التعنت على مفهوم الدولة القومية الفظّة يؤدي إلى الفاشية!


عبد الله أوجلان
2007 / 6 / 17 - 12:53     

لماذا لا يعطون مرافعتي؟ لقد كتبت أنا بدوري اعتراضاً. طلبتُ أن يتم تسليم مرافعتي لمحامييّ، لقد طلبت أن يتم تسليم نسخة من المرافعة لمحامييّ ونسخة أخرى لي. أخبرت أعضاء المجلس الأوربي أيضاً عن ذلك، وقد قالوا أنه يحق الحصول عليها من الناحية الحقوقية، يبدو أن الموضوع سينتقل إلى محكمة حقوق الإنسان الأوربية إذا لم يتم التوصل إلى نتيجة هنا. ما هي مبررات عدم إعطاءها؟
من غير الممكن أن أصدر الأوامر لأحد، حيث أن النقاشات التي قمت بها هنا واضحة للعيان خاصة وأنه يتم تسجيل كل شيء، فليجلبوا ما سجلوه كي ندرس ما تحدثت به معاً وأنا متأكد أنهم لن يجدوا أياً من الأسباب التي تشكل جنحاً عليّ، حاولت أن أعبر عن كون التغيرات التي أجراها (PKK) كانت تحولات إستراتيجية وليست تكتيكية وذلك بالاعتماد على تجربتي في المرافعات التي قدمتها، و كذلك بحكم معرفتي الجيدة لحزب العمال الكردستاني، وبحكم شعوري بالمسؤولية قمت بطرح أفكاري بصدد الحل.

كما تطرقت في مرافعتي لمحاولات الدولة لدخلوها في حوار معنا وقد تحدثتُ سابقاً عن المسئولين العسكريين والمدنيين الذين دخلوا في حوار معنا فإذا كان يشكل هذا جنحاً فإن رؤساء الحكومة ورؤساء الجمهورية والضباط أولئك كلهم مذنبون. إنني أعرف سياسة شرق الأوسط وحزب العمال الكردستاني جيداً، على إثر التطورات التي حصلت في بداية مرحلة إيمرالي ونتيجة رؤيتي المستقبلية جاء إليّ القادة العسكريون في الدولة وقالوا لي: " لماذا لم تنبهنا طالما أنك كنت تعلم أنه سيحصل ما حصل وطالما كنت تميل للحل؟ لماذا لم تخبرنا بأن التطورات ستئول إلى هذه النقطة؟". إلا أنني كنت قد حذرت في ذلك الوقت أيضاً، لقد أشرت إلى هذه المخاطر في كل لقاءاتي وفي كل فرصة وجدتها. تحدثت عن كل رؤيتي المستقبلية، وقد كتبت في مرافعتي الأخيرة حرفياً: "لا تقولوا فيما بعد لماذا لم ينبهنا أوجلان". لقد قلت وكتبت عن ما قد يحصل نتيجة مواقف الدولة من القضية الكردية، حتى أنني كتبت الاحتمالات على شكل ثمانية مواد، هل اقترفت ذنباً لكتابتي هذه الأمور؟ وقد حصلت محاولات الحوار الغير مباشر في هذه الفترة الأخيرة، والآن هل يريدون سكوتي؟ على تركيا أن ترى الحقائق، لقد بينت في مرافعتي ضرورة تليين مفهوم الدولة القومية وقد صرح مستشار الـ (ميت) أيضاً بذلك حيث يتحدث هو أيضاً عن تليين مفهوم الدولة القومية، لقد تطرقتُ لموضوع تليين مفهوم الدول القومية وليس لتغيرها، يبدو أنهم همشوه هو الآخر، هذا مفهوم.

