غزة والسيناريوهات اللبنانية


حسين محمود التلاوي
2024 / 3 / 6 - 00:15     

في ظل استمرار المواجهات في الميدان بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، واستمرار الجهود الدبلوماسية الساعية إلى الوصول إلى تهدئة، من الصعب استقراء الوضع إلا من خلال التقديرات المستندة إلى تاريخ الصراع بين الطرفين، وتاريخ الصراع بين العرب والاحتلال.
واستنادًا إلى هذا التاريخ، يمكن أن نخلص إلى أن غزة الآن أمام سيناريو من اثنين؛ وكلاهما من لبنان:
1. عودة حكم السلطة الفلسطينية إلى القطاع مع نفي قيادات المقاومة بعيدًا عن القطاع واستمرار وجود المقاتلين والسلاح، ولكن دون إمكانية لاستخدامه ضد كيان الاحتلال. حالة مشابهة لما في مخيمات الفلسطينيين في لبنان. الفصائل الفلسطينية توجه سلاحها بعضها إلى بعض في المخيمات، أو إلى الجيش اللبناني؛ مثلما حصل في واقعة مخيم نهر البارد عام 2007.
2. انسحاب قوات الاحتلال من القطاع، واستمرار الوضع على ما هو عليه دون أن يكون لدى المقاومة أية إمكانية لشن هجمات جديدة على كيان الاحتلال. حالة مشابهة لما حدث في حرب لبنان عام 2006، عندما سحقت قوات الاحتلال لبنان دون أن تقضي على قوات حزب الله، لكنها دفعت بقوات الحزب إلى نهر الليطاني ليصبح النهر حدًّا فاصلًا بين شمال الكيان وقوات المقاومة الإسلامية. منذ ذلك الحين لم تحدث أية حروب بين الطرفين، ويقتصر الأمر منذ 7 أكتوبر على مناوشات واشتباكات تبقى محدودة.
سيناريو القضاء الكامل على فصائل المقاومة وحركة حماس بوجه خاص مستحيل؛ لأن المقاومة جزء من نسيج المجتمع الفلسطيني وممارسته الاعتيادية. وجهت قوات الاحتلال ضربات ملموسة لهيكلية المقاومة، واستنفدت الكثير من مخزونات المقاومة العسكرية واللوجستية في العموم، ولكن من المتعذر القضاء الكامل على الفصائل شكلًا وموضوعًا.
لكن أيًّا ما كان السيناريو الممكن تحققه في غزة بعد انتهاء القتال، يبقى الاحتمال الأكبر تراجع شديد لإمكانية شن المقاومة أي هجوم على كيان الاحتلال بالنظر إلى الخسائر البنيوية التي لحقت بالمقاومة إلى جانب تغير المعادلات الإقليمية الذي يجعل من الصعب على الدول الداعمة لحركات المقاومة الفلسطينية أن تستمر في الدعم بالقدر الذي كان عليه قبل بدء عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من عدوان انتقامي على القطاع.