أنا مع حماس كمقاومة لا كسلطة حاكمة لغزة!؟


سليم نصر الرقعي
2024 / 3 / 16 - 04:50     

(موقفي من حماس كحركة (مقاومة) غير موقفي من حماس كسلطة (حاكمة) او كحزب سياسي (اسلاماوي) متعطش للسلطة!، للاسباب التالية....)
***********
بالرغم من قناعتي التامة والجازمة ان صفة (المنظمة الارهابية)، وبكل موضوعية، لا تنطبق على حركة حماس لعدم كفاية الادلة، ولهذا السبب بالذات لا تصنفها الأمم المتحدة كمنظمة ارهابية بل كمنظمة سياسية، وبالرغم من دعمي المطلق، كعربي ومسلم، للشعب العربي المسلم الشقيق، الشعب الفلسطيني المقهور، وكفاحه السياسي والمسلح المشروع ضد الاحتلال الاسرائيلي الوحشي والبغيض، وحقه في استرجاع بلاده فلسطين بالكامل او على الاقل حقه في اقامة دولته الوطنية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن....... بالرغم من كل هذا، وبكل صراحة، وكما قلت في مقالات سابقة، انا غير مقتنع بالمشروعات السياسية لجماعات الاسلام السياسي، بما فيها حماس، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لاحظت ان الاسلام السياسي، سنيًا كان او شيعيًا، ما إن يدخل بلدًا عربيًا حتى يقسمه شيعًا بل وقد يقسمه لدولتين او لشبه دولتين ويشعل فتيل الحروب بين اهله، كما راينا في السودان واليمن وليبيا وفلسطين أو يؤدي لضعف الدولة كما في لبنان والعراق!! فهو تيار ، بفكره الديني الأصولي المتطرف، وفكره السياسي المتخلف، يجيد نشر الفوضى والانقسام والهدم اكثر من نشره النظام والوحدة والبناء، الا اذا كان هذا الاسلام السياسي تحت رقابة وسيطرة (مؤسسة ملكية وعائلية قوية وعريقة حاكمة) كما في المغرب والأردن والكويت والبحرين او تحت رقابة وسيطرة (مؤسسة عسكرية قوية سائدة) كما في الجزائر ومصر.... مؤسسة ملكية او عسكرية قادرة على كبح جماحه اذا فقد اتزانه وصوابه وتجاوز حدود أمن الدولة والاستقرار العام اي كما في الجزائر ابان جبهة الانقاذ ومصر ابان حكم الاخوان!!

لذا - ومع دعمي للمقاومة الفلسطينية المسلحة في مقاومتها او مهاجمتها لدولة الاحتلال الصهيوني الرافض لحل الدولتين - الا انني اقولها بصراحة ووضوح ، انني مع حماس (حركة المقاومة) ولست مع حماس (السلطة الحاكمة) لغزة !! فإصرار حماس على حكم غزة سيؤدي في الغالب الى تحقيق رغبة معظم الاسرائيليين وصهاينة العالم في افشال حل الدولتين!! ومن يدري !! فقد تكون، وكما ذكرت منذ بداية هذه الحرب، هناك اجندة خفية لدى (حكومة النتن ياهو) تقضي بعدم اجتثاث حماس وعدم سحق قيادتها بالكامل بل فقط تحقيق اكبر عدد من القتلى والدمار في غزة وبما يكفي رفع فاتورة عملية 7 اكتوبر لأقصى واقسى ثمن ممكن، ولجعل حماس مشغولة جدًا لاحقًا باعادة بناء ذاتها وبناء غزة من جهة، وهو امر يحتاج ربما لعقود، ومن جهة ثانية سيجعل هذا الثمن الباهظ المرعب بعض او كثير من اهل غزة وفلسطين وربما العرب عمومًا ينظرون الى حماس كسبب لهذه الكارثة وفي ما لحق بأهل غزة من قتل ودمار وخسارة للاحبة والممتلكات!! ومن جهة ثالثة فإن الابقاء على حماس، ولو محطمة، في مواجهة عباس يبدو ((أمر تكتيكي خبيث)) للحيلولة دون تحقيق ((وحدة سياسية وجهوية وطنية)) بين الفلسطينيين يمكن من خلالها للشعب الفلسطيني مواجهة اسرائيل سياسيًا في الساحة الدولية، واستثمار الموقف الدولي الحالي المؤيد لقيام دولة فلسطينية مستقلة، لتحقيق حل الدولتين رغم انف اسرائيل بضغط دولي!!

