نظرة من الداخل : قراءة في خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 2922024 الحلقة الثالثة -- وجهة نظر -- حول معالجة المعضلات الاجتماعية والاقتصادية في روسيا الاتحادية وفق الخطاب


نجم الدليمي
2024 / 3 / 16 - 00:40     

مقدمة :

ان تشخيص اهم المعضلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الشعب والاقتصاد الروسي وبشكل علني يعتبر شيئ هام وضروري ولكن تحقيق - انجاز هذة المهام ليس بالسهل وفيه صعوبات عديدة وتكمن هذه الصعوبات هو انها تحتاج الى اموال كبيرة وإرادة سياسية حاسمة وقوية...، وان تمت معالجة هذه المشاكل وغيرها خلال المدة2024 --2030 سوف يتم تحقيق نوع من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكذلك جزء من العدالة الاجتماعية في المجتمع الروسي ولكن هناك حقيقة موضوعية وهي ان العدالة الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق في المجتمع الطبقي البرجوازي، المجتمع الراسمالي وان القطاع الخاص الراسمالي غير معني بمعالجة هذه المعضلات لانه يهدف من كل نشاطه وفي كافة المجالات هو العمل على تحقيق الربح وتعظيمه، لان الربح للقطاع الخاص الراسمالي يعد احد اهم مؤشرات نشاطه في كافة المجالات وهو ينشط تحديداً في الميادين الخدمية التي تحقق له الربح السريع وبدون اي مخاطر.
نعتقد، ان معالجة هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية... يتطلب التدخل المباشر للدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية...، وان يلعب قطاع الدولة الدور الرئيس في ذلك وكما يتطلب ايضاً العمل على تعزيز الرقابة الشعبية ومكافحة فايروس الفساد المالي والإداري وكذلك تعزيز الديمقراطية والعمل على دمقرطة الاقتصاد والمجتمع... ، ان هذه الاجراءات وغيرها تتعارض مع النهج الليبرالي والنيوليبرالي المتبع في روسيا الاتحادية منذ عام 1992 ولغاية الان. هذة هي الحقيقة الموضوعية.

وجهة نظر --حول معالجة المعضلات الاجتماعية والاقتصادية
نعتقد، ان المجتمع والاقتصاد الروسي يواجهه بعض اهم المخاطر ومنها:؛ الخطر الاول --تعمق التفاوت الاجتماعي والاقتصادي واستمراره وبشكل كبير وواضح منذ عام1992 ولغاية اليوم وهذا ما لا يتلائم وطبيعة المجتمع الروسي تاريخياً وغير مالوف للمجتمع الروسي. الخطر الثاني -- وجود عملاء النفوذ والطابور الخامس والليبراليون المتطرفون والاصلاحيون المتوحشون في المجتمع والسلطة وهذا ما اكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سابقاً حول عملاء النفوذ والطابور الخامس وهؤلاء يشكلون ادوات طيعة ومنفذة ومخربة لصالح القوى الدولية تحديداً . الخطر الثالث -- الاستمرار في النهج الليبرالي والنيوليبرالي المتبع منذ فترة حكم الرئيس الأسبق بوريس يلسين ولغاية اليوم ورافق هذا النهج تعميق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع لصالح النخبة الاوليغارشية تحديداً، بدليل وجود 100 من الاغنياء الروس ( المليارديرية بالدولار الأمريكي) اذ زادت ثروتهم المالية من 495 مليار دولار في ابريل - 2023 الى 535 مليار دولار في شباط - 2024 ،وان 445 مليار دولار تعود إلى 76 ملياردير روسي وهذا ما هو معلن وبسبب استمرار النهج الليبرالي والنيوليبرالي فان الوزن النوعي للقطاع الخاص الراسمالي في الاقتصاد الروسي يتراوح ما بين 85--- 90 بالمئة في حين الوزن النوعي لقطاع الدولة يتراوح ما بين 10--15 بالمئة ( المصدر:جريدة روسيا السوفياتية، في،7-3-2024، باللغة الروسية). ان هذا الوضع يشكل خطورة على المجتمع والاقتصاد الروسي ويستحيل ان تتحقق العدالة الاجتماعية في المجتمع حسب الادعاءات.
ان روسيا الاتحادية، دولة راسمالية ولديها نهج اقتصادي واجتماعي وايديولوجي محدد وواضح الا وهو النهج الليبرالي والنيوليبرالي وان هذا النهج الخطير هو المسئول الأول عن ظهور المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والتي حددها الرئيس بوتين وغيرها من المعضلات الاخرى وكما ان هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية... هي ايضاً نتيجة موضوعية وفق النهج الراسمالي ووفق قانون التطور المتفاوت، القانون الراسمالي هو ايضاً سبب ظهور هذه المشاكل الاجتماعية والاقتصادية... في الاقتصاد والمجتمع الروسي.
ان الراسمالية كتشكيلة اجتماعية واقتصادية قد فشلت ودفعت المجتمع والاقتصاد الروسي نحو مازق حقيقي وبهذا الخصوص اشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (( ان الراسمالية في طريق مسدود...)) وهذا ما اكده غينيادي زوغانوف سكرتير الحزب الشيوعي الروسي منذ التسعينيات من القرن الماضي ولغاية اليوم.

