بوركينا فاسو وإبراهيم تراوري ... نموذجا


خالد بطراوي
2024 / 3 / 1 - 14:03     

عامان ونيّف على الإنقلاب العسكري في بوركينا فاسو حيث أطاح العسكري إبراهيم تراوري بالرئيس المؤقت بول داميبا في الثلاثين من أيلول لعام 2022، ليتم تنصيبه رئيسا مؤقتا لهذه الدولة مدعوما من "الحركة الوطنية للحماية والإصلاح"، مع تقديم وعودات بإجراء إنتخابات عامة في تموز من العام الحالي (2024).
وقد شاهدنا عملية طرد القوات الفرنسية في شباط 2023 رغم تأكيد تراوري أنه يريد إرساء علاقات مع فرنسا "تخدم الجانبين، وبدأ تراوري "يغزل ناعم" مع روسيا وشاهدناه عبر وسائل الإعلام وهو يدلي بتصريحات نارية توحي بانحيازه لقضايا الجماهير ومعاداته للإمبريالية.
ومن دون أدنى شك، فإن ما قام به تراوري وفريقه قد أثلج صدر الشعب في بوركينا فاسو التواق فعلا للإنعتاق الحقيقي من الإستعمار وإلإستفادة من مقدرات البلاد.
وهنا تبرز الأسئلة، هل ستترك الإمبريالية بوركينا فاسو "في حالها"؟ وهل ستقوم روسيا بدعم بوركينا فاسو والوقوف إلى جانبها أم أنها ستستخدمها ورقة ضغط في المنطقة للإتفاق مع الإمبريالية على ترتيبات معينة جديدة بمعنى "توزيع الكعكة".
ثم بدأ تراوري يظهر على الفضائيات في كثير من المناسبات الدولية والشعبية المحلية بوصفه "مخلص البلاد" والملاذ لهذه الدولة الواعدة و" النموذج" للدول المجاورة.
ليس أمامنا إلا أن ننتظر الأشهر القليلة المقبلة لنرى إن كان هذا الشاب العسكري وفريقه سيلتزمون بما أعلنوه عن نيتهم إجراء أنتخابات في تموز القادم، رغم أنه لا يوجد مؤشرات لذلك البته، حيث لا يوجد أية تحضيرات تذكر، وفي ذات السياق سوف نرى إن كان تراوري سيتخلى عن بزته العسكرية ويخوض الإنتخابات كمواطن مدني كما يحصل دوما في تلك الدول التي تسمى "دول العالم الثالث".
وكما يقول المثل " يا شاري الخبر بفلوسه ... إستنى لما يجيك ببلاش".
لكن، ما الذي أهدف اليه في مقالتي هذه من إيراد ذكر العسكري إبراهيم تراوري نموذجا؟
الحقيقة أنني أريد في البداية أن أشير الى أن من يأتي على ظهر دبابة بإنقلاب عسكري من النادر أن نلمس منه خيرا، رغم عدم التعميم، ورغم تشدقه بالنية بإجراء إنتخابات وأن الفترة ما بعد الإنقلاب هي فترة إنتقالية، لكنه سرعان ما يستبدل بزته العسكرية لينتخب بطريقة توحي بانها ديمقراطية رئيسا للبلاد ويتم التجديد له أيضا بإنتخابات بموجب " عرس ديمقراطي".
كما وانني أريد أن أشير هنا أيضا الى أن زمن المأثرة الفردية وإجتراح المأثرة والى حد كبير قد ولّى وإندثر. فلن نجد في عصرنا الحالي "صلاح الدين" ولن نتغنى ببيت الشعر القائل " الله أكبر كم في الفتح من عجب ... يا خالد الترك جدد خالد العرب"، ولن نجد من يلبي صرخة " وامعتصماه"، كما لن يكون هناك "سبارتاكوس" محرر العبيد.
أصبح الكون يسير ضمن نسق ومنظومة لا تعتمد على الفرد، بل على المجموع المتسلح بالمعرفة والتكنولوجيا من ناحية والقدرة العسكرية الفتاكة من ناحية أخرى التي يتم إستخدامها لحفظ مصالح الدول وحفظ التوازنات في هذه المنطقة أو تلك من العالم.
فيكفينا، التنافخ شرفا على "القدس عروس عروبتنا" التي رددها الشاعر العراقي مظفر النواب، فقد " أدخلنا كل زناة الليل الى حجرتها" ووقفنا " نستمع وراء الباب لصرخات بكارتها" و "سحبنا كل خناجرنا ونافخنا شرفا" و " صرخنا فيها أن تسكت صونا للعرض".
فهل وصلت الرسالة؟