إن السياسة التركية مصابة بالانسداد في هذه الفترة، قد طرحت في مرافعتي حلولاً سياسية لتجاوز هذا الانسداد كما كشفتُ عن مواقف بعض الذين يميلون لاستمرار المشكلة دون الحل. بالطبع ربما يكون هنالك من لا يعجبهم ذلك ويخافون من التأثيرات التي قد تعقبها. لقد عرفت ذلك بعد نشر تصريح رئاسة الأركان في السابع والعشرين من نيسان، لقد قمت بتسليم مرافعتي في صباح اليوم الذي تم فيه نشر التصريح، واضح أن مرافعتي قد خلقت نوع من الانزعاج لدى البعض، أساساً لم يكن ذلك البيان رد على المناوئين للعلمانية أو بصدد زيادة تحفظاتهم العلمانية بل كان هذا البيان في جوهره بيان صادر ضدنا، لقد تلقيت رسالتي، كان رئيس هيئة الأركان يتهمنا بالفاشية في بيان له في الأيام الأخيرة وهذا ناتج عن انزعاجهم الناجم عن مرافعتي. إنه اتهام باطل حيث أن مواقفنا من الميول القوموية، وكفاحنا ضد تلك الميول كان واضحاً منذ سنوات.

لقد بينت في مرافعتي الأخيرة أن تطبيق مفهوم الوطنية الديمقراطية وحده قادر على حل هذه المشاكل وبمقدوره تحقيق الوحدة الوطنية وكذلك وحدة الدولة. تحدثتُ بإسهاب عن سبب كون الدولة القومية لن تكون حلاً وهم ما يزالون يتهمونني بالانفصالية والحقيقة أن كل جهودنا مصبوبة في خدمة تطوير حل ديمقراطي يحافظ على الوحدة دون المساس بالحدود الحالية. إن كل المؤسسات بما فيهم هيئة الأركان نفسه يعبرون عن رفضهم لدولة قومية في الجنوب إلا أنهم أنفسهم من صنعوا هذه الدولة؛ حتى أن رئيس هيئة الأركان قدم نقده الذاتي. هم أنفسهم يقولون أن هذه الدولة تأسست نتيجة سياستهم بصدد المسألة الكردية وتقديمهم الدعم المباشر للطلباني والبرزاني. لقد قلت مراراً فيما مضى بأن شكل الدولة القومية هذا لن يكون حلاً أبداً وها هو حال فلسطين حيث بدأت الحرب بين حماس وفتح، إنهم يقتلون بعضهم البعض برمي بعضهم البعض من الطابق العشرين، أ هذه أخوّة؟ إنها وحشية، كل هذا نتيجة الدولة القوموية وما ينجم عنه من صراع على السلطة، والحال كذلك في العراق أيضاً، فكيف هو هذا الإسلام.؟ يقوم كل من الشيعة والسنة بتقطيع بعضهم الآخر، لقد استمعت من المذياع أنهم يقومون بتفجير مساجدهم أيضاً، إذا كانوا يستهدفون حتى المساجد، يعني حان الوقت لرؤية الحالة الوحشية التي آلوا إليها.

كل جهودي مصبوبة في خدمة منع وصول تركيا إلى هذه الحالة، لكن ومع الأسف ستتوجه تركيا نحوها فيما لو أصرت على سياستها الفاشلة هذه و البعيدة عن الحل. اليوم يتحدث القومويين في جبهة (التفاح الحمر) عن إمكانية القيام بأفعال ضد الأكراد كالتي فعلوها مع الأرمن والأيونيين وهذا سيجلب معه مجازر كبيرة، لا يمكن تطبيق هذا المفهوم في الحياة العملية في يومنا الراهن، حيث أن التوازنات والظروف العالمية ليست مساعدة على هذه الممارسات خاصة وأن الأكراد ليسوا كما السابق دون حماية ودفاع، إنهم يقومون بالدفاع عن أنفسهم.

