حزب الله و مغالطة المحاذير


حسام تيمور
2024 / 2 / 18 - 04:47     

الخوف أو عدمه، من امريكا و اساطيلها، مغالطة وضيعة جدا يروج لها بكل خبث جمهور الممانعة و يسوق لها حسن نصر الله شخصيا في خطاباته الأخيرة، و كذلك كون ان الانزال العسكري الذي اعقب بداية اجتياح غزة او طوفان الأقصى كان موجها ضد لبنان و حزب الله.
لا فرق يذكر عسكريا بين اسرائيل و امريكا فيما يخص موضوع حزب الله تحديدا، و لاسباب عديدة سنحاول ايجازها، و بالتالي هنا تنتفي القيمة التي قد يضيفها أي تدخل امريكي في الحرب بين اسرائيل و حزب الله، و هي الحرب التي تدور اغلب اطوارها وسط الاحراش و تحت الارض و المناطق المأهولة، و بمعنى ان الموارد العسكرية الامريكية لن يكون لها دور مهم او حيوي في نزاع محتمل، ببساطة لان كل ما يمكن لهذه المشاركة انجازه، يمكن لاسرائيل انجازه كذلك بهامش مريح جدا من الفعالية و التفرغ .
مشكلة او كابوس اسرائيل مع حزب الله و الجبهة اللبنانية، هي اولا في التسلل و الاشتباك المباشر ثم العودة، و هنا لا يمكن للجيش الامريكي تغيير اي شيء، حيث يعتمد الامر هنا على تدريب الجنود ميدانيا و فقط .
ثانيا، صواريخ الحزب، و هذه ايضا، مسألة تتعلق بالدفاعات الاسرائيلية، و بالتحديد منظومات الدفاع الجوي، من القبة الى ارو 1 و ارو 2 و مقلاع داوود و غيرها، و هذه اصلا تكنولوجيا متفوقة حتى على نظيرتها الامريكية التي تمولها او تشارك في تطويرها .
ثالثا، لدى اسرائيل طريقة واحدة لخوض الحرب، و هي ليست سرا، او موضوع تكتم، رغم انها حرفيا تعبير عن النية في ارتكاب جرائم حرب، هذه الاستراتيجية كما شرحها مرارا و تكرارا "بيني غانتس"، عندما كان وزيرا للدفاع او اليوم باعتباره جزءا من حكومة الحرب، هي استهداف المدنيين ببساطة، نسف المباني و المنشآت و المرافق الحيوية للدولة التي ترفض اصلا خوض الحرب و تتبرأ من "المقاومة".. و كما قال بالحرف "اعادة لبنان الى العصر الحجري"، و هذا طبعا امر سهل على الجيش اكثر حتى من تدمير قطاع غزة، بسبب الكثافة السكانية المرتفعة في هذا الأخير .
من هذا المنطلق فإن الادارة الامريكية تعارض بشدة اي تصعيد على جبهة لبنان، كما عبر عن ذلك بكل وضوح وزير الدفاع و العسكريون الأمريكيون، و هذا ما يسعى نحوه نتنياهو، و جناح عسكري معين داخل ادارة الحرب في تل ابيب.
إذا سمحت الادارة الامريكية بهذا التطور في الحرب، او تغاضت عنه، او تم رغما عنها عن طريق التصعيد و التصعيد المقابل، فإنها لن تشارك بأي حال في كافة جبهات هذه الحرب، و اهمها، او حيث يمكن لها الاشتغال عمليا، جبهة الداخل اللبناني، و قصف الدولة و المنشآت و المرافق و المدنيين، و هذا شبه مستحيل، و حتى دعم اسرائيل في هذا هو امر صعب و محرج لكنه سيتم طبعا أو قد يتم وفق القاعدة المعروفة ( نستنكر علنا و ندعم سرا) ، لكنه صعب و محرج ..
يبقى فقط بامكان القطع البحرية ان توفر بعض الامدادات الاستخبارية، عن طريق "الدرونز"، أو شن بعض الهجمات عن طريق الجو، باستعمال المقاتلات، (و نفسها بحوزة اسرائيل و بعضها اكثر تطورا من نظيره الأمريكي) داخل المجال النشيط الذي يعمل من خلاله افراد حزب الله، و هو حيز ضئيل و محصور في 100 كلم من حدود متشابكة و غير واضحة، و هذا ليس عمل الجيش الامريكي مرة اخرى، نظرا لصغر الاهداف و ندرتها كذلك بهذا المعنى،
ختاما نجد أن حزب الله يستطيع خوض الحرب، و يستطيع تحقيق انتصار كبير جدا، يقابله طبعا خسائر فادحة في لبنان الدولة ككل.
لكن حزب الله خائف على مشروعه و مصالحه التي صارت مرتبطة اكثر و اكثر بالدولة و ليس بالمقاومة، حزب الله هنا يمارس الكذب و النفاق و التضليل، و يبحث عن مكاسب ثمينة له بأقل الاضرار الممكنة.