نوبل والحيل الشرعية في دعم الرأسمالية العالمية


حميد كشكولي
2006 / 12 / 13 - 11:27     

من المعروف أن محمد يونس البنغالي عالم في الإقتصاد، وقد حصل هو ومصرفه المسمى ببنك القرية " غرامين" ، قبل أيام على جائزة نوبل للسلام، ما أثار تساؤلات عديدة ، منها، لم َ لم ْ يُمنح جائزة نوبل في الإقتصاد ؟ ولماذا السلام ؟ وأيّ سلام ؟ و قد ربطت لجنة نوبل بين الفقر والسلام ، وادّعت أن مساهمات محمد يونس في اقراض النساء الفقيرات ساهمت في تقليل الفقر الذي يؤدي إلى تزعزع المجتمعات والسلم والأمن.
ومن البديهيات أيضا أن المصارف لا يمكن تستمر بدون فوائد ، والفائدة حرام في الإسلام ، لكن يمكن التحايل على هذا الشرع "بحيل شرعية" !!!! ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، والذي لا يسعني في هذه العجالة أن أذكرها. وقد كرس المؤمن التقي ّ محمد يونس هذه الشرعة في خدمة الرأسمالية والإمبريالية ما أدى لتشخيصه من قبل الأكاديمية السويدية لنيل جائزة نوبل للسلام ، وأي ّ سلام !
لم َ لا ، ووزير الخارجية السويدي الحالي كارل بيلد يعمل مستشارا منذ 11 سبتمبر 2001 عند المحافظين الجدد ، وقد أيّد تجويع أهالي العراق ، وشنِّ الحروب على العراق وأفغانستان وتدميرهما !!!
إن ما يميّز رأسمالية أواخر القرن التاسع عشر عن رأسمالية أوائله هو التوسع في تصدير الرأسمال إلى كل أرجاء الأرض. ومن العوامل التي لعبت دورا حاسما في خلق هذه الظاهرة هي الإحتكارات الصناعية والمالية الكبرى. فمرحلة الإمبريالية الرأسمالية مرت بعملية أدت إلى تجريد المنتجين الصغار والفلاحين من وسائل الإنتاج في العالم، ونمو علاقات مختلفة في سوق العمل وبيع قوة العمل وشرائها. والظاهرة الأبرز هي البحث عن أرخص يد عاملة ، وذلك لتلبية احتياجات الراسمالية من اكتشافات وتوسع وأدامة وجودها التاريخي. لكنها كع كل ذلك كانت عمليات النمو تلك تحمل تناقضات ، وبذور الفساد والتفسخ. ولذلك أبدع علماء الرأسمال في اكتشاف وسائل تؤدي إلى التغلب على العراقيل التي تقف حائلا أمام نمو الرأسمال وانخفاض الأرباح.
وقد استحق السيد محمد يونس ومصرفه جائزة نوبل للسلام ( يا سلام!!!) لإكتشاف أبشع الطرق لأجل اقصى ما يمكن خلقه من وسائل الإستغلال والاستثمار الرأسمالية.
وقد تأسس مصرف غرامين لمحمد يونس الببغلاديشي عام 1967 ، وقد قدمت لحد اليوم قروضا لسبعة ملايين من نساء بنغلاديش والعالم تحت تسمية محاربة الفقر . وقام أيضا بمساعدة الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون و زوجته هيلاري بشراء قوة عمل جمهور كبير من سكان ولاية اركانزانس الأمريكية وفق الشرع الإسلامي القائل بحلال عمليات البيع والشراء الرأسمالية.
ومن الواضح أن هدف منح القروض للمرجعين والمراجعات هو اكتشاف مجالات جديدة لاسثمار رؤوس الأموال ، ووسائل ناجحة للانتاج واعاجة الانتاج من استغلال اليد العاملة خفية و بطرق شيطانية .
مصرف غرامين لمحمد يونس الوؤمن التقي ّ مثل أي مصرف آخر يمنح القروض للمحتاجين مقابل فوائد، لكن هذا البنك اسلامي و الفائض محرم في الاسلام ، لذا استوجب الحيل الشرعية للتغطية على أخذ الفائدة والفائض . وفد جعل محمد يونس ومصرفه لحد اليوم ملايين النساء البنغاليات عبيدا للرأسمال العالمي كأيدي عاملة شبه مجانية. فالمرأة تستلف رأسمالا من البنك تشتري به وسائل انتاج وما يلزم الإنتاج من مواد خام وأجهزة ، ويتم انتاج محاصيل جديدة تباع في السوق ، فتسدد المرأة من بيعها لمحاصيلها وقوة عملها للبنك القروض التي استلفتها، وهكذا دواليك تكون العملية بدون نهاية ، وتظل هي ، أي المرأة المستسلفة مرتبطة لعبد لهذا البنك ما يذكر بالأقنان الذين كانوا ضمن أملاك الاقطاعي مع قطع أراضيه وحيواناته. فالوسائل وما يتعلق بها من مواد وأجهزة ليست ملكهها، وأن الفوائد التي تدفعها للبنك لا تسجل في أي سجل رسمي أو غير رسميّ، إذ كما اسلفت ، الربا حرام في الإسلام. فوسائل الانتاج والعمل والمواد الخام التي بحوزة المرأة التي استلمت قروضا ، هي رأسمال مصرف القرية" غرامين" لصاحبه محمد يونس. مليارات الدولارات من الرأسمال العامي يتم تداولها وتشغيلها في ميادين استغلال قوة عمل النساء البنغاليات اللائي جعل منهن التقي المؤمن محمد يونس ومصرف القرية جزء من الرأسمال المالي والمصرفي العالمي المتراكم في عمليات الاستفلال والاسثمار البشعة.
