: من يحكم روسيا الاتحادية بعد عام 2030؟*


نجم الدليمي
2024 / 3 / 7 - 20:49     

ان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في المجتمع البرجوازي تعكس حدة الصراع الطبقي والايدولوجي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي بين الاحزاب السياسية ذات التوجهات السياسية والفكرية المختلفة والهدف الرئيس من هذا الصراع هو الوصول للسلطة وحسب وجهات نظر منظري المدرسة البرجوازية، يؤكدون على اهمية التداول السلمي للسلطة وهذا نادر الحدوث في الوقت الحالي وما يحدث في اميركا من مسرحية الانتخابات الرئاسية الا دليل حي وملموس على فشل هذه التنظيرات البرجوازية في الواقع الموضوعي الملموس.

يلاحظ ان الامكانيات والظروف في الانتخابات الرئاسية، البرلمانية في المجتمع البرجوازي بين الاحزاب السياسية المشاركة في عملية الانتخابات مختلفة ومتباينة وفي كافة المجالات فالحزب الحاكم يملك السلطة والمال والاعلام ولديه امكانية تسخير جهاز الدولة لصالحه بحكم قيادته للسلطة في حين الاحزاب السياسية المعارضة والمشاركة في الانتخابات ليس لديها مثل هذه الامكانيات وبالتالي فالقاعدة العامة في الانتخابات في المجتمع البرجوازي بشكل عام تؤكد فوز حزب السلطة سواء بنسبة مطلقة او نسبية مع حلفائه في البرلمان والفوز بالرئاسة في الغالب روسيا الاتحادية انموذجا.

في 15--17-3-2024 سوف تجري الانتخابات الرئاسية في روسيا الاتحادية وتستمر لمدة ثلاثة أيام ويتم التصويت المبكر وكذلك يتم التصويت عبر الانترنت وغيرها من الوسائل الاخرى. في هذه الانتخابات سوف يشارك 5 مرشحين من خمسة احزاب سياسية في روسيا الاتحادية وهم:

* فلاديمير بوتين، مرشح الحزب الحاكم حزب روسيا الموحدة.
* نيكولاي خاريتونوف، مرشح الحزب الشيوعي الروسي.
* ليونيد سلوتسكي، مرشح الحزب الليبرالي - الديمقراطي الروسي ( حزب جيرنوفسكي).
* فلاديسلاف دافانكوف، مرشح عن حزب (( الناس الجدد)) وهو حزب يمثل مصالح الاغنياء الروس في روسيا الاتحادية. وهو حزب جديد، حصل على المشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة ولديه كتلة برلمانية صغيرة في مجلس الدوما الروسي ( البرلمان الروسي).

* حزب روسيا العدالة حزب ميرونوف، لم يشارك في الانتخابات الرئاسية بل اعلن تأييده للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وان هذا الحزب في كثير من شعاراته هي قربية من شعارات الحزب الشيوعي الروسي وكأنما هو البديل عن الحزب الشيوعي الروسي وقاعدته الحزبية هي من حيث المبدأ والمضمون هم قاعدة الحزب الشيوعي الروسي....؟.

## اما الاحزاب الليبرالية جماعة غايدار -- جوبايس وكوزيروف وخدركوفسكي وكوخ وكاسيانوف وكاسباروف منذ فترة طويلة قد خسروا قاعدتهم الجماهيرية بسبب النهج الليبرالي والنيواليبرالي المتوحش في شكله ومضمونه والذي تم خلال فترة الرئيس الروسي بوريس يلتسن المخمور دائماً للمدة 1992-1999 بدليل احد المرشحين منهم لم يستطيع ان يجمع نحو 300 الف صوت وفق القانون للمرشح وتبين بعد التدقيق ان بعض الاسماء كانت مزورة وتم رفضه للترشح.

