نحو مؤتمر عمالي عام في العراق


فلاح علوان
2008 / 5 / 17 - 10:43     

ملاحظة: لقد طرحنا فكرة عقد مؤتمر موسع للحركة النقابية في العراق أواخر عام 2004 أثناء النقاشات التي دارت بين قيادات الاتحادات العمالية في العراق، خلال المؤتمر الـ 18 للاتحاد الدولي للنقابات الحرة ICFTU في مدينة ميازاكي اليابانية.
رغم تكرار الدعوة في العديد من المحافل واللقاءات، ألا انه لم يصدر أي مشروع مكتوب أو أي وثيقة.
لقد تغيرت الأوضاع كثيرا منذ ذلك الحين، وطرحت بعض الدعوات المماثلة. نحن نرى إن وضع الأفكار والطروحات الأساسية لمشروع المؤتمر في إطار مسودة خطوط عامة، وعرضه في وثيقة مدونة هو بمثابة الشروع بالخطوات العملية لعقد المؤتمر.
إن مساهمة القادة النقابيين والتشكيلات النقابية في تبني مشروع المؤتمر، كل من موقعه، هو الخطوة الحاسمة نحو الشروع بعمل واسع، يمكن إن يضع الحركة العمالية على مسار وموقع اجتماعي وسياسي فعال ومؤثر.

