مؤتمر ثقافي عربي لمواجهة المأساة الفلسطينية.


فريد العليبي
2024 / 3 / 18 - 16:47     

السياسة العربية الرسمية عاجزة تجاه المأساة الفلسطينية الحالية ...إن لم تكن متواطئة... السياسة العربية الشعبية أحزابا ونقابات وجمعيات لا تقل عجزا ...
في وضع مماثل تظل الثقافة العقلية النقدية الأقدر على التساؤل والتحليل والفهم ورسم طريق التغيير ...وهذا يفرض العمل الفردي والجماعي أيضا...فرديا هناك محاولات ومساهمات ...جماعيا لا أثر لعمل ثقافي في حجم تلك المأساة أو حتى أقل من ذلك باستثناء رغبة بعض المجلات في اصدار عدد من أعدادها حول المأساة/ الابادة...مثل مجلة المستقبل العربي.
في الأوقات الصعبة وعند الأزمات يلتقي مفكرون متعددو الاختصاصات للإجابة عن أسئلة من قبيل : ماذا يحدث؟ ولماذا يحدث ؟ وكيف السبيل لوقفه ؟ما العمل لتجاوزه؟
وغالبا ما يجد السياسي في ذلك وبعده العمق الفكري تاريخا واجتماعا وفلسفة الخ .. ليعدل أوتار لحنه...هذا ان كان فنانا فالسياسة علم وفن أيضا.
الاعلامي أيضا يحتاج ذلك ..هذا إن وجد الأداة المناسبة التي لا تغرقه في التفاهة...التلفزة التونسية العمومية كانت ستسير في هذا الطريق...بل سارت فيه لبعض الوقت قبل امساك التافهين بعنقها ودقه دقا ..
في فرنسا وعندما تلبدت سماء العلاقات الإفريقية الفرنسية بالسحب خطا ماكرون خطوة ذكية داعيا فيلسوفا أفريقيا هو أشيل مبيمبو لتنظيم مؤتمر أفريقي فرنسي غير رسمي، أو ربما هو الفيلسوف الذي طلب دعم ماكرون لتنظيم ذلك المؤتمر ...مبيمبي تلميذ لفرانز فانون وعمه شهيد قتله المستعمر الفرنسي ، وكان شاهدا على فظائع كولونيالية مروعة عند طفولته ، منها قتل زعيم وسحل جثته عبر القرى.
جانب الكفاح كان حاضرا فيه وهذه فضيلة ...جانب العلم أيضا.. ماكرون كان عالما بدور الفلسفة الخطير وهو تلميذ لبول ريكور الذي عاني من طلاب فرنسا الثائرين في ماي 68...التقت رغبة هذا برغبة ذاك وكل له هدف.
هل هناك اليوم رئيس أو أمير عربي يدرك القسم الأول ومفكر عربي يدرك القسم الثاني...؟ ربما نعم فالأمير القطري وعزمي بشارة كانا من هذا الطراز ولكن في اتجاه سالب ؟ القذافي وصدام كان عاجزين على نحت النقيض الموجب... وربما دفعا الثمن.
هل يحتاج اليوم المثقف العربي لعقد مؤتمر حول فلسطين إلى زعيم عربي يوفر المكان وتوابعه ويترك المنصة ؟ هل يمكن لتلك المنصة أن تكون دائمة اعلاما مثلا في عالم التواصل الرقمي؟ وفي حال الاستحالة ألا يمكن لاتحاد نقابي للعمال أو للكتاب مثلا أن يقوم بهذا الدور ؟ بل ما الذي يمنع جمعيات في الفلسفة والتاريخ والاجتماع من ان تتحد ارادتها باسم فلسطين لكي تقوم بالدور عينه؟
الإمكان واسع ودائم كما نرى والاستحالة طارئة ومؤقتة وعقد مثل ذاك المؤتمر أقل ما يمكن القيام به في مواجهة المأساة الفلسطينية...