حُكمُ محكمةِ العدلِ الدوليّة وما يتطلبَهُ من إجراءٍ حاسمٍ


الحزب الشيوعي العراقي - القيادة المركزية
2024 / 1 / 30 - 00:01     


هلْ ستبقى الحكوماتُ العربيةُ رهنَ الإشارةِ الأمريكية وما يأمرُ بهِ هذا العدو الذي كشّرَ عن أنيابِهِ بشكلٍ واضحٍ ومكشوفٍ ضدّنا جميعاً وضد أبنائِنا في فلسطين، وتغوّلَ بعنادٍ حيوانيٍ ضدَّ قراراتِ وقْفِ إطلاق النار، وأفشلَ المحاولات الإنسانيةَ الداعيةَ لذلك في مجلسِ الأمنِ كلِّها؟
لقد وضُحتُ "التدابيرَ المؤقّتةُ" ضدّ العدوِ الصهيوني المحتلِ لكلِّ ذي عينٍ، وكل ذي رأيٍ حصيفٍ، بعدَ صدورِ حكمِ "محكمة العدل الدولية"، مع فقرِ هذا الحكمِ وترددِهِ التآمري. فقد أكَّدت المحكمةُ جريمةَ الإبادةِ الجماعيّةِ التي ترتكبُها الدويلةُ اللقيطةُ وداعموها الغربيون والرجعيون العرب، في عمومِ فلسطين المحتلة وفي غزَّة تحديداً. وكانت المحكمةُ قد رفضتْ طلبات الأعداء من أمريكان وأوربيين وصهاينة لرفع موضوع الإبادةِ الجماعيّةِ من شكوى الأحرارِ في جَنوبِ أفريقيا. ولم يعُد للخونةِ من حكّامِ العربِ الخانعين الذين خذلوا شعبَنا في فلسطين، مِنْ عذرٍ.
وفي هذا الوقتُ الحاسمُ، انبرت أمريكا بلؤمٍ ووضاعةٍ على لسانِ الناطقِ بإسمِ البيتِ الأبيضِ، للدفاعِ عن ربيبتِها وأداتِها العدوانيةِ في منطقتِنا، الكيان الصهيوني الغاصب؛ بالقولِ بصفاقةٍ أنه لم يثبتْ لديها أنّ العدوَ االصهيونيَ يقومُ بالابادةِ الجماعيّةِ. وتحدّثَ أيضاً ساسةُ الاتحادِ الأوربي بذيليّة مستنكرينَ حكمِ محكمةِ العدلِ الدوليّة، ودعوا قبلَ هذا إلى وقفِ العملِ الجاري باقامةِ الدعوةِ ضدّ جرائمِ الصهاينةِ. وهي الجرائمُ التي انكشفتْ أمامَ عيونِ العالمِ كلِّهِ، في غزَّةَ والضفةِ الغربيّةِ، معَ أنّ حكامَ هذا الغربِ يواجهون شعوبهم كلَّ يومٍ وهم خائفون، ويخدعون أنفسهم أنَّ الشعوبَ ستنسى، ناسين أنَّ هذا النهوضَ المتسمَ بوعيٍ إنسانيٍ عالٍ لا يَنسى أبداً. وشعوبُهم في الحقيقة، هي الشعوبُ التي انتفضتْ مطالبةً بوقفِ إطلاقِ النارِ الفوري، ومنْحِ الشعبِ الفلسطيني حقّهُ في أرضِهِ كاملاً، وإدانة العدو وردعَهُ بقوةٍ، مطالبَةً بعقوباتٍ رادعةٍ عن جرائمِ هذا النظامِ النازي.