وجهة نظر ::بعض اهم الاجراءات للخروج من الطريق المسدود.
نعتقد، ان تنفيذ - تحقيق المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي حددها الرئيس بوتين في خطابه لا يمكن تنفيذها لصالح المجتمع والاقتصاد الروسي الا من خلال الاجراءات التالية وهي :

1- التخلي عن النهج الليبرالي والنيوليبرالي المعمول به حالياً فهو طريق خطير وغاية في الصعوبة على المجتمع والاقتصاد الروسي.

2- العمل على تاميم الثروات الطبيعية ( نفط، غاز...) وجعل قطاع خدمات السكن في يد الدولة وليس في يد القطاع الخاص الراسمالي والعمل على تاميم صناعة المشروبات الكحولية وصناعة السجائر حصرياً في يد الدولة ولعدة اعتبارت صحية وكذلك العائد المالي الكبير لصالح الدولة وكذلك ان يكون المجمع الحربي الصناعي الروسي حصرياُ في يد الدولة بالكامل ولا اسباب عديدة ومنها الجانب الامني...،

3- من الضروري ان يتم اعادة النظر بنتائج الخصخصة منذ عام1992 ولغاية اليوم وهذا يصب لصالح المجتمع والاقتصاد الروسي وكما يتطلب اعادة النظر بنظام الضرائب فمن غير العدل ومن غير المعقول ان تكون نسبة دفع الضريبة بنحو 13 بالمئة على الجميع بل يجب أن تكون الضريبة تصاعدية على الدخل المتحقق وخاصة على الراسمالين وينبغي ان تكون على هؤلاء ما لا يقل عن 50 بالمئة وهذا يصب لصالح المجتمع والاقتصاد الروسي.

4-- العمل الجاد ووفق القانون بوقف هروب الرأسمال لخارج روسيا فمن غير العدل والمنطق وفي العام الأول من العملية العسكرية الروسية الخاصة ان يتم تهريب نحو 260 مليار دولار أمريكي وان روسيا الاتحادية تقوم بالعملية العسكرية الروسية الخاصة فهذا يشكل اضعاف خطير على تنفيذ المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي حددها الرئيس بوتين.

5-- الاقرار بتعددية الانماط الاقتصادية واعتماد قانون التخطيط الاقتصادي لتطور المجتمع والاقتصاد الروسي ويمكن الاخذ بتجربة جمهورية الصين الشعبية انموذجا بالرغم من الاختلاف في النهج الاقتصادي والاجتماعي والايدولوجي بين البلدين.

6- من الضروري العمل على اشراك الحزب الشيوعي الروسي في السلطة التنفيذية وهو لديه خبرة وكوادر مؤهلة للقيام بالمهام المطلوبة والابتعاد عن احتكار السلطة لحزب واحد الا وهو حزب روسيا الموحدة ان هذا وغيره سوف يساهم في تطوير الاقتصاد والمجتمع وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي... في روسيا الاتحادية.

7- نعتقد، بعد انتهاء العملية الانتخابية يتطلب ان يتم اجراء تغير في السلطة التنفيذية وخاصة في البلوك المالي والاقتصادي ومن يرسم السياسة النقدية وهذا ايضاً يصب لصالح الشعب والاقتصاد الروسي.

8- نعتقد، بدون حل جذري للقضية المالية وكذلك مشكلة الكادر وبكل الاختصاصات العلمية والمهنية وبدون تحسين نظام ادارة الدولة وتحقيق الجدوى الاقتصادية وبدون تدخل الدولة المباشر في توجيه الموارد البشرية والمادية وتعزيز دور الرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية وغير ذلك لا يمكن تحقيق المعضلات التي حددها الرئيس بوتين.

9- ان روسيا الاتحادية لن تصبح دولة عظمي وقطب توازن عالمي الا من خلال تبنيها عملياً الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي واجتماعي وهذا ما اكدته التجربة التاريخية 1917--1991، في الراسمالية لن تصبح روسيا الاتحادية قطبا توازنيا ولن يسمح لها من حيث المبدأ لان قسمة العمل الدولية تحددت بين الدول الامبريالية وفي كافة المجالات من وجهة نظرهم.

10- نعتقد، ان روسيا (( ثوبها)) ثوباً اشتراكيا وهو صفة ملازمة لها وان الاشتراكية هي الطريق الوحيد والرئيس لا نقاد روسيا والعالم اجمع وان تحقيق العدالة الاجتماعية لا يمكن ان يتحقق الا في المجتمع اللاطبقي المجتمع الاشتراكي وهذه حقيقة موضوعية.

اذار - 2024