في ذكرى اغتيال المفكر التقدمي حسين مروة


مازن لطيف علي
2007 / 2 / 15 - 09:39     

عشرون عاماً على رحيله
تمر هذه الايام الذكرى العشرون لاستشهاد المفكر الأممي حسين مروة أحد أهم رموز الثقافة العربية في القرن العشرين الذي اغتيل في بيروت 18 شباط 1987
أعتبر حسين مروة من الأوائل الذين لفتوا انتباه اليساريين الى أهمية قراءة التراث العربي الإسلامي برؤية تقدمية فاتحاً الطريق للعديد من الباحثين لتكلمة المشوار.. الطيب تيزيني، هادي العلوي، مثلا.. ففي مشروعه الكبير (النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية) الذي قضى عقد نم الزمن لانجازه، قدم مروة قراءة للتراث العربي الإسلامي بلغة ومنهج ماركسي مثيراً بتلك القراءة والتفسير جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والمتطرفة منها، فكتاب النزعات المادية ذو أهمية معرفية وثقافية وسياسية كبيرة، لكنه ينتقد النزعات كونه كتاب أيديولوجي محكوم من حيث تأسيسه واستنتاجاته مسبقاً برؤية ماركسية، لكن منجز مروة المتميز لم يكتمل والسبب هو اغتياله من قبل قوى الظلام وخفافيشها الذين سيطر عليهم مارد التعصب فاغتالوا مروة بكاتم الصوت واغتالوا معه الجزء الثالث معه (كان الجزء الثالث) بحث في الفلسفة

العربية في المغرب العربي، أبن طفيل، ابن رشد، ابن ماجه.. ويبقى ليظل السؤال ساطعاً دائماً ما هي الفائدة التي جناها الفاعلون من اغتيال مروة؟.

ولد حسين مروة في جنوب لبنان لأسرة محافظة على 1910 أرسله والده الشيخ علي مروة الى النجف عام 1924 للدراسة في الحوزة العلمية، تعرف مروة على حسين محمد الشبيبي وتوطدت علاقتهما فكان أن أعطاه الشبيبي كتاب (البيان الشيوعي) الذي سهر مروة ليلتين لقراءته حسب ما روى مروة نفسه وكان السبب الأول في بداية معرفته بماركس رغم تأخره عنه، بدأ التحول الفكري لدى مروة يأخذ منحى علمي في بداية الاربعينيات من القرن العشرين، يعترف مروة انه يرتبط بالعراق وقضيته ونضاله، فبعد أن أصدر نوري السعيد قراراً باسقاط الجنسية عنه وإبعاده خارج العراق كتب مروة مقالاً بعنوان (أنا عراقي.. وأن) نشر في جريدة صوت الأحرار البغدادية يوم 16 حزيران عام 1949 أي بعد اسبوع من خروجه من العراق، مثلت مدينة النجف التي عاش فيها مروة بلورة التأسيس الفكري لدى مروة والكتابة الأدبية في بداية حياته، لكن بعد استيعابه وتبنيه للفكر الماركسي واختياره الطريق لتوجهاته الذي (اعتبره) بداية وجود العدالة الانسانية والاجتماعية في هذا الفكر الذي دفع حياته ثمناً لاعتناقه إياه، بعد طرده من العراق اعيد الى لبنان لينضم الى الحزب الشيوعي اللبناني بعد ان حرمه نوري السعيد من ممارسة نشاطه السياسي داخل العراق.
كتب في جريدة الحياة زاوية يومية (مع القافلة) على مدى سبع سنوات انتخب عام 1965 عضواً في اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اللبناني وترأس تحرير المجلة الشهيرة (الطريق) من عام 1966 حتى 1987، عضواً في مجلة النهج الصادرة عن مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي، وقد درّس الشهيد مروة مادة (فلسفة الفكر العربي) في الجامعة اللبنانية – بيروت.
أصدر مروة العديد من الكتب، منها:
1)الثورة العراقية
2)قضايا أدبية.
3)دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي.
4)تراثنا كيف نعرفه.
5)النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية.
6)ولدت شيخاً وأموت طفلاً (سيرة ذاتية).
7)دراسات في الإسلام ـ بالاشتراك مع باحثين ـ.
كتب العديد من المقالات في جريدة الطائف النجفية والصحف العراقية والعربية، كتب عنه الكثير من الدراسات وأقامت له ندوات سنوية إحياءً لذكراه العطرة
قالوا عنه
*(أن حسين مروة ماركسي، وفي ماركسيته يتمثل الإسلام من دون أن نلجأ الى الإسقاط لأنه في شخصه كمفكر يجتمع على خلفيتين من تحصيله الثقافي هما التراث والماركسية، وقد دخل إليهما من خلال الإحاطة بمصادرها، مع طريقة في التعامل الوجداني مع مصادره التي منحته المصداقية العالية) هادي العلوي.
*(لقد خلق مفكرنا الفذ وراءه كتباً لا يخترقها النسيان، وبقي لنا منه أبحاث في التراث أضاءت الماضي كي نتبصر المقبل ونسجت العروة الوثقى بين تراثنا القديم وأجيالنا الشابة بعد ان كشفت لهذه الأجيال القيم الإنسانية الرفيعة التي يختزنها هذا التراث) د. اسعد دياب.
*(كان حسين مروة امتداداً مبدعاً لما سبقه من إبداع في الدراسات التراثية، ولكنه أعاد بناء رؤيتنا للتراث الفلسفي مبرزا ماضيه من كنوز الفكر المادي الموضوعي الذي طالما غيبت وما زال يغيب عند أغلب من يكتبون عن هذا التراث، فضلاً عن كشفه لحقائق الصراع الطبقي في قلب التراث الفكري والأدبي والديني والثقافي عامة، بغير جمود منهجي أو ايديولوجي) محمود أمين العالم.
*(أن ارث حسين مروة الفكري “والفلسفي منه خصوصاً” يمثل حالة جديدة من الاختيار المعمق للنتائج التي وصل إليها، وكذلك للمنهج الذي سلكه في إنجازه) د. الطيب تيزيني.
*(حياة حسين مروة تصلح للتاريخ لمرحلة لم يكن ربما بداية رحلة، إذ أنه التحق بالركب متأخراً، ولكنه بالتأكيد نهاية مرحلة، كان مصرعه مؤثراً لمأساويتها الكبرى، بالقدر الذي تصلح فيه المأساة عنواناً لهذه المرحلة) د. انطوان سيف.
*(ان فقيدنا الكبير الدكتور حسين مروة، الذي كان يتمتع ببصيرة نافذة، ونظر ثاقب، وفهم عميق للتطور الاجتماعي، وكان رائدا في اكتشاف خطورة الدور المعوق الذي يفضي إليه وجود وعي زائف، وأهمية الدور البديل الذي يضطلع به الوعي العلمي في تأسيس مشروع نهضوي جديد للعرب) د. حامد خليل.