يجب أن لا تثق تركيا بإسرائيل كثيراً، لم أتطرق لهذا الموضوع كثيراً إلا أنه حان الوقت لأقول: لقد حاورتني إسرائيل في السابق و التقوا بي بالذات و كانت هناك اقتراحات مختلفة لإسرائيل، إذا كنتم تتذكرون فقد حصل هجوم تفجيري ضدي سنة 1996، حينها قامت إسرائيل بتنبيهي، وكلفوني: "يمكننا الحفاظ على أمنك". قاموا بدعوتي، لكن هناك شعبنا في سوريا كذلك في العراق وإيران لم يكن بمقدوري أن أتركهم مرميين أرضاً على وجوههم، ربما كان سيؤثر أي موقف صغير من قبلي على مصير شعبنا هناك، لم أخن شعبي، ولماذا أنا هنا الآن؟ لِمَ أنا في هذه الحجرة؟ يتطلب التفكير عن ذلك قليلاً، رفضي لتلك المقترحات جلبني إلى هذا الحال، يجب أن يعلم ويفكر الرأي العام التركي بهذه الأمور، لو أنني قبلت بتلك الاقتراحات في ذلك الوقت لكانت الأوضاع مختلفة الآن، إن الدولة القومية الكردية التي تتأسس الآن هي بدعم من أمريكا وإسرائيل وقد قلتُ قبل قليل أن رئيس هيئة الأركان أيضاً قد قدّم نقده الذاتي حول ذلك.

اليوم يعد الأكراد من أهم حلفاء أمريكا في شرق الأوسط؛ ربما سيستمر هذا التحالف لخمسين أو مائة عام آخر، ستعتمد الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المرحلة على الأكراد في سياستها الشرق أوسطي، سيحاولون إعادة تشكيل الشرق الأوسط بالاعتماد عليهم، وستعقد الولايات المتحدة الأمريكية علاقات مع كل القوى الكردية في الشرق الأوسط وهذا ساري المفعول لأجل (PKK)، من الناحية الأخرى سيظهر الخطر الحقيقي حين تتفق أمريكا مع إيران. حيث أنني كنتُ قد ذكرت مسبقاُ عن نمو تحالفٍ كردي – شيعي، وحين يتلقى هذا التحالف الدعم من أمريكا وتستمر تركيا في سياساتها البعيدة عن الحل فإن مرحلة تقسيم تركيا ستبدأ حينها. حينها سيولد الحلف الكردي – الشيعي وإذا ما استمرت تركيا في محاولة الإبادة والتصفية الشاملة فإنه من المحتمل أن يعيد (PKK)النظر للظروف والدخول إلى هذا الحلف، لقد كتبت في مرافعتي هذا كتحذير.
استمعت لتصريحات (الصدر)، نعم أعلم، علاقات إيران قوية مع الطلباني، وفي الأساس فقد تحقق التحالف الطلباني – الشيعي، ستنقلب كل الموازين رأساً على عقب مع بدأ اللقاءات الأمريكية الإيرانية، وحين يتطلب الأمر سيتم إقصاء معاداة أمريكا في شخص (أحمد نجادي)، بهذه الحالة سيتكفل الملالي والقادة الدينيون بتغيير نظرته إن تطلب الأمر، إن إيران صاحبة تجربة قوية في ممارسة السياسة حيث أنها تملك تقاليد قديمة في هذا الصدد وقمت بتفعيل هذه الامور في مرافعتي، لقد قلت فيها أن الاتفاق التركي الكردي الذي دام منذ عهد ( ياووز سليم) لخمسمائة عام بدأ بالاهتزاز وأشرت لهذه المخاطر. كان هنالك اعتراف بوضع خاص للأكراد مع الاتفاق المبرم بين إدريس البدليسي و ياووز، كان هناك حكومتين وأربعة أو خمسة إمارات للأكراد، كان بإمكانهم أن يتخذوا القرارات بأنفسهم، استمر هذا الوضع حتى أعوام 1800، وقد حقق ياووز بسط الاقطاعية في شرق الأوسط في تلك المرحلة بالاتفاق مع الأكراد. المطلوب الآن هو الاتفاق الديمقراطي مع الكرد في تركيا والذي سيحقق بدوره انتشار الديمقراطية في كل شرق الأوسط، بالفعل يمكن أن يكون هذا النموذج مثالاً في الشرق الأوسط. إن نجحت تركيا في ذلك فإن كل من إسرائيل – فلسطين – لبنان – وحتى البلقان يمكنهم أن يتجاوزوا مشاكلهم بالاستفادة من هذا الموديل، إنني أرشد طريق الحل الأنسب والأكثر عقلانية ومنطقيةً انطلاقاً من روح المسئولية، إلا أن السياسات البعيدة عن الحل المتبعة منذ بدايات الجمهورية وحتى الآن قد أوصلت تركيا إلى هذا الحال، إنهم لا يتحركون لأجل الحل، إنهم يخافون.