فهذه المرأة طوال عملها وكدها في تشغيل القروض لن تصبح صاحبة أي رأسمال، بل تظل بائعة قوة العمل إلى الى الرأسمال العالمي.
وقد أفاد محمد يونس ومصرف القرية الرأسمالية العالمية كثيرا بتشغيلهما قوة عمل 7 ملايين من النساء البنغاليات وأخريات ليضيفن فائضا كبيرا من قيمة الإنتاج والرأسمال إلى الرأسمال العالمي بدلا من يقائهن غير مستثمَرات. وقد تحولت بفضل محمد يونس أغلب نمساء بنفلاديش إلى سلع في بيع وشراء قوة العمل واليد العاملة .
وإن المسألة لا تتوقف هنا ، فالاستغلال والاسثمار من طبيعة الرأسمال ، لكن ما عمله محمد يونس ومصرفه هو اكتشاف طرق جديدة لتكثيف هذا الاستغلال البشع والخروج من الجريمة بحيل شرعية ، لا يفطن لها الشيطان. فالمصرف لا يتكلف بشراء أراض للعمل ، ولا أية مؤسسة انتاجية أو تجارية.. ولا يدفع أيدجارا لأية مبنى ولا موظفين ولا موظفات ولا سكرتيرات. لا يشتري المصرف ومحمد يونس أي مواد خام أو مكائن للعمل والانتاج ، و لا يسدد ايجارات محلات ومخازن. كما لا تعتبر النسوة المقترضات من المصرف عاملات أو موظفات لدى المصرف والسيد محمد يونس لكي تشملهن قوانين الرعاية والضمانات الإجتماعية ، او يطالبن بها. كما لا يشملهن بذلك أي حق من حقوق التقاعد والمرضية ، او التمتع بالعطل والتأمين الصحي والاجتماعي والرفاه . أي باختصار إنهن لا يملكن أي حق من الحقوق الانسانية .
أنهن عبدات أجيرات لدى الرأسمالية العالمية ، لكن ذكاء و"انسانية" محمد يونس والرأسمالية جعل منهن لا يكلفن مصاريف توفير السجون والسجانين ووسائل القمع والتعذيب. أية موهبة لرأسمالية القرن الحادي والعشرين!
وأي تحالف مقدس بين اسلامويين والرأسمال البشع !!!
هذه الإكتشافات الخطيرة للسيد محمد يونس وفرت 88% من المصاريف للرأسمالية العالمية في عمليات انتاج الرأسمال واعادة انتاجه.
وإن كل ما ينتج من فائض القيمة الناتج عن الاستغلال البشع بلا حدود للنساء البنغاليات وفيرهن لا ينزل في حساب مصرف محمد يونس مباشرة . فرأسمال محمد يونس عبارة عن جزء من الرأسمالية العالمية ، وأن حصته تتناسب مع حجم فائض القيمة العالمي و ما يمكنه أن يستثمر اليد العاملة الرخيصة شبه المجانية.
إن هذه الموهبة في اكتشاف حيل شرعية في الاستغلال ودعم الرأسمال العالمي تستحق أكثر من جائزة نوبل.
لقد استطاع محمد يونس في اكتشافه هذا الأسلوب الفعال والإجرامي في معاداة الإنسانية بتكيثف الاستغلال والاستثمار، وامتصاص دماء المحرومات والشرائح المسحوقة في المجتمع البنغالي، استطاع من الحيلولة دون انهيار قيمة ربح الرأسمال ، هذا الاكتشاف عند الرأسماليين أهم من اكتشاف علاج لأمراض الايدز والسرطان ، أو حمايية البيئة ، أو أي عمل آخر فيه خير الإنسانية.
فهذه الجائزة تليق فحسب بأمثال جيمي كارتر الذي يعتبر من تجليات وحشية الرأسمال وجرائمه، واسحاق رابين جلاد الجماهير الفلسطينية من العمال والكادحين والمشردين، والمجرم لخ والسا عميل الرأسمالية العالمية ، وكوفي عنان الصفيق والموقّع على جرائم البرجوازية العالمية في مجازر قتل وتجويع ملايين النساء والشيوخ والأطفال في البلقان والعراق وأفغانستان.