و اذن علام كل هذا الضجيج؟


نادية محمود
2007 / 7 / 23 - 11:28     

تحدث القائد العمالي حسن جمعة الى الجمهور البريطاني و العراقي في ندوة نظمها الائتلاف ضد الحرب في لندن في منتصف شهر تموز الجاري . و قد كان حديثه يدور حول قانون النفط و الغاز في العراق. و في سؤال وجه له فيما اذا كان النفط يعود الى الشعب العراقي، قال، لم يكن و لا مرة في تاريخ العراق ان عادت مقدرات النفط اليه.

تحدث حسن جمعة، رئيس نقابة عمال النفط في البصرة عن التظاهرات التي نظمت في مدن الجنوب هذه الايام، و التي انخرط فيها الالاف من المتظاهرين المعارضين لتمرير قانون النفط في البرلمان العراقي، واصفا اياها بانها انذار اولي للحكومة العراقية بعدم الذهاب الى توقيع ذلك القانون.

الا ان السؤال البسيط و البديهي هو: اذا لم نستفد من النفط كل تلك السنين، و اذا لم يكن في يوم من الايام عائد لنا، وان حرماننا من عوائده ليس بخبر جديد علينا. فلماذا كل هذا الضجيج الذي نقوم به ضد قانون النفط اذن؟ لماذا نتظاهر ضد قانون النفط؟ هل لاننا نريد " شركة النفط الوطنية" العراقية بدلا من شركة البرتش بتروليوم البريطانية، لتنقب و تستخرج و تصدر النفط؟ و اذا كنا غير مستفيدين في كل الاحوال، في حال جرى تنفيب و بيع النفط من قبل الوطنية او من قبل البتروليوم. فلماذا نحمل انفسنا عناء التظاهر و عقد الندوات ضد هذا القانون؟ ما الفرق الذي سيشكله اذا كان المستثمر" اسمرا"، و يرسل ارباحة الى بنوك عالمية لا نعرف طريقا لها، اواذا كان "اشقرا" و لا نعرف ايضا اين تودع الارباح، او اين يعاد تشغيلها؟

لماذا نتظاهر ضد قانون النفط، و النفط ليس عائد لنا في كل الاحوال؟


في سؤال وجهته الى حسن جمعة، بعد ان اصغينا الى اعمال و نشاطات اتحاد عمال النفط " عن ما هو الدور السياسي الذي تلعبه النقابات العمالية في العراق حيث اننا لا نعيش وضعا طبيعيا، بحيث يهب العمال للدفاع عن قضايا مهنية محددة فقط و لديهم صراع مع الطبقة الرأسمالية سواء كانت الدولة او القطاع الخاص، موضحة: بأن السؤال المطروح هو " مهمة من، مهمة حسم الاوضاع السياسية في العراق؟ نحن بلد نعيش تحت الاحتلال، هنالك ميليشيات لها يد في السلطة، و يد في الارهاب اليومي للناس، يدها على النفط و على مخارج ومداخل المدن، هذه كلها قضايا بحاجة الى اجابة، ان هذا عمل يجب ان ينجز، من هو الكفيل بانجاز تلك المهمة، و اضفت بان هناك مسالة سابقة لمسالة النفط و هي تشكل اطارا للوضع برمته، نحن بلد نعبش تحت الاحتلال، وهنالك حكومة تاتمر باوامر المحتل، فما هو موقف الاتحادات العمالية من القضية السياسية في العراق، من قضية الاحتلال و الحكومة؟ ما هو دورها في احداث تغيير سياسي؟ في انهاء الاحتلال؟ ما هي وسيلتها للتعيير؟ وهل وضعت على اجندتها احداث تغيير في الوضع السياسي المقام الاول؟ ام اننا نريد فقط ان لا يصدر قانون النفط في ظل الاوضاع الحالية، حيث معلوم اين تذهب موارده الان.

اكد حسن جمعة و بنوع من الافتخار، بان اتحاده العمالي لا ينتمي الى اية جهة سياسية، و مستقل تماما عن اية احزاب سياسية، و هي منظمة مهنية.

قلت اني ادرك الاسباب التي تدعوه الى ان يفصل خطه عن باقي الاطراف السياسية الداخلة فيما يسمى بـ"الـعملية السياسية" الا انني لم استوعب الرسالة التي أراد ايصالها بالافتخار بــ" اللانتماء السياسي" للاتحاد العمالي، و بان اتحاد عمال النفط مستقل عن اية جهة سياسية؟ لم يوضح رئيس نقاية عمال النفط، هل هو يترفع عن هذه المهمة؟


كما هو معلوم ان الطبقة الرأسمالية، بمختلف تياراتها، تتبارى و تتصارع على السلطة ، الطبقة الرأسمالية ترسل الجمهوريين و الديمقراطيين الى المنافسة حول السلطة، علما انهما يمثلان جناحين سياسيين في طبقة واحدة و تقوم بدعم احزابها، و تسحب الدعم اذا ما رأت الحزب المدعوم قد "ضل طريقه".

هذه ما تقوم به العديد من الشركات الكبرى في العالم، حيث تقوي الحزب الفلاني، وتدعم الحزب العلاني، طالما ان وصوله للسلطة يصب في استراتيجيتها لتامين تحقيق مصالحها، من اجل ان يقوم الحزب السياسي المدعوم بتنفيذ التزاماته تجاهها- تجاه الشركة الداعمة-. ان شركة هاربيتون التي لها حصة الاسد في العراق، هي شركة ديك تشيني، و هو رئيسها.