-1-

إن الطبقة العاملة تشكل طبقة اجتماعية وليست فئة مغلقة على نفسها، فما يجري ويسود في المجتمع يمس حياتها ونضالها بشكل مباشر، وبالتالي فأمر نضالها ووحدتها ومنظماتها ونقاباتها يتأثر بما يحيط بها من الاوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع.
في ظل الأوضاع السياسية الراهنة في العراق، التي تتميز بسيادة الاحتلال والارهاب والحرب الطائفية وتوسيع رقعة التقسيمات الطائفية والقومية والدينية، وبظلم وقمع للنساء غير مسبوق، وتراجع وانهيار في مجمل أسس الحياة المدنية، لا تستطع الطبقة العاملة ان تكون غير مبالية بما يجري حولها من ماسي و كوارث على أيدي قوى الاحتلال والارهاب والطائفية.
ان المجتمع ينظر الى العمال بوصفهم القوة الأساسية التي تقع تحت ايديها ماكنة الحياة الاقتصادية ونبض الحياة المدنية و الخدمية. وهي طبقة قوية ومؤثرة إذا استطاعت أن توحد نضالها وتنظم نفسها في منظمات واسعة راديكالية من النقابات و المجالس.
ان الدكتاتورية و النظام البعثي الفاشي بدات اول ما بدأت بسد الطريق امام النضال الجماهيري الواسع للعمال وحولت منظماتها إلى منظمات تابعة للدولة، ومارست قمع الحركة العمالية واعتراضاتها وتصفية القادة و النشطاء العماليين ونظمت مذابح بوجههم، منذ الأيام الأولى لاستلام السلطة. لقد سلب النظام بشكل منظم الحق في التنظيم و الإضراب والتظاهر وحول المنظمات النقابية إلى أداوت خاضعة، غير مؤثرة في الدفاع عن العمال وحقوقهم ومطالبهم، وأصبحت الآلة القمعية للنظام تقمع اي صوت احتجاجي وأي مقاومة من العمال بوجه ظروف عملهم وحياتهم ومستوى معيشتهم.
لقد جاءت الحرب العراقية الايرانية و حربي الخليج الثانية والثالثة و الحصار الاقتصادي لـ 13 سنة، لان يقع الثقل الاعظم من الماسي على كاهل الطبقة العاملة والاجيال المتلاحقة من العمال وعوائلهم . مع استمرار الهجوم على حقوق المرأة ومكتسباتها، وهي التي وقع عليها النصيب الأكبر من ماسي البطالة و سلب الحريات.
لو كانت الطبقة العاملة موحدة ومنظمة في إطار سياسي وافق تحرري، لكان باستطاعتها أن تدرأ عن المجتمع خطر عقود من الماسي التي وقعت على أيدي النظام البعثي وخمس سنوات من ماسي الاوضاع الراهنة، لكان باستطاعتها أن تدرأ عن المجتمع سنوات وسنوات من الدمار والقتل والمجازر والدكتاتورية و الحكم الميليشي والطائفي.
تعيش الان الطبقة العاملة في أوضاع الاحتلال والانفلات الأمني وصراع الأقطاب الإرهابية وسيطرة القوى الميليشية الطائفية ويعاني القسم الأعظم من هذه الطبقة من البطالة، ولكن رغم ذلك فان هذه الطبقة هي التي تديم حياة المجتمع، وهناك حركة معارضة واسعة بوجه هذه الاوضاع بشكل عام. كما أن القسم الذي يعمل الان يعيش في اوضاع صعبة تحت اشد مستويات الفقر و يعمل بمستوى أجور لا يتناسب مع مستوى الحياة العصرية، بل مع ابسط مستلزمات الحياة مع التضخم وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية.
ليست هناك وسيلة فعالة لمواجهة الوضع الحالي غير اتحاد العمال والارتقاء بوحدة نضالها على اسس مصالحها الطبقية المستقلة وعلى التمحور حول آفاقها و برنامجها التحرري على صعيد المجتمع.
ان الطبقة العاملة ليست لها مصلحة في خلق الهويات الخرافية و الاوهام الطائفية و القومية المضرة للجماهير، ولا تتفق مصالحها و تطلعاتها التحررية مع اي تمييز على أساس الدين والطائفة والأثنية و العرق والجنس واللون وغيرها، ليس هذا فحسب بل تسلتزم مصالحها الطبقية تبني هوية انسانية شاملة توحد العمال ونضالهم على صعيد العراق عموما.
إن الطبقة العاملة في العراق و خلال خمس سنوات من الأوضاع المأساوية والمجازر البشعة للإرهابيين، استطاعت الحفاظ على البنيان المدني للمجتمع وإدامته، وإدامة الحياة فيه بالرغم من كل هذه المصائب . انها شكلت العمود الفقري مع باقي القطاعات التحررية للجماهير في الحفاظ على مدنية المجتمع، وعدم الانسياق وراء النعرات الطائفية و الحرب والابادة الجماعية للطائفيين و القوميين.
ان الطبقة العاملة بحاجة الى تنظيم نفسها وتوحيد إرادتها المباشرة في منظماتها الخاصة بها، و تبادر إلى خلق حركتها المقتدرة على صعيد البلاد وتطوير أداء منظماتها.
إن حركة متجانسة عمالية تربط مئات ومئات الاعتراضات اليومية المبعثرة الجزئية من اجل تحسين ظروف حياتهم وعملهم والارتقاء بمستوى معيشتهم، وتوحيدها في حركة صاعدة تقودها منظماتها ونقاباتها و مجالسها العمالية، ستكون بمثابة اداة عملاقة في تغيير واقع الطبقة العاملة المعيشي والحياتي وتترك تأثيرها على وضع المجتمع عموما.
لقد وقفت الطبقة العاملة العالمية بوجه الاحتلال وتصدت له ولا يزال العمال على الصعيد العالمي يقفون ضد الاحتلال، إن المبادرة إلى تنسيق العمل وعقد مؤتمر عمالي يوحد مساعي و نضال القادة و النشطاء العماليين والحركة العمالية والمنظمات العمالية والاتفاق على خطوط برنامج عمل عام للدفاع عن حقوق العمال و مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يشكل امرا حياتيا ملحا للحركة العمالية و النقابية في العراق في الوقت الحاضر .
إن عقد مؤتمر كهذا لتنسيق النضال و الجهود بين النقابات والمنظمات العمالية المختلفة سيكون أمرا مهما ووسيلة نضالية مؤثرة وكفوءة بأيدي العمال لتنظيم النضال الاقتصادي للطبقة العاملة في كيان موحد يتسم بالمرونة والانفتاح وتنظيم آلية للعمل تقوي و تدفع بهذه الحركة الى الامام .