والحقيقةُ المرّةُ، إنَّنا نحن العربَ أبناءَ المنطقة معنيون بالقضيّة الفلسسطينية، فيما يتعلقُ بحقوقِ شعبِنا في الأرضِ المحتلّةِ كلِّها. وها نحنُ نسمعُ ونشاهدُ كلَّ يومٍ الازدراءَ المعيبَ والمخجلَ الذي يطلقهُ الإعلامُ في الفضائيات ومواقعِ التواصلِ الاجتماعي عبرَ العالمِ بسببِ خذلانِ القادةِ العربِ لأبنائِنا في غزّة وعمومِ فلسطين، في الوقتِ الذي يتعرضون فيهِ للإبادةِ الجماعيّةِ؛ فيما تتذرعُ حكوماتِنا بأوهى الحججِ والذرائعِ لكي تتنصّلَ من مسؤوليّتِها المصيريّةِ أزاء القضيّةَ والشعبَ الفلسطيني؛ تتذرعُ بسياسةِ عدمِ توسيعِ رقعةِ الصراعِ والحربِ، أو منعِ التصعيدِ في المنطقةِ. كمْ هيَ واهيةٌ هذهِ الحجّةُ، بينما نحنُ نشاهدُ أمريكا والغربَ عموماً، بقضّهِ وقضيضهِ، يقومُ بالتصعيدِ عبرَ إرسالِ مرتزقتِهِ وأسلحتِهِ وطائراتِهِ وبوارجِهِ وحاملاتِ طائراتِهِ إلى منطقتِنا بوقاحةٍ وصلفٍ، لدعمِ العدوانِ الذي يرتكبُهُ العدوُ المحتلُ في تباهيَ لتوسيعِ رقعةِ الحربِ من جانبِهِ وحده، وليشاركَ بفاعليّةِ في قصفِ الأطفالِ والنساءِ في غزّة. بينما امتنعَ حكامُنا بجبنٍ ودونيةٍ عن دعمِ أهلِنا والدفاعِ عنْ أبنائنا، أطفالاً ونساءً، وردِّ العدوانِ عنهم. وحينما عَلَتْ أصواتٌ عربيةٌ هنا وهناكَ، وقامتْ تظاهراتٌ تطالبُ بفتحِ الحدودِ أمامَ الجماهيرَ الغاضبةِ لردِ العدوان، قامتْ هذه الحكومات بقمعِ الجماهيرَ المنتفضةِ. فأيّة ذريعةٍ ستصمدُ في سجلِّ التاريخِ يا أيُّها الحكامُ؟
أمّا نحنُ في العراق، فإنّ الحكومةَ الهزيلةَ ليسَ في سياستِها إلاّ إرضاءَ المحتلِّ الأمريكيِ وصنيعتِهِ المتنمِّرةِ، في كل خطوة تخطوها وفي كلِّ عملٍ تقومُ بهِ. وفيما تقومُ بعضُ الفصائلَ المسلحةِ بقصفِ قواعدِ العدوِ الأمريكي ومعسكراتِهِ في اِلأرضِ العراقيةِ تجندُ الحكومةُ وتستنفرُ أجهزتَها الأمنيةَ القمعيةَ للبحثِ والتفتيشِ وملاحقةِ هؤلاء لأنَّهم يقلقون راحةَ أمريكا وراحةَ قواعدِها العدوانيّةِ وسفارتِها.
وإنَّنا في هذا البيانِ إذ ندعُ التأريخَ يسجّلُ ويحكمُ على الخونَةِ والمتخاذلينَ بلا رحمةٍ، نوجز أيضاً مطالبَ الجماهيرَ المنتفضةِ في طولِ البلادِ العربيةِ وعرضِها؛ وندعو بجدٍ وإيمانٍ منّا، الحكوماتَ العربيةَ لمراجعةِ النفسِ، والعودةِ إلى صوابِ الاختيارِ في قضيَّةِ تحريرِ الأرضِ المغتصبةِ في كلِّ بلدانِنا، عبرَ الشروعِ في الدفاعِ عن أهلِنا في غزَّة وعمومِ الأرضِ الفلسطينية المحتلةِ وحمايتِهم من تغوّلِ الصهاينةِ واستبدادِ الإمبرياليةِ العالميّةِ التي تقودُ عدوانَها أمريكا.
