الفلتان الأمني في معان نتيجة حتمية لسياسات فئات غير مسؤولة


وليد حكمت
2007 / 3 / 2 - 12:20     

في الاجتماع الذي ضم كبار المسؤولين في الحكومة المحلية في مدينة معان في منزل احد وجهاء العشائر حيث اقيمت وليمة حضرها عدد كبير من شيوخ العشائر وحيث كانت تلك الدعوة على شرف محافظ معان الجديد اللواء عبد الفتاح المعايطة حيث تخلل هذا اللقاء طرح مجموعة من القضايا الخطيرة التي تتعلق بالمدينة ومنها قضية الفلتان الامني وازدياد نسبة السرقات التي تجتاح بيوت الآمنين دون ان يكون هناك اي اجراء أمني رادع من شأنه ان يخفف من حدة هذا الفلتان وتلك الاعتداءات

حينما نجلس مع بسطاء الناس ونتداول الحديث حول اهم القضايا التي تتعلق بالمدينة نشعر بعمق الاحباط واليأس الذي يحمله هؤلاء بحيث لا يرون اي بصيص امل يمكن ان يساعد في ايجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والمدنية المتعلقة بهذه المدينة فالفلتان الامني ونهب الاراضي وتسييد رعاع القوم على رقاب الناس وسيطرة اشياخ البلطجة العشائرية ونهبهم لاموال البسطاء وتغلغل سلطة القيادات الحكومية والشعبية الرجعية وسيطرتها على مفاصل الامور في المدينة واحتكارها للوظائف والمناصب وتعزيزها لعصابات نهب الاراضي والفساد المالي والاداري في الدوائر الحكومية لتشكل بمجموعها لوحة بشعة قبيحة ترمز الى توحد السلطة مع الفساد مع الرجعية مع الاستبداد وهدر حقوق الانسان الذي يرافقه التخلف الثقافي والاجتماعي والاقتصادي
لا نريد ان نفصل قضايا مدينة معان عن قضايا الاردن فنحن جزء من كل فهذه القضايا تطغى على مجمل العلاقات الاقتصادية والنظام الاقتصادي والاداري والسياسي الاردني فالفردية والتسلط والفساد الاداري والمالي والسيطرة الطبقية الرجعية هي من يفعل ما يشاء وياخذ ما يشاء متى شاء واينما شاء دون ان يكون هناك نظام رقابي مؤسسي ديمقراطي او رقابة شعبية مباشرة مستندة الى سلطات قضائية وتنفيذية وتشريعية مستقلة عن بعضها البعض جاءت بطريق شرعي هو الانتخاب المباشر لتلك السلطات

