائل تلو الرسائل حول "الانشقاقيين" و"الانشطاريين"، الا انه حين حدث هذا في اتحاد المجالس، قامت الدنيا و لم تقعد، فهل اتحاد المجالس اداة اكبر و اهم من الحزب في حياة الطبقة العاملة، بحيث الذي يخرج عن الحزب، لا يستدعي الرد، و الذي يخرج عن اتحاد المجالس، يستدعي الردود تلو الردود؟ لقد انشق الذي انشق، اسسوا اتحادا اخرا، يقومون باعمال اخرى، يشاركون مع اتحادات عمالية بنشاطات عمالية، شئنا ام ابينا، هم موجودين، فهل هذا امر قابل للتعايش معه ام لا؟

2- لماذا لم تتخذ نادية محمود موقفا من الانشقاقين؟

اولا هذه القضية قضية قديمة، و قد كتب اعضاء و قيادة الحزب مواقفهم من هذا الموضوع، و نشرت في مجلة المد العدد الثاني، و نشرت على صفحات الحوار المتمدن. وقلت و اعود واقول، لم تكن تلك الانشقاقات حول مسائل سياسية مثلا او كانت حول برامج مختلفة للحركة العمالية؟ او حول كيفية تنظيم الطبقة العاملة او حول شعاراتهم او حول الشعارات الرئيسية للاتحاد. كانت المسائل داخلية و الصراعات داخلية الاجابة.

و لم نعرف لحد اللحظة من وجهة الرفيق فلاح علوان لماذا انشقوا؟ يقول لنا الرفيق فلاح علوان- في مقالته المنشورة في مجلة المد- العدد الثاني- انهم انشقوا لانهم: هواة تاسيس منظمات؟ لان لهم ميل و حماس دائم للانشقاق؟ لانهم يحبون ان يتقافزوا من منظمة الى اخرى.ان هذا يشبه تفسير الماء بالماء. بوسع المرء ان يشم في هذا الوصف رائحة التعامل الاخلاقي و ليس التعامل السياسي. ان هذا ليس تفسير سياسي-مادي اساساً لظاهرة خروج اغلبية قيادة اتحاد المجالس من الاتحاد.

لان المنشقين كما يقول الرفيق فلاح علوان يريدون الاستحواذ على منظمة عمالية لها مكانتها بين العمال. و لكن ايها الرفيق فلاح ان هؤلاء هم قيادة منتخبة بالمؤتمر، وليس جماعة طارئة و دخيلة، لتريد الاستحواذ على المنظمة، ان هذه قيادة، اجزم انك كنت انت واحدا من الذين اعطيت لهم صوتا ليقودوا المنظمة، و ليس " للاستحواذ" عليها.

و بغض النظر عن الاشكال التنظيمية غير الواضحة، و غياب التقاليد التنظيمية في صفوف الاتحادات العمالية، وفوق هذا وذاك عدم التقيد بالحد الادنى المتفق عليه من الاصول والمباديء الاساسية لكل عمل جماعي والتي كان لها دور اساسي في تعميق تدهور الخلافات، كانت المسالة الاساسية هي كيف تنظم و تحافظ على اعضاء اتحادك العمالي، كيف توحد الجهود و الطاقات في منظمتك قبل ان تجيد فن توحيد صفوف الحركة العمالية. السماح بتبديد القوى، بعدم ايلاء الاهتمام الى شكاوي الاعضاء عدم الاستماع اليهم، عدم اقناعهم، عدم المساومة معهم ان اقتضت الحاجة، يدلل على لا ابالية مطلقة تجاه الحركة العمالية و تجاه اتحاد المجالس الذي تترأسه. هذه اللاابالية السياسية، و اللاحرص السياسي و الطبقي هو الذي يجسد الطبيعة اللاعمالية لادارتك للازمة في اتحادك وعدم اخذ المشاكل انذاك على ماخذ الجد.

كيف تحافظ على قواك البشرية و تحميها من التسرب ناهيك عن انشقاقها عنك هو صلب فن القيادة و هو تعبير عن الروح العمالية و ليست المثقفاتية اللاعمالية التي اتهمتني بها. المثقف هو ذلك الكائن الذي يهتم فقط بما يفكر به هو بغض النظر عن مدى الحاجة اليه، العمالي هو ذلك الذي يضع مصلحة طبقته اولا، و يضع نفسه و مزاجه في المرتبة الاخيرة. وهذا هو الفرق بين المثقف المزاجي، عن العامل الذي لا يملك ترف الاستماع الى مزاجه.

ان الانشقاق نتيجة، و لم يكن سببا.

كلكم مسؤولون عما جرى، كلكم مشاركين فيه، والمسؤولية الاولى تقع على عاتقك انت باعتبارك رئيسا للمنظمة، لم تتمكن و لم تبذل جهدا مع المعترضين عليك من اجل اقناعهم، ابقائهم في صفوف اتحادك، و للاسف نحن الذين تحدثنا عن ضرورة حل المشاكل، وحذرناك كثيرة من المخاطر التي تحيق بمثل هذا الوضع، لم يكن جوابك وفي اكثر من مناسبة واجتماع سوى الانكار بصورة متعنتة لوجود أي مشكلة من الاساس في الاتحاد، او ( لا توجهوا لي المواعظ).و اغلب ظني الان انك لو كنت قد اعرت هذه " المواعظ" بعض التفكير، لما حصل الذي حصل. ان غياب بعد النظر في تعامل الرفيق فلاح كان السبب الاساسي للحال الذي وصلت اليه الامور، بعد النظر التي يجب ان تكون سمة كل من يقف على راس منظمة.

