غزة - فصل جديد من النّكبة


الطاهر المعز
2024 / 4 / 3 - 22:47     

غزة فصل جديد من النكبة

إن المنظمة الأمريكية غير الحكومية "المطبخ المركزي العالمي" هي "منظمة إنسانية" دنيئة لم يعرفها سوى القليل من الناس قبل فَرْضِهِا من قِبَل الصهاينة والحكومة الأمريكية وتعيينها كموزع شبه حصري للمساعدات الغذائية في غزة، لكي يَظُنَّ المُغَفَلون والسُّذّج أن الولايات المتحدة ليست متواطئة في جرائم الإبادة الجماعية، وإن الولايات المتحدة حريصة على حياة الفلسطينيين، ويقدم هذا “المطبخ الإنساني” ( المطبخ المركزي العالمي) وجبات الطعام لجنود جيش الاحتلال الصهيوني، قبل وبعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بحسب النسخة الإنجليزية لموقع صحيفة “هآرتس” الصهيونية بتاريخ 18 آذار/مارس 2024...
اهتم الموقع الأمريكي THE GRAY ZONE ("المنطقة الرمادية" ) بنشاط المطبخ المركزي العالمي وأجْرَى تحقيقًا نَشَرَ مُلخّصًا له يوم 27 آذار/مارس 2024 وأشار المُحَرِّران ( وايت ريد وماكس بلومنتال ) إلى "إنشاء رصيف أمريكي في غزة بالأنقاض المسروقة من رُكام المباني والجُثَث المدفونة تحتها".
يحاول المقال المنشور على موقع "المنطقة الرمادية" تحليل خلفية هذا "الرصيف الإنساني"، بينما تحاول الولايات المتحدة منذ ما يقارب العشرين عامًا تصفية الأونروا وكل ما له علاقة بالنكبة واحتلال فلسطين سنة 1948 وطرد ثلثي سكانها من وطنهم... كما تحاول الولايات المتحدة تصفية اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية التي انبثقت عن توازن القوى بنهاية الحرب العالمية الثانية، حيث كان انهيار الاتحاد السوفييتي يعني بالنسبة للولايات المتحدة هيمنة الإمبريالية الأمريكية دون منازع وفَرْضِ ما تسميه روسيا والصين "عالم أحادي القطب".
انتَقَت الولايات المتحدة "المطبخ المركزي العالمي" ليكون المُوَزّع الحَصْري لبعض الطّعام في غزة، بالتشاور مع جيش الاحتلال الصهيوني، بعد أن تم سحب الدعم الأمريكي (ودعم حلفائها في حلف الناتو) للأونروا، ويُعتَبَر "المطبخ المركزي العالمي" بمثابة العين الساهرة ومُمثّل الحكومة الأمريكية، ويعمل بشكل وثيق مع المحتل الصهيوني للقيام ببعض مهام الأونروا في غزة بشكل مؤقت، باستثناء التعليم والرعاية الصحية، ويبدو أن هذه العملية مصممة لتكون بمثابة إجراء مؤقت لتوفير كميات قليلة من الطعام لسكان غزة الذين يتضورون جوعًا إلى أن ينتهي الجيش الأمريكي من بناء رصيف في البحر الأبيض المتوسط، بإشراف شركة يديرها ضباط سابقون في البحرية الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية ويبدو أن هذه الشركة مكلفة من قبل الحكومة الأمريكية بتصميم برنامج مساعدات يسمى "خطة الشاطئ الأزرق"، بينما يتم بناء الرصيف بأنقاض المباني والطرقات التي تضم رفات البشر الذين قتلوا جراء القصف، بحسب قناة ABCNews التلفزيونية الأمريكية وموقع صحيفة واشنطن بوست.
تتوافق خطة الشاطئ الأزرق مع إعلان الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن عن تنفيذ الجيش الأمريكي مشروع ميناء مؤقت على ساحل غزة حيث سيتم تفريغ المساعدات الأمريكية المحملة من قاعدة عسكرية بريطانية في جزيرة قبرص، وبما أن هذا المنفذ لا يزال بصدد الإنجاز، فإن التركيب المرتجل من قبل World Central Kitchen هو بمثابة نموذج أولي أو تجريبي، ونظرا لاستبعاد وجود جنود أمريكيين على الأراضي الفلسطينية بشكل عَلَنِي، فإن الحكومة الأمريكية والصهيونية سوف تُكلّف المطبخ المركزي العالمي بالإشراف على تسجيل وتخزين وتوزيع الغذاء على الفلسطينيين الباقين على قيد الحياة، وهو ما تم فرضه بدعم من أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي الذي يُعْتَبَرُ رئيس "المطبخ المركزي العالمي خادمه المُطيع، وبذلك تقوم الولايات المتحدة بتنفيذ هذا المشروع الصهيوني القديم المتمثل في إلغاء الأونروا والإستفراد بالفلسطينيين، بعيدًا عن أي منظمة دولية وعن أي رقابة وتجريد الفلسطينيين من كل مقومات الحياة، حتى يضطروا للإنزياح (الخروج) الطّوعي أو الموت تحت أنقاض المباني...