كلمة القوى السياسية في البحرين في مهرجان صرخة ألم


فاضل الحليبي
2007 / 6 / 4 - 11:26     

أنها بالفعل صرخة ألم، وصرخة قهر على الظلم والفقر في بلد يعرف بين دول العالم بأنه بلد نفطي، وتعيش مئات الأسر في حالة فقر وحرمان من أبسط متطلبات الحياة المعيشية لإنسان يعيش في القرن الحادي والعشرين، بلد يزداد فيه الفقير فقراً، ويكثر فيه الجشعون الذين يسرقون لقمة العيش من أفواه أطفال ونساء وشباب بلدنا، لتنتفخ بطونهم بالآلاف والملايين من الدنانير في ظل ارتفاع أسعار البترول، وتزايد الإيرادات والأرباح، التي يجب أن تُوظف في صالح التنمية الشاملة وتحسين الأوضاع المعيشية لأبناء شعبنا، الذين يعانون من ظروف في غاية الصعوبة والقسوة في ظل ارتفاع الأسعار للسلع والبضائع، وتدني الأجور وتقلص فرص العمل، وازدياد الباحثين عن العمل ، ومقدمو طلبات الإسكان بالآلاف فيما يزداد تدني الخدمات الصحية والتخبط في وضع مخرجات صحيحة للتعليم وغياب الشفافية في الوزارات والمؤسسات الحكومية، واستشراء الفساد الإداري والمالي، وجيل واسع من الشباب لا يعرف مستقبله.

حين تصنف تقارير التنمية البشرية البحرين على أنها تحتل مكانة متقدمة بالنسبة لمتوسط الأجر الشهري البالغ 912 ديناراً للرجل و302 ديناراً للمرأة، فإن هذه الأرقام لا تخفي تفاوتاً في الدخول بين الرجل والمرأة بنسبة واحد إلى ثلاثة فقط، وإنما تخفي تفاوتاُ فظيعاً على مستوى المجتمع ككل. حقيقة أمر الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا نجدها في أرقام أخرى. فهناك أكثر بكثير من 30 ألف شخص من المسجلين لدى التأمينات الاجتماعية يتقاضون أجور تقل عن 200 دينار شهرياً، إن علينا أن نضيف إلى هؤلاء عشرات الآلاف من العاملين لحسابهم الذين لا يغطيهم نظام التأمين الاجتماعي ولا يحققون دخلاً كافياً، وآلاف المتقاعدين الذين يحصلون على أقل من 200 ديناراً شهرياً، والمهمشين اجتماعياً الذين يعيشون على القليل من معونات الدولة التي لا تفي بأدنى احتياجاتهم، وأخيراً ما لا يقل عن 12 ألف عاطل عن العمل من المسجلين وغير المسجلين لدى وزارة العمل والذين يمثلون الفقر بأسوأ تجلياته. إذا ما احتسبنا كل هؤلاء فسنجد أنفسنا أمام صورة قاتمة لتدني الوضع المعيشي الذي يعانيه ما بين ثلث ونصف الأسر البحرينية. إذا ما أمعنا النظر في كل ذلك فسنجد أننا لا نزال بعيدين عن إمكانية تحقيق برنامج الأمم المتحدة لتقليص الفقر بنسبة 50% حتى عام 2015. وفي هذا المضمار فقد سبقنا عدد من الدول الفقيرة كبنغلادش بالرغم من استمرار ارتفاع أسعار النفط " والفوائض " المالية التي أنصبت على البحرين خلال السنوات الأخيرة. وليس سراً أن " الناس اللي فوق " من ذوي الامتيازات الكبيرة هم الأكثر إستحواذاً على خيرات النفط وخيرات البلاد. هؤلاء يحبسون المال العام عن تلبية حاجات الناس المعيشية وحاجات التنمية الحقيقية في نفس الوقت.

المعارضة في مجلس النواب بين المطرقة والسندان لا تستطيع أن تكرس لتقاليد نيابية حقيقية، في الرقابة والتشريع في ظل الصلاحيات المنقوصة، وفي ظل التركيبة الحالية لأعضاء المجلس، لهذا يتطلب منها مزيداً من التشاور والتنسيق بين قوى المعارضة الموجودة خارج المجلس، لطرح المواضيع الهامة، وفتح الملفات التي لا زالت تقلق الناس وتؤجج المجتمع نحو مزيد من الاحتقانات السياسية والاجتماعية والأمنية.

ففي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطن تتفاقم القضايا المجتمعية، لأسباب عدة، ارتفاع الأسعار، تدني الأجور، وحرمان فئات واسعة من المواطنين من العمل في وزارتي الدفاع والداخلية، الاستمرار في سياسة التجنيس الخاطئة والمضرة بمستقبل هذا الوطن وأجياله المقبلة، وتأثيراتها واضحة للناس، بلد فيه كثافة سكانية عالية ، ولا تتوافر فرص العمل لأبنائه، تجنيس من هب ودب، دون الالتزام حتى بقانون الجنسية الصادر في عام 1963.

ويتشدق المسئولون بممارسة وتطبيق القانون، فعن أي قانون يتحدثون في بلد تنتهك قوانينها وتشريعاتها، ويضيق فيه على الحريات العامة بصدور القوانين المقيدة والمعطلة، التي تعيق تطور التحولات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في بلدنا، وأين الدولة من التطبيق والالتزام بمواد الدستور الذي يقول في مادته التاسعة في باب " المقومات الأساسية للمجتمع "،
– تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين.

كما ينص في المادة (13) على ان العمل واجب على كل مواطن، تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، ولكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقاً للنظام العام والآداب.

ب- تكفل الدولة توفير العمل للمواطنين وعدالة شروطه. إين الدولة من هذا في التطبيق والممارسة.

ان القوى السياسية تعمل من أجل توفير حياة كريمة لإنسان هذا الوطن ، لكي يعيش بكرامة لا تسلب منه حقوقه ، وأن تتحقق مطالبه العادلة، وأن يتعظ المسؤولون من تجارب الدول الأخرى، فالفقر والحرمان من العمل والسكن تؤدي إلى نتائج سلبية وتعمق من المشاكل والاختلافات في المجتمع. على الدولة أن تكون صادقة وأمينة في تعاطيها مع مواطنيها، وأمن المواطن من أمن الدولة واستقرارها وتطورها وازدهارها، وانطلاقاً من هذا، نناشد جلالة الملك، بإطلاق سراح المعتقلين والموقوفين، طالما صدر أمراً بوقف إجراء المحاكمة عن الأستاذ حسن مشيمع ورفيقيه، فلماذا يبقى الشباب في المعتقلات والسجون، وأن يتم إعداد وتأهيل وتدريب العاطلين منهم، لكي يتمكنوا من الانخراط في سوق العمل، من خلال توفير فرص عمل حسب مؤهلاتهم وكفاءاتهم، كما نطالب الدولة بأن تضع أمام الشعب خططها لحل مشكلة الفقر في البلد، بدل أن تستمر في التباهي بالمكرمات التي تريد لها أن تكون مسكنات بدل المعالجة الحقيقية للمشكلة، ونطالب النواب بأن يكونوا عند مسؤولياتهم في مساءلة الحكومة عن هذه الخطط بدلاً من تضييع وقت الناس ووقت المجلس في معارك ومناوشات تافهة.

عضو المكتب السياسي للمنبر الديمقراطي التقدمي