بأي ذنب قتلت؟؟؟


رامي مراد
2007 / 1 / 12 - 11:51     

كانت ليلة سوداء كليالي عديدة سبقتها سمائها مليئة بالنجوم التي تتلألأ كأنها دموع في عيون طفلة بريئة , تستقبل روحا بريئة لسيدة طاهرة تحمل في أحشائها روحا لم تقرر أن تأتي بعد وفجأة ودون إنذار سابق باغتتها مجموعة من الرصاصات فسقطت جثة السيدة وخرجت روح الجنين ليس الى هذا العالم بل الى جوار ربها تشكو إليه أنها وئدت بأسلوب جديد ليس كما وئد مثيلاتها من الفتيات في عصور جاهلية سابقة، فهذه المرة قتلتها عدة معادن صفراء حاقدة ليست صهيونية أو أمريكية، فلو كانت كذلك لكانت الروح فرحة مزغردة كونها نالت الشهادة وسارت الى الجنة , لكنها كانت أي هذه الرصاصات قد خرجت من فوهة بندقية فلسطينية كانت في طريقها لتخترق قلب فلسطيني آخر .
هرعت مسرعا إلى حيث سقطت السيدة ورجوت نساء الحي ورجاله أن يخرجوا جميعا مهاجرين الى الشوارع كي يقولوا بأجسادهم كفى عبثا بإنسانية الإنسان الفلسطيني , كفى لعبا بأرواح بريئة ... واجهوني بكلمات دخلت الى قلبي كسهم حيث قالوا " وإحنا مالنا ؟, خلينا بعيد أحسن , ملناش دعوة بهدول وهدول .....الخ ". فقلت وبدون تردد أكانت السيدة مجندة , أكانت الطفلة في أحشائها مدججة بالسلاح , أكان الطفل الذي قتل في أزقة وشوارع قطاع غزة مع هذا ضد ذاك ,. لقد كانوا جميعا خارج اللعبة لكنهم أقحموا فيها فدفعوا أرواحهم ثمنا لعبث ثلة مأجورة تقتل الناس ولا تلقي لهم بالا كأنهم دجاجات يستعدون لذبحها وإعدادها كوليمة في يوم الجمعة.
سالت الدموع على وجنتي وأنا اردد كلمات بسيطة ترجو كل الناس، تخاطب إنسانية الفلسطيني، كفى سلبية فالحل بأيديكم أيها الشباب , أيها الشيوخ , أيها الأطفال , أيها الزهرات , أيتها النساء , كلنا معرضين أن نكون هذه السيدة وجنينها البريء في أي لحظة تندلع فيها الاشتباكات بين نقيضي الصراع فكل الذين سقطوا أو معظمهم لم يكن لهم ناقة أو جمل هنا أو هناك فقد كانوا مارة في أزقة وشوارع القطاع أو جالسين على أسطح وشرفات بيوتهم .
إنني أسأل الجميع بأي ذنب قتلت هذه السيدة ؟ , بأي ذنب قتلوا جميعا ؟ من المسئول عن شلل عشرات الشباب والأطفال بأيدي فلسطينية ؟ , ومن المستفيد هل انتصرت جماعة فلسطينية على جماعة فلسطينية أخرى ؟ هل غنمت جماعة فلسطينية الغنائم بقتلها الآخرين ؟ , هل انتهينا من عدونا اللدود الذي زرع الموت والرعب بيننا فاقتلع الشجر ودمر الحجر وقتل الإنسان ؟ هل حررت فلسطين من أعدائها ؟ .عدت أدراجي متجها إلى بيتي وأنا أحدث نفسي بما سبق من الأسئلة. وفجأة ودون أن أدري وأنا اعزل من السلاح بعيد عن الانتماءات الحزبية أو السياسية لا تربطني علاقة بهذه المجموعة أو تلك أصبت بعدة طلقات نارية فسقطت لتحتضنني أرض البرتقال الحزين أرض فلسطين وصعدت روحي لتكون شاهدا على ظلم وعبثية المتقاتلين من أبناء الجلدة الواحدة فهم أقصد مجموعاتنا الفلسطينية العملاقة التي تقصف بعضها البعض بكل أنواع السلاح الذي عجزت عن تسديده في وجه عدونا الحقيقي , لم يعدو سوى شباب فلسطينيون حاقدون لا يلقوا بالا لأي قضية إنسانية وليس لهم علاقة بالوطنية من قريب أو بعيد .