تراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان: تحديات عالمية


حميد كشكولي
2024 / 4 / 1 - 18:12     

يواجه العالم تحديات كبيرة في مجال الديمقراطية. يجب على جميع الأطراف المعنية العمل من أجل تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. وهذه ليست ظاهرة جديدة. فالبرجوازية بدأت بالتراجع منذ عقود عديدة عن قوانينها التي سنتها بنفسها بعد أن أصبحت عاجزة عن تحقيق منجزات لصالح المواطن والإنسان على مختلف الصعد، سواء اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية أو فنية.
وتشير الإحصائيات إلى تراجع مؤشر الديمقراطية على مستوى العالم في عام 2021، حيث هبط إلى مستوياته في عام 1989. هذا يعني أن المكاسب الديمقراطية التي تحققت خلال العقود الثلاثة الماضية قد تضاءلت بشكل كبير.
ففي عام 2023، عاش ما يقارب ثلث سكان العالم تحت حكم أنظمة استبدادية. وبلغ عدد البلدان التي تميل إلى الاستبداد ثلاثة أضعاف عدد تلك التي تميل إلى الديمقراطية.

سلطة الشركات المتعددة الجنسيات على الحكومات والسياسيين:
تُعدّ الشركات المتعددة الجنسيات (MNCs) من أهم الفاعلين في الاقتصاد العالمي. تُسيطر هذه الشركات على قدر كبير من الثروة والسلطة، مما يُتيح لها ممارسة تأثير كبير على الحكومات والسياسيين. وليس من المستغرب أن يكون كثر من السياسيين الكبار أصحاب شركات كبرى ويستثمرون ثروتهم في المجالات المختلفة بما فيها مخالفة للقوانين التي وضعوها بأنفسهم.
أوجه تأثير الشركات المتعددة الجنسيات:
• اللوبي والتأثير على السياسات: تُمارس الشركات المتعددة الجنسيات ضغوطًا على الحكومات لتغيير قوانينها وسياساتها بما يُخدم مصالحها.
• تمويل الحملات الانتخابية: تُقدم الشركات المتعددة الجنسيات تمويلًا للحملات الانتخابية للمرشحين الذين يُدعمون مصالحها.
• نقل الوظائف إلى البلدان ذات الأجور المنخفضة: تُنقل الشركات المتعددة الجنسيات وظائفها إلى البلدان ذات الأجور المنخفضة لتقليل تكاليفها.
• التأثير على البيئة: تُمارس بعض الشركات المتعددة الجنسيات أنشطة تُضرّ بالبيئة.


مخاطر تأثير الشركات المتعددة الجنسيات:
• تآكل الديمقراطية: يُهدد تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على الحكومات والسياسيين الديمقراطية من خلال إضعاف سيطرة الشعب على عملية صنع القرار.
• تفاقم عدم المساواة: يُؤدي تأثير الشركات المتعددة الجنسيات إلى تفاقم عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية.
• إضعاف سيادة الدول: يُمكن أن يُهدد تأثير الشركات المتعددة الجنسيات سيادة الدول من خلال فرض قوانينها وسياساتها على الدول الأضعف.
حلول للحدّ من تأثير الشركات المتعددة الجنسيات:
• تعزيز الشفافية: يجب تعزيز الشفافية في علاقات الشركات المتعددة الجنسيات مع الحكومات والسياسيين.
• وضع قوانين تُنظم عمل الشركات المتعددة الجنسيات: يجب وضع قوانين تُنظم عمل الشركات المتعددة الجنسيات وتُحاسبها على ممارساتها الضارة.
• دعم دور المجتمع المدني: يجب دعم دور المجتمع المدني في مراقبة عمل الشركات المتعددة الجنسيات ومحاسبتها.

يُعدّ تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على الحكومات والسياسيين ظاهرة مقلقة تُهدد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. يجب اتخاذ خطوات للحدّ من هذا التأثير وضمان عمل الشركات المتعددة الجنسيات بشكل مسؤول يُلبي احتياجات جميع أفراد المجتمع.

