ح 25 / رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) - عملي الروائي قبل الأخير ، 2021 - رواية غير منشورة


أمين أحمد ثابت
2024 / 1 / 21 - 14:26     

* * *








سنوات ستة من الوهم ب . . حدوث تغيرات عالمية تفرض قسرية المسار الديمقراطي التعجيلي في البلدان المتخلفة ، والعاكس نفسه علينا خلال تلك الفترة من 2005م – أتدعي انك لم تكن ضمن دوائر الوهم . . مثل غيرك ، ألم تطالك وانغمرت فيها . . بأي شكل من الاشكال – نعم . . ولكن – إنك ستسيق الاعذار كغيرك ؛ لا جديد . . فأنت ابن هذا الواقع . . يبحث دوما عن ذريعة يبرر فيها خطأه . . بعد مرور الوقت حين تتضح الحقيقة لاحقا ، يصر ان موقفه كان صحيحا . . في حكم تلك الظروف ، لكن ما سار عليه الامر فهو خارج عن ارادة المرء . . قوة الواقع ! ! – ليس كل ما يقال هي تبريرات للدفاع عن النفس ، كانت مستقرأة المضامين المخفية وراء الموجة الدولية لتحول المجتمعات المعاقة ؛ كانت عملية لتغيير رسم خارطة العالم لهذه البلدان في ظل التنافس بين القوى الكبرى على إعادة تقسيمها ، تحديدا المنطقة العربية ، وهو ثالث تقسيم من بداية القرن العشرين ، بدء من سايكس بيكو 1916م و . . ثم في 1945م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . . بين رأسي القطبين وحتى سقوط تجربة القطب الاشتراكي 1990م وتسيد الرأسمالية الامبريالية نهجا عولميا واحد الاتجاه في مسمى التعددية القطبية وصراع التكتلات الاقتصادية الاجد على النفوذ العالمي . . كتمهيد لإعادة بناء مسمى النظام العالمي الجديد – كانت مرحلة الخمسينات يجري فيها تصعيد انظمة حكم عربية ثورية تحت مظلة التحرر من الاستعمار والكهنوت . . الى جانب ملكية موحدة الاجزاء وامارات في منابع اكبر ثروة نفطية في العالم . . تؤسس دون وعي وطني ب . . كونها مرحلة مرسومة لتوديع تاريخ قديم من السيادة للأقوياء على العالم ، التي كانت معلمة بالاستعمار الاستيطاني والتبعية لسلطة الباب العالي للحكم العثماني على ما بقي تحت سلطانها من البلدان العربية بأغلبية مسلمة ، بقدر ما دفعا مركزا التحكم العالمي في صراعهما الايديولوجي . . على تطبيع انسان المجتمعات العربية على الحياة العصرية كمستهلك ؛ تتعمق فيه قيميا روح التبعية الى المركز من القطبين . . كاعتقاد ايماني وطني حامي لثورته وعصرية حياته ؛ بقدر ما عمقا نهج طابع الاستبداد الفردي للحكم ، بتغرير اعتنقه نظامي الحكم العربي اليساري واليميني . . أن الحفاظ على مبادئ الثورة والمؤسس الاول . . حماية وصيانة للمجتمع وقيمه وحقه في التطور ومعاصرة ما يجري حوله عالميا . . لن يكون إلا بالقبضة الحديدية للسلطة المطلقة النافذة على الحكم و . . والولاء المطلق للحاكم الفرد ، ما جعل البلدان العربية تخضع للاإستقرار والحروب الدائمة داخليا . . عبر الانقلابات العسكرية فيما عرفت بالبلدان الجمهورية ، وفي الملكيات انقلابات اسرية للبلاط الملكي او السلطاني ؛ وحروب خارجية مع غيرها من بلدان الجوار العربي . . كصراع ايديولوجي تقدمي ورجعي ؛ حققا نظاما حكم الفرد المطلق واقع تبعية بلدانهم لمركزي القطبين ، كلما تأتي حاجة خارجية لاستبدال القابض على الحكم . . هنا وهناك . . تمهد حالة احتقان وتسهيل تسرب انتقال القوة الى البديل . . ليصبح الحاكم الجديد المنقذ للثورة وإرادة الاب المؤسس للدولة الحديثة آنذاك ، فمن بقي في الحكم الفردي المطلق المتنامي بطبيعته البوليسية القامعة حتى بعد سقوط تجربة القطب الاشتراكي والدخول التحولي العالمي الى الرأسمالية – كان الصراع الاجد حول طبيعة النفوذ على العالم كمراكز اقطاب