الاستبداد البيروقراطي يسطو مجددا على غذاء اطفال البادية الاردنية


وليد حكمت
2007 / 2 / 23 - 12:06     

ربما يدعونا الامر الى شيء من الاستغراب والتساؤل حينما تطالعتنا الصحف المحلية بالخبر الذي افاد بعدم زيادة موازنة التغذية المدرسية لهذا العام بحسب تصريحات مدير التعليم العام في وزارة التربية والتعليم والتي كان من المتوقع زيادتها حتى تتساوق مع اعداد الطلبة الجدد المحتاجين لها الأمر الذي سيؤدي بالتالي الى حرمان اكثر من مائة الف طالب في مختلف مدارس المملكة المنتشرة في كافة ارجاء الوطن من تلك التغذية البسيطة التي تشكل لدى الكثيرين من تلك البراعم الصغيرة الوجبة الاساسية وخصوصا في المناطق ذات الفقر المدقع والبرد القارس والظروف المعيشية الصعبة كالبادية الجنوبية في محافظة معان فهم من اكثر المتضررين بتلك القرارات وتلك السياسات ان جاز لنا التعبير فتلك القرى والمناطق النائية التي تضم بين جوانبها الفقر والعوز والحاجة الملحة تنتج ظواهر تدعو الى اعادة النظر باحتياجات تلك الفئات والتي على رأسها اشكالية سوء التغذية وقلة الموارد والنقص الحاد في الحاجات المعاشية الضرورية التي حتمتها عليهم الظروف البيئية والاقتصادية والاجتماعية القاسية
ان مثل تلك القرارات ربما لن تؤثر بحدة على الكثير من طلبة المدارس وخصوصا تلك المدارس التي تقع في مناطق متوسطة او حسنة الدخل ولكنها بالضرورة ستؤثر سلبا على طلابنا في البادية الجنوبية وقرى منطقة معان والذين هم بامس الحاجة لتلك الحقوق التي تلغيها القرارات البيروقراطية في وزارة التربية والتعليم
فماذا لو تتبعنا واستعرضنا بعضا من المشاريع الفاشلة التي اتخمتنا بها وزارة التربية والتعليم منذ اعوام طويلة ولا زالت تكابر وتكابر وتهدر الملايين في سبيل ان يظهر فلان بصورة الانسان المثقف الذي يسعى الى تطوير التعليم والنهوض به ولو كان ذلك على حساب المعلم والطالب والمسيرة التربوية ولماذا يتم تقديم تلك الكماليات والمشاريع الفردية الفاشلة على الامور الخطيرة والمهمة والاساسية في التعليم والتي بدونها لن يكون هناك تعليم صحيح او بيئة تعليمية صفية سليمة وتلك المشاريع والكماليات التي لم تثبت نتائجها المتوقعة كما هو معلوم للجميع بل واثبتت على العكس تراكما روتينيا ثقيلا اثقل كاهل المعلم والطالب في آن واحد ... فقضية تغيير وتعديل المناهج في كل عام بشكل غير ممنطق وغير مدروس وخصوصا للصفوف الدنيا وهذا التعديل والتغيير ينفق عليه مبالغ لايستهان بها دون ان تكون هناك اي حاجة ملحة لها بالمقارنة مع المستوى الاكاديمي الآخذ في التدني لدى طلابنا مع مرور الزمن وان كنا ندرك ان خضوع اصحاب القرار في وزارة التربية والتعليم وخصوصا مديرية المناهج والتأليف الى شروط المنظمات الدولية في ايجاد مناهج تؤسس لثقافة الجهل والتخلف والعبودية فيتستفيد الفئات البيروقراطية صاحبة احتكار التاليف المبالغ المالية بينما يعاني طلابنا من مآسي تلك المناهج المشوهة او لنأخذ قضية طباعة رسالة المعلم التي تتكدس بعشرات الآلاف من النسخ بعد تقتطع اثمان تكاليفها من راتب المعلم الكادح دون اي يكون لها اي قيمة علمية محكمة او قيمة ثقافية جديدة في عصر الاقتصاد المعرفي والتي كان بالامكان ان تنشر على الانترنت وعلى موقع الوزارة باثمان زهيدة ولمن رغب من المعلمين على الاطلاع على ما فيها مع قناعتنا الاكيدة بنفور المعلم واشمئزازه عندما يرى تلك المجلة التي لا تعبر الا عن الجمود والتراجع والحشو وهذه الابجديات يعرفها جميع المعلمين بلا استثناء .. او لنأخذ قضية خدمات ال ( ايد يو ويف) الالكترونية التي روجت لها البيروقراطية المزمنة في الوزارة ولو تساءلنا كم تكلف من الاموال الباهظة التي تذهب هدرا وبدون داع سوى الفائدة التي تجنيها البرجوازية التجارية في شركات عمان واعوانها والداعمين لها والمنسقين لعطاءاتها

فلا يجني المعلم من تلك التقنيات الشكلية سوى التعب والارهاق والمزيد من الروتين الممل الذي لا جدوى منه والذي يولد القهر والقمع مع تحفظنا الكامل على مدى سرية المعلومات وعدم اختراقها تقنيا من قبل آخرين او مدى جدية واهمية تلك التقنية للتعليم في الوقت الحالي ونتحدى ان يدخل أي معلم على هذه الشبكة في ساعات الصباح وحتى الظهيرة الا بعد معاناة ومشقة نتيجة للضغط على تلك الشبكة البدائية او لنأخذ قضية مشتريات مديرية المكتبات في الوزارة التي تقوم بشراء آلاف الكتب بمبالغ طائلة لتقوم بتوزيعها على مكتبات المدرسة وليس هذا هو بيت القصيد فالمطلع على عناوين الكتب التي يتم شرائها يدرك من خلال معرفته بمؤلفي تلك الكتب التي لا تشكل بمجملها مشروعا تثقيفيا تعليميا يؤسس لمستقبل ثقافي جاد ونحن على ثقة اكيدة بأنه لو عرضت تلك المؤلفات على لجان متخصصة بهذا الشان وطالعتنا بالنتائج لأدركنا بأن المحسوبيات والمصالح الشخصية التي تكرسها مديرية المكتبات مع زبائنها الكتاب المغمورين والفاشلين اصحاب الطبعات الرديئة تهيمن على كثير من السياسات والقرارات في اروقة الوزارة والتي تعكس اخطاءها على الطالب والمعلم والمجتمع وعلى
مجمل سير العملية التعليمية التربوية
ولو تتبعنا بعضا من اسماء المؤلفين الذين تشتري الوزارة مؤلفاتهم باثمان باهظة وباعداد كبيرة لعرفنا بأن غالبيتهم من اقارب المتبقرطين في الوزارة او من الوزراء الاردنيين السابقين الذين لا تكفيهم رواتبهم وحوافزهم فارتأوا الى ان ينهشوا ما تبقى من قوت المعلم الكادح
ان فئات الطلاب الفقراء والمحتاجين في المناطق الاقل حظا في بادية معان وقراها هم المتضرر الأكبر من تلك السياسات الفردية التي لا تبالي بالصالح العام لطلابنا ولا تدرك مخاطر عدم العناية باحتياجات تلك البراعم الصغيرة وخصوصا قضية التغذية المدرسية