-2-

واقع الحركة العمالية في العراق

• القوى العمالية مجزاة ومتشتتة على صعيد المجتمع، إن توحيد جهود ومساعي ونضال العمال في مختلف القطاعات و الصناعات لاجل تحويلها إلى نضال وعمل طبقي جبار ومؤثر ضرورة حياتية للارتقاء بالحركة العمالية في العراق .
• لا زالت أقسام كبيرة من الطبقة العاملة و الحركة العمالية غير منظمة ولم تستطع ان تشكل منظمات عمالية كبيرة و واسعة تنظم الحركة المطلبية و الاقتصادية للعمال. كما ولا زالت مهددة من قبل السلطات بسلب حقها في التنظيم المستقل الطبقي وحقها في الاضراب و التظاهر.
• إن السلطات لا تزال تتعامل مع عمال القطاع العام حسب القوانين المعادية للعمال التي فرضها النظام البعثي سنة 1987
• إن أي تقدم يكسبه العمال مرهون بـوضع الحد الفاصل مع القوى التي تريد ان تشق صفوفها، و لا يمكن الا ان يكون تقدما مبينا على اساس المصالح الطبقية للعمال، وعلى أساس الهوية الطبقية والإنسانية الشاملة دون اي تمييز مبني على اساس الدين والقومية والجنس و العرق و الطائفة.
• في الظروف السياسية الراهنة لا يمكن توحيد صفوف العمال في منظمة تدافع عن مصالحهم الطبقية إذا لم نتوحد حول افاق تحررية و لائحة سياسية تخص المجتمع ككل.


-3-

مسودة خطوط عامة لمشروع مؤتمر العمل

قضايا سياسية عامة

• يمر المجتمع العراقي بأوضاع مأساوية معقدة، هي الأسوأ في تاريخه، وإحدى اعقد الأوضاع في التاريخ البشري المعاصر
• أدى الاحتلال وسياسة أمريكا وحلفائها إلى تدمير أسس الحياة المدنية في العراق، وأدت السلطات القائمة والقوى السياسية السائدة والمليشيات المسلحة دورا أساسيا في هدم أسس المدنية ودفع المجتمع إلى الانزلاق في الحرب الطائفية
• إن انعدام الأمن وانعدام فرص العمل وبالتالي اتساع معدلات البطالة بأبعاد خطيرة، فرض التراجع على حياة الجماهير وفرض التراجع أكثر فأكثر على الحركة العمالية
• تواجه الطبقة العاملة في العراق تراجعا في مواقعها، ناجم عن التشتت في صفوفها وتقسيم المجتمع على أساس طائفي قومي ديني، مما يمنع العمال من لعب دور أساسي في الأوضاع الراهنة
• إن امتلاك العمال لأداة تمكنهم من التدخل في الأوضاع السياسية للمجتمع، لفرض إرادتهم المعبرة عن مصالحهم الطبقية الخاصة، هي مهمة ملحة وأساسية
• إن إيجاد إطار واسع مرن للتنظيم العمالي، يشترك القادة والفعالون الناشطون العماليون في تشكيله، بل يكون منظمتهم هم، هو ضرورة ملحة وخطوة أساسية باتجاه تحول العمال إلى قطب أساس في الأوضاع الراهنة
• إن ملايين العمال في العراق يمكنهم لعب دور أساسي في تغيير الأوضاع المأساوية الراهنة، اذا استطاعوا توحيد صفوفهم في حركة عمالية مقتدرة ومنظمة عمالية راديكالية جماهيرية

بموجب ما تقدم نرى:
• إن عقد مؤتمر موسع للقادة والفعالين العماليين، يجمع كل المنظمات العمالية، لطرح البديل العمالي للأوضاع الراهنة، وتحويل طروحات الحركة العمالية إلى وسيلة يومية بيد الجماهير، سيشكل خطوة أساسية تجاه تطور حركة عمالية مقتدرة في قلب الأوضاع الراهنة
• سيشكل عقد المؤتمر واستمراره كتقليد لجمع القادة والفعالين العماليين وتفعيل دورهم في ميادين العمل وعلى صعيد المجتمع، أساسا لتغيير السنن والتقاليد السائدة في النقابات القديمة، ومجمل أطرها البيروقراطية والسلطوية وشبه السلطوية
• سيشكل نجاح المؤتمر الإمكانية الفعلية للتدخل المباشر والمتواصل للعمال في مجمل الأوضاع السياسية، سواء في المرحلة الراهنة أو المراحل اللاحقة



