لماذا فشل الإقتصاديون البورجوازيون في دراسة الأسعار والنقود ؟


أحمد زوبدي
2024 / 1 / 26 - 15:37     

فشل الإقتصاديون البورجوازيون في دراسة الأسعار لأنهم يعتقدون أن الأسعار يحددها العرض والطلب، وهو ليس كذلك، فلأسعار يتم تحديدها من قبل ميزان القوى. وبما أن ميزان القوى يعمل لصالح رأس المال وعلى حساب قوة العمل، فمن المنطقي أن الأسعار تتحدد في أعلى مستوياتها ليس في إطار المنافسة، كما يزعمون، لكن في مناخ اقتصادي يسود فيه الاحتكار أو احتكارات القلة المعولمة ( Oligopoles mondialisés). مما يؤدي إلى سحق القوة الشرائية للطبقات الفقيرة والشعبية والمتوسطة أي غالبية السكان. هذا الوضع ينجم عنه ضعف الاستهلاك، مما يؤثر سلبا على الاستثمار ويدخل الإقتصاد في حلقة مفرغة تؤدي به إلى الكساد ومنه إلى الانهيار. وهو ما يتسبب في توفير مناخ انهيار النظام الرأسمالي القائم برمته. لكن الانهيار إياه يتم ردعه عبر استعمال القوة وعسكرة الاقتصاد وصولا إلى إبادة البشر.
أما النقود، فالنظرية الرأسمالية عاجزة عن تفسير الظواهر والأزمات المالية والنقدية لأنها تقول أن النقود والمال هي قوى خارجية لا تأثير لها عما يحدث في التقلبات الاقتصادية. هذه الأخيرة هي نتاج عوامل أخرى مثل تدخل الدولة أو الإساءة بشكل من الأشكال لآليات السوق السوق، وحدها الكفيلة بضبط الإقتصاد ومعه مجتمع السوق، على حد تعبير كارل بولانيي ( راجع أسفله). هذه الأطروحة المبتذلة مكنت الاقتصادي الأمريكي أوجين فاما Eugène Fama من الحصول على جائزة نوبل للاقتصاد سنة 2013.
من ناحية أخرى، النقود التي صنعها الإنسان تبقى وسيلة للمعاملات لكنها تتحكم فيه ! وهي مفارقة غريبة يجب التصدي لها.
علم السوسيولوجيا الإقتصادية لم يتمكن من الإجابة عن هذه المعضلة رغم النقاش والأفكار التي دارت في هذا الباب. هل الانتروبولوجيا الاقتصادية، كعلم فتي، قادرة على فك رموز هذا اللغز ؟ لست أدري !
هذه المفارقة الغريبة تبقى صحيحة في الرأسمالية وما قبل الرأسمالية، أما في ما بعد الرأسمالية و الإشتراكية أو الشيوعية أساسا، فإن النقود تزول كأداة في المجال التجاري، كما تنبأ لذلك كارل ماركس أي أن الشيوعية ستحقق مجتمع الوفرة خلافا لمجتمع النذرة الذي تعرفه البشرية منذ ظهورها أي حين تتحقق مقولة صاحب مؤلف رأس المال " من كل حسب قدرته إلى كل حسب حاجته". في الأربعينيات من القرن ال20، أكد الاقتصادي المجري المعروف كارل بولانيي Karl Polanyi ، المشار أعلاه، في كتابه " التحول الكبير" أطروحة كارل ماركس حيث قال بأن البديل لتفادي أزمات الرأسمالية هو التخلص من النقود و الأرض كسلعة على أساس أنها لا تنتج كالبضائع العادية.
السؤال الكبير : التخلص من النقود يقتضي مسارا طويلا جدا وفيه الكثير من الصراعات.
سأعود لهذا الموضوع الشائك والشاق مستقبلا.