إبراهيمية الآباروإبراهيمية مابعد الانهار/ ملحق2ب


عبدالامير الركابي
2024 / 3 / 18 - 14:21     

تدخل البشرية اليوم، ليس واحده من اخطر التحديات المتعلقة بتاريخها وكينونتها، ووجهة مسارها، بل الاخطر من بينها على الاطلاق، وسيقال هنا كما العادة، لتكن الامور المطروحة من النوع، وحسب المتعارف عليه من انواع الافهام، مالا يعني الا الصدوع لنوع منه، هو الارضوي التاريخي، الذي ظل غالبا وسائدا ينتظر الانقلابيه الكبرى العقلية، ما يستوجب حكما الاقرار المغيب والمنعدم بالازدواج المجتمعي، ومعه التكويني الازدواجي (عقل/جسدي)الذاتي البشري، عكس مايفرضه حال الرضوخ المستمر لحكم احدى المجتمعيتين ومايواكبهما ويتصل بهما، كما هي راجحة الحضور كليا ابان الزمن اليدوي من التاريخ المجتمعي الساري الى اللحظة.
وليست النهرية في التاريخ وفي المآل الوجودي مسالة عارضة او صدفوية، ولا هي مما يمكن ان يغفل او يلحق تشبها بغيره من البيئيات، فالاليات النهرية هي كمال التبلور المجتمعي المسمى "حضاري"، وهي مصدر الازدواج المجتمعي والكونية اللاارضوية، فيها يتأسس كل مايتعلق بالحياة وممكنات العيش، وعليها كمحورتقع الازدواجية الانصبابية الغربية الشرقية تحقيقا للشمولية التفاعلية المنطوية على المضمر النهائي، مع حضور روما من الغرب وفارس وامبراطوريتها من الشرق، واللاارضوية العملية المسيحية، وبعدها الاسلام، الاختراقان المضادان الاعظمان، الباقيان ككينونه في بنيه اوربا، وصولا لامريكا، والشرق الواصل الى الصين، مايوجه النظر لمحطات اللاارضوية ومسارات تكامل تعبيريتها الثلاثية "النظرية" العامة ممثلة بما يعرف بالتوراة، والثانيه العملية الاختراقية المضادة بمحطتيها، الانجيلية(8)، ثم القرآنية، وهما مع التوراة المقتصرة على الاساسيات، نتاج الاصطراعية الاعلى الممكنه اللاارضوية مع الارضوية الاكمل، في مجتمع "الازدواج" الرافديني الأعلى ديناميات بين البنى والتكوينات المجتمعية كافة.
وكل هذا يظل وقد ظل الى اليوم خارج الاحتساب، لقصور مستمر في الطاقة الادراكيه البشرية بازاء الظاهرة المجتمعيه، ومن ذلك واهمه بما لايقبل الجدال، القصور ازاء احتساب محطات وحقب الظاهرة المجتمعية مابين اليدوية والالية، حين تنتقل المجتمعات ساعتها، بنية وتكوينا، من كونها ظاهرة ثنائية الكينونة، الى ثلاثيتها، في الاولى ومفتتحها النهري تكون نتاج التفاعلية ( البشرية / البيئية) وهو مايستغرق القرون المديده، الى ان تنبجس الالة ونصبح ساعتها امام مجتمعية اخرى في حالة ولادة وتشكل، وقد غدت ظاهرة ثلاثية التكوين ( "بشرية/ بيئية"/ آليه) ليست هي ماسبق، كما انها ليست ماتكون في ساعتها، بانتظار التشكل والاكتمال عبر الاصطراع الاحتدامي الناشيء، والعائد لتبدل العناصر، فالالة حين تطرا على التكوين المجتمعي كعنصر براني مغاير،تفتتح بالاحرى عملية تشكل طويلة، يميزها التغير عبر الاصطراع لدرجة التحول من حال الى اخر، بما يشمل الطرفين وصولا لثالث، تتغير بموجبهاالالة بحد ذاتها، والمجتمعية البيئية الاولى العريقة ونمطيتها المتشكلة تاريخيا، ذهابا الى المجتمعية الاخرى المقدر الذهاب اليها، مايعطي المسالة الاجتماعية بعدا مختلفا عن ذلك الايهامي الاعتباطي الثباتي، المتولد عن منظورات التلمس الابتدائي الاولي "الانسايواني".
