كلمة في البرطيل والبراطيل


ابراهيم خليل العلاف
2024 / 2 / 23 - 14:33     

- ابراهيم العلاف
واحيانا ، اضطر ان اتدخل لأكتب لكم شيئا ، عندما انشر منشورا معينا ، فأجد ان هناك من يريد ان يُبعده عن دلالاته التي استهدفها .قلت في المنشور (البراطيل تُنزل السلاطين) بمعنى ان الرشوة قد تحط من قدر السلطان فينزل الى مستوى أخذ الرشوة بدون خجل .
وانا كمؤرخ درست عصورا عديدة منها عصور المماليك والعثمانيين والانكليز والفرنسيين والايطاليين فوجدت ان الرشوة كانت موجودة في بلادنا ومتأصلة وهي طبعا موجودة منذ ان خلق الله الانسان بدليل الحديث النبوي في الدرر السنية (لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم) ، بمعنى ابعدهما الله من رحمته الواسعة .
الرشوة أمر معيب على من يأخذها وعلى من يعطيها فما بالك المناصب تباع وتشترى ، وهذا ليس جديدا وقبل ايام انجزت دراسة عن ( تاريخ النزاهة في العراق المعاصر) ، فرأيتها أي رأيت تاريخ النزاهة تاريخا للرشوة واخذ البراطيل والفساد والتهتك وبيع وشراء وليس ثمة ما نراه جديدا وانا دائما اقول ماقاله شاعرنا العربي العظيم ابو العلاء المعري قال أبو العلاء المعري: " من كان يطلب من أيامه عجبا . فلي ثمانون عاما لا أرى عجبا . الناس كالناس والأيام كالايام والدنيا لمن غلبا" .
ومما اود ذكره ان مفردة (برطيل) و (برطلي) جاءت من تسمية لقطعة من الجيش العثماني كان لاتخضع للمسائلة والحساب واصل كلمة (برطلي ) الحقيقية هي (براء تلي) بمعنى انهم ممنوحون براءة بعدم الحساب من قبل اعلى سلطة في الدولة ، وسرعان ما تحولت كلمة براءتلي الى برطلي وبرطيل اي رشوة يعطيه ليغض الطرف عنه ويعطيه لكي يمنحه منصب ويعطيه لكي يشاركه في الصفقات ويعطيه ليسكت عن سرقاته وهكذا لدينا امثلة كثيرة منها ماقاله الزمخشري من ان (البراطيل تنصر الاباطيل) .
وفي الاردن مثل له علاقة بالرشوة والبرطيل وهو (خربت جرش) وجرش جراسا وكيف انها خربت وبيعت اعمدتها التاريخية من خلال الرشوة والقصة طويلة ونقول برطله اي اعطاه رشوة ، وطبعا هذا عيب فضلا عن انه يستبعد الكفوء ويقرب الجاهل وبهذا تصبح ادارات الدول بيد اشخاص لاذمة لهم ولاضمير مستعدين لبيع الدولة ومؤسساتها بثمن بخس دراهم معدودة .
عندي امثلة كثيرة ونصوص كثيرة منشورة عن البرطيل والبراطيل اي عن الرشوة منها ما نقله الدكتور يوسف بن احمد القاسم في مقالة له عن البراطيل منشورة في الموقع التالي نقلا عن المؤرخ العيني المتوفى سنة 885 هجرية - 1480 ميلادية حين يقول عن مصر ( ان من اعظم المصائب في الديار المكصرية وهي ما يقول عنه كرسي الاسلام ان القضاة والحكام وسائر اصحاب المناصب لايتولون مناصبهم الا بالرشا والبراطيل) . هذه مصيبة الامة عندما يبتعد او يُبعد المخلصون والصادقون ويتقرب الجهلة واصحاب الرشاوي واصحاب المصالح واصحاب الاغراض .
نعم الوعظ والارشاد لايفيد في منع البراطيل والرشاوى بل لابد من قوانين وانظمة ومؤسسات تدين من يقوم بهذا العمل بصرامة وصدق وقوة .