التحديات التي تواجه الديمقراطية:
يواجه العالم العديد من التحديات التي تؤثر على مستويات الديمقراطية، ومن أهمها:
• صعود الشعبوية والقومية: تسعى بعض الأحزاب والحركات السياسية إلى استغلال مشاعر القلق والخوف لدى الناس لتعزيز أجندات شعبوية وقومية، مما قد يؤدي إلى تقييد الحريات المدنية والسياسية.
• انتشار المعلومات المضللة: تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد لنشر المعلومات المضللة والدعاية، مما قد يؤثر على سلوك الناخبين ويقوض الثقة في المؤسسات الديمقراطية.
• التحديات الاقتصادية: تواجه العديد من الدول تحديات اقتصادية كبيرة، مثل الفقر والبطالة، مما قد يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية وزيادة الشعور بالاستياء، وبالتالي خلق بيئة مواتية للأنظمة الاستبدادية.

يمكن أن يكون لتراجع الديمقراطية العديد من الآثار السلبية على المجتمع، منها:
• تقييد الحريات المدنية والسياسية: قد تُقيد الأنظمة الاستبدادية حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، مما قد يؤثر على مشاركة المواطنين في الحياة السياسية.
• تفاقم الفساد: تميل الأنظمة الاستبدادية إلى أن تكون أكثر عرضة للفساد، مما قد يؤدي إلى إضعاف المؤسسات الديمقراطية وتقويض الثقة في الحكومة.
• زيادة عدم الاستقرار: قد تؤدي الأنظمة الاستبدادية إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية، مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار والصراعات.
يجب على جميع الأطراف المعنية، من حكومات ومجتمع مدني وأفراد، العمل من أجل تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. من أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها:

والسؤال هو ما هي القوى المؤهلة للتصدي على هذا العدوان على حقوق المواطنين وحرياتهم؟
يجب نشر ثقافة الديمقراطية من خلال التعليم والتوعية، وتعزيز قيم التسامح والاحترام للتنوع. يجب محاربة انتشار المعلومات المضللة والدعاية من خلال دعم وسائل الإعلام المستقلة وتعزيز مهارات التفكير النقدي لدى المواطنين.

كما يشهد العالم ظاهرة مقلقة تتمثل في استلهام بعض الديمقراطيات الراسخة من نهج الحكم الاستبدادي. يعتقد البعض أن هذه الطريقة هي الوحيدة لاستقطاب الدعم الشعبي وتحقيق الاستقرار.
مخاطر هذا النهج:
يُحمل هذا النهج مخاطر كبيرة على الديمقراطية، أهمها:
• تقييد الحريات المدنية والسياسية: تفرض بعض الدول قيودًا على الحيّز المدني، بما في ذلك حرية التعبير وحرية وسائل الإعلام، مما يُقيد مشاركة المواطنين في الحياة السياسية ويُضعف المؤسسات الديمقراطية.
• تفاقم الفساد: تميل الأنظمة التي تُقيد الحريات إلى أن تكون أكثر عرضة للفساد، مما يُضعف ثقة المواطنين في الحكومة ويُعيق التنمية.
• زيادة عدم الاستقرار: قد تؤدي قيود الحريات إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية، مما قد يُهدد الاستقرار ويُؤدي إلى صراعات.
ومن البديهي أن يتناقض استلهام الديمقراطيات من الأنظمة الاستبدادية مع جوهر الديمقراطية، القائم على احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والمشاركة السياسية.
توجد بدائل أفضل لتعزيز الديمقراطية وتحقيق الاستقرار، مثل نشر ثقافة الديمقراطية من خلال التعليم والتوعية، وتعزيز قيم التسامح والاحترام للتنوع. وتعزيز استقلالية القضاء. و محاربة انتشار المعلومات المضللة والدعاية من خلال دعم وسائل الإعلام المستقلة وتعزيز مهارات التفكير النقدي لدى المواطنين.
الجماهير المنظمة واحتجاجاتها هي الكفيلة بوضع حد للقوى المتنفذة .


