أهمية المحيطات بالنسبة للمناخ وبقاء البشرية. والاستهانة بها بشكل خطير.


حازم كويي
2024 / 3 / 12 - 18:15     

إعداد:حازم كويي
71 بالمئة من سطح الأرض تُغطيها البحار،بمساحة 362 مليون كيلومتر مربع،فيها 1.35 مليار كيلومتر مكعب من الماء. ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الناس، يُعتبر البحر مجرد خلفية لذكريات العطلات الرومانسية: الملح في شعرك، والرمل بين أصابع قدميك، ورائحة واقي الشمس على بشرتك. لكن البحر ليس بطاقة بريدية شاعرية. فهوالذي يقرر بقائنا.
إن الحقائق الصعبة معروفة، الأنهار الجليدية آخذة في الذوبان. تستمر مستويات سطح البحر في الارتفاع. أصبحت المحيطات أكثر حمضية، والنظم البيئية الحساسة تموت، والسلسلة الغذائية مُعرضة لخطر الانهيار. كان البحر الأبيض المتوسط أكثر دفئاً من أي وقت مضى، في يوليو/تموز،وصلت درجة الحرارة بمتوسط 28.7 درجة، وأصبحت غابات الأعشاب البحرية في بحر البلطيق صحاري فقيرة بالأوكسجين؛ الشِعاب المرجانية في البحار الاستوائية شاحبة وتموت. كما أن الدورة الانقلابية للمحيط الأطلسي، والتي تضمن تبادل كتل المياه الدافئة والباردة فيها وتحدد إلى حد كبير المناخ على الأرض، يُمكن أن تنهار في السنوات القليلة المقبلة.
فإما أن تصبح المحيطات التهديد الأعظم للبشرية في العقود المقبلة، أو سنجعلها أقوى حليف لنا في محاولتنا لوقف الإنحباس الحراري العالمي. فاللحظة المناسبة لتقرير ذلك هي الآن. إن محيطات العالم تقوم بالفعل بعمل هائل في تنظيم مناخ الأرض، فهي تمتص ربع ثاني أكسيد الكربون المُنبعث من البشر و93% من ظاهرة الاحتباس الحراري.
75% من المحيطات عبارة عن مياه ضحلة غير موصوفة.
ومع ذلك فإن أهمية محيطات العالم لنظام الأرض برمته - ولبقاء البشرية - تظل نقطة عمياء في وعينا الجماعي. قال عالم المحيطات في وكالة ناسا، جين فيلدمان منذ ما يقرب من عشرين عاماً "لدينا خرائط لسطح المريخ والقمر أفضل من خرائط قاع المحيط". لم يتغير سوى القليل. أكثر من 75% من المحيطات لا تزال عبارة عن مياه ضحلة غير موصوفة. وعلى الرغم من ضرورة حماية ثلث أعالي البحار على الأقل من الصيد الجائر والتلوث في المستقبل، فإن النظم البيئية الساحلية، كما ذكرنا سابقاً، تبدو قاتمة في العديد من الأماكن. وعلى الرغم من سنوات من المفاوضات، لا يزال قاع البحر غير محمي. ومن الممكن أن تقوم شركات التعدين بحفرهِ قريباً بحثاً عن المواد الخام.
إن إمكانات حماية المناخ التي توفرها المحيطات السليمة لا تقدر بثمن،لقد خلص تقرير صادر عن منتدى الموارد العالمي إلى أن تنفيذ الحلول القائمة على المحيطات يمكن أن يقلل من إنبعاثات غازات الدفيئة العالمية بأكثر من أحد عشر مليار طن في عام 2050 ، وهو ما يعادل الانبعاثات السنوية لـ جميع محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في العالم.
ولابد من بذل الكثير من الجهود لتحقيق هذه الغاية، منها إزالة الكربون من حركة الشحن، وتسريع التوسع في طاقة الرياح البحرية، وجعل طاقة الأمواج في البحار قابلة للاستخدام أخيراً. ما ينقصنا هو الإرادة. بحلول عام 2030، يجب علينا خفض الانبعاثات العالمية إلى النصف لتحقيق هدف 1.5 درجة. لقد وصلنا بالفعل إلى 1.2 درجة من الاحتباس الحراري. ما يُعيقنا هو الأمل الكاذب بأن كل شئ سوف يسير على ما يرام دون مساعدتنا. لماذا يصعب علينا أن نقول وداعا؟
سكان المناطق الساحلية في الجنوب هم الأكثر تضرراً من أزمة المناخ،لأننا لا نتأثر جميعنا بالتساوي، فمعظم الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الساحلية المنخفضة، والذين يزيد عددهم عن 680 مليون نسمة، يعيشون في جنوب الكرة الأرضية. إنهم مُعرضون لخطر الموت بسبب الفيضانات والعواصف بنسبة 15 مرة أكثر مما هو عليه الحال في ألمانيا.
يمكن لأي شخص يعرف البحر فقط من خلال إجازته أن يتجاهل إرتفاع منسوب المياه بسهولة أكبر. ومن ناحية أخرى، يتعرض سكان المناطق الساحلية في الجنوب العالمي لضغوط خاصة. وهم أيضاً الذين يعملون بالفعل على إيجاد حلول لتحسين التعايش مع المحيطات.
في سلسلة Blue New Deal الخاصة بهم، تجري زيارات للأشخاص الأكثر تضرراً من أزمة المناخ. منها لقاءات بعمال غابات المنغروف في كينيا، والصيادين في هندوراس، والنقابيين في بنغلاديش. وكذلك يجري التحدث مع باحثين من جميع أنحاء العالم. فهم جميعاً يعملون بالفعل على إنقاذ المحيطات وإيجاد طريقة جديدة للتعامل معهم، من أجل حمايتهم ومن أجلنا.