إن مغزى ما ارتأيناه لأجل الحل هو الآتي: حصول الأكراد على حقوقهم الثقافية في كل دولة يعيشون فيها دون المساس بحدود تلك الدولة وبالشكل الذي يعزز الوحدة الوطنية، يجب أن يتمكنوا من التعبير عن أنفسهم بواسطة ثقافتهم ولغتهم، كما يجب إزالة المعوقات التي تسد طريق تنظيمهم سياسياً، وهذا ليس موديل ارتأيته لأجل الأكراد وحدهم، إنه موديل يمكن تطبيقه في كل الشرق الأوسط والبلقان، بالكاد يمكن أن تزول الضغوط والمشاكل التي خلقتها الدولة القومية عبر هذا الموديل. مثلاً يمكن لتركيا أو روسيا أو في كل دولة متعددة الأثنيات أن يطبقوا هذا النظام. إن الأكراد و الشركس و باقي الجماعات الموجودة في تركيا و بهدف حل قضاياهم، سيكون لهم (كومونات) بهدف تهيئة الرأي العام. ما عدا ذلك يمكنهم تأسيس (كومونات) أخرى تتعامل مع المشاكل البيئية و الجنسانية. و سيكون هنالك كونفدرسيون تنضوي تحتها كل هذه الكومونات. الكيانات الفدرالية المتشكلة في الكثير من ايالات الولايات المتحدة الأمريكية تشبه هذا النموذج قليلاً. و الآن ما تسعى الولايات المتحدة لتطبيقه في دول البلقان و خاصة في كوسوفو يذكرنا بحلنا للكونفدرالية الديمقراطية. و كذلك في القوقاز، مثال جورجيا، لأجل تخطي المشاكل التي تعاني منها تسعى إلى تطبيق نموذج كهذا. و لكن أن السمات الامبريالية و الرأسمالية لنظام الولايات المتحدة الأمريكية يجعل من ما تعمل هي على القيام به مختلفاً عن نظامنا. ففي نظامنا القوة الأساسية هم الشعوب و الكادحين

يلعب كل من (DP) و(AKP) الديمقراطية الليبرالية في تركيا. أعتقد أنه هنالك تناحر بينهما في هذا الصدد. كون(CHP) بأنه حزبٌ فاشي قد بات واضحاً للعيان. ليس من الممكن اليوم التحدث عن الديمقراطية في تركيا، ليس هنالك ديمقراطية في تركيا. فـحتى اردوغان أيضاً ليس ديمقراطياً. فالهم الوحيد الذي يشغل هؤلاء هو حب السلطة و الانتهازية. ظاهرياً يبدو و كأن كل من (AKP) و(CHP) يعينون السياسة في تركيا. و لكن ليس لهؤلاء أي تفكير بالشعب. تفكيرهم الوحيد منصب على إستحصال الحصة من الكعكة. أحد الأطراف يحصل على المال من السعوديين و الطرف الآخر من إسرائيل. فإلى أين تذهب الأموال المأخوذة من المقدم؟ يزعمون بأن تحسن الاقتصاد في تركيا، و لكنهم قد اسقطوا تركيا في ديون بمقدار أربعمائة مليار دولار. ففي حال تعمق الصدامات و توسعت الحرب فإن هذه الديون ستتضخم أكثر. يدعي هؤلاء(أي جماعة التفاح الحمر) عن أنفسهم بـأنهم (كماليين) و (أتراك مجانين). و يقولون بأن مصطفى كمال كان (تركياً مجنوناً). لكن، ليس هنالك أي ترابط، فمصطفى كمال لم يكن مجنوناً بتاتاً. عكس ذلك فقد كان قد تصرف بعقلانية وواقعية إلى أبعد الحدود. و لم يقم أبداً بأي حملة مجنونة من شأنها أن تؤدي بتركيا إلى الفواجع. بداية كان قد أنفصل عن المدافعين عن مفهوم الأمة في السلطنة العثمانية داخل الاتحاد و الترقي. بعد ذلك عارض النهج الأنوري(نسبة إلى أنور باشي) الداعي إلى الاتحاد مع أتراك آسيا الوسطى. و كذلك فقد رفض دعوة المستهجنين داخل الاتحاد و الترقي إلى السيطرة على (سلانيك). مع العلم أنه حينها لم يكن قد قامت دولة إسرائيل بعد. كان مصطفى كمال قد سيّر سياسات موائمة لظروف تلك الأيام و قام بعمل ما يتطلب ذلك. فلو عاش هذه الأيام كان سيقوم بتصفية (التفاح الحمر). إن الهم الوحيد لحماة الجمهورية في يومنا هو الإبقاء على الدولة القومية بكل إنسداداتها. ليست لهم هموم من قبيل الديمقراطية. لا يمكن الربط بين مصطلحي الديمقراطية والدولة القومية. و التعنت على مفهوم الدولة القومية سيتمخض عنها الفاشية. وهي من أكبر أعداء الديمقراطية. مع إن الجمهورية و انطلاقاً من تكوينها متوافقة مع الديمقراطية. و ما يجب فعله هو دمقرطة الجمهورية.