تحول الحكومات إلى موظفين لدى الشركات الكبرى: مخاطر وتحديات
تشهد بعض الدول ظاهرة مقلقة تتمثل في تحول الحكومات إلى موظفين لدى الشركات الكبرى. يُجبر هذا التحول الحكومات على توائم سياستها مع مصالح الشركات الكبرى وجنى أقصى الأرباح، بدلاً من خدمة مصالح الشعب ورفاهيته.
يُحمل هذا التحول مخاطر كبيرة على المجتمع، أهمها:
• تفاقم عدم المساواة: تميل الشركات الكبرى إلى تعزيز مصالحها الخاصة على حساب مصالح المجتمع، مما قد يُفاقم عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية.
• تقييد الحقوق المدنية والسياسية: قد تسعى الشركات الكبرى إلى الضغط على الحكومات لتقييد الحقوق المدنية والسياسية التي تُعيق مصالحها، مثل حرية التعبير وحرية التجمع.
• تآكل السيادة الوطنية: قد يُؤدي اعتماد الحكومات على الشركات الكبرى إلى تآكل السيادة الوطنية، حيث تصبح القرارات السياسية مُتأثرة بمصالح الشركات بدلاً من مصالح الشعب.
تناقض مع دور الحكومات:
يتناقض تحول الحكومات إلى موظفين لدى الشركات الكبرى مع دورها الأساسي في حماية مصالح الشعب وتحقيق العدالة الاجتماعية.
بدائل أفضل:
توجد بدائل أفضل لتعزيز التعاون بين الحكومات والشركات الكبرى دون المساس بمصالح الشعب، مثل:
• وضع قوانين تُنظم العلاقة بين الحكومات والشركات الكبرى: يجب وضع قوانين تضمن شفافية هذه العلاقة وتُحافظ على مصالح الشعب.
• تعزيز دور المجتمع المدني: يجب تعزيز دور المجتمع المدني في مراقبة العلاقة بين الحكومات والشركات الكبرى والتأكد من عدم المساس بمصالح الشعب.
• دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: يجب دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لخلق بيئة اقتصادية أكثر تنافسية وُتقلل من اعتماد الحكومات على الشركات الكبرى.

لا تعمل الحكومات على مقاومة إغراء تحويل نفسها إلى موظفين لدى الشركات الكبرى بتلقاء نفسها، إذا يتطلب هذا كفاحا ونضالا من الجماهير المتذمرة يجبر هذه الحكومات الدمى على سن قوانين تحد من جشع الشركات والرأسماليين وفي سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تعاون عادل بين الحكومات والشركات دون المساس بمصالح الشعب. ولا يمكن للحكومات أن تتراجع عن مساندتها الشركات في استغلال الجماهير إلا بالضغوط من الأسفل، من الجماهير الغاضبة وذلك بإضراباتها واحتجاجاتها وتنظيم صفوفها وطرح شعاراتها الواقعية و اعلان مطالبها العادلة.
إيقاف حكومة السويد البرجوازية لحركة بناء المساكن: تحليل المخاطر والتحديات
الحالة في السويد:
أوقفت حكومة السويد البرجوازية حركة بناء المساكن والدور لكي لا تهبط إيجارات العقارات مما يضر بمصالح شركات السكن.
مخاطر هذا القرار:
يُحمل هذا القرار مخاطر كبيرة على المجتمع، أهمها:
• تفاقم أزمة الإسكان: ستؤدي قلة بناء المساكن إلى تفاقم أزمة الإسكان في السويد، مما سيُصعب على المواطنين العثور على سكن مناسب بأسعار معقولة.
• ارتفاع أسعار العقارات: ستؤدي قلة المعروض من المساكن إلى ارتفاع أسعار العقارات، مما سيُصعب على المواطنين شراء منزل.
• زيادة عدم المساواة: سيُفيد هذا القرار بشكل أساسي شركات السكن الكبرى على حساب المواطنين ذوي الدخل المنخفض.
تناقض مع احتياجات المجتمع:
يتناقض قرار إيقاف حركة بناء المساكن مع احتياجات المجتمع السويدي لحل أزمة الإسكان وتحقيق العدالة الاجتماعية.
بدائل أفضل:
توجد بدائل أفضل لحل أزمة الإسكان دون المساس بمصالح شركات السكن، مثل:
• زيادة الضرائب على الشركات العقارية الكبرى: يُمكن استخدام هذه الضرائب لتمويل بناء مساكن اجتماعية بأسعار معقولة.
• تقديم حوافز للشركات لبناء مساكن بأسعار معقولة: يُمكن تقديم حوافز ضريبية أو مالية للشركات لبناء مساكن بأسعار معقولة مناسبة للمواطنين ذوي الدخل المنخفض.
• دعم مشاريع الإسكان التعاوني: يُمكن دعم مشاريع الإسكان التعاوني التي تُتيح للمواطنين امتلاك مساكنهم بشكل جماعي.

