لا قتال في سبيل الأرض، بل القرآن يحث علي السياحة والهجرة!!


محمد الصادق
2024 / 1 / 21 - 16:13     

يقول تعالي:
(وَقَـٰتِلُوا۟ """فِی سَبِیلِ ٱللَّه"""ِ ٱلَّذِینَ یُقَـٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ)
[البقرة ١٩٠]
وفي نفس السورة:
(إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ """فِی سَبِیلِ ٱللَّه"""ِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ) [البقرة ٢١٨]
فهذا يعني أن الجهاد والهجرة يكونان في سبيل الله
والنبي ص هاجر من مكة الي المدينة وهاجر الصحابة قبل ذلك الي اثيوبيا والسودان، ولم يستقر الصحابة في المدينة بل انتشروا في كل بقاع الأرض ينشرون دعوة الاسلام.
والله تعالي مدح السائحين في سورة التوبة الآية 112:
(التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشّر المؤمنين).

جاء في لسان العرب لابن منظور: السياحة مصدر ساح يسيح سيحاً وسيحاناً - من ساح الماء-: إذا جرى على وجه الأرض، ويقال: ساح في الأرض يسيح سياحة وسيوحاً وسيحاً وسيحانا: أي ذهب، والسياحة: الذهاب في الأرض للعبادة والترهب.
قال عبدالرحمن بن سعدي: (والصحيح أن المراد بالسياحة السفر في القربات، كالحج والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك).

وفي القرآن: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) التوبة 1.
قال الطبري في تفسيرها: يعني فسيروا في الأرض مقبلين مدبرين، آمنين غير خائفين من رسول الله ص وأتباعه.
يقول ابن كثير:
(وليس المراد من السياحة في الآية ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن ذلك ليس بمشروع،
"""إلا في أيام الفتن""")

وهذا يعني ان الخروج الي البراري والاودية هروبا من الفتنة امر مشروع ومطلوب، بل لقد ذكر القرآن:
( قَالُوا۟ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَ ٰ⁠سِعَةࣰ فَتُهَاجِرُوا۟ فِیهَاۚ﴾ [النساء ٩٧]
وفي القرآن، (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) العنبكوت 20.
وقوله تعالي: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك 15
وقال الشاعر:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج همّ، واكتساب معيشة
وعلم، وآداب، وصحبة ماجد
واليوم يهاجر الناس لمجرد تحسين الوضع المادي او اذا ساد الغلاء او قَلّ الغذاء.

وهناك عبرة واضحة من قصة اصحاب الكهف:
(إِذۡ أَوَى ٱلۡفِتۡیَةُ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ فَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةࣰ وَهَیِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدࣰا) [الكهف ١٠]
جاء في تفسير القرطبي:
هذه الآية صريحة في الفرار بالدين وهجرة الأهل والبنين والقرابات والأصدقاء والأوطان والأموال خوف الفتنة وما يلقاه الإنسان من المحنة . وقد خرج النبي ص فارا بدينه ، وكذلك أصحابه ، وجلس في الغار ... وهجروا أوطانهم وتركوا أرضهم وديارهم وأهاليهم وأولادهم وقراباتهم وإخوانهم ، رجاء السلامة بالدين والنجاة من فتنة الكافرين . فسكنى الجبال ودخول الغيران ، والعزلة عن الخلق والانفراد بالخالق ، وجواز الفرار من الظالم هي سنة الأنبياء والأولياء . وقد فضل رسول الله ص العزلة ، وفضلها جماعة العلماء لا سيما عند ظهور الفتن وفساد الناس ، وقد نص الله - تعالى - عليها في كتابه فقال : (فأووا إلى الكهف).