الجمعة المشمشية


خالد بطراوي
2024 / 2 / 16 - 16:06     

لا يعرف أيها الأحبة حقيقة الأوضاع في قطاع غزّة الحبيب قبل وأثناء وبعد السابع من أكتوبر إلا أهلنا هناك.
حتى أولئك الذين غادروا غزة قبل السابع من أكتوبر بقليل فهم أيضا عاجزون عن تزويدنا بحقيقة كل ما جرى ويجري في قطاع غزّة.
كثير من المحللين في مختلف المجالات اعتمدوا في تحليلاتهم على صور جوية وخرائط وعلى مصطلحات هي بعيدة كل البعد عن واقع قطاع غزة وطوبوغرافيا غزّة وجغرافيتها بالاضافة الى نسيجها الإجتماعي وموروثها.
وبذلك، جاءت التحليلات السياسية والعسكرية والإقتصادية والإجتماعية والنفسية وغيرها مجرد "تفصيعات" من أشخاص ربما أغدقت الفضائيات على بعض منهم كي يقوموا بالتحليل وفقا لأهواء وسياسات هذه الفضائية أو تلك.
بل وذهب البعض في تحليلاته الى أبعد من ذلك بكثير بتبني الرواية الإمبريالية وبضمنها الرواية الإسرائيلية الإحتلالية والترويج لها والبناء عليها وترديد مصطلحاتها بوصف العدوان على قطاع غزّة بالحرب وكأن الحديث هنا يدور عن جيشين يحارب كل منهما الآخر، والدعوة لوقف إطلاق النار وكأن الأمر يتعلق بحالة حرب وليس بعدوان غاشم من طرف واحد يحظى بحق الشعب المحتل المشروع دوليا في التصدي، والحديث عن تبادل لإطلاق سراح أسرى، علما بأن السواد الأعظم من المعتقلين الفلسطينيين هم من المدنيين الذين تحميهم إتفاقية جنيف الرابعة والذين تم إعتقالهم إبان العدوان من منازلهم والأماكن التي لجأوا إليها ومورس بحقهم شتى ضروب التعذيب ( الجسدي والنفسي) والمعاملة اللاإنسانية الحاطة بالكرامة، حتى ذهب البعض الى التعاطي مع تقسيمات الإحتلال لقطاع غزّة بالشمال والوسط والجنوب كما لو أن مساحة القطاع كبيرة جدا والكل يعلم أن المسافة من الشمال الى الجنوب لا تتعدى الخمسين كيلومترا وأن المنطقة برمتها تعتبر أكثر المناطق المكتظة بشريا.
مارس الكثير من بين المحللين بوعي أو من دون وعي عمليات خداع الجماهير والشعوب العربية، وبتنا نرى الكثير من التعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي التي تصدر عن بعض ضحايا هذا العدوان الغاشم التي تستهزيء ببعض المحللين وبما يصدر عنهم من "تفصيعات" وتطلب منهم الكف عن ذر الرماد في العيون.
لا بد لهذا العدوان أن ينتهي ذات يوم ونتمنى من أعماق قلوبنا أن يكون بالأمس أو اليوم قبل الغد، وبعد ذلك ستتضح الحقائق عندما ينطق أهلنا في قطاع غزّة وسينكمش المحللون المفصعون ويعودون الى جحورهم بعد أن جنوا ما جنوا من العوائد المادية والأضواء الإعلامية فقد إنتهت " الجمعة المشمشية" بالنسبة لهم.
موسم ثمار " المشمش" لا يدوم طويلا ومحصور في أسبوع ( أو أسبوعين) قبل أن يغزوه الدود، ودود المشمش منه وفيه، و"المحظوظ" هو من يأكل المشمش في الجمعة الأولى من وقته، وكم هو عدد "المحظوظين" الذي جنوا من دماء ومعاناة أهل غزّة ما جنوا وسيخلّدهم التاريخ ضمن تصنيف "أغنياء الحرب" .
وحسبنا الله ونعم الوكيل.