يجب على حكومة السويد إعادة النظر في قرارها إيقاف حركة بناء المساكن والتركيز على حل أزمة الإسكان بشكل عادل يُلبي احتياجات جميع أفراد المجتمع.

عدم تدخل الحكومة في جشع الشركات: مخاطر وتحديات
الحالة في السويد:
تُواجه السويد ظاهرة مقلقة تتمثل في عدم تدخل الحكومة في وضع حد لجشع الشركات وارتفاع الأسعار بل قامت الحكومة بتخفيض الضرائب على الشركات ودعمها بأشكال مختلفة، في حين ازدادت الضرائب على العمال والموظفين الفقراء.
مخاطر هذا النهج:
يُحمل هذا النهج مخاطر كبيرة على المجتمع، أهمها:
• تفاقم عدم المساواة: ستؤدي هذه السياسة إلى تفاقم عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية، حيث سيُصبح الأغنياء أكثر ثراءً بينما سيُصبح الفقراء أكثر فقراً.
• إضعاف الطبقة المتوسطة: ستؤدي الضرائب المرتفعة على العمال والموظفين إلى إضعاف الطبقة المتوسطة وتقليص فرصهم في تحسين حياتهم.
• تآكل الثقة في الحكومة: سيُفقد المواطنون الثقة في الحكومة التي تُدعم مصالح الشركات على حساب مصالحهم.
تناقض مع مبدأ العدالة الاجتماعية:
يتناقض عدم تدخل الحكومة في جشع الشركات مع مبدأ العدالة الاجتماعية ودورها في حماية مصالح جميع أفراد المجتمع.
بدائل أفضل:
توجد بدائل أفضل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية دون المساس بمصالح الشركات، مثل:
• وضع قوانين تُنظم عمل الشركات وتُحاسبها على جشعها: يجب وضع قوانين تضمن عدم استغلال الشركات لموقعها وتُحاسبها على ممارساتها الضارة بالمجتمع.
• دعم الطبقة المتوسطة: يجب دعم الطبقة المتوسطة من خلال تخفيض الضرائب عليها وتوفير فرص عمل مناسبة.
• تعزيز دور المجتمع المدني: يجب تعزيز دور المجتمع المدني في مراقبة عمل الشركات والضغط على الحكومة لوضع حد لجشعها.
يجب على حكومة السويد إعادة النظر في نهجها تجاه الشركات والتركيز على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عادل يُلبي احتياجات جميع أفراد المجتمع.

وتشهد بعض الدول ظاهرة مقلقة تتمثل في تراجع البرجوازية عن القوانين التي سنتها لصالح حقوق الإنسان، مثل قوانين الهجرة وحماية اللاجئين السياسيين. يحمل هذا التراجع مخاطر كبيرة على المجتمع، أهمها:
• انتشار الكراهية والتمييز: قد يؤدي تقييد الهجرة وحماية اللاجئين إلى تفاقم مشاعر الكراهية والتمييز ضد المجموعات المهمشة.
• إضعاف الديمقراطية: يُعد احترام حقوق الإنسان أحد أهم أسس الديمقراطية، وتقييد هذه الحقوق يُهدد بإضعاف الديمقراطية بشكل عام.
• تآكل القيم الإنسانية: يُشكل تراجع البرجوازية عن حقوق الإنسان تراجعًا عن القيم الإنسانية التي تُشكل أساس الحضارة الإنسانية.
تناقض مع مبادئ حقوق الإنسان:
يتناقض تراجع البرجوازية عن قوانين حقوق الإنسان مع مبادئ حقوق الإنسان والتي تُعدّ حقوقًا عالمية لا يجوز تقييدها إلا في حالات استثنائية.
الحركة الجماهيرية التقدمية هي المؤهلة لإجبار البرجوازية على إعادة النظر في تراجعها عن قوانين حقوق الإنسان والتركيز على معالجة التحديات المتعلقة بالهجرة واللاجئين دون المساس بحقوق الإنسان.