قصائد للشاعر الروسي العظيم الكسندر بوشكين - بمناسبة ذكرى رحيله في عام 1837

إبراهيم إستنبولي
2007 / 2 / 11 - 12:29     


تحتفل روسيا في العاشر من شباط من كل عام بأيام بوشكين . فبعد أن تعرض للاستفزاز من قبل المبعوث الهولندي ضابط الخيالة دانتس ، و ذلك بسبب قيام هذا الأخير بتلويث سمعة بوشكين و عائلته و بدفع و تشجيع من قبل سلطة البلاط ، اضطر الشاعر العظيم – " أسير الشرف " كما دعاه ليرمنتوف في قصيدة رثائه الشهيرة " مقتل شاعر " - أن يدعو دانتس للمبارزة ، التي تمت في السابع و العشرين من كانون الثاني من عام1837 بالقرب من بطرسبورغ .
جُرح بوشكين جرحاً عميقاً .. صارع بوشكين الموت على مدى يومين دون أن يفقد وعيه ليقول كلمته الأخيرة : " انتهت الحياة " و ليسلم الروح في التاسع و العشرين من كانون الثاني ( الموافق للعاشر من شباط حسب التقويم الحديث في روسيا ما بعد الثورة ) .

I
من سلسلة " محاكاة القرآن "

أقسم بالشفع و بالوتر ،
أقسم بالسيف و بمعركة الحق ،
أقسم بنجمة الصبح ،
أقسم بصلاة العصر .

كلا ، أنا ما هجرتك .
فمَن إذن شملتُ برعايتي ،
و أنزلت السكينة عليه ،
و حميته من المطاردة القاسية .

ألستُ أنا الذي سقيتك
من ماء الصحراء في يوم العطش ؟
ألست أنا الذي وهبت لسانك
سلطاناً عظيماً على العقول ؟

كُنْ شجاعاً إذن ، احتقر الخداع ،
اتبع درب الحق بهمة عالية ،
أحبب اليتامى ، و بشر بقرآني
للمخلوقات الضعيفة .
2
يا نساء النبي الطاهرات ،
يا مَن تتميزن عن كل النساء :
بالنسبة لكنَّ مرعب شبح الخطيئة .
في ظلِّ الطمأنينة الرغيد
عِشْن بتواضع : وجب عليكن
حجاب الفتاة العازبة .
و لتحفظنَ قلوبكن وفيةً
لأجل التنعّم شرعاً و حشمة ،
و لكي لا ترى عيون الكفار
الماكرة وجوهكن !

و أنتم ، يا ضيوف محمد ،
حين تتوافدون للسهر عنده ،
احرصوا على ألا تعكروا
النبي بشؤون دنياكم .
عند تحليق أفكاره بالصلوات
هو لا يحب المتحذلقين
و الكلام الفراغ غير المحتشم :
اكرموا مائدته بوداعة
و بانحناء عفيف
لزوجاته الشابات .
II
على تلال جورجيا
على تلال جورجيا يخيم ليل مظلم ؛
و أمامي نهر " أراغفا " يهدر .
أشعر بالغمِّ و بالراحة ؛ حزني مشرق ؛
حزني بكِ مفعم ،
بكِ ، بكِ وحدكِ ...
لا شيءَ يمضُّ شجني ، لا شيءَ يُقلِق ،
و القلب يشتعل من جديد و يعشق –
أن لا يعشق هو يعجز .
III

بلا عنوان
إن خدعتك الحياة ،
فلا تحزنْ ، و لا تغضبْ !
في اليوم الشجي اهدأ ،
يوم الفرح ، ثق ، لا بد آت .
القلب يحيا في المستقبل ،
فالحاضر كئيب !
كل شيءٍ عابر ، كل شيءٍ سيمضي ،
و ما سيمضي - سيصبح أجمل .

IV

القوقاز

القوقاز تحتي . وحيداً أقف في القمة
فوق ركام الثلوج عند حافة التيار المندفع ؛
و نسر ، قد انطلق عن قمة مقابلة ،
راح يحلّق بموازاتي في مكانه بثبات .
من هنا أرى ولادة الجداول
و أولى حركات الانهيارات الثلجية الرهيبة .

الغيوم هنا تمشي تحتي بوداعة ؛
و من خلالها ، و هي تتساقط ، تضج الشلالات ؛
و تحتها كتل هائلة لجلاميد عارية ؛
و هناك في الأسفل طحالب هزيلة و شجيرات جرداء ؛
و هناك أيضاً أدغال ، ظلال خضراء ،
حيث تزقزق عصافير و تجري أيائل .

و هناك أيضاً يعشعش أناس في الجبال ،
و تزحف نعجات في التيارات الداهمة ،
و يهبط الراعي إلى الوديان البهيجة ،
حيث يعدو أراغفا بين الضفاف الظليلة ،
و يختبئ في ثغر ٍ فارسٌ بائس ،
حيث يعبث تيريك بفرح عارم ؛

يعبث و يئن ، كما الوحش الفتي ،
عندما يرى الطعام و هو في قفص من حديد ؛
و يضرب الشاطئَ بعدائية عبثية
و يلحس الصخور بأمواجه الجائعة ...
عبثاً ! لا طعام يوجد له و لا سلوى :
فالجلاميد الضخمة الصماء
تضيق الخناق عليه بشراسة .
1829