-4-

التحديات التي تواجه الحركة العمالية في العراق

• الاحتلال

إن الطبقة العاملة في العراق تعاني اشد الويلات والمصاعب اثر الحرب على العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية. إن الغرض من احتلال العراق ناشئ عن ومرتبط بـمصالح الإستراتيجية العالمية للطبقة الحاكمة في أمريكا. انه كان امتدادا للنظام العالمي الجديد لتامين سيطرة وهيمنة أميركا على مقدرات ومصير الإنسان في العالم بوصفها اكبر قوة عسكرية امبريالية على وجه الأرض. إن إسقاط نظام البعث وإيجاد ذريعة لاحتلال العراق كان جزءا من تحقيق هذه الإستراتيجية.
إن الأوضاع المأساوية الحالية وتحويل المجتمع في العراق إلى ميدان حسم الصراعات بين أمريكا والأقطاب السياسية هي نتيجة طبيعية عن الاحتلال وجزء ملازم له. لقد فرضت قوى الاحتلال سلطات على أساس المحاصة الطائفية والقومية التي جردت من خلالها الجماهير من حق تحقيق إرادتها في انتخابات حرة واختيار نظامها السياسي بحرية.
إن تنظيم حركة اعتراضية وموقف واحد من الاحتلال وفرض إرادة الجماهير لتحقيق نظامها السياسي هي من الأمور الملحة الأساسية، كما انه يجب إنهاء الاحتلال وإفشال مخطط أمريكا لتحويل العراق إلى ميدان لتحقيق إستراتيجيتها على الصعيد العالمي والإقليمي. لقد وقفت الطبقة العاملة العالمية بوجه الاحتلال وتصدت له، ولا يزال العمال على الصعيد العالمي يقفون ضد الاحتلال.
إن الطبقة العاملة في العراق تناضل من اجل إنهاء الاحتلال والمؤسسات المرتبطة به، وإيجاد أوضاع تقوم فيها الجماهير بتحقيق إراداتها في اختيار نظام سياسي مبني على الأسس المدنية و فصل الدين عن الدولة والقومية، إنها تقف ضد الإرهاب وتناضل من اجل إنهاء الاحتلال عن طريق حركتها الاعتراضية والدعم العالمي والضغوط العالمية من اجل إنهائه. إن الأوضاع المأساوية الحالية ناشئة عن الاحتلال واستمراره، حيث أنه يعمل بمثابة أداة لإعادة إنتاج الرجعية القومية الطائفية وجر المجتمع إلى دائرة الحرب والصراعات وخنق الحريات وسيطرة الميليشيات وغيرها.

• انعدام الأمن وسيطرة المليشيات والجماعات المسلحة

يواجه المجتمع في العراق انفلاتا امنيا منذ 5 أعوام، وصل حد سيطرة العصابات والمجاميع المسلحة والمليشيات على العديد من المناطق والمدن. لقد واجه العمال الانفلات الأمني والهجمات الإرهابية، أما بإصرارهم على مواصلة أعمالهم رغم التحديات، أو بتامين أماكن عملهم، وتشكيل مفارز مسلحة لحماية مواقع العمل والمعيشة كما حصل في العديد من الأماكن.
أن فرض الأمن لا يمكن أن يتم دون اشتراك الجماهير، سواء بصورة مباشرة، أو من خلال قيامهم بمساندة ودعم خطة أمنية إنسانية، لا يكون الهدف من وراءها خلق النزاعات الطائفية، وإعادة فرض توازن قوى.

