خمس وسبعون عاماً على استشهاد يوسف سلمان فهد ورفاقه !


أمير أمين
2024 / 2 / 13 - 14:07     

في مثل هذه الايام من كل عام , يحتفل الشيوعيون العراقيون وجماهيرهم داخل وخارج الوطن بذكرى إستشهاد فهد ورفيقيه حازم وصارم , الذين أعدموا من قبل حكومة ملكية عميلة للاستعمار, بسبب وطنيتهم ودفاعهم عن الفقراء والمستضعفين من العمال والفلاحين والكسبة والعاطلين عن العمل , وقد أشارت المحكمة الى تهمة الشهيد يوسف سلمان يوسف ( فهد ) بعدة نقاط منها , الاتصال بالاجنبي ..! والتحريض على قلب الحكومة , والتظاهر واعمال الشغب والاضطرابات والتمردات ..أي ما نسميه الاعمال الجماهيرية والتي تصب في مصلحة الشعب ومن أجل الدفاع عن الكادحين بشكل عام , وهذه التهم , دافع عنها فهد ببسالة ودافع عن حزبه الشيوعي العراقي ضدها لأنها ملفقة لكنه أكد أنه يتشرف بها هو وكل شيوعي عراقي ..!
في ليلة 18 كانون الثاني عام 1947 تم اعتقال فهد مع رفيقيه محمد زكي بسيم اي حازم وعزيز عبد الهادي في بيت ابراهيم ناجي شميل الكائن في منطقة الصالحية بالكرخ , نقل بعدها فهد ورفاقه الى المقر الرئيسي لمديرية الاستخبارات في مركز بغداد بعدها تم نقلهم الى سجن ابو غريب العسكري وفي أيار من نفس العام تمت محاكمة فهد مع 35 من رفاقه ودافع ببسالة عن حزبه الشيوعي العراقي وكذلك عن الحركة الوطنية العراقية بحيث أنه جعل الخصم في موقع الاتهام ونشرت الصحف العراقية فقرات من دفاعه أطلع عليها ابناء الشعب مما دفع الحكومة العميلة الى تحويل جلساتها في يوم 24 حزيران عام 1947 الى ان تكون سرية ومغلقة وقد أصدرت حكمها الجائر بحق فهد بالاعدام لكن الحكم تعرض للاعتراض من قبل الحملات العالمية والتي احتجت على قرار المحكمة مما اضطر حكومة صالح جبر والذي كان حينها رئيساً للوزراء الى تغييره الى السجن المؤبد في يوم 13 تموز عام 1947 , وتم نقله في اليوم التالي الى سجن بغداد المركزي وثم نقل الى سجن الكوت في ليلة 14 الى 15 آب عام 1947 حيث قام فهد بتحويله الى مدرسة للثوريين وكانت تكتب الرسائل بماء البصل ويتم تسريبها الى خارج اسوار السجن ...في اليوم السادس من كانون الثاني عام 1949 أصبح نوري السعيد رئيساً للوزراء وهو معروف بعدائه للشيوعية وأعلن حالة الطواريء والاحكام العرفية وقال في البرلمان ( ان هدف حكومتي هو تصفية الحساب مع الشيوعية حتى نفسها الاخير في البلاد ..) لذلك تمت إعادة محاكمة الرفيق الشهيد فهد وعدد من رفاقه الذين حكموا بالاعدام شنقاً حتى الموت ومن الجدير بالذكر ان تنفيذ هذا الحكم الجائر تم قبل الاعلان عنه عند فجر يوم الاثنين الموافق الرابع عشر من شباط عام 1949 وفي تمام الساعة الرابعة والنصف , وقد تمت مكافئة ثلاث حكام بمبلغ 800 دينار عراقي وزعت عليهم كتشجيع من قبل وزير العدلية جمال بابان والذي تدخل في محكمة التمييز لحملها على تصديق الحكم بسرعة ..! وهذا ما حصل ..