مفهوم الخير و الشر في الديانات


الرفيق ايمن
2007 / 5 / 21 - 11:51     

تحدثت الديانات القديمة سواء التي أخذت طابقا أو مجرد تحديدات أخلاقية عن مفهوم

الشر والخير كمحاولة لتنظيم العلائق الاجتماعية حسب نمط سياسي وثقافي وديني محدد، وتوطيد علاقات الإنتاج والمواقع الطبقية للطبقة السائدة وهنا تأتي فكرة الثالوث والحرب الدائرة بين الخير والشر واللعنة الأزلية للشيطان وماساته ما بين العشق والوفاء والنبذ .
وهنا سأحاول أن اتعاطى مع عدة مقاربات لديانات قديمة من الديانة المصرية، البراهماتية البوذية و أسطورة الشرير في الديانات السماوية :
1الأسطورة المصرية وقد عرفت الديانة المصرية القديمة زخما من الأساطير طبعت وأعطتنا صورة عن الواقع المصري ، فكلنا يعلم القيمة التي كانت لكهنة المعبد والذين كانوا أول المدافعين عن النسق السياسي المتواجد وعن قداسة الفرعون المتمثل في الالاه فنجد روح رح رع أو آمون تحل بالفرعون فيصير التشكل البشري للرب، مهنا يأتي انعكاس صراع الفراعنة في نفس الأسرة على الحكم، فنجد النمط السائد لديهم حيث كان الأمر يتعلق بزواج المحارم، فنجد أسطورة ايزيس ايزيريس وست تعكس هذا الواقع في مجتمع مصر الفرعونية حيث يتزوج الأخ من أخته لذا نجد نموذج الفرعون اخناتون كان بجسد غريب نوعا ما نظرا لعلمنا بخطورة زواج الأقارب وكيف الأخوة، هنا كانت الأسطورة تتحدث عن اوزيريس وهو كان يمثل ألاه الخضرة أو رمز الخير وايزيس المرأة/ الأرض العطاء وهي أخته وست رمز الموت والجفاف وهو الأخ الثالث لهما، من هنا يبدو لنا الصراع القائم بين الفراعنة الإخوة حول الحكم، فينعكس على مستوى الأسطورة فالفرعون "الطيب " أو اوزيريس الأب الطيب والزوج الطيب ورب الخضرة من ينتصر كل مرة بفيضان النيل، وايزيس الأرض/ العطاء التي ترتوي من ماء النيل والذي يتمثل في اوزيريس الخضرة، وست الذي يمثل الجفاف وانحسار ماء النيل، من هنا نجد أسطورة الخير والشر وثنائيتهما ومصدرهما الواحد فكل من ست واوزيريس من ذات الأم فهي ذات وحدة الليل والنهار تضادهما وتعاقبهما، وحدة المتناقضات، فهنا نجد الأسطورة كانت تعكس أيضا واقع وهموم المجتمع المصري القديم والتأويلات الدينية للجفاف والتي تأتي في مسار فكرة القدر وتأويل الإشكالات الطبيعية والجفاف لمخلوقات وهمية تتعلق بالميتولوجيا التي خلقها كهنة المعبد ضامنو استمرار النسق السياسي القائم، فهنا نجد مفهوم فحولة الإلهة ونجد إن مفهومها كان جنسيا محضا لما لأهمية استمرارية الجنس البشري من أهمية، فهنا نجد نموذج بعل/ ادونيس/ وهم آلهة قديمة في الديانات الشرقية التي تأخذ طابع الفحولة وهو نفس الأمر بالنسبة للديانة المصرية القديمة وهنا نجد أن قتل ست لاوزيريس وتفريقه لجسده على بقاع مصر ، وكيف أن ايزيس كانت تخاف على حملها والذي يمثل محاصيل ضفاف النيل من ست رمز الجفاف ، وكيف أن وايزيس بعد أن جمعت ايزيس كل أجزائه لم تجد عضو الذكورة فيه ليتحول إلى الاه الموتى، وهنا نجد المجتمع الفرعوني وإيمانه بالحياة الآخرة وحتى حق الاستمرارية فيما بعد الموت كان يؤخذ طابعا طبقيا فنجد الفرعون له الحق في التحنيط وبالتالي إيجاد صورة لائقة في الحياة ما بعد الموت هو والأثرياء عكس الطبقات الفقيرة التي لم يكن لها هذا الحق، وهذا ينطبق على كون المجتمع المصري كان مجتمعا عبوديا وطبقيا. وهنا نجد استمرارية الحياة تأتي من خلال الفرعون الابن وهنا نجد نموذج حورس الصفر من حاول الثار لأبيه من أخيه عم حورس رمز الشر، وهذه الأسطورة تظهر وتعكس مدى تشتت المجتمع الحاكم الفرعوني .

