عندما يتلبسك عفريت ماركس !!؟


سليم نصر الرقعي
2024 / 2 / 21 - 04:50     

الشيء المؤكد ان المجتمعات البشرية، سواء كل مجتمع وطني على حدى، او المجتمع الدولي ككل، هي في تغيّر مستمر مع مرور الزمن، هذا أمر ثابت لا يمكن ان تخطأه العين، وهو (تغيّر) يبدو كما لو انه تلقائي وغير مقصود وليس تغييرًا اراديًا مقصودًا ومخططًا له بشكل واع!!
لكن السؤال هنا: هل هذا التغير الحاصل امر ايجابي أم سلبي؟ ام بعضه ايجابي وبعضه الآخر سلبي؟؟ ثم لماذا يحدث هذا التغيّر التلقائي المستمر مع مرور الزمن؟؟ ما هي العوامل والمدخلات التي ادت الى حصول هذا التغيّر بهذا الشكل وهذه المخرجات!؟؟
****
يمكنني هنا ان اقول شيئًا لا شك فيه عندي وربما عندكم!... وهو أن للعلم وللتقنية والعلوم التطبيقية وما ينتج عنها من اكتشافات واختراعات وصناعات مستمرة دور اساسي في خلق التغير الاجتماعي العام ، فمنذ اكتشاف النار واختراع العجلة والدنيا تتغير !!... ولكن كانت الاكتشافات والاختراعات تتم بشكل بطيء حتى يكاد ان يكون بين اختراع واختراع واكتشاف واكتشاف ونظرية علمية ونظرية قرون !! لكن مع بلوغ البشرية العقد الثامن عشر بدأت المسافة الزمنية بين كل جديد وجديد تقل حتى وصلنا لنهاية القرن العشرين حيث تطورت التقنية بشكل كبير واصبحت تلقي في وجوهنا كل يوم بشيء واختراع جديد مما زاد من سرعة التغير في مجتمعاتنا، فالعلوم التطبيقية والتقنية نتيجة تراكم الخبرة عبر القرون طورت (وسائل الانتاج) بشكل كبير ومثير وهذا ترتب عنه تغيير كبير ومثير بل وثورية بل ووفرة في (وسائل المعاش) التي بلا شك ان من بينها (وسائل المواصلات والاتصالات) وهو ما أدى الى تغيرات كبيرة ومثيرة وثورية في حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية والعلاقات الدولية بعضها جيد وبعضها سيء في حياتنا، نحن بلا شك نتطور نحو الافضل فيما يتعلق بالجانب المادي نتيجة تطور وسائل الانتاج وما يترتب عنه من وفرة وتطور وسائل المعاش... فكأن التطور المادي للبشر امر حتمي يسير بخط صاعد الى الامام ، والعامل الحاسم فيه والدافع اليه هو تراكم المعرفة العلمية والخبرة العملية والفنية والقدرة التقنية للبشر فهو العامل الدافع لحركة التطور المادي ... اما ((الرقي)) الاجتماعي والأخلاقي للبشر وحتى ((العدلي)) ليس امرًا حتميًا ، فخط ومنحنى الرقي ((الحضاري)) - بالمفهوم الاخلاقي الانساني - قد يأخذ في الهبوط في الوقت الذي يشهد خط ومنحنى ((التقدم)) العلمي والتقني - وبالتالي التطور والتقدم المادي في وسائل الانتاج وبالتالي في وسائل المعاش - نموًا وارتفاعًا وصعودًا بشكل متسارع مع كل ثورة علمية وتقنية وصناعية!! فهذا التقدم بلا شك ادى الى نمو ((ثروة)) و((مقتنيات)) المجتمع البشري على كوكب الارض بشكل كبير مثير للدهشة ولكن في المقابل مازالت مسألة الرقي الحضاري بالمفهوم الانساني الاخلاقي العدلي التي محورها ((عدالة توزيع هذه الثروة بين البشر)) و((تحقيق حياة كريمة للناس)) متخلفة كثيرًا عن كل هذا التطور والتقدم العلمي والتقني الذي ترتب عنه زيادة وتضخم ثروة البشر المادية في كوكب الارص ((المال/وسائل المعاش الحديثة/السلع والخدمات))... مما يؤكد ان مسألة ((الرقي الحضاري)) بالمفهوم الانساني الاخلاقي الذي اول تجلياته الرحمة والعدالة ليس في سرعته وتطوره في مستوى سرعة وتطور ((التقدم العلمي والتقني والصناعي)) الذي أول تجلياته تحسين وتكثير بل وتكاثر وسائل المعاش الضرورية والترفيهية، اي ان هناك فجوة كبيرة بين منحنى ((الرقي الانساني)) ومنحنى ((التقدم العمراني))، وفي هذه ((الفجوة الضخمة)) تكمن مأساة ومعاناة معظم البشر المهمشين والمهشمين ليس في مجتمعات الجنوب ((المتخلفة))و((الفقيرة)) بل وكذلك داخل مجتمعات الشمال ((المتقدم)) ((الثري))!!... هكذا قال لي شبح ماركس !!
***********
اخوكم المحب
(*) المقالة عبارة عن ((خاطرة ليلية)) كتبتها بطريقة التداعي التلقائي الحر للأفكار ، تركت فيها عفريت (ماركس) يتلبسني ويقول ما عنده، وسأنشرها كما هي ، لكنني سأقوم لاحقًا بمراجعتها بعقل واع للتأكد من صحة ما ورد فيها من افكار وتحليلات!!