ومن الجدير بالذكر هو ان السفير البريطاني كان يشرف على سير المحاكمة وتنفيذ الحكم والذي قال ( سوف لن تقوم للشيوعيين قائمة في العراق لعشر سنوات قادمة ) لكن الحزب الشيوعي بدأ يستعيد عافيته بعد سنة من إعدام فهد ورفيقيه حازم وصارم وقبلهما بيوم اي في 13 شباط تمت محاكمة يهوذا صدّيق وهو ايضاً من العناصر القيادية وتم اعدامه في ذلك اليوم ....عند فجر 14 شباط أعدم الرفيق فهد في ساحة المتحف الوطني بالكرخ ببغداد واعدم بنفس اليوم عضو المكتب السياسي حسين محمد الشبيبي اي صارم لكن بمكان آخر هو منطقة الباب المعظم وفي يوم 15 شباط تم تنفيذ الاعدام بحق محمد زكي بسيم اي حازم عضو المكتب السياسي للحزب في منطقة الباب الشرقي ببغداد وِأشير هنا الى ان الرفيق فهد قبل أن يعتلي المشنقة قام بتوديع رفاقه الشيوعيين جميعاً وأرسل رسالة شفهية الى والدته بيد أخيه داود الذي كان أيضاً معتقلاً يعتذر منها كونه سبب لها المتاعب والآلام ..( قبل خمس سنوات وفي يوم 28 شباط عام 2019 التقيت بحازم في كوبنهاكن وهو إبن الشيوعي النقابي الذي كان مع الشهيد فهد تلك الليلة في الزنزانة وإسمه جميل سالم الشلاّل الملقب ابو حقي ..حيث أنه قام قبل توجه فهد للمشنقة بأن البسه ربطة عنق حمراء وبدأ يربطها برفق ..قال حازم لي ...أن أباه ذكر له أن الرفيق فهد اعترض في البداية على ارتدائها قائلاً لوالده ..( أنا ذاهب للموت فما الداعي للربطة الآن ! ..فرد عليه رفيقه ابو حقي . أن من الافضل ان تكون بكامل الاناقة وأنت ذاهب لصعود المشنقة !..فوافق فهد وكان شجاعاً وهو يودع رفاقه بهدوء وروية ويوصيهم بحزبهم الشيوعي العراقي وأن يستمروا بالنضال من أجل مصلحة ابناء الشعب وقال لهم وداعاً يا رفاق وكررها ثلاث مرات ثم هتف بأن الشيوعية أقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق ....وبعد مرور شهرين على اعدام فهد ورفيقيه حازم وصارم وفي نيسان عام 1949 كتب بهجت العطية وكان حينها المدير العام للامن في العراق تقريراً أشار فيه الى أن ( العقائد الشيوعية إنتشرت إنتشاراً واسعاً في المدن الكبيرة الى درجة ان الحزب الشيوعي إجتذب اليه في ايامه الاخيرة ما يقرب من 50 بالمئة من شباب الطبقات كافة , ووجدت الشيوعية طريقها كذلك الى السجون التي أصبحت فترة من الزمن تمثل مؤسسات تعليمية شيوعية ..! )
المجد لقادة الحزب الشيوعي العراقي البواسل فهد وحازم وصارم في ذكرى استشهادهم البطولي قبل خمس وسبعون عاماً. ذكرى يوم الشهيد الشيوعي العراقي ..
ملاحظة..في يوم 24 شباط عام 1959 اي في الذكرى العاشرة لأستشهاد الرفاق , أصدرت حكومة الثورة قرار ( اعتبار الاعمال التي حوكموا واعدموا بسببها هي من اعمال الكفاح الوطني التي تستحق التقدير واعتبارهم شهداء الشعب ..) وهذا القرار هو نصر لحق المظلومين الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل تحقيق مصالح ابناء وطنهم العزيز ..الف تحية لهم وسلام ..