ما العمل ؟ افتتاحية العدد 77 من جريدة طريق الثّورة


حزب الكادحين
2024 / 4 / 9 - 02:15     

تعيش تونس منذ انتفاضة 17 ديسمبر ‏‏2010 موجة ثورية تراوحت وتيرتها ‏بين مدّ وجزر، مُتمثلة في انتفاضات ‏متلاحقة من طرف الشعب (سليانة، ‏الإتاوة، البطالة،‎25 ‎‏ جويلية الخ ..)، ‏وفي نفس الوقت تعرّض الشّعب بأوسع ‏طبقاته وفئاته إلى عمليّات تجويع وتنكيل ‏ونهب وقمع وإرهاب من طرف أعدائه. ‏وفي خضمّ هذه الانتفاضات المتواترة ‏سقط رؤساء دولة وحكومات متعاقبة، كما ‏سقط شهداء وجرحى وجرت عمليّات ‏اعتقال. وفي أثناء ذلك ضرب الشعب ‏آيات من البطولة، محققا جملة من ‏الانتصارات كان من بين تجسيداتها ‏الأخيرة إلحاق الهزيمة باليمين الدّيني ‏وحلفائه، من خلال هبّة 25 جويلية ‏‏2021، وهو ما أثار ردود فعل القوى ‏المعادية للشعب داخليا وخارجيا، التي لا ‏تزال تعمل جاهدة لإعادة عقارب الساعة ‏إلى الوراء.‏
‏ ورغم التقدم في حلّ جانب مهمّ من ‏المعضلة السياسية بتغيير الدستور وتركيز ‏برلمان جديد، فضلا عن مجلس الجهات ‏والأقاليم الذي سيرى النور بعد مدة ‏وجيزة، ظلّت التناقضات الاقتصادية ‏الاجتماعية التي فجّرت انتفاضة 17 ‏ديسمبر قائمة، وهي تُهدّد في حال ‏استمرارها على ذلك الحال بأن تكون ‏سببا في التراجع عن المكاسب السياسية. ‏وبالإضافة الى ذلك فإن الرجعية لا تزال ‏تبسط نفوذها في الثقافة والإعلام زارعة ‏العراقيل أمام ولادة تونس الجديدة.‏
‏ ومن جانب آخر يخوض الشعب ‏العربي الفلسطيني كفاحًا بطوليا مسطّرا ‏ملاحم غير مسبوقة على طريق التحرير ‏والعودة مقدّما عشرات آلاف من الشهداء ‏والجرحى والمعتقلين مُواجها حرب إبادة ‏ومخطّط تهجير واسع النطاق يشمل ‏فلسطين بأكملها في استعادة لوقائع نكبة ‏‏1948. ومجدّدا ينكشف للعيان أنّ خطّ ‏التطبيع وتصفية القضية العربية ‏الفلسطينية مسدود، وعلى الضدّ منه ‏تنخرط في الكفاح مجموعات المقاومة ‏المسلحة العربية في لبنان واليمن وسوريا ‏والعراق، وفي بقية الأقطار تقوى حركة ‏الاحتجاج الشعبية وهو ما تعرفه أيضا ‏العديد من البلدان في قارات العالم ‏المختلفة، وفي الاثناء تبدو الصهيونية ‏وكيانها المحتل بوجه بشع وتكسب ‏فلسطين المزيد من الأنصار وهو ما ‏يقرّب ساعة النصر.‏
‏ وسواءً تعلّق الأمر بالانتفاض في ‏تونس أو المقاومة في فلسطين فإن الأمر ‏يستدعي الانكباب على بحث القضايا ‏المتّصلة بهما، أملا في إدراك سبل حلّها ‏وإسهاما في التقدّم بمعركة التحرير ‏الوطني والاجتماعي خطوات إلى الأمام، ‏وذلك عبر تنظيم صفوف الشعب المقاوم ‏هنا وهناك ليس فقط على جبهة القتال ‏والجبهة السياسيّة وإنّما أيضا على الجبهة ‏الثقافيّة بما أنّ الثقافة الوطنية وثقافة ‏المقاومة هي أيضا سلاح لا يقلّ دوره ‏أهميّة عن دور البندقيّة في هذه المعركة. ‏فالجماهير الشّعبيّة ليست في حاجة إلى ‏قبضة موحّدة فحسب وإنّما تحتاج أيضا ‏إلى فكر يرشدها إلى طريق الثّورة التي ‏عبرها فقط يمكنها أن تحقّق أهدافها ‏وتنتصر على أعدائها الألدّاء: الرّجعيّة ‏والصّهيونيّة والإمبرياليّة.‏

‏----------------------------------------------------------------------------------------------‏
جريدة طريق الثّورة الناطقة باسم حزب الكادحين
العدد 77، جانفي-فيفري 2024