تؤكد الحقيقة الموضوعية وهي ان الصراع الطبقي والايدولوجي في روسيا الاتحادية هو صراع بين حزب السلطة الحاكمة وبين الحزب الشيوعي الروسي منذ عام 1992 ولغاية الان انه صراع يدور من اجل السلطة وبالتالي يمكن القول يوجد في روسيا الاتحادية اليوم حزبين رئيسيين هما حزب روسيا الموحدة وحلفائه والحزب الشيوعي الروسي وحلفائه والصراع بينهما يدور حول مستقبل روسيا الاتحادية.
يلاحظ من خلال فترة الانتخابات الرئاسية الحالية فان برنامج الحزب الحاكم حزب روسيا الموحدة وبرنامج الحزب الشيوعي الروسي وخاصة في الميدان الاجتماعي متقاربة بدليل كان الخطاب السنوي للرئيس بوتين في 29-2-2024 قد عكس برنامجه الانتخابي للمدة 2024-2030 بل يمكن القول انه يمتد حتى عام 2036.
يؤكد مرشح الحزب الشيوعي الروسي في برنامجه المهام الرئيسة وهي الاتي :
1- العمل على تحقيق النصر العسكري في العملية العسكرية الروسية الخاصة.( 2) العمل على تاميم الثروات الطبيعية ( نفط غاز...) في يد الدولة وليس في يد الاوليغارشية وحصر انتاج المشروبات الكحولية وصناعة السجائر في يد الدولة لاسباب عديدة.( 3) العمل على تحقيق مجانية التعليم بما فيها الدراسات العليا ومجانية التعليم والعلاج والسكن... (4) العمل الجاد على وقف ((موت)) روسيا الاتحادية اي وقف زيادة معدلات الوفيات على معدل الولادات وهذه الظاهرة الخطيرة هي امتداد للنهج الليبرالي والنيواليبرالي المتبع منذ عام 1992 ولغاية الان. (5) القضاء على الفقر في روسيا الاتحادية وهذا يتطلب تعزيز دور ومكانة الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.( 6) العمل على جعل قطاع السكن في يد الدولة من حيث ادارته وتمويله وليس في يد القطاع الخاص الراسمالي.( 7) العمل على دعم العلم والعلماء والبحث العلمي من خلال زيادة التخصيصات المالية وكذلك زيادة رواتب العاملين في هذا القطاع الحيوي. (8) العمل على ضمان وحدة روسيا الاتحادية والدفاع عن المواطنين الروس خارج روسيا الاتحادية.( 9) العمل على تعزيز السيادة والاستقلال الوطني لروسيا الاتحادية لان روسيا لديها مساحة كبيرة ولا يمكن تحقيق ذلك الا من خلال سلطة مركزية قوية في روسيا الاتحادية.( 10) العمل على تحسين ظروف الحياة للمواطنين وتحقيق حياة امنه ومستقرة وفي ظل غياب استغلال الانسان للإنسان. ان اغلب هذه المهام وغيرها هي نفسها تم طرحها من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الميدان الاجتماعي تحديداً.

نعتقد ان فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محقق بلا منازع وبالرغم من اختلافنا معة سياسياً وايديولوجيا..، وتؤكد الحقيقة الموضوعية انه يعد رجل المرحلة الحالية واستطاع ادارة التنافس مع خصومه في الغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية وحلفائها وخاصة مع بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة وبسبب ذلك تم فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ومالية ودبلوماسية وثقافية.. على الشعب الروسي وتجاوزت ال19000 نوع من أنواع الحصار الغير عادل والغير شرعي وغير مالوف وكما يمكن القول لقد فشلت الادارة الامريكية وحلفائها في رهانهم الخاسر والذي تمثل في: انهيار العملة الوطنية ( الروبل) الانهيار الاقتصادي بسبب الحصار قيام ما يسمى بالثورة الملونة داخل روسيا الاتحادية وعبر حلفائهم من الليبراليين والنيوليبرالين.... ، ان كل هذه المراهنات وغيرها قد فشلت بل حدث العكس وهم يجهلون طبيعة المجتمع الروسي عندما يتعرض الوطن للخطر الخارجي يتوحد الشعب الروسي بالرغم من الخلافات السياسية والفكرية.

ان فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محقق اصلاً وهو سيقود روسيا الاتحادية، كما نعتقد، بعد عام 2030 اي حتي عام 2036 ولا يستبعد بعد ذلك سوف يهيئ شخص يثق به لقيادة روسيا الاتحادية من بعدة وسيكون من احد المقربين منه الان وهذا يمكن أن يتحقق في غياب الزلازل الكبير اي نشوب الحرب الكونية النووية وهي غير مستبعدة وكاحتمال قائم وحسب تصريح وزير الدفاع الاميركي اوستين في حالة خسارة اوكرانيا عسكرياً، اي انتصار روسيا الاتحادية سوف يتم التدخل من قبل الناتو لنصرة النظام الحاكم في اوكرانيا وان حدث هذا وهذا ما لا نتمناه ستكون نهاية المجتمع البشري والجميع فيها خاسرون.
* انظر مقالتنا: د.نجم الدليمي، من يحكم روسيا الاتحادية بعد عام 2024؟ الحوار المتمدن، العدد، 5973، في، 20-2-2018.

اذار - 2024