رسائل مفتوحة من اجل نقاش مثمر


محمد الخباشي
2007 / 5 / 9 - 11:22     

على اثر ما كتبت عن حزب الطليعة، توصلت بما يزيد عن 130 رسالة عبر البريد الالكتروني، وأخرى عبارة عن تعليقات على مقال ما في بعض المدونات التي أدرجت فيها تلك المقالات دون علمي. منها ما تقاسم فيها الرفاق آرائي، وضمنها بعض من العتاب والمؤاخذات، وحتى السب والقذف أحيانا. ولأن الرسائل لم تكن في معظمها نقاشا لما ورد في مقالاتي، بل تمس شخصي وابتعدت عن النقاش الهادف ومقارعة الأفكار، فإنني أعود إليها، ليس دفاعا عن نفسي، بل توضيحا لبعض ما أسيء فهمه بحسن نية أو ربما بسوء نية. و أريد بالدرجة الأولى، أن أصحح بعض المغالطات التي نسبت إلي زورا من طرف بعض المهرولين دون تمحيص. وسأبدأ بالأكثر وقاحة علني أصل إلى وعد قطعه أحد الرفاق الذين أكن لهم الود والاحترام، ولازلت أنتظر وفاءه.


الرسالة الأولى: الخنازير تستحم في الأوحال

هذه البداية الساخنة فرضها علي صاحب رسالة نسب الي ما لم اكتبه ولم أقله على الاطلاق. تعليقا على مقال ما كتب احد "الطليعيين الحقيقيين" ما يلي : "... لست ادري اين كان الرفاق مثل الخباشي طيلة هذه السنين وهذه المدة ليطرح لنا الآن هذه الافكار..." هذا سؤال اعدك بالاجابة عليه في هذه الرسالة. فقط تحملني وأقرأ ما سيأتي.
فضل الأخ الفاضل عدم الرد على مقالي، وبدأ يضرب اخماسا في اسداس، فاختلطت عليه الامور. وصلى حمدا لله وشكره بزعمه ان الحوار المتمدن سحبت مقالي الذي لا يستحق النشر، أو كما قال ليس له مكان في الحوار المتمدن. أولا الحوار المتمدن لم تسحب مقالي من العدد الذي نشر به، إنما سحبت مقالا أعيد فيه ما سبق أن نشرته، وأرسل اليها بإسمي، وبعد مراسلتي للحوار المتمدن، تم سحبه، والمقال الأصلي الذي وقعته باسمي لازال بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن. ثانيا، وهذا هو الذي يحز في النفس هو مصادرة الرأي. فعوض ان يهم ليدافع عن القيم النضالية والديمقراطية وو.. سر لأن المقال صودر!!!، فرضا ان ذلك حصل فعلا، أقول له ولغيره انني لم أبدأ بالكتابة عبثا أو دون هدف. وبالتالي لا يمكن الا أكون حريصا على عدم الانزلاق الى الصبيانية. يمكن للقارء ان يعود الى كل ما كتبت، وسيلاحظ أنني لم اتطرق الى أي شخص في كيانه أو ذاته. كل ما كنت أناقش، كان سلوكيات ضمن هيئات حزبية ولم احمل المسؤولية لفرد دون غيره. أشير بهذا الى ما ورد في بعض الكتابات، وخاصة بعض التعليقات، لشخص معين، الذي مس في شخصيته وإسمه. أطمئنك أيها الأخ العزيز أنك تستحق أن تكون وكيلا للنيابة العامة، حيث توزع التهم مجانا. لا يمكن أن أسمح لنفسي ولأي كان أن يعمل على تقزيم مشاكل الحزب وتشخيصها في فرد واحد. وحتى لو وقع ذلك فمن المفروض الا يمس في شخصه، بل يحاسب على أفعاله. لم اتطرق في ما كتبت لا لأحمد بنجلون أولغيره، ولم القبه لا باحميدة ولا بمحمود، بل كنت أوجه اللوم الى قيادة الحزب دون تمييز. أما ما نسبته الي ، سامحك الله، فإني أعتبره عملا صبيانيا وعملا غير مسؤول. كيف تريد، وأنا الذي أدعي الصواب فيما أقول، أن أعطي فرصة مجانية لك ولغيرك، كي تعتبر ما أكتب مجرد تصفية حسابات، أو عملا هداما....... لست هنا مدينا لأحد ولا مجبرا على التبرير انما تلك هي الحقيقة، ولا تنقصني الجرأة لأاكرر ما قلت لو أني فعلا فعلت ذلك.