هل تريدني بعد هذا ان يكون لي موقف ادانة من الانشقاقيين؟ لو دونت موقفا في تلك الفترة، من المؤكد ان هذا الموقف ليس بصالحك ولابصالح تعاملك الذي يفتقد الحكمة وبعد النظر السياسي.

ليس مهما ان تكون على راس المنظمات العمالية لتكون عماليا، المهم كيف تصوب الانظار لمسالة تنظيمهم وتوحيدهم والجهد المبذول لتوحيد هذه الحركة. و بهذه التصور الذي ادى الى التفريط بالاعضاء، عدم الاستماع اليهم، كيف ستمضي الى تحقيق ذلك الهدف بخلق "حركة عمالية مقتدرة". ان التاريخ سيعيد نفسه بشكل مأساوي ان لم نتعلم الدرس منه. هذه ليست موعظة بل استنتاج ادركه الاسبقون.

مسالة الانشقاقات ليست مسالة جديدة على المنظمات العمالية حين لا يجد جمع من الناس جدوى من البقاء، ينصرفوا عنها. ياليت الاعضاء بقوا مع الاتحاد و ياليت فلاح تمكن من ان يعمل مثل الصمغ ليبقيهم ملتصقين باتحاد المجالس. الا ان الامر انتهى الان. عمر اتحاد المجالس خمس سنوات، تصرمت منه سنتين في الجدال و المشاكل و السنة الثالثة، في الصراعات مع المنشقين. فمتى سينتهي هذا الموضوع؟

3- مواعظ ام جدال سياسي؟

في كل مرة نوجه، للرفيق فلاح ملاحظات سياسية يجيب بان لا نلقي عليه مواعظ. ان هذه الكلمة لا تقول اي شيء على الاطلاق، لا تبرهن، لا تشرح، لا تحلل، لا تعلل، لا تفصح، لا تفعل اي شيء، انها ان عبرت عن شيء، انما تعبر فقط و فقط عن الفقر في طرح الحجة و الدليل السياسي. و اعتقد ان الزمن فعلا قد عفا و منذ امد بعيد عن كلمات مثل هذه، ناهيك عن الاستعلائية الواضحة في عبارات مثل هذه، وهو الامر الذي لا يليق ببحث وجدل سياسي بين اي متخاطبين في هذا العصر. اعتقد ان الرفيق فلاح سيسدي خدمة كبيرة لنفسه بالكف عن استخدام هذه المفردة.

ثانيا: ماهذه اللغة الامرية في الكتابة. " يأمر" الرفيق فلاح " أعتذري من هذا يا نادية" في معرض استشهادي بحديثي مع الصحافي العمالي البريطاني. كل كلمة قلتها في تلك المقابلة تمت بصدق وانصاف وموضوعية، بغض النظر عن حجم المنشور من كلامي المسجل، فاذا لم يعجب فلاح علوان موقفي، فهذا شانه، ولست على استعداد لوأد الحقيقة لكسب رضى احد. تستطيع ايها الرفيق ان تقترح علي أو ان تطلب مني الاعتذار لكن ان.... تأمر؟

كذلك ايراد جمل لا اعرف كيف سيتمكن الرفيق فلاح من البرهنة عليها، يقول الرفيق فلاح:

"منذ حوالي ثلاث سنوات، دأبت نادية محمود على نشر العديد من المقالات عن فتوحات وانجازات مؤتمر حرية العراق، ولم نعد نسمع منها مقالات من هذا النوع اليوم....... الخ" و بمراجعة ارشيفي على الحوار المتمدن، يمكن رؤية العناوين التالية تنازليا:

1- لماذا يحذر اتحاد المجالس من اقتران اسمه بالمؤتمر العمالي، كما يحذر الطاعون؟
2- تهنئة و شكر للحوار..بمناسبة ميلاده السابع.
3- حول تصويت -برلمان كردستان- على قانون تعدد الزوجات
4- حديث بمناسبة الذكرى الحادية والتسعين لثورة اكتوبر.
5- الدولة و دور الطبقة العاملة في العراق الجزء الرؤية و برنامج العمل للتغيير..ثلاثة اجزاء.
6-اكبر عملية حرمنة في التاريخ - حول الازمة الاقتصادية العالمية الجديدة.
7- حول اغتيال كامل شياع.
8- في اليابان: حتى السياسة، صناعة يابانية! حول مؤتمر منظمة زينكو الياباني.
9- ليست المباراة وحدها، بل ما بعد المباراة! حول فوز الفريق العراقي بكرة القدم.
10- و اذن علام كل هذا الضجيج؟
11- رسالة الى الرفاق في اتحاد المجالس – التي استشهدت بها اكثر من مرة في هذا الرد.
12- اليسار و ال- بزنس- بالشعارات وحدها لا يحيى الانسان.
13- انطباعات عن زيارة مقر مؤتمر حرية العراق في بغداد..
14- لن تمنع النساء من الدخول الى الاسواق، ولن تطلى الشبابيك بالاسود!
15- سابقى اصوت لقصائدك ..الى الشاعر كمال سبتي

فاين فتوحات مؤتمر حرية العراق و الانجازات التي قرأها الرفيق فلاح في مقالاتي ؟ هل هذا ما يعنيه العراقيون حين يتحدثون عن قراءة الممحي؟