يجب ان يكون للطبقة العاملة حزبها السياسي، و يجب ان ترسل الطبقة العاملة ممثلها والناطق باسمها الى السلطة، و ان تبحث النقابات العمالية عن اقرب حليف سياسي لها، كما تفعل البرجوازية- مثال على ذلك دعمت شركة الخطوط الجوية البريطانية حزب المحافظين لسنوات عديدة، و حين وجدت انه لم يعد يخدم مصالحها، اعلنت في مؤتمرها السنوي انها ستوقف الدعم المالي عنه.

ارى ضرورة ان تستخدم النقابات، الاحزاب السياسية، من اجل تضمين الحصول على مطاليبها، يجب ان تقوي و تساند، و تعبأ للتصويت الجهة التي تعتقد انها ستحقق لها حتى لو دينارا واحدا اكثر، أو ساعة عمل واحدة اقل، ان يبحث العمال و الاتحادات العمالية " المستقلة" عن اقرب حليف سياسي لها من اجل تضمين تحقيق ما تريد، و ليس التباهي باخلاء الساحة السياسية "للاعبي العملية السياسية في العراق"، و الاكتفاء بالنضال المطلبي. نعم النضال المطلبي لا بد منه، الا انه من غير المعلوم كم من السنين سيستغرق النضال من أجل اجور اكثر و ساعات اقل؟ بالاعتماد فقط على النضال المهني و النقابي فقط؟ ان هذه هي احد واهم وسائل دخول العمال في الميدان السياسي.

ان لم يكن الخوض في معترك السياسة هي مهمة العمال، فهل هي من اختصاص البرجوازية فقط؟ ان البرجوازية لم تالوا جهدا في الزج بكل ماكنتها من اجل طحن كل ما يمكن ان يقف في طريقها لتحقيق اهدافها الاقتصادية، باستخدام شتى السبل السياسية، من حرب الميلشيات الى الانتخابات البرلمانية، من الجوامع و التحميق الفكري و الاعلامي، الى استخدام السجون و القضاء، فما هو النفص الذي تشكو منه الطبقة العاملة لتقوم بعملها السياسي المتعدد الاشكال و الانواع؟

نعود للنقطة التي تركنا: ماذا يعني الوقوف ضد قرار النفط في المرحلة الحالية؟

ارى بان قانون النفط و الغاز يعبر عن التمادي و المضي بعيدا جدا بفرض سياسيات امريكا و اتباعها العراقيين بوضع قوانين مصممة و مصاغة و مكتوبة لتضمين تدفق المليارات من الارباح للشركات العالمية, و يعبر عن صفاقة ما بعدها صفاقة في الاستهانة بحاجات المواطن من الكهرباء و الماء و الخدمات، انه اشبة بان تتبرع للمتخم بوجبة غذاء و في بيتك من يتضور جوعا، ان قراءة فقرات القانون يثير الغضب و السخط فعلا. ان الوقوف ضد هذا القانون، هو وقوف ضد استهتار الادارة الامريكية بحاجات الشعوب، و هذا يجب التصدي له.

ان امريكا لا حق لها في التدخل في كيفية استخدام ثرواتنا الطبيعية، ان معركتنا اليوم مع الامريكان، حيث هي اللاعب السياسي الاول في العراق.

الا ان النفط و اذا ما حلنا دون وقوعه بايدي الشركات الاميركية، و هو حاليا تحت سيطرة " العراقيين" من الدعوة و المجلس و المهدي والفضيلة و قد استخدموه "سلاحا في المعركة" ضد الملايين من ا لجماهير، لفرض اجنداتهم السياسية هذا يعني ان معركتنا لازالت قائمة حول استخدام عوائد النفط، ان النفط يهرب و يسرق و تذهب المليارات، ان دخل العراق لعام 2006 من النفط هو 30 مليار دولار لمن ذهبت تلك المليارات، علما ان هنالك 4 مليارات قد هربت من النفط الخام. ان القانون لم يصدر بعد، و النفط لازال في ايدي العراقيين، و لكن من هم العراقيين؟ ان قضيتنا لا تنصب على من ينقب و يستخرج، ان مشكلتنا الى اين تذهب العوائد، و كيف تجري عملية توزيع العوائد، من لديه الكلمة الاخيرة على استخدام عوائد النفط؟

ان معركتنا اليوم في عدم تمرير قانون النفط، يروي جانبا واحدا من القصة، اربعة سنوات منذ سقوط صدام و النفط يهرب و يباع و يستخدم لصالح الاحزاب و المبلشيات الاسلامية اما الناس تزداد فقرا، ان هذه مسالة بحاجة الى جواب ايضا.

بقدر ما نحتاج الى ان نقف ضد قانون النفط ، يجب ان نتحرك ضد سرقته من قبل " العراقيين" ايضا. ان شعار" نفطنا لنا" بالمعنى البرجوازي القومي للشعار، لا يعنى ان النفط و عوائد النفط ستعود لنا، انه ليس لنا الان، و القانون لم يصدر بعد، كما اكد حسن جمعة انه لم يكن لحد الان لنا، السؤال هو كيف ان نجعلة فعلا" لنا"!