فحماس، بالنهاية، وفي الحقيقة، ليست مجرد (حركة مقاومة) بل هي كطالبان (سلطة حاكمة) أيضًا، فحساباتها الحزبية السلطوية السياسية الانانية حاضرة بقوة في صميم تكوينها وتكوين قيادتها كأي حزب حاكم او حزب يتطلع للسلطة في العالم!!

حماس كالاخوان في مصر ذاقت حلاوة الحكم ومزاياه وهي بالتالي لن تتخلى عنه بسهولة!! وهو ما سيجعلها تنظر لعباس ومجموعته ومنظمة التحرير كمنافس يهدد وجودها السياسي في غزة، وهو ما قد سيعيد القضية الفلسطينية للمربع الاول الكئيب، اي للانقسام السياسي والجهوي العميق الذي بلا شك هو أمر سيخدم اجندة الاسرائيليين وانصارهم من الصهاينة في العالم اجمعين، في جعل اقامة دولة فلسطينية امرًا غير ممكن في ظل هذا الانقسام وهذا التنافس السياسي والجهوي الفلسطيني الفلسطيني!!

الخلاصة :
"""""""""""
انا مع (حماس) كحركة مقاومة لأنني اعتقد في ظل رفض الاسرائيليين لحل الدولتين ليس امام الفلسطينيين والعرب الا دعم الكفاح المسلح للشعب الفلسطيني كخيار وحيد من اجل تحرير ارضهم المحتلة، فانا مع حماس كحركة مقاومة، ولكنني ضدها كسلطة حاكمة، فوجودها في السلطة يعزز الانقسام السياسي والجهوي الفلسطيني ويخدم اجندة الصهاينة في افشال حل الدولتين، الا اذا فاجأتنا حماس وقيادتها بموقف وطني تاريخي عظيم، بالخضوع لقيادة عباس كرئيس موحد للفلسطينيين وتكون حماس بالتالي مجرد (حكومة محلية) لغزة تابعة لهذه القيادة والرئاسة الفلسطينية الواحدة الموحدة!!... فهل ستفعل حماس ذلك!!؟؟ وهل تضحي من اجل هدف وطني اكبر من مصالحها الحزبية الضيقة!!!؟؟

بصراحة، ومن تجارب الاسلام السياسي المريرة، اخشى ان تربيتها الاخوانية السابقة ستدفعها الى التعنت السياسي والانانية الحزبية والتي كانت السبب الرئيسي في تشتيت و تفريق شمل المعارضات العربية قبل الربيع العربي، ومنها المعارضة الليبية، وفي افشال ثورات الربيع العربي والقضاء على التجربة الديموقراطية الوليدة التي اعقبت هذه الثورات مما ادى لعودة حكم العسكر من اوسع الابواب واصابة الشارع العربي باحباط عام ربما سيعمر طويلًا، وهو ما يخدم ويعزز الديكتاتورية في العالم العربي ويخدم ويعزز دولة اسرائيل من جهة ومن جهة جعل انصار توطين الديموقراطية في الغرب من المفكرين والمثقفين واليسارين يشعرون بخيبة امل كبيرة ومريرة وبالتالي اقرارهم ان العالم العربي، بنخبه السياسية الحالية المراهقة والمتخلفة وغير الراشدة، بالفعل، كما قال معارضوهم، غير جاهز لتجربة ديموقراطية حقيقية وحرة!!، فأي تجربة ديموقراطية يشارك فيها الاسلام السياسي تنتهي للفشل الذريع والفوضى العارمة كما حصل في الجزائر ومصر الا اذا كانت البلد في ظل سيطرة عائلة ومؤسسة ملكية حاكمة وعريقة او سيطرة مؤسسة عسكرية حاسمة !!
******************
اخوكم العربي المحب