في كل مرحلة يتم فيها تعيين محافظ جديد او مدير شرطة او يتم فيها انتخاب نائب برلماني جديد يتفاءل الناس الذين يبحثون عن الامان لهم ولاسرهم ومستقبل ابنائهم الذي بات مهددا في ظل التخلف المركز والفلتان الامني المتفشي في المدينة ولكن سرعان ما يصيب بهم الاحباط والنكوص لان الاحوال تبقى كما هي بل تزداد سوءا ثم يتساءلون ما السبب وكيف الحل وما المخرج من تلك الحالة المستعصية.. فالكثير من ابناء المدينة فضلوا الهجرة من المدينة نظرا لسوء اوضاعها الامنية والاجتماعية والاقتصادية ولكن الكثير من السكان آثروا البقاء مجبرين تحت ضغط الظروف الصعبة التي تمنعهم من الهجرة
قبل عامين تم تعيين مدير الشرطة الاسبق محمد العطين الذي اظهر براعة في التواصل مع الناس ووضع خطوط عريضة لسياسة جديدة هدفها التقليص من السرقات والاعتداءات كما كان يدعي كما انه باشر في اعادة هيكلة ادارة السير والمروركما باشر ايضا بالتخلص تدريجيا من القيادات الشعبية المخدراتية المفروضة على السلطات الامنية من قبل اصحاب القرار في عمان ولكننا حذرنا الناس ونصحناهم بان لا يكثروا من التفاؤل تجاه هذا الشخص الذي هو عبارة عن شخص تنفيذي ليس بيده تغيير سياسات مضت عليها سنون طويلة وحافظت عليها البرجوازية البيروقراطية ورسختها لاعتبارات خاصة بحق المدينة فهناك سياسات ثابتة تجاه المدينة من قبل اصحاب القرار في عمان لن يغيرها مدير شرطة او محافظ او اي مسؤول آخر هذه السياسات شعارها نعم للتخلف نعم للاستبداد ومصادرة الحريات نعم للفلتان الامني اتركوا اولئك المروجين يدمرون الاسر والعائلات الفقيرة بسمومهم نعم لنهب الاراضي وحرمان الكادحين من حقوقهم التاريخية نعم لتزوير الانتخابات نعم للبلطجة العشائرية نعم لهدر المال العام ... غير ان اولئك المسؤولين غالبا ما يخضعون لاملاءات تلك الجهات التي تصدر لهم الاوامر وتلزمهم بتلك السياسات وكثيرا ما نشاهد اولئك المسؤولين يحتضنون البلطجية ويمنحونهم التراخيص الرسمية لممارسة البلطجة والارهاب بحق ابناء الشعب في معان وفئاته المقهورة
وهاهي المدينة حتى الآن غارقة في التخلف البيئي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي منذ سنوات طويلة خلفت وراءها الفقر والقمع والعزل والشتات للفقراء والموظفين الصغار والمهمشين بينما انتفخت اذيال البرجوازية و تضخم ملاكو العقارات الجشعون وزعماء عصابات ترويج المخدرات اصحاب المكانة الاجتماعية و متلقو بطاقات البريستيج الرسمي كما تضخم افراد عصابات الاراضي والسماسرة والبلطجية العشائريون الرجعيون كل تلك الفئات القميئة استولت على حقوق الناس الابرياء واقامت صروحها على دمائهم وشقائهم وعرقهم
بينما نرى باعيننا ونسمع بآذاننا كل يوم الترويج الكاذب الآثم الذي يقصد به اطالة امد استغلال هذه الفئات واذلال المواطن الفقير الترويج لمن ولاي شيء ؟؟؟ الترويج للمشاريع التنموية الوهمية الكاذبة وذاك السراب الخادع ليتم تخدير الكادحين والمقهورين بتلك الاكاذيب ... وكل من يتابع الوضع ففي معان يكتشف هذا الامر جليا ومن الذي يروج ويقوم بهذه المهمة الخسيسة ؟؟ انهم المستفيدون من استغلال باقي الناس ونهب اموالهم واراضيهم فالصحافة الرخيصة تقوم بجزء من هذه المهمة وشيوخ العشائر الرجعيون واذيالهم من صغار الشطار والعديد من ارباع وانصاف المثقفين الاسميين وغيرهم من الانتهازيين اصحاب الضمائر المزيفة الذين يطبلون ويزمرون للفساد والقمع والنهب واذلال الانسان
دعونا نرى باعيننا اين هي تلك المشاريع الاقتصادية يا من تروجون وتزعمون.... واين هي الوعودات التي اغدقتها الحكومات تلو الحكومات ثم بانت سرابا في ارض بلقع يلهث وراءها المخدوعون به تلك الحكومات التي لم تقدم لنا سوى القمع وقتل المدنيين الابرياءكما قدم لابنائنا السجون والمعتقلات
ان السياسات الثابتة والسلبية التي تتخذها وتمارسها فئات غير منتتمية او مسؤولة وطنيا تجاه مدينة معان تشكل خطورة وتهديدا على مستقبل المدينة وسكانها كما انها لن تولد الا العنف والردة والتطرف والارهاب وها نحن نشاهد بام اعيننا نتيجة تلك السياسات وافرازاتها كما اننا نعتقد بأن استمرار الضغوط على مدينة معان واستمرار العزل الاقتصادي عليها هو اجراءات متعمدة القصد منها اخضاع سكان المدينة وتفتيت البنية الاجتماعية الصلبة كما ان تلك السياسات الخطيرة يقصد منها تقويض اية تجمعات شعبية من شأنها ان تهدد مصالح البرجوازية مستقبلا ايضا اخضاع الناس على القبول بالسياسات الاقتصادية الجديدة وعلى رأسها اقامة مناطق صناعية مؤهلة ومشاريع اخرى تجبر الفقراء على الانخراط فيها بابخس الاثمان والرضى بشروط المتنفذين الراسماليين المستبدين