الدول الأوربية تتخلى عن مفهوم الدولة القومية. و أخير فإن فرنسا التي كانت تصرّ على الدولة القومية فسوف تتخلى عن هذا المفهوم بعد اعتلاء ساركوزي للحكم. فهذا هو الهدف من قدوم ساركوزي، و سيقوم بذلك بدعم من أمريكا. هنالك بعد الأوساط الصديقة التي تنتقد أفكاري وتدّعي بأن أفكاري قد انحازت إلى الليبرالية. هذه الانتقادات ليست في محلها. أنا أنتقد مفهوم الدولة القومية الصلبة. حسب رأي أنه يجب أن يقدم اليسار في تركيا نقده الذاتي أيضاً بهذا الصدد. فحتى هيئة الأركان تقدم نقدها الذاتي اليوم. كنتُ قد أوضحتُ سابقاً بأن تقربات الجيش الـ(positivists) لا تحل المشاكل. في إحدى تصريحات هيئة الأركان كانت هنالك إشارات إلى كوانتوم و نظرية الأزمة. في يومنا هذا تبقى وجهات النظر الطبقية ناقصة في حل المشاكل. المشكلة تكمن في نقص تحليل السلطة و في قدم تجاوز هذا المفهوم. قلتُ سابقاً بأنه لينين لن يتجاوز مفهوم الدولة القومية و هذا ما أدى إلى انهيار الاتحاد السوفياتي. كان ثلث العالم مدار من قِبل الاشتراكية، و لكن بسبب عدم تحليل مشكلة السلطة و البيروقراطية لهذه التجربة فقد أسفرت عن نتائج سلبية. هذه كانت نوع من الاشتراكية الفرعونية. كنتُ قد أطلقتُ هذا الاسم سابقاً. فهذا نظام شبيه من حيث شكل الإدارة بدولة الكهنة السومريين و الدولة المصرية(الفرعونية). الدولة في هذا النظام في مقدمة كل شيء. و الحريات في المؤخرة. قام اليسار في تركيا بإجراء تحليلات متمحورة حول الكدح فقط. حتى أن ماركس أيضاً كان قد فعل ذلك. و لكن أن هذه التحليلات لوحدها تبقى ناقصة دون تحليل السلطة. أن تحليل الدولة القومية في إطار متمحور للكدح فقط، غير كافي. ميشيل فوكت و أمثاله من المثقفين قد قاموا – ولو كان ناقصاً- بتحليلات حول السلطة. قد شرحتُ هذه المواضيع بإسهاب في مرافعتي. و عبرتُ عن إثباتاتي بصدد الحداثة و ما تمخضت عنها من مشاكل.