امبريالية متعددة على مبادئ اقتصادية تنافسية . . لم تتمكن لتصبح حقيقة الوضع العالمي المستقر لأكثر من اثنتي وثلاثين عاما – كان نظر هذه الطامحات للتسيد على العالم . . منصبا على المنطقة المسماة منذ التقسيم الاول ذلك بالشرق الاوسط ، الاغنى في العالم والاخطر في موقعها الجغرافي المتحكم بالمسارات الدولية للتجارة او العسكرية – كانت الانظمة الجمهورية غير المستقرة - القائمة على ثورة تحررية المبادئ . . بحاكميها المتتابعين عبر الانقلابات الى اخر واحد منهم في كل بلد من تلك ، ممن كتب له البقاء خلال فترة اختلال موازين النظام العالمي المنتهي بين قطبين ، التارك واقعا عالميا لأكثر من نصف الارض بشرا ومساحة . . يجب اعادة رسم خارطة توزع المصالح ، ألهى المراكز الامبريالية القديمة والصاعدة على إحاكة الحبال على بعضها للإعاقة ثم الانفراد بالاستيلاء غير المباشر على قوة النفوذ . . كواقع تحصيل حاصل . . عند يفيقون جميعهم على نظام امر واقعي جديد لخارطة المستقبل ، التهاء نمت خلال فترته السلطة المطلقة للحاكم العسكري الفرد . . ليرى في نفسه مؤلها قدري مطلق للحكم . . يورثه لأبنائه في انظمة الحكم الجمهوري ، يملك بيديه واسرته وعشيرته وحواشيه ثروات البلد وانسان مجتمعه المطبوع اختيارا وكرها للتضحية في سبيل بقاء سلطانه ، وهو ما لا يمتلكه رئيس اية دولة عظمى تحكم العالم – كان الغرور الاستعلائي القمعي يتزايد معه الفساد لدولة نظام الحكم وافساد المجتمع وادخاله في واقع حياة مسدودة من ازمات عيش وانتفاء صفة دولة الشعب الى دولة الملك والاسرة الحاكمة – كانت حقوق المواطنين مصادرة كليا ، حتى الجهر بالاعتراض عداء للدولة والثورة ، تسويفا بالضغوط الدولية عليه لتوقيف عجلة الانهيار الى حرب اهلية طاحنة . . تتعدى حدود بلد بعينه . . لتشمل كامل المنطقة ، والذي يهدد بحرب عالمية تنهي الكوكب . . طالما استعارها في المنطقة الاغنى والاخطر . . الفاتحة حممها ليتمدد عالميا – كان عندها بدء التنبه الغربي لقلع مرحلة حكم الفرد – البلدان الجمهورية – لحكم شراكة اطراف ضعيفة متقاسمة الحكم على هذه البلدان ، وفي مقدمتهم التيار الديني الموقع سريا قبوله بكل الاملاءات شريطة تسليمه سلطة الحكم وإن كان صوريا . . شراكة مع غيره من القوى ، ويمهد الامر الى عودة الحكم الى وريثه بسلاسة ، بتوهيم انه ابن العصر والديمقراطية التي تربى فيها في الغرب . . ولا ذنب له بما كان عليه حكم ابيه – كان الغرور والجهل يسيطر على عقل ونفس الرئيس ، ليورث حكمه وقت ما يريد وليس غصبا عنه وبخروج مهين وهو في قمة قوته – كان الامر محسوما بانتهاء حكم الفرد البوليسي المطلق ، بتسديد رصاصة الرحمة عليه مع احتفاظ وريثه وحاشيته الرئيسية للعود بهدوء كمتطلب للتصالح والشراكة – لتكون المعادلة صائبة لإحداث التغيير . . بأن تكون ثورة نابعة من الشعوب . . وبما لا يوجد مثلها في التاريخ الانساني – لتذرع لاحق حين يخرج من النخب مشككا بما يجري بأنها مؤامرة وليست ثورة - مهد لمرحلة جديدة احيكت بنشوء الثورات الشعبية السلمية – الربيع العربي – دون قيادة لها . . عسكرية او حزبية او رموز جماهيرية ، شبابية متمردة ضد النخبوية السياسية ، الفكرية والثقافية . . والاكاديمية التكنوقراطية . . كما هم ضد الحاكم الظالم الفرد المخلوع – اعرف اني اطلت ، لكنك تتهمني ، إذن . . فحتى فردا واحدا من ثلاثين مليون لا يعرف شيء – من قال ليس هناك افرادا كثر اخرين ايضا مثلي – انك باتهامك تمارس الخداع – كان مننا يدرك الحقيقة المخفية ، نعم الناس خرجوا ثائرين من اجل لقمة عيشهم المهددة بالتلاشي ، لكنهم