إنّ الجماهيرَ تدركُ أنّ هذا لنْ يحصلَ إلاّ على مستويين؛ أولُهُما مشاركة قواتِ بلدانِنا المسلّحةِ بصورةٍ فاعلةٍ بجميعِ الأسلحةِ المتاحةِ، كما يفعلُ اليومَ أحرارٌ اليمنِ بلا تردّدٍ، ويواجهون أمريكا وحلفاءَها جميعاً. وثانيهما فتح مراكزٍ للتطوعِ، وفتح الحدودِ أمامَ الجماهيرَ الثائرةِ للمشاركةِ في تحريرِ الأرضِ المحتلةِ من البحرِ إلى النهرِ. وتدرك الجماهيرَ أيضاً أنّ هذا ما لايستطيعه الخونة.
ومع إدراكِنا ووعيِنا بالمواقفِ الخيانيّةِ لحكامِ العربِ، لكننا نؤيدُ، متضامنين، الجماهيرَ الغاضبةَ ونضمُ صوتَنا إلى صوتِها في دعوتِها الحكومات العربيةَ المجاورةَ لفلسطين المحتلّةِ، في مصر والأردن، إلى المشاركةِ العسكريةِ الفاعلةِ في وقفِ عدوانِ العدوِ الصهيوني المجرم الغاصبِ، وتسهيلِ مشاركةِ الجماهيرَ الغاضبةِ في ردِّ العدوانِ، عبرَ فتحِ الحدودِ أمامَ هذه الجماهيرَ الغاضبةِ لمشاركةِ أشقائِهم في فلسطين والتصدّي للعدوانِ الذي ينظِّمَهُ ويقودَهُ على الأرض الحلف الخليجي الصهيوني الأنجلوسكسوني، والعمل على تسليح هذه الجماهيرَ وإعدادِها للمعركةِ.
وهنا أيضاً يدعو حزبُنا قوى اليسارِ الماركسي وفصائلِهِ المناضلةِ، من منهجِها الطبقيَ، بعد أنْ أصبحَ واضحاً نتيجةً للغزوِ واستمرارِ العدوانات الإمبرياليةِ على بلدانِنا، ثم ملئِها بذئابِ الإرهاب المصنوعِ في أروقة البنتاغون والبيت الأبيض؛ أنّ كادحينا مستهدفون ويتعرضون بلا شكٍ للاستغلالِ الإمبريالي، نتيجةً لسلبِ الثرواتِ، التي كانت يمكنَ لو أُستثمِرتْ لصالحِ الكادحين وبأيديهم، أنْ تمنحَهُم حياةً كريمةً، وتُيسّرَ لهم قيادةَ المجتمعِ بمجملِهِ نحو بناءِ الاشتراكية ورفعِ الاستغلالِ الطبقي عن كاهلِهِم عبرَ منظماتِهِم وأحزابِهم المكافحةِ.
إنَّنا ندعو هذه الفصائلَ الثوريةَ الكريمةَ إلى رصِّ الصفوفِ، والعملِ معاً بإيجاد الوسائلِ والسبلِ لتنظيمِ صفوفِهِم وجعلِ القضيةِ الفلسطينية قضيتَهُم التي يجب أنْ لا تبلبلَها الآراء المختلفة أو النزاعات. ولتكن المنارةَ للثورةِ، والمدخلَ النضاليَ الحقيقي ونبراساً نحو التحرُّرِ في المنطقةِ كلِّها. إنُّه مصيرُ أرضِنا وثرواتِها ومصيرُ الكادحين في بلادِنا، ومصيرُ شعوبِنا العربيةِ، ومستقبلُ ابنائِها.
يا أيُّها الأحرارُ. ليكُن هذا هدفاً واضحاً وأكيداً، خصوصاً بعد أن أعلنَ ساسةُ الغربِ جهاراً وعبرَ وسائلَ الإعلامِ المختلفةِ عداوتهَم الصريحةَ لبلدانِنا وشعوبِنا وحياتِنا وثقافتِنا وهويتِنا.نحنُ نرومُ إحقاقَ الحقِّ، نرومُ التحررَ لا العدوانَ؛ ونمجدُ السلامَ بعدَ نيلِ الحريّةِ.
من اجل الحرية وبناء المستقبل الاشتراكي.
الحزب الشيوعي العراقي - القيادة المركزية