لقد استمعتُ إلى أخبار الصدامات من الراديو، حزنتُ لذلك، أ ليس مؤسفاً هؤلاء القتلى؟ يُقال أنه قد قُتل رائد (بينباشي) و عقيد (يارباي) و جندي في شرناخ. و حسب مقتل هذين الضابطين فإن عدد القتلى من الجنود أكبر بكثير. فأنا كنتُ أشير في مرافعتي إلى هذه الأخطار. قلتُ بأنني أعرف (PKK) جيداً، لـ (PKK) ثلاث مراحل دفاعية. مرحلة الدفاع الخامل(passive)، مرحلة الدفاع الفعّال و كمرحلة ثالثة ففي حال تم فرض الإبادة الكلية حينها تدخل مرحلة الدفاع الكلي على المسار. فكيف قيّموا أقوالي هذه على أنها أوامر، على الرغم من أنهم يعرفون جيداً بأن هذا غير ممكن في ظروفي التي أقضيها هنا. أنبه وأتكلم عن (PKK) الذي أعرفه. إن استمرت هذه المرحلة على هذه الشاكلة و إن زادت الصدامات و أُدخلت مخطط الهجوم العام على المسار حينها سوف يزداد عدد الأنصار خلال سنتين حتى خمسين ألف على أقل تقدير. لـ (PKK)القوة التي تؤهله للذود عن نفسه. أعرف هذا. بأنهم سيضطرون إلى محاربة خمسين ألف من الأنصار في جبال زاغروس وباقي المناطق الأخرى. فهم لم يصغوا لتحذيراتي. قلتُ بأن القنابل الحية ستنفجر، و قد حدث ذلك في الحقيقة. ما هو مستوى الالتحاق؟ أعتقد بأن الالتحاق كثيف للصفوف. ما هو وضع (PJAK)، أعتقد بأن مستوى الانضمام كثيف من سوريا و إيران.

الصدامات بين ايران و (PJAK) ليس ذو أهمية و إن تطلب الأمر يمكن تجاوزها. إن هاجمت تركيا و سعت للإبادة، سيضطر الأكراد حينها إلى الدفاع عن ذاتهم، هذا قانون الطبيعة، حتى كائنات وحيدة الخلية أيضاً تدافع عن نفسها. لذا فإنني كنتُ قد حذرتُ من قيام الأنصار بمثل هذه العمليات الفدائية.

المناقشات حول الحملة على الجنوب مستمرة. هذا لا يجلب الحل، يحاولون تطبيق التكتيك الذي طبقوه على سوريا فيما مضى. يعملون على تطبيق ما فعلوه مع سوريا سنة 98 الآن على العراق، و لكن هذا غير ممكن، كون الظروف مختلفة الآن. حينها كانوا قد حصلوا على دعم إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية و لكن اليوم تبدو اسرائيل و الولايات المتحدة بجانب الأكراد. لن يكون بالإمكان عبر التهديدات و الضغوط أرضاخ العراق كما فعلوها مع سوريا. بالإضافة إلى أنه هنالك نواحي أخرى لسبب خروجي من سوريا سنة 98. و لم أشأ إدخال سوريا في وضعٍ صعب.

بحسب الأنباء الواردة في الإعلام يبدو أنه قد انعقد مؤتمر الشعب. أعتقد بأنه قد تم اختيار أسم (KCK). كنتُ قد اقترحتُ أقامة مؤتمر الشعب الوطني(Kongra Netewiya Gel) ضمن مؤتمر الشعب، حيث بإمكان جميع الأكراد المشاركة فيها. ارتأيت أن يشارك فيها كل الأكراد الكردية بما فيهم (kdp) و(ynk)، و أن تلقى القبول في الساحة الدولية و تكون محركاً للقرار الوطني. أرى بأن نداءهم لأجل الكونفرانس الوطني أمر ايجابي، كنتُ قد اقترحته سابقاً.

