الدكتورة هناء أحمد وكتابها النقدي (قصيدة القطاع الخاص ..شعرية قصيدة النثر عن الماغوط )


ابراهيم خليل العلاف
2024 / 2 / 28 - 12:21     

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
كم انا سعيد ، وفرح ، وأنا أتلقى نسخة من الكتاب النقدي الثاني للاخت الدكتورة هناء احمد والموسوم ( قصيدة القطاع الخاص ..شعرية قصيدة النثر عن الماغوط ) ، وشكرا على الهدية الثمينة، والعبارات الرائعة التي تطرز النسخة المهداة .
والكتاب من منشورات الاتحاد العام للادباء والكتّاب في العراق ) سلسلة دراسات 2024 . وقبل ان اقف عند هذا الكتاب اقول ان كتاب الدكتورة هناء أحمد ، النقدي الاول كان بعنوان ( جدلية الشعر والنثر في شعر الحداثة) وقد حصل على جائزة الشارقة للابداع العربي ، واتذكر مرة انني كتبت عن مجموعتها الشعرية الانيقة الموسومة (أجر حزني من ياقته ! ) ، وقد صدرت سنة 2022 عن الاتحاد العام للادباء والكتّاب في العراق ايضا سلسلة شعر 2022 .
طبعا الاخت الدكتورة هناء احمد ، الشاعرة ، والناقدة حصلت على شهادة الدكتوراه من كلية الاداب - جامعة الموصل سنة 2019 عن اطروحتها (عتبات النص في شعر عدنان الصائغ) ، وكانت الاطروحة بإشراف الاخ الاستاذ الدكتور أحمد جار الله ياسين .
الكتاب الذي بين يدّي الان وعنوانه - كما قلت لكم احبتي الكرام - ( قصيدة القطاع الخاص ..شعرية قصيدة النثر عن الماغوط ) بالاصل رسالة ماجستير نوقشت في كلية الاداب بجامعة الموصل سنة 2012 ، وحصلت الاطروحة في حينها على تقدير امتياز ، وكانت قدجرت بإشراف الاخ الاستاذ الدكتور أحمد جار الله ياسين ايضا وهكذا نحن ازاء باحثة جادة ، ومشرف متميز ، يُعد اليوم من اركان المدرسة النقدية الادبية المعاصرة في العراق ، لذلك نتوقع ان يكون العمل جادا ، ومبتكرا ، واصيلا فضلا عن انه يعد اضافة نوعية الى ما لدينا من دراسات في مجال قصيدة النثر عامة ، وقصيدة الشاعر الثائر محمد الماغوط .
ولمن لايعرف محمد الماغوط 1934 - 2006 ، وطبعا انا أُحبه وكتبت عنه اكثر من مرة ، شاعر ، وكاتب مسرحي سوري كبير ، ويعد من ابرز ما يسميه النقاد ( قصيدة النثر ) ، وكانت بداياته الاولى في مجلة (شعر ) البيروتية وقدمه الشاعر ادونيس واول قصيدة نشرت له فيها كانت بعنوان (القتل) ، وابتداء من عدد المجلة الخامس سنة 1958 ، وعدها النقاد بداية تأسيس (القصيدة النثرية العربية) ، وذهب بعضهم انها لاتتبع مدرسة ولاتعبر عن تيارا واول مجموعة شعرية نشرها كانت سنة 1959 بعنوان (حزن في ضوء القمر ). وفي سنة 1970 اصدر ديوانه (غرفة بملايين الجدران) ثم اصدر ديوانه ( الفرح ليس مهنتي) ..و (البدوي الاحمر ) وهو آخر دواوينه ، وهو ما ركزت عليه المؤلفة عند حديثها عن قصيدة النثر عند الماغوط .
وقد لايعرف كثيرون انه هو من كتب مسرحيات ( المهرج ) ، و(ضيعة تشرين) ، و( كاسك ياوطن) . وطبعا انا شخصيا قد تابعته . ومما قرأت له كتابه (سأخون وطني ..هذيان الرعب والحرية ) .
ما يهمني قوله ان الاخت الدكتورة ، وهي تعرف كل هذا وبتفصيل ، وضعت قصائد الماغوط تحت مشرحة النقد الادبي ، وقالت ان قصيدة النثر شكل من اشكال الشعر اتاح لعدد من الشعراء في عصرنا هذا التعبير عن ذواتهم وتجاربهم ورؤاهم الفنية بما يساعدهم على ان يكونوا صادقين أمام ذواتهم وجمهورهم .ومما استطاعت المؤلفة اثباته ان لقصيدة النثر خلاف ما قيل سمات ، وخصائص فنية متميزة وما ساعدها على ذلك انها شاعرة وكما قالت فإن دراستها للماغوط تنسجم مع توجهاتها الشخصية في الكتابة الشعرية التي تميل الى قصيدة النثر اكثر من غيرها من اشكال الشعر الاخرى .
اعتمدت المنهج النقدي ، واتخذت من النص منطلقا في عملية قراءة قصيدة النثر عن الماغوط وفهمه وتحليله وتفسيره .وقدقرأت (297) نصا ، وبذلك جهودا كبيرة ووقتا طويلا ، ولكي تضع قصيدة الماغوط النثرية في موضعها الذي تستحقه ركزت جهدها على مبادئ الشعرية والقصيدة النثرية والاشكالات المتعلقة بهذه المصطلحات ، واقامت مجهودها البحثي على مقدمة ، وتمهيد واربعة فصول فخاتمة والفصل الاول كان متمحورا حول شعرية العنوان ، والفصل الثاني وقف عند شعرية اللغة ، في حين تخصص الفصل الثالث بدراسة التشكيل الشعري للصورة واخيرا إنصرف الفصل الاخير نحو تناول شعرية الايقاع في جانبيه الصوتي والبصري .
خلص الكتاب الى ان ديوان (البدوي الاحمر ) لمحمد الماغوط رحمة الله عليه ، ليس الا امتدادا لدواوينه السابقة التي تركزت على "الاهتمام بموقف الانسان العربي المهمش في ظل السلطة الحاكمة " . ومعنى هذا ان الهم الجماعي كان عند الماغوط يتغلب على الهم الذاتي او الخاص وهذا مما جعل الماغوط مثقفا عضويا بمفهوم غرامشي.
كما ان اقتراب الماغوط من موضوعات الحياة اليومية جعله يستغرق شعريا بذكر التفاصيل مما جعل ما يكتبه موضوعات جاهزة لمسرحيات ومسلسلات وحتى افلام سينمائية وحتما الماغوط هو من اراد ذلك وحرص عليه مما جعله قريبا من الجماهير ، والنخب على حد سواء .
واخيرا ان مفاهيم الحرية والتقدم وحتى التمرد على الواقع هي من مثّلت جانبا مهما في التكوين الشخصي والثقافي والشعري للماغوط بحيث نجدها تتجسد واضحة في شعره المتداول ، وهذا ما كشف عورات الانظمة المتسلطة وأبان سلبياتها ، ومواقفها من المواطنين . ويقينا كل هذا ظهر في قصائده النثرية وجعله قريبا جدا منا جميعا نحن المهمومين بالهم الكبير هم الوطن ، وهم الامة ، وهم المواطنين .
ابارك للاخت الدكتورة هناء أحمد لها منجزها المعرفي والنقدي هذا ، وارجو منها ان تظل معنا كاتبة وناقدة وشاعرة ؛ أقصد معنا ، كجمهور ، وكمجتمع ، وكرواد اصلاح ، وتنوير ، وثورة .