9نيسان2004 ذكرى محنة كأداء لعلكم تتفكرون!!


كامل الدلفي
2024 / 4 / 11 - 22:15     

لم يكن يوما للعسل الموعود كما أُشيع وأُعد له،
فأن وعود الولايات المتحدة الأميركية بحرية العراقيين وتخليصهم من قبضة نظام الديكتاتورية وتوفير الفرصة لهم في بناء نظام ديمقراطي جديد يرتكن الي مبادئ حقوق الإنسان والعدالة والمساواة لم تكن الا غلافا مهلهلا يستر بالكاد حقيقة سوداء معتمة مفادها سقوط العراق في قبضة الاحتلال الأميركي، والذي خططت له في مطبخ سياستها وفق أيديولوجية الهيمنة على العالم واحتواءه في نظام عالمي جديد ابتدأ تنفيذه في 2آب1990(احتلال العراق للكويت) (حركة أولى) حركت رد فعل أميركي صاخبا، فعمدت إلى احتلال الخليج العربي عسكريا مع قوات حلفاء لها ومن ضمنهم دول الخليج ذاتها، واعلنت الحرب على العراق (حرب الخليج الثانية) في 17 يناير1991، وكان من الممكن ألا تقع تلك الحرب المدمرة، بالتريث والتروي وعدم الانزلاق في كتفها، لكنها كانت بوابة ميسرة لاحتلال العالم، ولايمكن لاي وطني عراقي ان يغض الطرف في غضون تلك الحرب عن الدمار والبطش الذي الحقه الامريكان بالعراقيين،
و تصميمهم على إبادة الجيش العراقي في عمليات الانسحاب من الكويت خصوصا في مايسمى "طريق الموت" والذي سكت الضمير العالمي عن بشاعة تلك الجرائم خوفا وتزييفا ورشوات خليجية طائلة، وعلى الأثر من نهاية تلك الحرب فرض مجلس الأمن الدولي "كدمية أميركية" نظام عقوبات مدمر على الحياة العراقية بما سمي وقتها بالحصار الاقتصادي الدولي على الشعب العراقي للفترة 1992-2003. وجاء القرار مكملا لمشهد الموت العراقي.
لا يُنكر ان العالم برمته خضع الى ترتيبات استراتيجية اميركية شاملة لتطبيقات وقواعد القرن الأميركي فتزامن مع أحداث العراق أحداث مماثلة في شرق أوروبا وتحت نفس الذرائع النيوليبرالية أتت أُكلها لصالح الرأسمالية العالمية متمثلا بانهيار الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية وانتهاء مرحلة الحرب الباردة بينهما ليغدو العالم تحت سيطرة اميريكية تمارس عدوانيتها بطلاقة مفرطة في أي شق تريد، وذلك ما حدث للعراق بعد أحداث 11سبتمبر2001 فقد ولت أميركا وجهها نحو العراق لاتهامه برعاية الإرهاب وما تمخض عنه من حدث ارهابي جرح الكرامة الاميركية،
فعمدت الي تجهيز ملف ذرائعي لشن حرب الخليج الثالثة على العراق بأن لصقة به أكذوبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وملات الملفات بحشو من التلفيقات وشنت الحرب على العراق من دون شرعية دولية.
وبهذا ان العقل السياسي العراقي الذي صدّق دعوى الظلالة الاميركية بالديمقراطية والحرية ولم يقرأ جيدا زيفها المستتر تحت أيديولوجية الهيمنة، قصّر كثيرا عن القراءة الموضوعية في مجريات الواقع العراقي ولا يكاد ان يُسمى عقلا إنما هو عاطفة ولأسباب جمة منها:
1- انتفاء العقلانية والواقعية عن هذا العقل السياسي الموائم للتخطيط الأميركي الكولونيالي. 2- رومانتيكية الساسة العراقيين من أصحاب هذا العقل وانسياقهم مع أحلامهم الوردية بالعودة للعراق واستعادة مكانتهم الضائعة واملاكهم المصادرة وبأي اسلوب كان حتى ولو بقبول الاحتلال والعمل وكلاء نفوذ له، وهذا يمثل ثلمة في وطنية هذا النفرالسياسي.
3-عدم وجود برنامج متكامل لأصحاب هذا العقل السياسي لبناء دولة عراقية وطنية موحدة.
4- انقياد أعمى مع الشريك العالمي وعدم وضع احتمالية انقلاب الشريك الدولي على ما متفق عليه، وماهي خطة الإنقاذ المحتملة.
وبهذا تكون النتائج ليست سلبية فحسب بل، هي كارثية بامتياز، تنم عن انبثاق محنة وجودية كأداء في ذلك التاريخ تأججت في ضمير العراقيين الوطنيين الشرفاء متمثلة بغرابة التلازم بين سقوط نظام الاستبداد
و الديكتاتورية وبين إقرار مجلس الأمن لاحتلال العراق من قبل الامريكان، هذا الترابط المجحف قدريا بين فرح غامر في الخلاص من الاستبداد وبين قنوط عارم في غياب فرصة الخلاص في الوقوع في فخ الاحتلال وما فعله فعلا من الغاء وتهميش للهوية الوطنية العراقية وتدمير الأسس التي ترتكز عليها ( موسسات الدولة العراقية والاقتصاد العراقي).
ان تلك المحنة القاسية التي بدأت بهذا التاريخ يمثل تحليلها ومعالجتها عقليا و معرفيا ونضاليا بوابة
للنهوض العراقي الجديد وطريقا للوجود الحقيقي .