كنتُ قد اقترحتُ هيئةً رئاسية لنظام (KCK) يبدو بأنهم قد طبقوا ذلك. بالإضافة إلى تاريخ الثامن عشر من أيار، يزعمون بأنني قد أمهلتُ حتى هذه الفترة، هنا يوجد سوء تفهم في الأمر. بوضع تاريخ الانتخابات بعين الاعتبار قلتُ أن تكوين مناخ هادئ سيكون ايجابياً، و أنه يمكن إعطاء فرصة لظهور إرادة للحل مواكبةً مع انتخاب رئيس الجمهورية الجديد. بهذا الصدد و قيمت المطالب التي وصلتني و قمتُ بنداء لإعلان وقف إطلاق النار. و لكنني أوضحتُ بأنه يجب إلا يكون ذلك من باب المماطلة و الخداع و في حال حدوث ذلك سوف يصعب الحل أكثر. أقول ألا يسعى أحد إلى تصفية (PKK) من خلالي. قلتُ أن هذا من المستحيلات. و لكن و حسب النتيجة لم يُنتخب رئيس الجمهورية، و أُجلت الانتخابات، و استمرت و زادت الحملات الهجومية. لم يتمخض أمور سلبية من القمة المنعقدة البارحة أليس كذلك؟

استمعت من المذياع؛ و كأنهم يتحدثون عن قرارٍ لوقف إطلاق النار، هل هنالك شيء من هذا القبيل؟ ستستمر الصدامات طالما تكون الحملات مستمرة. و طبيعيٌ جداً بأنهم سيحمون أنفسهم. يبدو وكأن هذه المرحلة ستدوم حتى الانتخابات. في مرافعتي الأخيرة و في المرافعات السابقة كنتُ قد قدمتُ اقتراحاتٍ واضحة لأجل الحل. و كذلك أوضحتُ بأنه حتى تاريخ الثامن عشر من أيار أي حتى انتخاب رئيس للجمهورية، في حال إظهار الدولة لإرادة الحل جدياً، سيكون بالإمكان إسكات الأسلحة و إزالتها. المهم هو إظهار حسن نيتهم بشكلٍ صريح.

إن كان (كنعان ايفرين) في طرف حلٍ حقيقي و كذلك بالنسبة لـ (آغار)، حينها يمكن عقد اللقاء معهما. يكفي أن يسعوا بشكل صميمي لحل المسألة. الآن يُراد جعل مئات الناس كحماة قرى(مرتزقة) بهدف إبادة الگريلا. يسلحون هؤلاء لأجل هذا الهدف. بطبيعة الحال أن التسلح الفردي بنسبة مرتفعة جداً في تركيا. كنتُ قد قلتُ أنه بدلاً من ذلك يمكن مع حلٍ ديمقراطي تحويل الگريلا إلى ميليشيا شعبية مسلحة. أي يمكن تحويلها إلى جناح(فرع) من قوات لحماية الشعب. كذلك هنالك الذين يتقربون في الآونة الأخيرة بنقدٍ ذاتي، قد تطرقتُ إلى هذا الأمر في مرافعتي أيضاً، إن نهجي واضح.




Passive : كلمة انجليزية تعني منفعل، غير فعّال، هامد، كامن، سلبي و عكسه هو (Active) أي فاعل، فعّال، نشيط...
(Enverist)النهج الأنوري: بالنسبة إلى الفاشي التركي أنور باشا أحد الأركان الرئيسية لجمعية اتحاد و الترقي القومية تسبب في الكثير من المآسي للشعوب و سرّع في انهيار السلطنة العثمانية بسبب أخطائه.
(EMEP): حزب الكدح. حزب يساري تركي.
ميشيل فوكت: (Michael Foucault) مفكر و فيلسوف فرنسي(1926-1984). له العديد من الدراسات و النظريات و الكتب الفلسفية. من مؤلفاته: تاريخ الجنون. ولادة العيادة. الكلمات والأشياء. حفريات المعرفة. المراقبة والمعاقبة
(SDP): الحزب الاشتراكي الديمقراطي. حزب يساري تركي.