2 الأسطورة البراهماتية أو ثالوث الديانة البراهماتية براهما فيشنو وشيفا، لقد انحدرت الديانة البراهاتية من الفيدية وهي الأساس الأولي للهندوكية
لقد مثل الثالوث الهندوكي براهما فيشنو شيفا ثالوثا متناقضا متكاملا في نفس الآن مثل الصراع الدائم بين الخير والشر بين الفوضى العبث والنظام عاكسا توازنا خطيرا بين مفهوم النظام والنسق السياسي والإيديولوجي القائم .
فنجد المجتمع الهندوكي مجتمعا طبقيا بامتياز حيث كانت طبقة المنبوذين تعد الطبقة الممنوعة من الإقامة بين الناس، نابذا للمراة فنجد الاسطورة القديمة تقول بان شعبي الباندافا والكورافا قاما برهان فكان ضمن الرهان أراضي وامرأتهم المشتركة دروبادي والتي كانت أنثى الباندافا فكان أن قام الكورافا بعملية الغش في اللعب وحاولوا تقاسم اللذة مع دروبادي أمام الكورافا، هنا نرى إن المرأة مثلت في تاريخ الشعوب قمة اللذة ربما أحيانا كانت المنبوذة أو تم اعتبارها شيئا ليكون حولها الرهان كأنها خالية من أي إنسانية الشيء الذي كان يتجسد من خلال إحراق المرأة الهندوكية حية مع موت زوجها وإحراق رفاته كأنه لا بقاء لها إلا معه ربما كان إحساسا زائدا من الرومانسية الدينية الزائدة حد الدموية والقتل و لربما هو اعتبار المرأة جزءا من متاع الرجل ترحل معه حين يرحل كما أثاث أو ذهب الفرعون حين يذهب معه نحو العالم الآخر.
وقد بني الثالوث الديني الهندوكي على 3 آلهة شيفا فشيفا أو تاما مثل الالاه المدمر القادر المنتقم من يحطم كل شيء ليحيله ويرجعه نحو العدم ، القادر على سلب الحياة ، و اللذة ، و الصبر، إنه ينبع من الجهل وينبثق عنه، يخون الأحياء ويربطهم بعالم من الإهمال الكسل. يمثل رمزا للذة للتدمير للعدم وللفوضى وهو الجلاد المنتقم للمخطئين في مقاربة خطيرة مع صورة الأب عند المسيحيين . وهنا نجد شيفا يملك مبعوثا يذهب لاخذ ارواح الاحياء وهنا نجد ان شيفا يدمر العالم مرة كل مدة من الزمن ليعيد براهما خلقها.
ربما ا ن حاولنا جيدا وجدنا نفس الصورة التي أعطتها مجموعة من الديانات القديمة لكن مع اختلاف ناتج عن طبيعة المجتمعات فأحيانا ما كان الالاه امرأة عشتار اينانا نموذجا فنجدها الآهة الخصب لكن تمثل العاهر و المبجلة القديسة و الفاجرة ، وحتى من خلال أسطورة جلجامش حيث يراها قمة العهر فينبذها مع تقربها منه باعتبارها لا تفي لرجل فينبذها، لما يحيلنا للأسطورة الدينية التي تتحدث عن حواء واللعنة الأزلية وإخراج الرجل من الجنة بالغواية واستباحة أكل الفاكهة الممنوعة بوسوسة من الشيطان ، لكن كل الديانات أعطت المرأة صيغة وصفة المكر فنجد الإسلام ذاته يقول بان " كيدهن لعظيم" في القران .
فنجد الأسطورة بالمقابل إن الأسطورة الهندوكية أخذت طابعا رجوليا تمجد شخص الرجل فنجد الشخصية ألاهية الطيبة ذات الطابع الذكوري والتي تتمثل في الرب فيشنو والروح القدس أو براهما
براهما كان يمثل القوة الخفية الشمولي والشامل الواهب لكل شيء من علمه فاق كل علم والذي يحاول إعادة كل شيء نحوه كمركز للكون لحمايته، يحاول حماية الصفاء والنقاء في الأشياء يطهرها، يجمع الناس برباط الحب والفرح،
وأحيانا وهم المعرفة. انه الالاه البهي قمة الطهر من يتجسد ويبقى بطهور يته وهو يحيلنا على شخص المسيح من حاول فداء الناس وتطهيرهم بدمه في الديانة المسيحية .
أما الوحي والناطق بالحق فقد تمثل في فيشنو الذي يمثل الوحي القدرة على الإيصال والتعبير حالة اليقظة الدائمة القدرة على الفعل والطاقة الخلاقة .

لقد مثل مفهوم الثالوث ووحدة المتناقضات في الأديان الرب القادر وصورة الشرير توحده بالخير حتى نجده أحيانا يكسب كل الصفات اللاهية ليخلق اسطورة لا تنتهي .

يتبع .
امل