أما زعمك ان ما كتبته هو من قبيل العمل المأجور أو الذي لا يقل خطورة من المخزن، فإنه كلام مردود عليه، لأن الأكثر خطورة هو الانسياق وراء الاوهام والتعويل على حصان أعرج كي يقود عربة الانقاد. بل الأخطر هو السكوت بمجرد ما يتم توريط أحد الفرسان في هيئة اسمها اللجنة المركزية، لاحتوائه. وعكس ما تدعي، فإنني أعترف دوما أن الحزب له فضل كبير علي. علمني الانضباط التنطيمي والاخلاقي والسياسي....الخ، بدليل انني لم يحصل يوما أن تخليت عن واجباتي، أو كل ما يتم تكليفي به. كما أني لم يسبق أن كنت نقطة في جدول أعمال للمحاسبة نتيجة تصرف ما أو تقاعس في مهمة ما. لكن بالإضافة الى ذلك، فإن الحزب، حين انتسبت له وأنا بالكاد أتممت سنتي العشرين، علمني ألا أكون خروفا يساق بسهولة. علمني أن أرفض الظلم مهما كان مصدره، فرفضت الوضع اللاديمقراطي في المجتمع، فهل من المعقول أن اقبله في حزبي الذي أعتبره بديلا مجتمعيا مصغرا؟؟؟؟ فضلت لو كان هذا النقاش ضمن احدى لجان المؤتمر. وهنا سأبدا بالاجابة عن سؤالك السالف الذكر، "اين كنت طوال السنين؟". منذ أول اجتماع للمجلس الوطني للحزب الذي حضرته بصفتي عضوا بالمكتب الوطني للشبيبة الطليعية، طرحت ضرورة اعادة النظر في طريقة اشتغال تلك الهيئة، لتكون لها صلاحيات التقرير الفعلي في شؤون الحزب، لأنني أعرف أن القرارات الحزبية لا تتخد في الهيئات، وهذا كلام سبق أن ذكرته فيما سبق. طرحت ايضا توصية لفتح أوراش البحث والنقاش في القضايا التوحيهية والسياسية التي مازالت لم توضح، لأنني اعرف انها قد تكون سببا في هز كيان الحزب. آنذاك تدخلا عضوان من الكتابة الوطنية لقطع الطريق أمام هذا الامر ولا داعي لذكر الاسماء. وبعد ذلك، كنت عضوا باللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس، وتبين لي أن محاولة التأثير على الآلة البيروقراطية والاخطبوط التنظيمي الفاسد، أمر مستحيل، وأشبه بمصارعة الطواحين الهوائية. فضلت أن أنسحب بهدوء ودون إثارة أية بلبلة. وأدكرك اني انتميت للحزب بمحض ارادتي، ومن حقي ان انسحب منه بملء ارادتي أيضا. ولكن لا يمكن أن ادع الامور تسير كما يريد البعض، ولما قدرت أن الوقت حان لأبدأ الصراع، فقد فعلت، والعبرة بالنتيجة. ولكن في كل هذا الوقت لم أحاول التأثير على أحد، وحتى الاصدقاء، لأني صاحب مشروع لن يولد بمجرد رغبتي. هذا جزء من الاجابة، أما الجزء الأخر فإني احيلك على الذين بعرفونني، لأني لم أكن عضوا بالحزب بمجرد اني اردد نشيدا بجمعية ما أو بصرخة في جمعية المعطلين أو بنقطة نظام في احدى حلقات النقاش بالجامعة. حين كنت بالحزب، تفرغت تماما للعمل الحزبي بتفان واخلاص، ولا يستطيع احد ان ينكر ذلك. ولأن هذا السؤال بالذات فيه رائحة بوليسية، فإنني ساكتفي بهذا، ليس خوفا بل لكي لا اضطر الى كشف المزيد من الاشياء التي اعتبرها الاخ اسرارا تنظيمية. كما انني كنت احترق ألما لما كانت بعض الاقاليم تفرض حظرا على المكتب الوطني للشبيبة، ومنها اقليم فاس. ولا نملك اية سلطة تنظيمية، لأننا كنا حريصين على عدم اذكاء حرب دائرة في الخفاء، ورفضنا ان نكون حطبها. وهنا استطيع ان أؤكد انني تخليت عن مهمة تنظيمية بأحد الاقاليم لما أدركت أن استمراري فيها سيشعل فتيل حرب بالكتابة الوطنية للحزب. ففضلت أن آخد كل اللوم لحسابي وحدي من اعضاء الشبيبة بذلك الاقليم واللجنة الوطنية للقطاع الطلابي الطليعي، ومن المكتب الوطني للشبيبة، وهذه مسألة لم افسرها حتى لأعضاء المكتب الوطني للشبيبة.