لم يخرجوا إلا حين فوجئ الشارع بدفع مظاهراتي منظم يهتف بسقوط النظام سلميا . . بتخفي قياداته وراء شعار ثورة شعبية سلمية شبابية غير حزبية . . لإفقاد نظام الحكم البوليسي ورقة استخدام القوة ضد احزاب تسعى لإشاعة الفوضى وبذر اتون الاحتراب ؛ كانت قد فرضت الضغوط الخارجية على الحكم البوليسي بعدم التعرض لمظاهر التعبير السلمي المعارض . . منذ 2007م . . حين بدأت ظاهرة اللقاء الجماهيري لأحزاب المعارضة ، وحين كان يسوف الحاكم بالتزاماته المعلنة خلال لقاءات الحوار التباحثي و . . تنامي اتساع اللقاءات الجماهيرية التي ضاق بها وتحول الى قمعها واستبدلت بالتعدد العشوائي للقاءات الجماهيرية التي صعب عليه وأدها . . بما اوصل الرئيس الرمز المطلق اعلانه التفردي بتغيير الدستور الى التوريث لاحتكام حزبه على الغالبية المريحة على البرلمان – المنتهي شرعيته من سنوات ماضية – بمقابل شن خطابا عدائيا تجاه المجتمع الدولي لاستهداف النظام الجمهوري والثورة ، مستغلا قبول النظام نهج الديمقراطية باستخدام المعارضة كخونة للخارج ضد الوطن ، مع تهديدات المس بسيادة الوطن اليمني . . لن يقف الشعب ساكنا . . بل سيفجر الوضع في كل المنطقة – كان إيذانا بالخروج الشعبي المسنود بحماية دولية والقبض قهرا لكل مستخدم لقوة الدولة العسكرية ضد المتظاهرين والمعتصمين سلميا . . في المحكمة الجنائية الدولية – نعم قدنا ثورة فبراير وبرسم لإعادة بناء الدولة المدنية المؤسسية ومدنية حياة المجتمع وانهاء العسكرة والمظاهر المسلحة فيها – بقدر ما كنا نعرف أن مرسوم التحول القادم معطى للإخوان المسلمين الصدارة . . ويكون علينا رسم خارطة التحول وبناء النظام دستوريا على اساس علماني شبيها بالتجربة التركية – كان انجاح تجربة البروفة الاولى للثورة الشعبية السلمي بإيصال الاخوان المسلمين الى سدة الحكم . . بإرادة الشعب الثائر ! ، ولمدة عام سيطر المرشد على عمل الدولة . . بإعلان تفريغ الدولة من اشكال المدنية العصرية والقبض على مفاصلها والجيش بعناصره التكفيرية و . . الاشهار في مؤتمر الدول الاسلامية اعلان بدء التأسيس لعودة الخلافة الاسلامية من مركزها في القاهرة ؛ قاد الى سرعة تغيير السيناريو بسحب الاخوان من القبض على السلطة . . وبالضرورة الديمقراطية الجديدة بطلب شعبي لإسقاط حكم الاخوان – لم يكن الغرب قادرا على تحقيق ذلك . . فكان مجبرا منح الدور لروسيا التي وصلت متأخرة في اللعبة الشرق اوسطية ، لإعادة حكم القبضة العسكرية بطلب شعبي لثوار الساحات . . فكان سقوط ورقة الاخوان في مصر واجتثاث قوتها التي تمركزت في مصر واعادة توزيعها في مختلف بلدان الربيع العربي – دخول روسيا خلخل انفراد امريكا ومن ورائها الاتحاد الاوروبي بخجل ، بعثت الى جوارها بحضور ضمني مستور للصين ، تركيا وايران النازعتين تحت ادعاء الارث الاسلامي حق التحكم الاقليمي - اللتين جنبتا من اللعب مباشرة بعد اسقاط حكم الاخوان في مصر – مما اخرج امريكا كمتحكم مطلق في مجرى ثورة التغيير السلمية . . وبالنتائج التي كانت تنتظرها – استبدلت مجددا امريكا وبتبعية ثعلبية خجولة لأوروبا نهج الفوضى الخلاقة . . بتحول المسار من الحل السلمي تشاركي الاقتسام بين اطراف التسابق على الحكم الى مسار الحرب ، التي من خلالها سيتم القضاء على القوة النافذة تسلحيا وولاءا في الواقع واضعافها وتخليق قوى تجييشيه جديدة موازنة خلال مسيرة الحرب ، تظهر مع الوقت موازنة لتلك الاولى وموازنة لغيرها المشكلة مثلها من واقع الحرب بغطاء دعم مادي مالي وتسلحي اقليمي لجيوش محلية مليشاوية ومليشيات مرتزقة مدفوع اجرها كوجود حاضر