• الفيدرالية

إن تأجيج الصراعات القومية والطائفية، وتبني إستراتيجية أمريكا المبنية على استخدام الحركات القومية والطائفية الموجودة، هي من اجل السيطرة على أوضاع المجتمع وهدم بنيانه المدني. إن الفيدرالية المطروحة في العراق مبنية على أساس اثني وقومي وطائفي وليس لها ارتباط بفيدرالية إدارية أو لتنظيم العلاقة بين المركز والإدارات المحلية. إن الفيدرالية ليست إلا إدامة الوضع الحالي . كانت الفيدرالية بالنسبة للأنظمة التي تعتمد النظام الفيدرالي، أساسا لتوحيد كيانات مقسمة مبعثرة في كيان مركزي واحد بحيث تحل المكونات نفسها قي الكيان الفيدرالي، في حين يجري في العراق تقسيم المجتمع حسب تصنيفات مذهبية وقومية ودينية وعشائرية، فرضتها القوى السياسية وممثليها المسلحين من مليشيات وأحزاب جرى تقويتها وترسيخها من قبل الاحتلال.
إن فرض الفيدرالية هو فرض هويات طائفية دينية قومية على الجماهير، وتامين نصيب القوى السياسية السائدة من السلطة وإدامتها على جغرافية سياسية يجري خلقها، وترسيخ هيمنتها، وتفتيت قوى الطبقة العاملة وسائر الجماهير، ويجب أن يكون إسقاط مشروع الفيدرالية من أولويات مهام الطبقة العاملة.
إن إسقاط مشروع الفيدرالية هو تعميق للهوية الإنسانية للبشر وانتصار للقوى التحررية وللطبقة العاملة. وهو يقع في صلب المصالح العمة والجوهرية للعمال.
وبالنسبة لكردستان، فان حسم مصير المجتمع ، يجب أن يتم بتدخل مباشر من الجماهير عن طريق تنظيم الاستفتاء العام حول المصير والمستقبل السياسي لكردستان، بحيث تقرر الجماهير أما البقاء في إطار عراق واحد، أو تشكيل دولة كردستان.

• الخصخصة

القطاع الحكومي هو القطاع الأوسع الذي يضم مئات الآلاف من العمال. إن السلطات في العراق تعمل على تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي الذي يوجب إعادة هيكلة الاقتصاد وخصخصة المشاريع والصناعات الحكومية وكل القطاع العام، وبالتالي تقليص الأيدي العاملة.
من شروط صندوق النقد الدولي، رفع الدعم الحكومي عن الصناعات والخدمات العامة.
إن تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي يعني فقدان آلاف العمال لوظائفهم.
كما إن تحديات الإنتاج الواسع وإغراق السوق المحلية وانهيار الصناعات المحلية والصناعات شبه الحرفية، قد دفعت إلى البطالة بأعداد متزايدة من العاملين في العديد من العاملين في الصناعات والمهن. .
إن المحافظة على وظائف العمال وتأمين استمرار حصولهم على الأجر يقع ضمن المسؤولية الاجتماعية للدولة.
أي تشريع ضمان اجتماعي لكل عامل يفقد وضيفته، بالإضافة إلى مسؤولية توفير فرص عمل أو ضمان لكل باحث عن فرصة عمل.


• البطالة

جاء الغزو والاحتلال ليكمل 13 عاما من الحصار الذي أصاب الحياة الاقتصادية بالشلل والخراب، الدمار الذي سببته الحرب، وأعمال النهب والسلب أتت على منشات وقطاعات واسعة إنتاجية وخدمية.
توقفت الصناعات والمشاريع الإنتاجية، انهارت آلاف المشاريع ومواقع العمل، وتسبب كل هذا في بطالة واسعة وبأبعاد خطيرة وجموع غير مسبوقة من العاطلين، وصلت نسبتها50% من حجم الأيدي العاملة.
بادر الناشطون العماليون إلى تأسيس اتحاد للعاطلين عن العمل. في أيار - مايو 2003 نظم العديد من التجمعات والتظاهرات للمطالبة بفرص العمل أو إقرار ضمان البطالة، انتهت باعتصام لـ 42 يوماً، أمام ما كان يعرف بالإدارة المدنية. تم تنظيم تظاهرة أمام وزارة العمل في أواخر 2003 وجرى التفاوض مع ممثل الوزارة الذي أعلن إن الوزارة تعمل على إقرار صيغة لضمان البطالة تحت اسم صندوق دعم العاطلين، سمي فيما بعد شبكة الحماية الاجتماعية.
إن عدم تعامل الوزارة مع المنظمة العمالية مباشرة، قاد إلى عدم نجاح تجربة شبكة الحماية وعدم دقتها، وتعرضها إلى العديد من عمليات التلاعب.
إن تشغيل المشاريع الصناعية، البدء بالإعمار، إطلاق مشاريع بناء، توظيف عوائد النفط الهائلة في مشاريع جديدة، البدء بإصلاحات واسعة في قطاع الخدمات، كل هذه ستوفر مجالات واسعة جداً لفرص عمل لملايين العاطلين.
إن إقرار ضمان البطالة ضمن قانون العمل هو مطلب فوري ملحٍِ، وهو مصدر قوة للعاطلين وللعمال على حد سواء، حيث لن يعود التهديد بفقد الوظيفة يهدد العامل في حال الاعتراض على ظروف العمل.


