الحزب الشيوعي العراقي- لليمين در


موفق محادين
الحوار المتمدن - العدد: 697 - 2003 / 12 / 29 - 04:10
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها     

فوراً بعد أسر الرئيس صدام حسين من قبل قوات الاحتلال الاميركي، قامت كل فضائيات العالم بعرض الصور لمجموعة من الشيوعيين العراقيين من حزب حميد مجيد ومهدي الحافظ ونوري عبد الرزاق، المقيم بالقاهرة، وفخري كريم،  وهم يلوحون بالأعلام الحمراء ابتهاجاً بإنجاز الاميركيين.  رايات حمراء في ظل دبابات البنتاغون وتحت طائراته،  ويافطات غريبة, تثير
السخرية والحزن معاً،  ولا شيء على الإطلاق من بقايا الثقافة الاشتراكية التي تحيل التناقضات الثانوية إلى التناقض الرئيسي مع الإمبريالية الاميركية.
 ما الذي تبقى من النشيد الاممي, ورنين المطارق ضد الوحش الرأسمالي الأشقر ومن خطابات ورسائل لينين حول الشرق التي حذر فيها من الانزلاق إلى لعبة التحديث بالمدافع والانضمام إلى المستعمرين ضد الحركات الوطنية لمجرد أنها ليست اشتراكية، أو ليست اشتراكية بالقدر الكافي، وهم ما حدث في الماضي لحساب اليهود ضد المقاومة الفلسطينية، ومع ما يسمى الآن بالتعقل إلى جانب المستعمر الفرنسي ضد ثورة الجزائر. وما دام بعض الشيوعيين العرب مفعمين بروح النقد والمراجعة حتى إزاء ماركس ولينين, ويعتقدون على طريقة فخري كريم ودار مدى ومجلة النهج, أن العلاقة مع الاميركيين خير, أبقى, لماذا يرفعون الأعلام الحمراء ويتحدثون عن الاشتراكية والكفاح ضد الإمبريالية.  كيف يتقدمون لقوات الاحتلال وضباط المخابرات الاميركية والإسرائيلية بقيادة اليهودي, بريمر, بأحر التهاني والشكر الموصول على إنجاز فرقة القتل الرابعة التي شاركت في اقتحام مخيم جنين استعداداً لعملية الفجر الأحمر ضد صدام.. كيف يفعلون ذلك بعد أيام قليلة من احتفالهم بذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا.
 إذا كان شيوعيون آخرون قد كفوا عن هذه الاحتفالات السنوية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وما تلاه من خسارة الاستراحات والمصحات الأنيقة على شاطئ البحر الأسود برفقة فتيات الكومسمول الأحمر, وتحولوا إلى الدوائر الاميركية, مباشرة أو عبر شبكات التمويل الأجنبي التي لعب دور الوساطة فيها نوري عبد الرزاق حسين، مستغلاً منظمته الخاصة المسماة بالأفرو آسيوية وعلاقات فخري كريم بأثرياء النفط، والتي حولتهم ما بين ليلة وضحاها من مناضلين معدمين إلى مليونيرات في عبدون،  ومع يهود المغرب في كازا بلانكا،  وشارع الهرم ولندن وحي السفارات في تونس ومنطقة الحمراء في بيروت..إلخ....  فسنكون نحن والطبقة العاملة فعلاً ممتنين لهؤلاء الشيوعيين الذين يبتسمون لجنود الفرقة الاميركية الرابعة ويلتقطون معهم الصور تحت الأعلام الحمراء،  إذا ما أخبرونا،  وبصراحة،  أنهم لم يعودوا اشتراكيين وأنهم آثروا المكاسب الصغيرة بفضل الشراكة الديموقراطية!! التي يدعو لها بوش، وأن هذه الثروات هي عنوان وجودهم وحركتهم. يا حزب فخري كريم ومهدي الحافظ ونوري عبد الرزاق وحميد مجيد :  لليمين در, وهنيئاً لك بالعشرة ملايين دولار التي تلقيتها كمساعدة من الكويت وما تيسر على يد سمسار النضال نوري عبد الرزاق بفضل منظمته الخصوصية  والمبالغ الموجهة للعراق من قائمة المخابرات الاميركية.. ولكنك تعلم, ومن المهم أن يعلم كل العرب أيضا أن الأغلبية الساحقة من الشيوعيين العراقيين الحريصين على تقاليدهم المجيدة منذ إعدام فهد مروراً بثورة تموز 1958 وانتهاء بأيام الاهوار والقصب وأعشاب البحر, هم اليوم في الموقع الحقيقي الذي يليق بهم.. موقع المقاومة..
  وما نتابعه باستمرار على موقع الحزب الشيوعي الكادر بقيادة نوري المرادي والذي يلعب دوراً مشرفاً في تغطية وتعبئة الشيوعيين واليساريين ضد الاحتلال ومجلس بريمر.. وما يصلنا من بيانات لجماعات العمال وحمدان وغيرهم يؤكد
أن الشيوعية ليست ماركة تجارية اشترتها الشركات الأميركية من الاتحاد السوفييتي مع جملة ما بيع. وقد أعطت توكيلها بالعراق لعصابة بلا شرعية لتحاول تعويض شرعيتها الخارجية السوفياتية السابقة بشرعية خارجية جديدة من الإمبرياليين هذه المرة.. ومرة أخرى، يظل السؤال الحائر : أين الأحزاب الشيوعية العربية؟. هل اختارت طريق المراجعة والكفاح ضد الهجمة الأميركية الصهيونية؟. أم أن تأثيرات المؤسسين الأوائل من اليهود والمصالح الجديدة غلبتها على أمرها؟. والسؤال
الأخطر : أين الشيوعيون الأحرار من التأثيرات السلبية لكل هذا الماضي بعملائه على اختلاف أنواعهم؟. نأمل أن نسمع أصواتهم.