في معارك الاقتتال ، ينسحب الوقت بتمزيق روحي بين مجتمع الوطن الواحد و . . وببلاد مدمر بالكامل . . سيكون اكثر مديونية بعد الحرب ، يكون محكوما ظاهرا كدولة شراكة تقاسم انقاذ وطني لجميع اطراف النزاع المسلح . . مقابل وقف الحرب ، وضمنيا دويلات حكم كنتوني لمليشيات اطراف الحرب الاساسيين المفرخين وكلاء للخارج ، كل يتحكم مطلقا بالرقعة تحت قبضته – اتعلم الآن ما وراء كلمتي لكن . . حين قطعتني واتهمتني بتقديم الاعذار مجازفة ، لم تكن هناك فرصة أخرى لتوجيه شعبا تطبع على الانقياد . . ليطرح مبادئه بما يحرر الواقع والحياة من الاستبداد وفتح المسار سلميا للاستقرار ابتعادا من شبح الحرب ، لم يكن غيرنا مؤهلا لوضع مداميك التحول نحو المدنية ، إن لم نلتحق . . ستفرض قوى القديم قيم التحول الى طابعها القديم التكفيري المتشدد . . ما دام قد حدد سلفا لها أن تستلم الحكم وبإرادة شعبية ، حين دفعت باتفاقاتها السرية مع الاستخبارات الامريكية . . بالخروج من ائتلاف الحاكم الى المعارضة مع القوى التي تعتبرها ملحدة وكافرة ، لتخوض موجة معارضة بالمطالب الشعبية . . وبملموسية تهرب قوى اليسار من مسالة الظهور والمشاركة بالحكم لاحقا . . وفق ما رسم لها أن تلعبه من دور تكميلي ليس إلا . . حتى لا تعد ثورية وقوى ارهابية فيما بعد – هناك منذ الشراكة لإسقاط النظام بالاعتصام واحداث الشلل المدني . . قطعنا سبل الاستثمار المطلق للإخوان والتيارات الدينية الأخرى . . من انصار الله والسلفيين والعصبيات الانتهازية الموالية لرموز نافذة خلقها النظام الفاسد السابق وتحولوا مع الثورة ليمتطوها لمراحل لاحقة – كم كنت واهما . . بتفاهة حتى النخاع ، أن مالكي القرار للاشتراكي محددي الدور الى نقطة وضع الغطاء النظري للقادم فقط ، عندها تبدأ قراراتهم بشل قادة التجربة الميدانيين وتغييرهم برعاع يقودون الى اختلاط الأوراق ميدانيا – خرجت ، صرخت ، حذرت . . لم يعد لك اثرا ، وقفت على كل المنافذ . . وجلست الى مختلف المجالس عن حوار ظاهره لبناء دولة شراكة انتقالية ومضمونه لانزلاق الى حرب تغير الواقع واخلاقه وتراكيب المجتمع وانسانه على حصيلة فوضى خلاقة ، لن يعود هناك وطنا و . . ولا قيم وطنية . . إلا على أساس مناطقي ومذهبي وثقافة كراهية وعداء بين اناس المناطق المختلفة ، رجوت . . تذللت وانفعلت غضبا هنا وهناك وهناك . . لكنك لم يعد لصوتك معنى ، ذهان يلوث عقول النخبة وتسير الجماهير حيث تقودهم اقدامهم ، . . حتى الى مستنقع غائر قعره يبدو للرائي مياها آسنة تقترب الى حالة الجفاف – نعم كنت واهما كبيرا في سذاجتي . . إمكانية صناعة تاريخ جديد حقيقي لبلد افنينا عمرنا اسرة منذ مائة وخمسين عاما لتحقق ذلك ، طالما بصورة انتفاضة شعبية وبمباركة التحول العالمي لتغيرنا كمندمجين مدنيا بالعصر وبحقوق عيش متبادل المنفعة دون امتهان تبعي – كم كنت عبيطا ، فكل ما حولك ملموسا . . خطوة خطوة عاركت فيها . . كان يعلمك هروب الخيوط من امثالك ، حتى حين اخبرك ياسين في لقائك الجامع معه في بيته على انفراد و . . وخلال ساعات من النقاش . . قال – فلتت الحبال من أيدينا – واخبرك قبل إعلانه على الاخرين . . نيته للتنحي بسبب حالته الصحية التي سيتفرغ لها ؛ ظللت تكابر و . . تأتي اليك وقائع على أن تغيرات المسار تتم وفق ما هو مرسوم لها وليس لأي طرف او فرد او مجتمع أن يملي ارادته ، فمن يمليها واقعا . . هو من حدد له لعب الدور الرئيسي في تلك الفترة و . . إذا كان محددا له الاستمرار الى التالية والأخرى او حتى عند اعلان وقف الحرب وبدء معادلة دولة الانقاذ بتقاسم وكلاء الحرب فيها . . .