• وضع المرأة


أدى الاحتلال والأوضاع التي نجمت عنه، من سيادة المليشيات وانتشار العصابات وسيطرة التيارات الدينية على السلطة وعلى أقسام واسعة من المجتمع، إلى تراجع خطير في وضع المرأة.
انتشرت أعمال الخطف والقتل وفرض الحجاب أو أنواع من الألبسة، ومنع المرأة من التوجه إلى العمل في العديد من المدن. وباختصار تم تدمير مكتسبات نضال المرأة خلال عقود، وفرض التراجع عليها بصورة غير مسبوقة.
إن إقرار وضمان المساواة التامة للمرأة بالرجل في جميع ميادين الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية والتعليمية ..الخ ، ضمان الحريات و الحقوق المدنية للمراة، منع التمييز في الأجر، إلغاء القوانين والأعراف التي تدعو إلى دونية المرأة، مشاركة المرأة في رسم المصير السياسي للمجتمع، والمساهمة الفاعلة في الحركة العمالية الحية
المقتدرة، كل هذه تشكل المستلزمات الموضوعية للارتقاء بأوضاع المرأة، وإنهاء التراجع الذي فرض عليها.

• الحريات النقابية وعلاقة السلطة بالمنظمات العمالية

إن كل تاريخ علاقة السلطات المتعاقبة في العراق بدون استثناء تقريبا، مع المنظمات العمالية هو سلسلة من التدخل في شؤون العمال وقمع حرية التنظيم بالمعنى الواقعي، فقد درجت الحكومات على تقليد تسلطي ولعقود من السنين، عن طريق ترخيص اتحاد مركزي واحد مرتبط بالسلطة ويقوم بدور شبه متمم لعمل السلطات، في حين تحول أثناء فترة حكم النظام السابق إلى أداة لتمثيل سياسة السلطة، وتنفيذ قرارات وسياسات النظام، أي باختصار انه كان ممثل السلطة بين العمال.
إن هذه السياسات التي دامت لعقود، قادت إلى ما يشبه القطيعة بين العمال والتنظيم النقابي، وشكلت إحدى العقبات أمام بناء المنظمات العمالية.
تعمل السلطات الآن على التمسك بنفس الميراث، وتواصل العمل بقرار 16 الذي هو تدخل غير شرعي في حقوق العمال، ومخالفة لمعايير العمل الدولية الأساسية، تسبب في توجيه ضربة جدية للحريات النقابية ولبناء الحركة النقابية.
هناك حركة واسعة من الاعتراضات على القرار بين صفوف العمال في العراق والعالم، كما إن هناك حركة على الصعيد العالمي تدعو السلطات في العراق إلى احترام الحريات النقابية.
إن تقوية الأسس التنظيمية للمنظمات العمالية، وبناء تقاليد عمالية تقف بوجه خرق الحقوق والحريات العمالية، وتقوية صف من الفعالين والقادة الراديكاليين الملتفين حول الأهداف والمصالح الطبقية للعمال سيكون سلاحا بيد العمال لصيانة مكتسباتهم وتقوية منظماتهم، وإلزام السلطات باحترام حق وحرية التنظيم.
يجب أن تتضمن التشريعات نصوصا واضحة محددة حول الحرية والحق في التنظيم.


