ماجد السامرائي يحاور احمد عباس صالح قبل نصف قرن عن (الثقافة العربية وقضايا العصر )


ابراهيم خليل العلاف
2024 / 3 / 3 - 14:21     

- ابراهيم العلاف
والحوار تم عبر صفحات مجلة (الجامعة ) التي كانت تصدرها جامعة الموصل ، عدد نيسان 1976 .وكان حوارا رائعا ، وقيما ، ومفيدا واقول انه - بحق - وثيقة تاريخية .
الاستاذ احمد عباس صالح المفكر المصري الكبير (توفي 2006 عن عمر يناهز ال 76 سنة ) ، واحد ابرز رموز اليسار المصري له كتب كثيرا لكن كتابه (اليمين واليسار في الاسلام ) يتصدرها .كما كان يشغل منصب رئيس تحرير مجلة (الكاتب ) الفكرية التقدمية .
والاستاذ ماجد السامرائي احد رموز المشهد الثقافي العراقي المعاصر الكبار كاتب وناقد ومؤلف معروف أمد الله بعمره ومتعه بالعافية والبركة .
وبإختصار شديد اقول ان الحوار ابتدأ بالحديث عن ما تعانية امتنا العربية من مشاكل ، يستدعي حلها وضوحا في الرؤية ، وتفحصا لبنية المجتمع الذي نعيش سياسيا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، وثقافيا ، وما اكد عليه الاستاذ احمد عباس صالح هو المنهج العلمي ، وضرورة استخدامه خاصة في مجال الدراسات الاجتماعية .. وتناول الحوار (الوضعية المنطقية) ، واهتمام لغتنا بها فضلا عن ( الفكر الماركسي) ، وهو الفكر الذي جعل العملية السياسية عملية علمية . وفوق كل هذا ثمة ميل في التفكير المعاصر الى التوثيق اولا ، والدراسات الميدانية ثانيا ، وكل هذا يجعل الانسان قادر على ادراك قوانين الحياة ، وادراك حركتها وتوجيهها الوجهة العلمية .
ايضا الحوار تناول القسمات التي تُحدد ثقافتنا العربية المعاصرة ، وقرر الاستاذ محمود امين العالم حقيقة مهمة ، ما زلنا نعانيها وهي اننا نفتقر الى التخطيط في حياتنا ، خاصة في المجال الثقافي ..نجد حركة لكن بدون تأصيل ، وهذا يظهر في ميدان الترجمة ، وميدان المسرح .وفوق هذا مازال مجتمعنا يواجه صراعا بين اليمين واليسار ..بين الرجعي والثوري بين الحرية والخضوع بين الجهل والتعلم .هناك ضمور في عملية الثورة والتنوير . فضلا عن فقدان التوجه نحو التنمية الثقافية الحقيقية و(التلقائية) ما تزال هي السائدة وعدم اتباع تخطيط ، وعدم اتباع منهج هي السمات البارزة لحركتنا الثقافية ..الصراع الفكري ما يزال حاد جدا في المنطقة العربية ، والفكر الثوري التقدمي ما زال يواجه الفكر الرجعي المتخلف .
وثمة صراع من اجل الاستحواذ على المنابر الفكرية .. ما يحدث ليس حوارا بل نوع من القهر غير الفكري ربما هو قهر سياسي ايضا وهذا للاسف يُعطل نمو وتشكيل الحركة الثقافية العربية المعاصرة .
واخيرا - وطبعا الحوار طويل ومفصل- نجد ان الاستاذ احمد عباس صالح يشير الى الغرب ومصالحه . ويقول ان هناك تغذية للجهل ، والتخلف ، والانقسام ، والتشرذم والان التفاهة والسطحية ، وما يطرح هو فكر غيبي رجعي لاقيمة له ..هناك تنظيما للثقافة السطحية المضادة للوعي ثقافة ثورة مضادة وراءها خبرات في الصراع الفكري كبيرة جدا هي الخبرات العالمية ووراءها ، قدرات مالية كبيرة جدا ، وهذا كله هدفه "تطويع وتهجين العقل العربي " ، ونقله الى صف الثورة المضادة وابعاد المواطن عن كل ما يساعده على الفهم والوعي والصمود والتحرك بإتجاه تقديم منجزات اجتماعية بروح فكرية نضالية والصراع الفكري الحقيقي - للاسف - لم يأخذ فرصته في التنظيم والتخطيط والتنفيذ .
حوار رائع جرى قبل قرابة نصف قرن لكنه مايزال صالحا في زماننا هذا حيث عوامل الهدم والتفاهة والتخريب في فكرنا ما تزال قائمة .
رحم الله الاستاذ احمد عباس صالح وحفظ الله اخي وصديقي الاستاذ ماجد السامرائي .