ومن اهم، ان لم يكن اخطر مايعترضنا لهذه الجهه، مايشيع من معتقد اولي عن الانقلاب الالي واثره مجتمعيا، ينبثق في ساعته ليحكم على التحول المستجد ومنطوياته بما دون منطوياته المستجدة، لينفتح امام العقل باب هو باب الادراكية المواكبه للتطور الانقلابي الكلي الحاصل، ولاجمالي وعموم المسالة المجتمعية، وقت يتداخل القصور الاصل التاريخي الادراكي الموروث، مع الحاضر المباين الاعلى الناشيء، لياخذ شكل القفز المفعم بالعلموية والقطعية تعويضا عن الادراكية الاولية الافتتاحية، المتحولة من ساعتها الى مايسمى "علم"، يطلق عليه وهو في المهد وبدايات التلمس، اسم "علم الاجتماع"، ماكان سيّد حالة مما يمكن ان يعرف على انه "الجهالة العلموية الانسايوانيه" كصفحه انتقال هامه واساسية، لازمه ضمن تاريخ تحقق الادراكية المجتمعية الكبرى، الغائبة، والمتعذرة على العقل بحكم مامتاح له من طاقة استيعابية حتى حينه، بانتظار التجربة وتراكمات المسار التاريخي المستمرحتى الساعه، وانعكاسات تفاعليته على العقل وصيرورته الارتقائية الذاهبة الى مابعد "انسايوان".
من المستحيل مقاربة والتعرف على الظاهرة المجتمعية، اذا لم تدرك حقيقتها التحولية ومآلاتها الناظمه لوجودها منذ تبلورها بما هي سيرورة ذاهبه الى مابعدها، والى انقضاء الطور الجسدي الحيواني العالق بها من متبقيات سيرورة الكائن الحي البشري الاسبق/ الحيواني، عبر مراحل صيرورته ارتقاء، اي التخلص ابتداء من فكرة المجتمعية الحالية على انها النهاية وقمة الكمال، بما في ذلك مادتها، الكائن البشري، بعد ظهور العقل والانتصاب واستعمال اليدين، وهي مقومات ضرورة ولزوم، لمابعدها، والى حيث ياخذ العقل مكانه الطبيعي المقرر اصلا منذ ابتداء "مادة الحياة" على الارض، بانفصاله التام عن الجسدية الحاجاتيه، واستقلاله بصفته الذات الاخرى الكونية، مابعد الارضوية، والذاهبة الى الكون الاخر اللامرئي، استكمالا لحقيقته الكبرى.
وهنا يتغير لابل ينبغي حكما ان ينقلب المنظور العقلي للظاهرة المجتمعية ابتداء ومسارا تصيرا وغرضا، بعيدا عن الرؤية وممكنات النظر الاولية الانسايوانيه الارضوية الجسدية، فلا تعود الرؤية اللاارضوية الاولى مجرد "دين"، وليس تعبيرية مستقبلية محكومة لاشتراطات الساعة ومايعتورها من نقص في ممكنات التحول الاعظم الانقلابي اللاارضوي، اشارتها للسماء، وللعالم الاخر، على اوليتها، فاعله في الكينونة البشرية، وراسخه حتى من دون قوة تفسيرية سببية لم تحن ساعتها، بانتظار نتائج الاصطراعية الثلاثية، والتحولية الواقعة على الالة من المصنعية الى التكنولوجية، الى "التكنولوجيا العليا" العقلية، تلك التي لااستمرارية للارضوية بحضورها، بما يجعل من الالة بالاصل تحولا "عقليا"، ومحطة نافية للمجتمعية الارضوية بعد طول تاريخها اليدوي، الامر الذي تصير علائمه واضحه من خلال تطور الحال الالي، بالخروج اولا من الكيانوية الوطنيه الاوربية، الى غلبة وقيادة الكيان المفقس خارج الرحم التاريخي، وانقلابه التكنولوجي الانتاجي، و" فكرته" المسبقة التي تصنع "المجتمع" والكيانيه، مستعينه بمفعول الالة، والتكنولوجيا الانتاجية،وساعتها ينتهي الاصطراع المجتمعي الارضي، ويتحول الى عولمي كوني لاارضوي، ونصير كما الحال الان، على موعد مع الكيانيه الفكرة اللاارضوية الكونية الاصل، بمقابل الفكرة البرانيه كوسيلة لابتداع المجتمعية ارتكازا لفعل الاله.
تاتي الابراهيمه الترامبوصهيونيه الراهنه باعتبارها اللزوم المنقضي النهائي للارضوية، واخرواعلى ممكناتها الى ارض اللاارضوية حاملة تعيبيريتها الاولى التي انتهى مايوجبها، مستعينه بدول الابار الناشئه هي الاخرى خارج الرحم التاريخي، لنصبح على اعتاب الثورة الكونيه التحولية الكبرى الثانيه، العليّة،مابعد الحدسية النبوية الابراهيمه الاولى، بما يجعل الاختراقية المضادة هذه المرة كونيه كلية نوعا، انتقالية من حال مجتمعي بشري الى اخر، بعدما تهيأت الاسباب الانقلابيه اللازمه والضرورة لانتهاء دور الجسد، وحضور العقل المستقل.