• قوانين العمل

تشكل البدايات الأولى للتشريعات العمالية في العراق بدايات مبكرة نسبيا، حيث اقر أول قانون عمل في العراق عام 1936.
بغض النظر عن مدى تقدمية القانون وإنسانيته أو عدمها او مدى تعبيره عن مصالح العمال في مقابل أرباب العمل، السلطات الممثلة لمصالح الرأسمال كانت تحت ضغط حركة عمالية جماهيرية قوية ومندفعة في تلك الأيام، تمثلت في إضرابين واسعين، الأول عام 1931 المسمى إضراب الرسوم البلدية أو الثورة الصامتة، الذي استمر لأكثر من أسبوعين، وقد ترددت خلاله مطالبات بإقامة الجمهورية، الثاني هو حركة واسعة وسلسلة إضرابات في بغداد والبصرة والناصرية عام 1932. الحركة العمالية في العراق كان لها حضورها القوي، وكانت التنظيمات النقابية قد بدأت تفرض نفسها.
تضمن قانون 1936 تشريع يوم عمل من 8 ساعات وهو ما حققته الطبقة العاملة عالميا حينذاك بعد أكثر من قرن من النضال.
ألقت الظروف السياسية بثقلها على العمال في الحقب اللاحقة، وفرض النظام البائد التراجع على الحركة العمالية، واصدر القرار 150 سنة 1987 يعتبر عمال القطاع العام موظفين وحرمهم حق التنظيم. أصبح الموظفون الذين يعملون في اشد الظروف قساوة وخطورة، يعاملون ضمن قانون الخدمة المدنية، محرومون من العديد من المستحقات.
كما زج بعمال القطاع العام في ما كان يعرف بالتصنيع العسكري، وجرى تشغيل العمال 12 ساعة يوميا خلال الحرب العراقية الإيرانية.
كما جرى تشغيل عشرات الآلاف في المشاريع الحكومية، من قصور رئاسية ومبان حكومية وجسور وغيرها، كعمال مياومين ولـ 12 ساعة يوميا، دون أي ضمان أو عقد مدون، في ظروف بالغة القسوة وأجواء قمعية وأعمال خطرة راح ضحيتها أكثر من 750 عاملا قتلوا في حوادث عمل، حسب بيانات دائرة الشؤون الهندسية.
إن الأوضاع الحياتية قد تغيرت في العراق وعلى الصعيد العالمي بصورة متسارعة وواسعة، وأصبح لزاما إقرار قانون عمل عصري بخصائص ومعايير إنسانية، يتناسب مع الأوضاع المعيشية الراهنة. ويضمن تشريعات للأجور تتناسب مع مستوى التضخم وارتفاع الأسعار.
إن إقرار القانون يجب أن يتم باشتراك ممثلي العمال وخبراء قانونيين.

الحريات السياسية والمدنية
ان الطبقة العاملة والجماهير في العراق عانت ابشع اشكال القمع و الاضطهاد السياسي و قمع الحريات الفردية والدنية و خنق حق التعبير عن الراي و العقيدة. ان الطبقة العاملة هي المتضررة الاولى من ابسط اشكال القمع و سلب الحريات اذ انها تحرمها من النضال المشترك العمالي لاجل الدفاع عن مطالبها وحقوقها .
ان تامين الحريات و الحقوق السياسية والمدنية على صعيد المجتمع جزء من اهداف الحركة العمالية .


القسم الثاني من المسودة سيتضمن طرح الأسس التنظيمية، وتوفير الإطار التنظيمي الأنسب موضوعيا وتاريخيا للحركة العمالية والنقابية في العراق، على ضوء الخبرة العالمية للحركات العمالية، وميراث التنظيم العمالي العالمي.

شكر: أتقدم بالشكر إلى مؤيد احمد رئيس تحرير جريدة الشيوعية العمالية، واحد مؤسسي اللجنة التحضيرية لتشكيل المجالس والنقابات العمالية في العراق PCFWCUI عام 2003 لتقديمه العديد من الملاحظات في القسم النظري من المسودة.

المشروع المعروض مقدم إلى قيادة اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق للمصادقة عليه.

فلاح علوان
رئيس اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق

15-5-2008