بداية مأزق الانتصار الأمريكي السهل


منيف ملحم
2003 / 8 / 7 - 04:03     


لم يستفق قادة البيت الأبيض بعد دخولهم بغداد من نشوة الانتصار السهل والسريع حتى أخذت تبهت الصور التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية عن حرب" التحرير" التي أطلقها بوش.فمع اكتشاف تدمير كنوز الثقافة العراقية و تدمير البنية التحتية( ومنها بشكل أساسي بنية الخدمات، ماء، كهرباء، مستشفيات) إلى الفوضى والنهب وفقدان الأمن والتلوث البيئي.ومن ثم التراجع عن الوعود التي أعطوها "لحلفائهم" العراقيين بشأن المؤتمر الوطني المزمع عقده بعد "التحرير" وتشكيل حكومة عراقية ديمقراطية. وصولاً إلى تشكيل المجلس الانتقالي العراقي (الأفضل تسميته مجلس الطوائف والذي يخطط المحتل إلى جعله نموذجاً لعراق الغد" الديمقراطي" ) و التعامل مع العراق وكأنه شركة أمريكية تعمل بمستشارين عراقيين يتراجع حماس عرب أمريكا للغزاة ويدخل الانتصار السهل مأزقه ويدخل معه حلفاءه والمصفقين له.                             إن المفاجئة الأكبر للجندي الأمريكي(بعد أن كان قد وعد من قبل قادته بأن العراقيين سيستقبلونه بنثر الورود) هي المقاومة والرفض التي أبداها المواطنون العراقيون للاحتلال سواء من خلال التظاهرات السلمية المطالبة بخروج المحتلين أو من خلال العمليات العسكرية التي أفقدت العسكري المحتل صوابه فأخذ بإطلاق النار على كل شيء عراقي يتحرك في منطقة العمليات(بلغ عدد القتلى العراقيين في يوم واحد 100 قتيل، وبلغ معدل عدد العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية 15 عملية في اليوم).                                 إن محاولة واشنطن الضغط على بعض الحكومات لإرسال قوات عسكرية إلى العراق في محاولة لإعطاء الاحتلال غطاء دولي والتضحية بجنود هذه الدول بدلاً من التضحية بجنودها لن تشكل مخرجاً للمحتلين. كما إن خارطة"الطريق" ومشروع بوش الابن لإقامة منطقة تجارة حرة في" الشرق الأوسط" ودافوس البحر الميت ليسوا إلا تكراراً واستمراراً لمشاريع بوش الأب ( مؤتمر مدريد و الشراكة الشرق أوسطية) الرامية إلى احتواء المنطقة تحت المظلة الأمريكية- الإسرائيلية كما إنها تأتي لتلميع صورة أمريكا التي تبهت بسرعة بعد كل انتصار سهل وسريع.                                                                                 
فبعد انتهاء العمليات العسكرية لبوش الأب عام 1991 أظهرت نتائج الحرب للرأي العام العالمي كم كانت خادعة ومضللة أهداف هذه الحرب وكم كانت كارثية على المنطقة العربية. فبعد التدمير المجنون وغير المبرر للعراق وشعبه والتلوث البيئي للمنطقة وتحميل العرب كلفة الحرب، ظل طاغية بغداد في السلطة، لا بل ساهم الأمريكيون بشكل غير مباشر في المذابح التي ارتكبها النظام العراقي في الجنوب والشمال ضد الشعب العراقي. ولتلميع صورة بوش الأب في أعين العالم وعرب أمريكا كان مؤتمر مدريد بأحد أهدافه. واليوم وفي ظل المأزق الذي يواجهه الاحتلال الأمريكي للعراق. فأن مشاريع بوش الابن (خارطة الطريق، ومنطقة التجارة الحرة، ودافوس البحر الميت) بالإضافة إلى كونها تأتي ضمن   إطار الهيمنة الأمريكية ومشروع العولمة الليبرالية الجديدة للمنطقة العربية فإنها ترمي إلى تلميع صورة المحتل في أعين عرب أمريكا.                                                                                                   
إن تعميق مأزق الغزاة المحتلين لمنعهم من تحقيق أهدافهم يتطلب منا مساندة ودعم كل أشكال النضال للشعب العراقي من اجل إقامة عراق حر وديمقراطي خال من الديكتاتورية والاستعمار. ومساندة ودعم كفاح الشعب الفلسطيني من اجل تحرير أرضه وإقامة دولته. كما سنسعى إلى فضح سياسات العولمة الرأسمالية لدافوس البحر الميت ومواجهتها كونها تأتي في سياق العولمة الرأسمالية المتوحشة التي تحاول طغم رأس المال فرضها على شعوب العالم من جهة ومحاولة خلق مركز إمبريالي إسرائيلي في المنطقة العربية من جهة أخرى .                                                                                                   

البديل 5