وأكرر مرة أخرى أن ما تحسبه أسرارا، كان أسرارا علينا نحن المناضلين. وقد سبق أن ذكرت ذلك ولا داعي لاعادته، الا إذا كان يرغب الأخ أن اذكره مرة أخرى. أكرر أنني لست في حاجة للتبرير، لأني لم أكن مدينا لأحد بأي شيء، ولا يملك أحد اية وسيلة ضغط ضدي. وفي كل ما بدلت من جهد في سبيل بناء الحزب، لم أكن انتظر مكافأة من أحد. ولم أكن على الاطلاق متسلقا يطمح الى "الكرسي". لم يسبق لي ان اختلقت مشاكل أو اتنافس مع رفيق على "منصب" ما. وحتى عضوية المكتب الوطني للشبيبة، بعض الرفاق من اللجنة الوطنية هم من رشحني. ولو كان الامر غير ذلك، ما انسحبت من عضوية اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس، وأظنك تفهمك قصدي.
اشاطرك الرأي ان غسيل الحزب كما اسميته، هو أنظف غسيل. هذا صحيح، لانه لو كان العكس ما كتبت عنه اصلا. ولأني اريد أن تزال كل الشوائب عن ذلك الغسيل النظيف، بدات بفضح الممارسات المريضة لأخطبوط الفساد التنظيمي. وأذكرك ان المتآمر الحقيقي هو من يسعى الى جر الحزب الى أعتاب المخزن، والى فتات الموائد الدسمة لأذناب البرجوازية الهجينة. ولكن صرختي لن تتوقف لحظة واحدة لفضح هذا المسار الذي اصبح خطا سياسيا تابتا. وبلاتاكيد ساعود الى مناقشة كل الالهام الذي نزل علينا لتبرير المشاركة في الانتخابات، والحرب الديماغوجية التي تلت بعض التصريحات التهليلية. وساذكر الذين بدأوا يستدلون بلينين تبريرا للخذلان، انهم يوما ما أشعلوا فتيلا، احتجاجا على مقال ما أخد فيه لينين نصيبا ما، وأقصد من كانو ينعثون المقال باللغة الخشبية. وحتى لا نتهم كمن يريد أن يفسد عليهم نشوة الانتصار، وكي لا يقول امثالك أني السبب في انتكاسة الحزب في الانتخابات-لا قدر الله- فأني سأنتظر ان ينتهي "عرس كبورة".
مسألة اخرى يشير اليها بعض الرفاق والاصدقاء، هي اني اتحمل جزءا من المسؤولية. هذا امر صحيح. ولم يسبق أن تهربت منها. أنا أتحمل جزءا من المسؤولية عما آلت اليه أوضاع الحزب، والشبيبة بصفة خاصة، لأني لم أصرخ بما فيه الكفاية، ومهما كانت النتائج. وأعترف أن بعض حسابات المكتب الوطني السابق، وأنا عضو فيه، كانت خاطئة. ولكن تبريرا للمسار الخاطئ الذي سارت فيه قيادة الحزب، يقول البعض أن هذا الذي ينتقد يتحمل المسؤولية ايضا عما حدث. هذا تضليل ما بعده تضليل. ومنطق تبريري خسيس، إذ كيف يوضع الجميع على نفس الكفة وعلى نفس الدرجة من المسؤولية!!!! وأتمنى الا يحملني الاخ العزيز وزر نتائج المؤتمر الأخير للجمعية المغربية لحقوق الانسان. وتلك ليست الا بداية واعدة للادارة الجديدة لشؤون الحزب.

مسألة أخيرة، لا اظن ايها الاخ المحترم أنك تملك وسيلة لقياس درجة النظافة لدى المناضلين، وأن بإمكانك التمييز بين الطليعي المزور والطليعي غير المزور.
أخيرا، لأنني لا احب حوار الوطاويط، اخبر الجميع انني سأنشر كل الرسائل التي توصلت بها، ليعرف الناس والمناضلون حقيقة بعض الاشخاص.
والسلام
الرسالة الثانية : الوصايا الابوية... الى الجحيم